Alef Logo
ابداعات
              

ملامح لوجه مغادر

أمان السيد

2009-02-21


كل يوم أقفز تلك الدرجات المسطحة..لا جديد فيها سوى وجوههم..هي دائمًا كانت تتبدل،وكنت أستغرب في نفسي: لماذا تتغير تلك الوجوه باستمرار،وتتبدّد كما يتبدّد السواد في كلشروق؟..
بيده يمسك عصًا في نهايتها خرقة تآكلت، وبهت لونها فباتت،والخرائب تنتميان إلى عالم متماثل.. يمسح بها درجات طويلة جيئة،وذهاباً،وقد ثبت بنظره في مكان لا يحيد عنه إلا ليرد سلاماً يلقي به أحدهم إليه،وكثيرون يمرون به غير ملتفتين عائدين من عمل أنهكهم فآثروا الصمت في بلدٍ تزاحم فيه الخرس،ومن يناجون أنفسهم ..
كثيراً ما كنت أحسب أنّ تفكيره قد تعطّل لمساحاتٍ لا تتعدى درجاتٍ،وبوابة زجاجية يتفنّن في تلميعهما بطريقة ودية،وقد أضحتا معاً كل عالمه لا يجتاز بعدهما حدوداً..وكنت أنتظر مرة ألاّ يطالعني وجهه،وجه عامل التنظيفات الهنديّ الأسمرفي التوقيت اليوميّ ذاته حين أصعد الدرجات عائدة من عملي..تمنيت مرة أن أجده،وقد ألقى عصاه، أوعانق كوباً من الشاي،وانتحى به ركناً يستمع إلى أغنية..ولطالما تراءى لأذنيّ أنه يدندن لحناً وقت الظهيرة تحت شجيرة التوت كما العمال في بلدي، لكني أستفيق من حلمي البسيط لأرى تلك النظرة الجامدة المسطحة لا تفارق ملامحه!..
مسمياتُ صداقاتٍ يوميةٍ مساحاتها ثوانٍ كنت قد عقدتها في غدوّي، ورواحي مع تلك الوجوه التي ألتقيها في المواعيد ذاتها.. كتلك التي عقدتها مع مصعد بنايتي، وباب شقتي،والممرّ المفضي إليه، والشوارع الكئيبة الغاصّة بعمارات شاهقة، وركام سياراتٍ تختنق بأنفاس حرارة ٍ لاهبة ٍ.. لم تكن تلك الصداقات إلا ّ بضعاً من كلمات..
تحية.. ربما أتجاوزها للسؤال عن الحال بلغة هي مزيج من أحاسيس بشر متراصين هنا،وهناك بلكناتهم، وروائح طعامهم، وأجسادهم التي تولولُ بتناقض ٍغريب..مشاعر فرضتها علي إنسانية دفينة جعلتني لا أراني أختلف عنهم في الكثيررغم ارتقائي عن الدرجات المسطحة إلى عقول،وأفكار تبيّنتها أكثر تسطحاً ..
ذات مساء..وجه ٌمن تلك الوجوه جاء يقرع باب شقتي تغمره ألفةٌ لا يستشعرها العديد من البشر..شيءٌ ما رأيته يكاد يقفز..يعانق فرحة منطوية لسنوات بين البلاط والعصا..بحروف مرتبكة لم أفهم أغلبها..جاء يودعني..قرأت في عينيه ما لم يكن لسانه بحاجة لشرحه..ما يتخطى كل الحواجز التي تبنى بين أبناء البشر ..
للحظات..سحب ضبابٍ قد خيمت..تنذر بالأسى..فراق المألوف..هو اعتياد البشر في هذا الركن من الكون..
أغلقت بابي وراءه ، وفي خلايايَ بركانُ صمتٍ أخرس،وعيناي ترسمان ملامح لوجه جديد..
أمان السيد
أديبة سورية مقيمة في الإمارات
من مجموعتي القصصية:

قدري أن أولد أنثى

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

ســـؤال

12-كانون الأول-2012

لا أسرار في تلك الجعبة

26-تشرين الثاني-2012

عنكبوتيـــــــــة

03-أيلول-2011

ماذا في جعبة المساء اليوم؟

01-كانون الثاني-2010

قصص قصيرة جدا

27-أيلول-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow