Alef Logo
دراسات
              

كيف يكون المرء حرا؟

زهير الخويلدي

2009-03-29

"الحرية لا تعطى بل تفتك"

يرى البعض أن هناك تناقض حاد بين وجود الإنسان وماهية الحرية ونداء بين وجود الحرية وماهية الإنسان ويفسر ذلك بأن الحرية تستوجب القيام بفعل دون إكراه وغياب الضغط بينما يواجه الإنسان في اندراجه في العالم العديد من التضييقات وتعتصره عدة الزامات وتظل الحرية بالنسبة إليه مطلبا عصيا ومثلا أعلى لا قبل له فردا أو جماعة، وكلما تقدم به الزمن ومضى في الحياة إلا وازداد تعلقه بهذا الوهم وازدادت رغبته في الدنو من هذه القيمة الجميلة ولكن كل ما يفعله هو الغربة عنها والمزيد من الابتعاد عن جوهرها.

إن نموذج الفرد الحقيقي هو الإنسان الحر والذات المستقلة والشخصية المختلفة والإنية المتفردة وكلها صفات إنسية نبيلة تدل على الدرجة الرفيعة التي ينبغي أن يتبوأها هذا الكائن الرسالي والموجود الوسائطي بين عالم البهموت الداني وعالم الملكوت السامي. إن الحرية هي قيمة القيم والرهان الأكبر لأن إتلاف الطريق المؤدي إليها هو الخسران الأكبر.

عما تسائلنا الحرية عندئذ؟ وهل يحتاج الإنسان لمعرفة حدها من أجل أن ينشدها؟

إنها عزم على الوجود بغير تحفظ وقدرة على التحديد الذاتي وتجاوز كل القيود والانتصار على السائد وليست مجرد حرية اختيار بين ممكنات شتى أو فعل المرء لما يحلو له. إن معوقات الحرية كثر وأهمها المجتمع والطبيعة والاقتصاد والسياسة والثقافة ونقيضها هي العبودية والاغتراب والحيوانية.

هناك طريقان لتحصيل قبس من الحرية: الأول هو الطريق السلبي ويتمثل في حسن التعامل مع نقيضها وهي العبودية والحتمية والضرورة وقد اشتهرت مقولتين في هذا السياق هما الحرية وعي الضرورة والمقولة هي أن الضرورة تظل عمياء ما لم يوجد من يفهمها، نستخلص من هاتين القولتين أن التحرر من أسر الضرورة ممكن شرط أن يفهم الإنسان القانون الذي يتحكم فيه ويطوعه لنفسه.

الطريق الثاني هو الطريق الايجابي الاثباتي وهو أن يصادر الإنسان أن الحرية هي الوضع الأصلي ,انه حكم عليه أن يكون حرا لأن وجوده يسبق ماهيته ولذلك ينبغي أن يتحمل مسؤولية مصيره بنفسه لأن ما سيكون عليه هو وليد قراراته واختياراته.

بيد أن البعض من الفلاسفة يوحدون بين الطريقين السلبي والايجابي في مشروع واحد هو مشروع التجاوز والانتصار على الذات والارتقاء الى درجة الوجود الأشرف في مسار كينوني متكامل وأصيل.

خلاصة القول أن الحرية منظومة شاملة تضم الحريات السياسية في مواجهة غطرسة الدولة والحريات الفردية في مواحهة انغلاق المجتمع والأحزاب وهيئات المجتمع المدني وحرية المعتقد واقامة الشعائر الدينية في كنف التسامح والاعتدال في الملكية وتنقل فرص الاستثمار وحرية التفكير والنقد ضد التزمت الثقافي والتحجر العقائدي. هكذا ننتهي إلى الإقرار بأن الحرية ليست بالأمر المستحيل ولا يوجد تناقض بين الإسلام وهذه القيمة طالما أنه دين الحرية بامتياز يبدأ بقول اللا ويثور على كل أشكل الاستغلال والزيف والعبودية ويدعو الناس الى العمل واتباع الخير ويحمل على الظلم والتعسف. فمتى تتطرق التآويل إلى أن العبودية التامة لله هي منح الناس الحرية التامة كمبدأ تكليفي يستحقون عليه الثناء والجزاء؟

كاتب فلسفي












تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

أهمية تدريس الفلسفة للأطفال

05-تشرين الأول-2019

هابرماس بين استعادة الحداثة وعقلنة الفعل التواصلي

10-آب-2019

إشكلات هرمينوطيقية

13-شباط-2010

تأملات لاديكارتية

12-تشرين الأول-2009

السببية بين العلم والفلسفة

23-أيلول-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow