من حينها لم أعد أتشاءم من اللون الأسود.. وتراجعت عن كراهيتي لقطة جارنا السوداء التي تستمد سمنتها الخرافية من فئران ترتع تحت بطانة التمر في دكان جارنا الثخين الأعرج. وأنا أفك خيوط الحراك تحت الغصن الذي ميله ثقل الفاكهة تبينت أن قطنا الأبيض لم يكن غبيا..! ولذلك زبيبة أنجبت عنترة المتوهج شعرا وبسالة في معارك بني عبس، تراها كانت تمتص الشهوة كما يمتص الظلام الشُّهب والنيازك..!
وأنا أقترب من مشارف إبطها التصقت شفتاي كخفاش أضناه الإعياء في ليلة صيفية حارة، وقد استلذ عشبها المترعرع بعطر نادر!!
اللعنة علي لماذا لم أكتشف كل هذا التوهج في لونها وهي تُعبّد ممرات العطش في حيّنا الشاحب؟ عانقتني فخشيت أن يجفف هذا التلاحم ماء الكون. طرحتني وحين تراكمت فوقي فكأني موؤود تحت ركام فحم لو أرادت أن تحرق به الكون لفعلت!! قالت لي: سأذيب سوادي في بياضك على أن تتراكم فوقي لتذيب بياضك في سوادي، غاصت وكادت تغرق لو لم أعزف بلساني ما يشبه الوتر تحت أذنها.! ثم أخذت تمهد لي أمواج بحرها الأسود المتلاطم؟ كانت يقظة مثلي وحذرة أكثر مني، فرحنا نتبادل الغوص وكلانا يخاف على صاحبه من الغرق، حتى تعلمنا العوم فصار يصل كل منا إلى عمق الآخر ولا يخاف من الموت..!!
لكني متّ الآن..! ماتت هي الأخرى..! لسنا ندري ما الذي بقي متحركا مما فينا.. تداخلت أنفاسنا.. تمازجت أطرافنا.. توحدت الحركة.. صنعنا من بعضنا جسدا لا يستوعب أحد لونه ولا شكله، صرنا شجرة عجيبة تثاقلت أغصانها بفواكه ما خطرت ببال بشر..!

قصة قصيرة لـ/ عبد الباقي قربوعه – الجزائر -