Alef Logo
المرصد الصحفي
              

أيّها المثقفون العرب... ماذا تعني لكم اللحظة المأسوية في لبنان؟ 1 / 2

ألف

2006-07-22

استفتاء أجرته جريدة الحياة طرحت فيه السؤال التالي : أيّها المثقفون العرب... ماذا تعني لكم
اللحظة المأسوية في لبنان؟ ولبى الاستفتاء كل من الكتاب والفنانين التالية اسماؤهم: عبده وازن ، كاتب لبناني ـ محمد ملص ، سينمائي سوري ـ محمد الحرز ، ناقد سعودي ـ محمد برادة ، كاتب مغربي ـ محمد العريشية ، كاتب ليبي ـ عبدالعزيز المقالح ، شاعر يمني ـ محمد كامل القليوبي، سينمائي مصري ـ نادية لطفي ، فنانة مصرية ـ يوسف شاهين ، مخرج سينمائي مصري ـ فخري قعوار ، كاتب أردني ـ طالب الرفاعي ، روائي كويتي محمود أمين العالم، مفكر مصري ـ أحمد عبدالمعطي حجازي ، شاعر مصري ـ عيسى بلاطه، كاتب فلسطيني ـ محمد جابر الحربي ، شاعر سعودي ـ وليد اخلاصي ، كاتب سوري ـ تركي الحمد، كاتب سعودي ـ سنان أنطون، كاتب عراقي ـ فخري صالح، كاتب أردني ـ محمد حسين هيثم ، شاعر يمني ـ نبيل سليمان ، روائي سوري ـ إبراهيم نصرالله شاعر اردني. تركي الحمد، كاتب سعودي
إنها الحرب مرة أخرى
عبده وازن
إنها الحرب مرة أخرى. لا تستأذن أحداً ولا تطرق الأبواب. تندلع فوراً مثل النار في الهشيم فتحرق ما تحرق، تدمر ما تدمر وتقتل مَن تقتل.
إنها المشاهد نفسها، مرة تلو مرة، الضحايا هم أنفسهم أيضاً والقتلة الذين يقتلون بلا رحمة.
مشهد طفل قتيل، مرمي على الطريق أو راقد تحت الأنقاض، قد يساوي ملحمة بكاملها. متى يكفون عن قتل الأطفال، هؤلاء الملائكة الصغار الذين لم يفقهوا بعد معنى الموت؟
إنها الحرب داخل المنازل ، في الأحياء والساحات، في الخنادق والقرى والحقول، في المدن والجبال. أصواتها نفسها وألوانها نفسها حمراء وسوداء ورمادية... ووحشيتها نفسها وقسوتها وعبثها...
لم يعد من كلام قادر على وصف هذه الحرب التي تشنها إسرائيل على لبنان. هذه الحرب التي تدرك إسرائيل جيداً انها قادرة على الانتصار فيها على الأحجار والأشجار والأطفال والناس الأبرياء وعلى البحر والسماء والسهول وعلى الدروب والقمم والغابات... هذه الحرب التي تخوضها إسرائيل عبر آلاتها المدمرة وأدواتها التقنية الحديثة وترسانتها الرهيبة... هذه الحرب التي تزرع الخراب وتنثر الأنقاض وتنشر الخوف والحزن والقلق.
ربما لم يعد الكلام مجدياً عن هذه الحرب الطاحنة التي لا ترحم بلداً صغيراً مثل لبنان وكبيراً مثله بما يمثل من أفكار وأحوال ورؤى وقيم.
لم تعد اللغة قادرة على احتواء الروح المأسوية التي ترين على لبنان وبيروت وسائر المدن والقرى. لم تعد الكلمات والحروف قادرة على ارتشاف هذا الدم الذي يراق وهذا السواد الذي يملأ الجهات.
هذه ليست حرباً بل مأساة تراجيدية، بين قاتل متوحش ومقتول يقاوم، بروحه أو ما تبقى منها وبجسده الذي أضحى أشلاء. ام الكلام عن البطولة والتضحية والاستبسال فهو ليس الا من قبيل الإنشاء الجميل الذي لا بد منه. لكن الواقع شيء آخر. الشهداء مباركون حتماً والمقاتلون الذين يذودون عن أرضهم مباركون أيضاً. لكن هذا الوطن الصغير لم يعد يحتاج الى المزيد من الدم والدموع والخيبات. لم يعد يحتاج هذا الوطن الى المزيد من الخراب والدمار... ألم تكفه تلك السنوات المأسوية التي عاشها أو ماتها بالأحرى؟
إننا نكره الحرب، نكره الموت، نكره الخراب.
إننا نستحق الحياة التي نتشبث بها، بأيدينا وأظافرنا.
الحرب من بعيد، على الشاشات الصغيرة وفي الصور هي غير الحرب على الأرض وبين الأحياء والمنازل. الحرب في الواقع هي أبشع ما صنع الإنسان.
إننا نكره الحرب، نكره هذه اللحظة المأسوية الطويلة، هذه اللحظة المضمخة بالدم والرماد.
نور الحياة والكرامة
محمد ملص
في شوارع لبنان، اجيال وقوى وبشر حقيقيون تنفسوا وفكروا. اختلفوا واتفقوا. بنوا وهدموا. تقاتلوا وتفاهموا. كما عاشوا وماتوا.
كثيرون منهم كتبوا على جدران مدنهم المهدمة: مروا من هنا/ وبكل الألوان حتى الخفي منها. لكــنهم.... لكننا نعرف لماذا وكــيف دمروا. قيل الكثير وما بقي فــي الــقلب والعقل أكثر.
وفي شوارعنا وفي زواريب قلوبنا الآن يكتب هذا الاسرائيلي مجدداً عبارة مزورة. يحفرها بقوة الصواريخ والرعد الوحشي والغازات المميتة.
وتكتب قوة الانسان المقهور، المظلوم والمقاوم بقوة الدم وشهوة الكرامة، لكنه يكتبها الآن ليس على الجدران وخوذات الاحتلال الاسرائيلي. انه يكتبها اليوم في حبة عين هذا المحتل، وعلى مخدة نوم الاسرائيلي بعد أن هجرها لأول مرة راكضاً نحو أقبية الملاجئ، كتبها هذا المقاوم اللبناني – العربي على سقوف بيوت اسرائيل، وبعثرها في كأس مائه، وفي يقين صورته في المنطقة، وبين كريات دمه الحائرة.
شكلت المقاومــة فــي لبنــان مشــروعاً نوعياً لانسان المنطقة الذي لــم يذق يوماً طعماً للديموقراطية والتعــددية والحرية، بل هو يكاد ويكون غير متأكد من معناها وشكلها وطعمها.... وهل تؤكل أم تشرب وتكاد هذه المفاهيم الاساسية للحياة أن تشبه الغاز كتبت لا نعرف كيف نمسكها أو نعربها. لكن الأكيد انها بقيت يقظة وحلماً يحاوله هذا الانسان العربي المقاوم في لبنان وشوارع عروبتنا المترامية.
وحتى الآن يضرب هذا المشروع بكل اللغات والاسلحة، وحتى عندما نقبل بارتداء أزياء الديموقراطية الأميركية ونقص حضورنا وشعورنا ونقصر أوردتنا الدموية على مقاسات ديموقراطيتهم واتفاقياتهم سرعان ما تذوب هذه الأزياء والمشاريع الأميركية عند أول انفجار لجنون القتل والتدمير الاسرائيلي. جنون لم ولن يهدأ ولن تعرف له حدود أو شرائع الا عندما ينجز هذا الاسرائيلي كيانه الفكري والسياسي الحائر.
الجنون الأميركي – الاسرائيلي يشتعل الآن محطماً كل التكوينات وحتى خرنطه هو ومشاريعه لأن هذا المقاوم العربي اللبناني لم يمر، ولم يعبر ويختفي. بل رسم ويرسم خطوطاً عميقة متوهجة وخطرة في عقول ووجدان البشر المتلاطمون في شوارعنا العربية وفي العالم أيضاً. هذا المقاوم اللبناني – العربي يستمرون في تدميره لأنه رسم بذوراً وقيامة نحو الحياة والكرامة والقدرة على قول لا كبيرة ومهددة للاحتلال الاسرائيلي الان ولكل اشكال القهر والذل والألم من الأنظمة العربية غداً.
لن تنسى صفحات يومياتنا الرمادية جملاً جديدة ملونة كتبتها المقاومة الوطنية اللبنانية دائماً. أنكم تعيدون احياء اجيالنا.
أنكم تنثرون نور الحياة والكرامة في عقل انساننا العربي.
(سينمائي سوري)
لحظة الموت الكبير
إبراهيم نصرالله
في السؤال الذي طرحته «الحياة» كلمتان مفتوحتان على التأمل «مأسوية» و «يعيشها»، وعلى رغم اجتماعهما في سؤال واحد إلا أنني أرى إحداهما تنتمي الى العالم، والعالم العربي في شكل خاص، وأعني هنا كلمة «مأسوية» أما كلمة «يعيشها» فهي وحدها للبنان وللقلة القليلة من البشر التي تتحس قلبه كي تتأكد من أنها على قيد الحياة.
المأساة هي هذه اللحظة العربية المرة التي حُيّد فيها كل شيء، وأصبح الناس بصورة أو بأخرى، وكما لم يكونوا في أي يوم من الأيام، على صورة أنظمتهم، والمأسوية في هذه السجون التي رضي بها البشر، السجون التي لم يعد فيها الناس موثقين بأغلالهم إلى الحيطان والقضبان بل إلى أجهزة التلفزيون وبقايا لقمة الخبز والنوم الكبير منـزوع الأحلام.
والمأساة في معارضة عربية لم تعد قادرة على الخروج للشوارع مخافة أن تسجل ضدها مخالفة المرور عكس السير.
تلك هي اللحظة المأسوية، لحظة الموت الكبير هذا.
أما لبنان فهو وطن آخر، مثل فلسطين تماماً، وطن يعلمنا العيش، لأنه يعيش لحظته بكامل كرامته. وهذا ما يجعله اليوم ينتمي للحياة أكثر من أي شيء آخر.
نعرف جميعاً ألا تكافؤ في معادلة الظلم والعمى هذه، ولكن لبنان الذي يقف اليوم في وجه جهنم الحرب وحيداً ونبيلاً وشجاعاً بحيث لم يعد يلتفت إلى عدد أولئك الذين سيتبعونه، أو أولئك الذين سيتراجعون، لبنان هذا هو كل ما تبقى لنا، كل ما لنا اليوم، وآخر ما يبقى لنا وهو يحقق معجزة الصمود طوال هذه الأيام.
ليس ذلك الزمان بعيداً جداً، الزمان الذي رأينا فيه عالماً عربياً بأكمله يسقط بالضربة القاضية في ستة أيام، قبل أن يلحق به كل هذا الدمار وكل هذا القتل.
لبنان يعلمنا أن العالم العربي لم يذهب للحرب من قبل.
(شاعر اردني)
أن أكون لبنانياً
نبيل سليمان
الآن، وقد معستني الانقاض، وقبل أن ينتشلوني، امد لسان جثتي شماتة بالجملكيات العربية التي قصت لساني مرة بعد مرة، وفي كل مرة كانت بيروت تهديني لساناً أمضى.
قبل أربع وعشرين سنة، وفي مثل هذا الصباح بالضبط، معستني الانقاض في الفاكهاني – وليس في حارة حريك كما الآن – مثلما معستني الجملكيات العربية من قبل ومن بعد، في استفتاء أو سجن أو معمعة للتحرير أو خطة خمسية سابعة للتنمية. لكن بيروت أهدتني جسداً يكفي لحيوات، فلماذا لا أؤمن بالتقمص؟
قبل سبعة أيام من وقوع هذه الواقعة عانقت بيروت في عيون علوية صبح وسماح ادريس وعبده وازن وفاطمة البري، وتقرّينا واقعة كانت وواقعة ستكون. وفي الصباح الذي ليس مثل هذا الصباح هرعت الى المنار لأتبارى مع حلمي موسى في الترجمة بين العبرية والعربية. والآن، سأهرع الى المباراة عينها، سوى أنني سأتكلم هذه المرة بالعبرية التي تعلمتها على يد الـ F16 وبين الانقاض، طوال ستة أيام. سأقول مثلاً: يا يهوه، لأن دماء الاغيار لا ترويك، أرتوِ بدمك. ثم سأعلن بلسان عربي مبين: أنا لبناني، لأنني أريد أن أكون جبلة من كل ما بددته الجملكيات وبدده يهوه: الشجاعة مثلاً، الصبر أو الأمل أو الاختلاف أو العشق، مثلاً.
وفي الختام سأردد هتفة انطون سعادة: حذار من يهود الداخل.
(روائي سوري)

التحدي الحضاري
محمد حسين هيثم

عندما تضرب بيروت، يضرب عمقنا الحضاري ووجداننا أيضاً، لأنها تمثل بالنسبة لإسرائيل التحدي الحضاري الحقيقي، ولهذا ظهرت بشاعة اسرائيل في ضربها ثقافة وشعباً.
وحرب الإبادة التي تخوضها اسرائيل ضد لبنان، هي ضد المستقبل، مستقبل العروبة والثقافة، فهي تضرب أحد المراكز الحضارية، رغبة في تدمير روح المقاومة التي تنبثق في بيروت، ممثلة في المقاومة الإسلامية.
وما تقوم به المقاومة من صمود وتحدي، يعيد الروح إلى الإنسان العربي المحبط والمدمر في مواجهة أعتى آلة دمار في العالم.
إنها النازية الجديدة تضرب اليوم بقسوة، وبمباركة من ربيبتها النازية الكبرى التي هي أميركا لإضعاف الروح الحضارية، ولإسقاط حلم الصمود والمقاومة. ونحن لا نملك اليوم لبيروت ولفلسطين سوى أن تستمرا في المقاومة، وأن تستمرا في الصمود، فهذا هو تحدينا الأخير.
طالما مثلت بيروت بالنسبة لنا واحة ثقافية نهلنا منها، ومما كان ولا يزال يصدر عن مطابعها الهائلة. ومما قدمته من إسهامات أغنت الشعرية والروح العربية. كما أنها مثلت واحة ديمواقراطية، فكانت مكاناً لسجال حقيقي، لعب فيه المثقف دوراً هائلاً.
(شاعر يمني)
بيروت أكثر من مكان
تركي الحمد الحياة - 20/07/06//
بيروت في نظري لا تعنى مكاناً أو أشخاصاً، إنما شيء آخر أكثر عمقاً. كانت بيروت بالنسبة لنا كمثقفين ولا تزال محجاً ثقافياً. بيروت تعني لي أيضاً نوعاً من الرومانسية الثقافية، وبالتالي عندما نشاهد هذا الدمار الذي يطاول كل شيء، وعندما نسمع بالخسائر الباهظة التي تتكبدها بيروت نشعر بجرح داخلي حاد.
ولكن بعض التيارات والأنظمة لا يأخذ بيروت بهذا المعنى، ولا يهمه هذا الجمال الثقافي، إنما يعني له أن تكون بيروت ميداناً للحرب، أو ساحة للتصفية الحسابات.
لا أريد أن أدخل في تحليل سياسي، لكن بيروت تستحق من بعض المنظمات والتيارات أن ينظر إليها نظرة مغايرة، تضع في اعتبارها العمق الثقافي والفكري لهذه المدينة.
تكتب غادة السمان عن بيروت، ويتغزل نزار قباني في شعره ببيروت أيضا، وآخرون كتبوا ويكتبون عنها، وإذا ما ربطنا كل ذلك في سياق واحد، فسنجد أمامنا صورة بيروت الحقيقية.
(كاتب سعودي)
كأنه كابوس
فخري صالح
كأنه كابوس ما نراه الآن، دم يخرج من الشاشات، وأناس يشبهوننا، كأنهم نحن، يبيتون في العراء يفترشون الأرض ويلتحفون السماء فيما طائرات إسرائيل وبوارجها الحربية، ومدافعها الرابضة على الحدود تقصف لبنان كله من جنوبه إلى شماله، مروراً ببيروت تلك المدينة التي دفعت ثمن صمت العرب وذلهم وخزيهم على مدار ثلاثة عقود من الزمن.
ما يهمني في هذه الحرب الدائرة ليس الردع والردع المتبادل، لأنه في غياب نظام عربي قادر على حماية مواطنيه ستظل هذه المنطقة من العالم رهناً بإرادة إسرائيل وأميركا. لا انتصار عسكرياً على إسرائيل من دون وجود إرادة واستراتيجية عربيتين لردع إسرائيل وتحجيمها. ما يهمني هو معاناة الناس الأبرياء الذين لا حول لهم ولا طول، يدفعون ثمن الجنون الإسرائيلي وخزي العالم أمام جبروت إسرائيل، تلك الدولة المارقة الخارجة من لحم الأسطورة. لندع الله أن يحمي لبنان وفلسطين.
(كاتب اردني)
قنابل على القلب
سنان أنطون
حتى اللغة تعبت من حمل خرابنا على ظهرها. لا مفر من الشعور ببعض اللاجدوى من «القول»، أي قول كان، إزاء كل ما يحدث (وما لا يحدث). حتى الوجود – بحد ذاته – في عالم بربري كهذا يبدو متواطئاً مع الذبح. مرة أخرى يصر التاريخ – هذه المسرحية العبثية الدامية – على أن يعيد نفسه، ولكن بمزيد من الأشلاء والدم والموت وبسرعة قياسية هذه المرة. الإمبراطور الأميركي يبارك المذبحة الجديدة كما بارك أسلافه غيرها من قبل. لكن اليأس المطلق قد يكون ترفاً. ترف لا يملكه من يختنق في دخان الحرب.
كل الحروب حقيرة ولكنني أعترف بأن بعضها أكثر قسوة وإيلاماً بالقلب. ربما لأن لبنان ولأسباب عدة ومعقدة يحتل (وهنا المفارقة... لبنان يحتل!) مكاناً في القلب – القلب الجمعي العربي والثقافي وأزعم العراقي أيضاً. قلبي مع الأصدقاء الذين أعرفهم هناك.
وقلبي مع الذين لا أعرفهم ولن أعرفهم أبداً ولكن أشاهدهم يموتون أو يهربون من الموت الجديد. القنابل تسقط على القلب!
(كاتب عراقي، اميركا)
بيروت أكثر من مكان
تركي الحمد
بيروت في نظري لا تعنى مكاناً أو أشخاصاً، إنما شيء آخر أكثر عمقاً. كانت بيروت بالنسبة لنا كمثقفين ولا تزال محجاً ثقافياً. بيروت تعني لي أيضاً نوعاً من الرومانسية الثقافية، وبالتالي عندما نشاهد هذا الدمار الذي يطاول كل شيء، وعندما نسمع بالخسائر الباهظة التي تتكبدها بيروت نشعر بجرح داخلي حاد.
ولكن بعض التيارات والأنظمة لا يأخذ بيروت بهذا المعنى، ولا يهمه هذا الجمال الثقافي، إنما يعني له أن تكون بيروت ميداناً للحرب، أو ساحة للتصفية الحسابات.
لا أريد أن أدخل في تحليل سياسي، لكن بيروت تستحق من بعض المنظمات والتيارات أن ينظر إليها نظرة مغايرة، تضع في اعتبارها العمق الثقافي والفكري لهذه المدينة.
تكتب غادة السمان عن بيروت، ويتغزل نزار قباني في شعره ببيروت أيضا، وآخرون كتبوا ويكتبون عنها، وإذا ما ربطنا كل ذلك في سياق واحد، فسنجد أمامنا صورة بيروت الحقيقية.
(كاتب سعودي)
مرحلة دموية جديدة
وليد اخلاصي
ليست هي باللحظة المأسوية فحسب، انها المرحلة الدموية الجديدة في المسيرة المنظمة التي تسعى الى تطبيق المشروع الشيطاني المقترح والذي اسمه الشرق الاوسط الكبير.
نعلم ان هذا المشروع ابتدأ بالاحتلال التراجيدي لدولة العراق، والذي سيرافقه استمرار كسر العظم للحق الفلسطيني، وهو يتوج الآن بالمحاولات الشرسة لتفتيت البنية اللبنانية وبحثاً عن جذور المقاومة الاصلية فيها بغية اقـتلاعها.
ان المأساة العربية القائمـة في لبـنان هـي انعكــاس للـمؤامرة الدولية التي تحــركها الولايات المتحدة وتستسلم لها وتـسلم بها انظمة عربـية، فهــل اكتــمل الوعي الكــلي بحقــيقة ما يحــدث والذي لن يكتفي بالانقضاض على لبنان بل سيكمل مشواره.
وبظني، ولربما لا يعاني بالمقاومة اللبنانية الاكثر وعياً من النظام الرسمي، ولأن تلك المقاومة تحدث توازناً حقيقياً وفعالاً مع المأساة القائمة، فيصنع هذا التوازن املاً في الروح العربية. لذا يمكن القول ان من حظ العرب وجود تلك المقاومة التي خرجت من صلب الارض اللبنانية، والتي اعطتنا حقنة من الامل ستعيد الينا القدرة على مقاومة ذلك المشروع قد تحقق بكامله، أفلا ستكون الفرصة آنذاك اكبر لولادة المزيد من الحركات الارهابية، وأتساءل ان كانت الولايات المتحدة لتقول تلك الحقيقة.
اليوم: امتحان جديد للعدل الدولي.
واليوم: امتحان آخر للوجود العربي، يستمر ام ماذا.
(كاتب سوري)
صمت العالم
محمد جابر الحربي
استهداف مراكز الأمة العربية ومنها لبنان، ليس أول مرة. للأسف إننا إزاء صمت عالمي.
فعندما تستهدف بيروت، فلا بد للمثقف العربي أن يقول شيئاً، هذا المثقف الذي كانت بيروت ملجأه وحلمه. تحرق بيروت اليوم أمام ضمير العالم. قتل ممعن في الجريمة، فأين الناس من ذلك، أين مثقفينا العرب عن ذلك، لا بد من التجرد من أحزابنا وفصائلنا، ونتحدث عما يجري بشكل واضح. لما لا ينهض المثقفون العرب ويسمون الجريمة بعينها. هل الأدباء العرب نائمون، هل أصبح المثقف العرب مثل الحاكم. لا أملك في هذه اللحظة وأمام ما يجري سوى أن أبكي دماً.
لكن ما يعنيني هنا هم مثقف الخليج، الذين استمدوا ثقافتهم من بيروت، لماذا لا يقولون كلمة حق، لما لا يخرجون عن صمتهم. بيروت هل التي ربتنا، وهي التي علمتنا وأهدتنا الكثير من ثقافتنا، وعندما تضرب بهذا الشكل الاستبدادي، وتجد أن مثقفينا صامتين، فهذا شيء يدمي القلب. إن اسرائيل تقتل قيمنا الثقافية والفكرية، من خلال تدمير بيروت.
(شاعر سعودي)
تخاذل وضعف وتشرذم
عيسى بلاطه
اللحظة المأسوية التي يعيشها لبنان اليوم تنبّهنا إلى ما العرب فيه جميعاً من تخاذل وضعف وتشرذم. وعدونا يعرف ذلك، ويشعر بحُريّة النيل منّا آمناً من أي ردّ عليه، ونحن للأسف آخر من يقرّ بهذا الواقع. نحن في حاجة إلى أن ندخل العالم الحديث بجدّ، لا فقط بالمظاهر العمرانية الفارغة. فعقولنا ما زالت تعشش فيها أفكار القرون الغابرة، ولم نفقه شيئاً بعدُ من حركيـّة العلم الحديث والثقافة المعاصرة لنكون على مستوى يؤهلنا أن نقف أقوياء بين الأمم القوية. لدينا طبقة قليلة من المثقفين الذين أدركوا واقعنا الأليم وكتبوا فيه، ولكن مطالب الإصلاح الذي ينادون به لا تكاد تتعدى طبقتهم هذه. وشعبنا راغب في النهوض، صادق في استعداده للتضحية بكل شيء، غير أنه لا يجد الطريق إلى التغيير المرغوب فيه.
وأول ما يحتاج إليه الحريّة والديموقراطية والتنظيم العلمي والقيادة المخلصة. عصر النهضة الحقيقية لم يأتِ بعدُ، وجميعنا يتطلع إليه بشوق، وعسى أن يأتي قريباً قبل أن تنتابنا المآسي والمصائب المتكررة في المستقبل كتلك التي ذقنا منها ما يكفي في السنوات الخمسين الماضية!
(كاتب فلسطيني، كندا
أيها المثقفون العرب ... ماذا تعني لكم اللحظة المأسوية في لبنان؟ (2)
مأساة عربية
أحمد عبد المعطي حجازي
ما يحدث في لبنان تجسيد للمأساة التي نعيشها جميعاً منذ سنوات عدة، هذه المأساة التي عشناها مهزومين ومقهورين وممزقين وممنوعين من التفكير والفعل في ظل نظم متخلفة مستبدة، لا يقف أمامها إلا قوى ظلامية أكثر تخلفاً واستبداداً، وتتنازع هي والسلطات الحاكمة مصائرنا وثرواتنا وحقنا في الحياة وفي الحرية.
وما يحدث في لبنان هو تجسيد لهذه المأساة ونتيجة لها، لبنان الذي حاول أن ينقذ نفسه، أن يخرج من هذا المصير، وألا يكون ورقة في المقامرات التي تحدث بين بعض القوى والنظم الموجودة في المنطقة من ناحية، والأميركيين والإسرائيليين من ناحية أخرى - ممنوع من إنقاذ نفسه والخروج من هذا المصير، وممنوع من ان يسترد ديموقراطيته ودوره الثقافي والتقدمي والتنويري بالمنطقة.
من الطبيعي ان يقاوم لبنان العدوان الإسرائيلي الدائم ليس عليه فحسب لكن على المنطقة كلها، ولكن بأي صورة، بأي شكل ووسيلة، لا يستطيع لبنان أن يقاوم العدوان أو يلعب دوره في المنطقة ويحمي حياة أهله - إلا من خلال دولة قوية لها مؤسساتها السياسية والدفاعية والديبلوماسية، لا تستطيع أي جماعة أو حزب أو طائفة ان تقتنص دور الدولة، لأن الدولة، في هذه الحال، ستعجز عن مواجهة الردود المنتظرة من الاسرائيليين والأميركيين. والذين يظنون أنهم يقاومون، هم يقامرون بحياة ودماء ومصير ووجود لبنان.
مأساة لبنان من مأساتنا، ومن المؤسف انه يتحمل أكثر من الجميع النتائج المترتبة على أخطاء الجميع.
(شاعر مصري)
مشروع إلغاء لبنان
محمود أمين العالم
اللحظة المأسوية تتمثل في استمرار السياسات الأميركية والصهيونية في المنطقة العربية، فإما استسلاماً لها كما تفعل بعض الدول العربية، وإما القضاء على المقاومة، الموضوع أكبر من لبنان وفلسطين، انه مخطط للسيطرة الكاملة لمصلحة أميركا وإسرائيل، وما يحدث في لبنان مرتبط بما يحدث في العراق والصومال، وسيحدث إن آجلاً أو عاجلاً في سورية وإيران وأي دولة أو منطقة أو حزب يبدي أي نوع من المقاومة.
لبنان البلد الهادئ المسالم يسحل، تهدم بيوته وكنائسه ومساجده، لماذا لم تكتف إسرائيل بمهاجمة قوات «حزب الله»، لماذا تستهدف لبنان بأكمله، الغرض هو إلغاء لبنان، وتحويله الى منطقة ارتكاز للوصول الى الشرق والغرب، وفي الوقت نفسه تنفيذ مؤامرة القضاء على الأمة العربية والسيطرة على المنطقة، وان لم نر المسألة بهذا الشكل سنتخلى عن شرف المقاومة التي تواجه العدوان على تاريخنا ووجودنا.
ما تفعله إسرائيل في لبنان ليس له علاقة بـ «حزب الله» (الذي أحيي صموده وتكبيده إسرائيل ضحايا وخسائر مؤلمة، ولو لم يقاوم الجيش الإسرائيلي ببسالة لاجتاح لبنان بهدوء ودون مقاومة) فهدف إسرائيل وأميركا هو القضاء على لبنان وفلسطين والعرب جميعاً.
(مفكر مصري)
الخراب
طالب الرفاعي
ما يمر به لبنان في اللحظة الراهنة يعني بالنسبة إلي الخراب. ويعني بالنسبة إلي اختلال ميزان الحياة. فحين يتساوى الموت بالحياة، وحين يزن البعض الدم بمثقال الحجر، فلحظتها ينتفي عن الحياة سرها، ولحظتها لا يبقى للحياة معنى، ولا للغد معنى، ولا للحلم. منذ بدأ الفصل الإسرائيلي الجديد والمتجدد في ضرب لبنان، والاستمرار في تحطيم كل ما هو فلسطيني، واستهداف البشر والأرض وحتى الهواء، لحظتها شملني السؤال:
«الى أين يأخذنا هذا العبث المجنون؟ وهل قدر هذه المنطقة من العالم، وقدرنا معها، أن تبقى فرن موت مشتعلاً، وأن نكون نحو وقود هذا الفرن؟ ولماذا تصرّ سحابة الموت السوداء، منذ عقود، على أن تظلل سماءنا؟». ربما كان خطف جنود العدو الاسرائيلي، والمساومة على اطلاقهم بتحرير السجناء اللبنانيين أمر مقاومة مشروعاً، وربما كان اطلاق صواريخ الكاتيوشا على الأراضي الإسرائيلية يبعث الخوف والرعب في قلوب جميع الإسرائيليين، وربما يومئ ببعض كرامة عربية تجابه العنجهية الإسرائيلية. لكن، هل يستحق هذا أن تُدمر لبنان من أجله؟ هل يستحق هذا كل أرواح الأبرياء الذين قضوا من دون أي سبب إلا لكونهم يعيشون على أرض لبنان؟ وهل يستحق هذا فتح أبواب جهنم بوجه لبنان الأحب والأجمل؟
إن مشاعر الإنسان ليست ملكه، فصورة واحدة لطفلة مزق القصف الاسرائيلي الهمجي أوصال جسدها البريء، كافية كي تقول بوحشية الإنسان، وكافية لأن تثير تساؤلاً كبيراً:
«هل من أمر مشترك بين انسان وآخر؟ بين قاتل يحتل السماء، ومقتول لا يعرف إلا الأرض».
إن نظرة واحدة الى الحرب الوحشية الدائرة اللحظة على أرض لبنان وفلسطين، تظهر أن بحوراً من الحقد والكره ستبقى بيننا وبينهم، وأن مياه الأرض لن تستطيع غسل أوجاع قلوبنا، وأن صور القتل والدماء ستبقى تسكن ذاكرتنا، وربما ذاكرة أطفالنا للنسل السابع.
الحرب العدوانية، الحرب الوحشية، الحرب الهمجية، الحرب، كل الحرب، ضد ناموس الحياة، وضد ناموس البقاء، وضد ناموس الأمل، وضد ناموس الغد القادم. لكن الحرب، كل الحرب، توقظ السؤال:
«أين تقف الكلمة، وأين يقف الفن من الحرب؟».
الحرب تشل قدرتنا على التفكير بالحياة، الحرب تأخذنا الى مستنقعات اليأس الآسنة. الحرب تضع الطلقة في مواجهة القلم، وتضع اللوحة التشكيلية في مواجهة الصاروخ، والقصيدة في قتال مع المدفع، والقصة والرواية في صراع مع الغارة الجوية... هي الحرب، الحيوان الخرافي المتوحش منذ الأزل، يأتي ليأخذ الحياة، ويأبى الإنسان، ويأبى الفن إلا أن يبقيا متمسكين بالحياة والأمل الأخضر.
(روائي كويتي)
تكرار العنف!
فخري قعوار
نتساءل في هذه الفترة التي يتعرض فيها لبنان الى قصف اسرائيلي، ويتعرض فيها، وفي كل الاوقات الماضية، الشعب الفلسطيني الى قصف اسرائيلي، نتساءل: هل هذا القصف هو الاول من نوعه؟ وهل هو آخر شكل من اشكاله؟ وهل سيؤدي الى حصول الفلسطينيين واللبنانيين الى حقوقهم الكاملة؟ وهل سيؤدي هذا العنف الاسرائيلي الى انهاء الحقوق وحسم المقاومة الفلسطينية واللبنانية؟ فالعودة الى الحرب مع العدو المحتل للأرض الفلسطينية، و «شبعا» اللبنانية، وجولان السورية، ليست هي الحرب الاخيرة الحاسمة، التي تحرر الاراضي المغتصبة، وتعيد الحقوق الى اصحابها، وتحدد رجوع اللاجئين والنازحين الفلسطينيين الى ديارهم. فمنذ ان بدأ الغزو الصهيوني في زمن الاستعمار العثماني للمنطقة، وبدأ اليهود القادمون من مناطق مختلفة من انحاء العالم يتصادمون مع الشعب الفلسطيني، تحت مظلة الانتداب البريطاني، وبحسب تصريح وزير الخارجية البريطاني «بلفور» الذي قرر تأسيس دولة للصهاينة في الارض الفلسطينية، فإن العنف الاسرائيلي تصاعد، وأدى الى اغتصاب مساحة واسعة من فلسطين، من خلال نكبة عام 1948، ومن خلال دفع الفلسطينيين الى الخروج من أرضهم، ونقلهم الى لاجئين مشردين.
وعلى رغم تنفيذ قرار «بلفور» في النكبة، فإن العنف لم يتوقف، ورفع درجة الاحتلالات لم يتوقف، لأن العدو قام بعملية هجوم ارهابي واسع في عام 1967، وحقق النكسة للجيوش العربية، وأدت هذه العملية الى احتلال صحراء سيناء المصرية، وقطاع غزة والضفة الغربية، وهضبة الجولان السورية.
وحصلت بعد النكسة اتفاقات اسرائيلية مع مصر والاردن ومنظمة التحرير الفلسطينية، ومفاوضات مع سورية ولبنان، إلا ان كل ما جرى لا يعني ان الحقوق العربية قد حصل عليها الفلسطينيون واللبنانيون والسوريون، كما لا يعني ان الوجود الصهيوني سيؤدي الى السلام والوئام والاستقرار.
فعندما بادر الفلسطينيون بمسلسل من الانتفاضات، فإن العدو لم يعترف بحقوقهم وبتطلعاتهم، واعتبرهم ارهابيين، وشرع بشن الهجومات عليهم، وعندما بادرت المقاومة اللبنانية في مكافحة قوات الاحتلال في جنوب لبنان، أرغمت العدو علىالانسحاب المفاجئ، والاحتفاظ بجزء من الارض اللبنانية، وهو منطقة «شبعا»، اما المفاوضات التي أجراها السوريون مع الاسرائيليين، فإنها لم تصل الى حل مقبول، ولم يضطر العدو الى الانسحاب من الارض السورية، لأنه يؤمن بأن أي اتفاق مع أي طرف يجب ان يكون تحت الهيمنة الاسرائيلية.
ولذلك، فإن العنف الاسرائيلي الحالي، لا يعتبر ابتكاراً مخالفاً لما مضى، او مخالفاً لما سيحدث في المستقبل، أي ان القصف الاسرائيلي لقطاع غزة وللضفة الغربية ولمختلف مناطق لبنان، ليس له أي مبرر موضوعي، وانما يؤكد المواظبة الاسرائيلية على العنف والقصف والقتل والتدمير للبنية التحتية في كل الانحاء المستهدفة. والدليل البسيط على هذه الحقيقة، ان قوات الاحتلال بادرت الى خطف أحد عشر ألف فلسطيني، وشعرت بالانزعاج لأن المقاومة الفلسطينية خطفت منهم جندياً واحداً، ولأن المقاومة اللبنانية خطفت منهم جنديين فقط، ولم يشأ العدو ان يطلق سراح الاسرى مقابل الإفراج عن جنودهم الثلاثة، وانما شاء ان يمارس العنف ضد المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين كافة.
ونؤكد حالياً، بحكم معرفتنا للقوة الخاصة بالعدو، ان التطلعات الفلسطينية والتطلعات اللبنانية لن تتحقق من خلال العنف الحالي، ومن خلال مقاومته الحالية، لكن الثقة بالحقائق المعروفة لن تزول من الأدمغة العربية، ولن تتلاشى من عقول الأجيال الجديدة، وسيبقى الاصرار العربي مستمراً حول الحقوق المهدورة.
(كاتب اردني)
أخشى عليكم
يوسف شاهين
لن أفقد الأمل. هذا ما فعلته طوال مشواري الفني، ولبنان الذي يعيش ظروفاً سياسية حرجة وتدمره الآلة الإسرائيلية الحمقاء والعمياء تحول إلى رمز للمقاومة، لن أتحدث عن أنظمة عربية عميلة، أو حكومات هشة صاحبة عوارات ولا همّ لها سوى مداراتها، ولن أقول لهم عار عليكم، لأن الكلام أصبح غير مُجدٍ، ولكن أقول «لبنان قادم»، فما تفعله سيوقظ الشعوب العربية الغارقة في عجزها وصمتها.
بيروت هي منارة الثقافات والملاذ الآمن للثقافة والفن ولا أملك سوى فني وصوتي أقدمه دعماً لبيروت، وأنبهه أن القادم أسوأ بدءاً من احتلال العراق وتدمير فلسطين، وضرب لبنان وما يحدث في لبنان هو تجسيد للمؤامرة الدولية بقيادة أميركا وإسرائيل اللتين تسعيان لرسم خريطة جديدة للمنطقة. فهل الشعب العربي، والشعب المصري الذي لم يتخل يوماً عن دعم أشقائه يعي ذلك؟
أخشى عليكم من القادم.
(سينمائي مصري)
الصمت عار
ناديا لطفي
يبدو أننا أدمنا الفوضى والضياع، عار علينا الصمت والتخاذل، هذا ما تؤكده اللحظة المأسوية الشديدة الدرامية التي يعيشها لبنان، وكل صاروخ يصيب العمق اللبناني، في الأساس موجه إلى القاهرة، الأنظمة العربية أدمنت خذلان شعوبها وقهرها، والشعوب أصبحت مريضة بالعجز الدائم غير قادرة على اتيان الفعل، أشعر بوجع حقيقي من وضع لبنان. ولكن صواريخ المقاومة التي تنطلق من الجنوب تعيد إليّ ولو بارقة أمل وبفضل مقاومة لبنان سيتبدد الانكسار الذي أصاب الشارع العربي.
(فنانة مصرية)
موت عام
محمد كامل القليوبي
اللحظة المأسوية التي يعيشها لبنان اليوم، تعني «موت العالم العربي»، وللأسف ردود فعل الشارع العربي لا تتناسب إطلاقاً مع الحدث، وأسوأ ما يحدث اننا تحولنا إلى مجرد مشاهدين لعملية هدم وتدمير للمجتمع اللبناني، إحدى المنارات الحضارية في عالمنا العربي، والمفارقة أن ردود فعل الشارع وتفاعله مع مباريات كأس العالم، التي لم يكن مشاركاً فيها، كانت أكبر بكثير وأكثر إيجابية، أنا غير معني بالحكومات التي أصبحت مواقفها السلبية معروفة مسبقاً وما يهمني هو الشارع العربي الذي يمثل القوة الضاغطة، هل يستفيق؟ أم يكتفي بدور المتابع، أعاني من حالة اكتئاب وشعور بأن المقبل أكثر قتامة، فلبنان يقف وحده مدافعاً حراً أبياً.
( سينمائي مصري)
ماذا تستطيع الكلمات أن تقول؟
عبد العزيز المقالح
يصعب الحديث عما يجري في لبنان هذه الأيام من حرب عدوانية صهيونية يستعر أوارها وتوشك أن تأتي على الأخضر واليابس. وحين يقال ان الكلمات – تحت وطأة التمزق النفسي – تعجز عن نقل ما تفيض به المشاعر، فإن تلك حقيقة واقعة لا ندركها إلا عندما ندخل عن قرب في التجارب الفاتكة الرهيبة التي تصدم الوجدان وتصادر القدرة على الكلام، وأية تجربة أبشع من أن نرى المنازل تتهاوى على ساكنيها والأطفال يغتسلون بدمائهم، ما الذي يبقى في وسع الكلمات لتقول.
اننا لا نريد أن نكون شهوداً على ما يجري في لبنان، بل نرغب ونتمنى أن نكون مشاركين في خندق الشعب وفي صفوف المقاتلين. فلبنان أستاذنا ومعلمنا ومصدر ثقافتنا الجديدة واليه يرجع الفضل في اشتهار أسمائنا وخروجنا من كهوف التخلف والانعزال. ولبنان الذي نعرفه ونحبه هو لبنان التعددية والحرية الفكرية، لبنان الفكر الحر والآداب والفنون المفتوحة على أحدث تجارب الإبداع.
ونحن على يقين بأن الحرب العدوانية الصهيونية لا تستهدف حزباً بعينه ولا تسعى الى استئصال ظاهرة قومية أو وطنية أو دينية بعينها وانما تستهدف كل لبنان وتسعى الى استئصال كل مقومات وجوده. وحقد الصهيونية على لبنان قديم يعود الى دوره العربي التنويري المتألق والى سعيه المبكر لاختراق السائد سياسياً وفكرياً ومحاولته الدؤوبة في رج سكونية الواقع العربي بتجربته الرائدة التي كانت وستبقى نموذجاً في حقول السياسة والثقافة والإبداع، إن الحرب الصهيونية الخبيثة التي تشن هذه الأيام على لبنان الصغير الجميل تستهدف ضرب ما امتلكه هذا البلد من خبرة عميقة ورؤية متقدمة في شؤون العصر أكثر من بقية الأقطار العربية، وهو من أجل ذلك يعاقب كما يعاقب على مواقفه وتنوعه وابداعه.
لكنهم، القتلة أبناء الأفاعي لن يمروا، ولن ينجحوا، فقد أثبت لبنان وأدرك شعبنا العربي في كل مكان أن هذا هو الوقت المناسب لإثبات التماسك والتضامن والتأكيد من خلال العمل على الوحدة القومية والثقافية. ووجود عدو بهذه الشراسة والقسوة يشكل جامعاً واحداً للمجابهة. كما أن تباين الآراء واختلاف وجهات النظر بين أبناء الأمة العربية في أوقات السلام شأن صحي ومطلب ضروري، لكن هذا التباين وهذه الاختلافات تتلاشى عند اشتداد الخطر وتعرض جزء من الوطن الكبير لما يتعرض له لبنان ولما تتعرض له فلسطين. والذين يتساءلون عن موقف حازم للرأي العام العالمي ينبغي أن يدركوا أن البداية تأتي من هنا من الموقف الملتزم الصادق للرأي العام العربي الذي بدأ يصحو ويتحرك على رغم المعوقات الكثيرة وعلى رغم أن حرية التعبير لا تزال مقهورة.
وعلى الإدارة الأميركية أن تدرك وتعي أن موقفها المساند للعدوان الصهيوني يشكل فضيحة بكل المقاييس. وهي تعلم أن الحرب العدوانية التي تشن على لبنان لم يكن الباعث إليها خطف جنديين أو عشرة أو مئة وانما الباعث أكبر وهو تقويض لبنان الدولة والشعب وتدمير بناه التحتية ومحاصرته وإلحاقه بالحالة الفلسطينية بكل ما تعبر عنه تلك الحالة المزمنة من مأسوية منقطعة النظير.
(شاعر يمني)
الرئة العربية الوحيدة
محمد العريشية
لبنان، هذا البلد الذي لا يكاد يخلو يوماً من التدخل في شؤونه، والكارثة أن شعبه لم يحصد في كل مرة غير الموت والدمار والمرارة. وهذه اللحظة المأسوية التي يرزح فيها لبنان تحت وطأة القذائف والصواريخ فقدنا أول ما فقدنا كعرب – من خلال أعمدة الدخان الكثيفة في سماء لبنان – الرئة العربية الوحيدة القادرة على التنفس بحرية. إن هذه اللحظة المأسوية لا تعني إلا أن لبنان دائماً هو المسرح لفرقعة سياسية لا أول لها ولا آخر، والأنكى من ذلك أن الجنوب أصبح مقبرة والبيوت مقــبرة وقــلوب الأطــفال أيــضاً مقبرة لدفن أحلامهم حية، فلا نبرر أخطاء السياسيين الطامحين الى تحقيق أمجاد غابرة ولا نبرر ارهاب اسرائيل الرامي الى الضغط على ايران وسورية من خلال استهداف بنية لبنان التحتية. ان لبنان هو كلمة وأغنية وقصيدة ووجوه مشرقة.
ان هذه اللحظة تنبئ بأن لبنان بكل طوائفه وأطيافه قادر على تجاوز هذه المحنة وتنبئ أيضاً بأن لبنان أصبح قادراً على استيعاب الدرس وأن لبنان القادم ليس هو الباحث عن الملاجئ لدرء شبح القنابل والصواريخ، بل هو لبنان القادر على المحاسبة من أجل صورته الجميلة وكلمته المبدعة ورئته الصالحة للتنفس.
(كاتب ليبي)
تحطيم لبنان... خطوة نحو إعادة الاستعمار
محمد برادة
يبدو المشهد الآن واضحاً، بعد أن أظهرت إسرائيل طاقتها الوحشية وتفوقها الهمجي لتركيع لبنان، وإلغاء إرادة الممانعة لدى مقاومته الوطنية... وحشية تقول باللغة السياسية إنها تنفذ مخطط أميركا المتلائم مع أغراضها في محو كل إرادة عربية تسعى الى تحرير الأرض وحماية الحقوق.
وإسرائيل تفعل ذلك مُستظلة بخرافة محاربة الإرهاب في العالم انطلاقاً من كل ما ينتمي الى الإسلام ثقافة وحضارة وديناً. هذه الحجة الأميركية تخدم أهداف إسرائيل في تأييد استعمارها لفلسطين وإخضاع جميع الدول والشعوب العربية التي قد تفكر في أن تصون حريتها وكرامتها.
وما دامت لإسرائيل اليد الطولى، والضوء الأخضر من أميركا وأوروبا، ولها أضخم ترسانة من الأسلحة المدمرة، فلماذا لا تسعى الى «إعادة الاستعمار» بصورة أخرى؟ إنها لا تريد السلام لأنه يهدد وجودها السرطاني المصطنع، ولا تريد أن تنتمي الى دول المنطقة، وإنما تحرص على استمرار تحالفها مع الولايات المتحدة بصفتها الشرطي الرادع...
في مقابل هذا التواطؤ الدولي الذي أكده بيان الدول الثماني الأغنى في العالم، يبرز شبح النظام العربي المتواري في أكفانه منذ عقود: هذا الشبح الميت هو الوجه – الأم الذي تتحدر منه مأساة تقطيع أوصال لبنان والعراق تحت أعيننا.
أليس من واجب المثقفين العرب أن يفضحوا – أمام الرأي العالمي – أطماع إسرائيل الاستعمارية المستهزئة بكل القيم الإنسانية، وأن يؤكدوا في الوقت نفسه للشعوب العربية، موت النظام العربي المتدثر بالسلطوية والمستسلم أمام خطة إعادة الاستعمار؟
(كاتب مغربي)
منطق لاعقلاني
محمد الحرز
الأحداث الجارية في لبنان تدل على موت الضمير الإنساني، لا على المستوى الدولي ولا العربي، إنما في شكل عام. أشعر أن هناك منطقاً لاعقلاني يهيمن على العالم.
ويكشف الصمت إزاء كل ما يحدث للبنان وشعبه، عن أن هناك عدوانية ليس فقط من اسرائيل إنما من المجتمع الدولي، وفي مقدمهم منظمة الأمم المتحدة.
لكن المقاومة، على رغم كل شيء، أكدت بما لا يدعو مجالاً للشك، أن هناك صوت مختلفاً تماماً، صوتاً يحمل من الكرامة الإنسانية المهدورة في الوطن العربي، الشيء الكثير.
يصعب تصور ما يحدث لبيروت، هذه المدينة التي تعد المنبع الأساس للثقافة العربية.
لكن سقوط القذائف على بيروت، لن يحجب الذاكرة الثقافية لهذه المدينة. وأتمنى أن يكون هناك تضامن من المثقفين العرب، من أجل أن تكون هناك رؤية موحدة ضد ما يجري.
(ناقد سعودي)
الحياة - 20/07/06//


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow