ثمة سوء فهم- أو لافهم- في القول بأن "الحضارات"تنقرض فالقول بأن السومريين انقرضوا (لأن الحضارات تنقرض ) لا يتعدى قراءة تاريخ الملوك والممالك , الثقافة وبالأدق الحضارة السومرية استمرت في حضارة الأكاديين والبابليين و الحضارة الآرامية استمرت في الحضارة العربية وهذه وتلك اندخلت واشتبكت بالحضارات – والثقافات- الفارسية واليونانية والرومانية والحضارة اليونانية القديمة استمرت في عصر النهضة الأوربي , والثقافة العربية – أو الحضارة العربية إن شئتم-يستحيل فك "اشتباكها"بالثقافة والإرث الثقافي الكردي – على سبيل المثال- ... وهي نفسها – افتراضاً على الأقل- الثقافة الكردية التي من على منبرها في " أربيل" أطلق أدونيس " صراحته"هذه فيما بدا- في أحسن الأحوال- تملقاً للمتعصبين الأكراد الذين حوله في "المحمية الأمريكية بأربيل" والذين ربما دعوه إلى هناك تحديدا ليشتم االثقافة العربية , ويبشربـ "انقراضها" .. وهو بكل تأكيد لم يخيب توقعاتهم – أعني المتعصبين في المحمية الأمريكية بأربيل - , فيما بدا برأيي منسجماً مع إعجابه اللامحدود بالمتنبي الذي جاب البلاد و الشعاب يبحث عن ملوك "كبار " يمدحهم وعن ممالك "عظيمة"يمتدحها وإن بالواسطة فمديح الـ " المحمية الأمريكية بأربيل "لا يختلف كثيراً عن امتداح الإمبراطورية نفسها ولو مواربة

و" انقراض الحضارة العربية" لا يختلف كثيراً مع أحلام الإمبراطوريين في المتروبول الأميركي الذين ما زرلوا يحلمون بصحراء بترولية خالية من " الحضارة " و " الحضَر" ولا يختلف كثيراً مع " توجهات" الإمبراطورية التي استنفرت كل أدواتها " الثقافية" لتثبت أن ما من أحد في هذه الصحراء البترولية إلا "الهمج"
ثمة فرق بالتأكيد بين نقد الثقافة – الذي هو فعل " ثقافي"- وإلغائها و من ثم إلغاء وجود حضاري و ثقافي لشعوب بأكملها

و أدونيس الذي يبشر بـ " انقراض الحضارة العربية "والذي كان قد " ترك السياسة " .. لا يجد مشكلة في امتداح محمد ابن عبد الوهاب الذي أسس المذهب " الوهابي" ولا في امتداح مشايخ الإمارات النفطية .. ربما تيمناً بسيرة المتنبي ... المتنبي نفسه فهم الحضارة على أنها تاريخ ملوك وممالك ومشيخات ... فامتدحها

يقول أدونيس ، إن «جميع الحضارات الكبرى في التاريخ انقرضت، من السومريين إلى البابليين والفرعونيين، بمعنى أن الطاقة الخلاقة عندهم انتهت، اكتملت دورة الإبداع ولذا فإنهم ينقرضون" وأنا أسأل – جاداً هذه المرة- هل أن دورة الإبداع , عند العرب , اكتملت بأدونيس نفسه .. أو بأدونيس تحديداً .. حتى تنقرض هكذا ...

مرسلة من الكاتب حازم العظمة بنسختها الأصلية