Alef Logo
ابداعات
              

ولكن......كعب البغل

باسم سليمان

2009-05-16


صرخ أبي : أنت بغل من يوم ما تكونت ببطن أمك!!, أنهكتها من كثرة الرفس وازرقّ بطنها ؟.
للحقيقة في بطن أمي لا أتذكر؟! ,ولكن في الحمام كنت أبلعط كفرخ سمك,أرفس بقدمي طشت الماء فتلسعني بيديها – اهدأ- ليزرقّ بعدها جلدي .
قيل عن حالتي الكثير,المشايخ وجدوا في كتب حكمتهم كل شيء حتى القمل والبراغيث ,البرغش ,نقيق الضفادع ولم يجدوا لطبعي المتبغل دواء وحاروا؟! فلم تنفع جميع الخطوط والأحرف ,الآيات ,ذكر عفاريت الجان ,كبار الملائكة , فكنت ألبس الحجابات كالنياشين تحت قمصاني و فوق ثيابي وكان لدي مجموعة من الحجابات تحت المخدة وفي أماكن إنْ بحثتُ فيها وجدتها وكثيرا ما كان طعم طعامي وشرابي تتخلله طعمة الحبر والورق المحروق وهذا ما أورثني في زمني هذا عادة لحس الورق المحروق وخاصة عندما تصل حالة الرفس لدي إلى درجة لا تطيقها قدماي , فأشعل ورقة ,أرمدها وأبدأ ذلك عندما أكون متأكدا أن قواي قد خارت ولن ينفع معي حتى الضرب بالعصا!! كما كان يفعل أبي مع البغل! عندما ينوء تحت حمله.
أما الأطباء الذين تخرجوا من جامعات الدولة, فقد تكلموا عن عزيز نيسين وقتها عرف أبي أنه دواء تركي وقد خرّب موسم فلاحة وهو يوصي المسافرين والمهربين في المدينة ولكن القشة ليست في كومة القش.
في المدرسة رفست رفاقي عراكا و في لعبة كرة القدم تشابهت أقدامهم مع الكرة ولكنهم كانوا يتجاذبوني لفريق كل منهم فلدي شوطة كانت تخترق الشبكة الوهمية وراء الحارس وإن تشجع وأمسكها بيديه, فاتركها له وقد سُلخ جلدها واحمرتْ.
لكني نادرا ما كنت أجيد التصويب وقد حاول مدرب لفريق من الدرجة الثالثة أن يحّسن من قدرتي على التصويب فانتهى ذلك برفسة على قفاه بعد أن أثقل في كلامه لي ورفست له عائلته حتى الجد السابع بكلام من طبيعة بغلية وهكذا اقتنعت أنا بعدم جدوايّ في هذا المضمار رغم ما كنت أراه في أعين البعض الذين لا يعرفوني عندما يغضب الله على حجر ويضعه في طريقي.
ولم ينجح بيت الشعر بأن أقوم للمعلم تبجيلا ولا المثل أن أصبح له عبدا فرفستهم ورفسوني حتى هون الله عليّ وعليهم بأن أنهيت المرحة الإعدادية فأخرجني أبي وقال كلمته الشهيرة التي ذهبت مثلا : بغل مثلك ما بأدبه غير الصمد.
جاء موسم الفلاحة وساقني أبي مع البغل إلى الحقول فكما كان يلهب ظهر البغل بعصا الرمان التي لها ليونة السوط كذلك ألهب ظهري مرات عديدة فاستحمل ذلك. أصبحت رجلا, فلقد احتلمت منذ فترة ونصبت خيمة بين جنبيّ عندما أتذكر تلك البنت التي سميتها فيما بعد حبيبتي ونقشت اسمها على زندي وقلت ياولد أحيانا أخطئ وأقول يا بغل: لقد كبرتَ؟!, اركزْ؟!!, حتى البغل له من طبع الحصان.
وثاقب موسم الفلاحة مع تهيج مشاعري ومواعيد رؤيتها مع ساعات الفلاحة وهي عائدة من المدرسة لتقطع النهر بعد أن تبل قدميها بالماء وتطرطش قليلا وهي جالسه تتأمل انعكاسها في صفحة الماء المتموجة.
وهنا تضاربت بغلنتي مع الفلاحة مع حبها فاخترت حبها وركبت رأسي وأنا أسمع صوت أبي ورائي ينكش جذور العائلة من الأرض إلى السماء .
لم تعد القصة بيني وبينها فقد فاحت كرائحة التيس وسمع أخوتها وأبوها وأعمامها وأخوالها فقدموا إلى أبي ولكنه تبرأ مني كما بُرئ الذئب من دم يوسف وجاءني رسل سلام ولم ينفع ذلك فالحب أقوى من كل الشدائد هكذا تقول الأغنية التي يبثها الراديو الذي اشتريته من المال الذي أعطاني إياه أبي بعدما خدع نفسه وقد قال: إن الولد قد اصطلح .
وأكلتْ حبيبتي علقة من كعب الدست وتورمت وازرقت هكذا قالت لي رفيقتها وهي ترتجف من شخير تنفسي.
فحملت على بيتها أريد خطفها لنتزوج بعيدا من هنا فتكاثر علي أخوتها وأخوالها وعمومتها وبقي أبوها يتفرج عليّ بعد أن سحبها من الداخل ممسكا بشعرها لترى كيف يروضون البغل! وهم ينهالون عليّ ضربا ولكما بكل ماتوفر ورغم كثرتهم كسرت يد أخيها ورفست ابن خالتها رفسة بين ساقيه طيرت عينيه من وجهه لا أعرف لمَ سمعتْ كلمة كوووول!! من فمه .
لكن لكل حصان كبوة فانطبق المثل على البغل وسقطت مضرجا بدمائي وجاءت الشرطة ولكن بدلا من السجن أخذوني للمشفى ولم تمض أيام حتى قفزت من الشباك في الدور الثاني وذهبت إلى لبنان ولم أعد رغم الصلحة التي دخل فيها كبار القرية والمشايخ من الضيعة المجاورة وسقوط الحق العام وتزويجها من ابن خالتها الذي لم تنجب منه .
مضت سنة ونصف وقد حننت إلى أبي وكلمة البغل وحنان أمي رغم بغلنتي فقد كانت تراني حصانا وعلى الحدود قبضتْ عليّ الشرطة وساقوني موجودا إلى قطعتي العسكرية.
هنا دخلت حرب طروادة أيامها فكنت أرفس وأدخل السجن حتى مضت ستة أشهر فرفستُ الضابط المسؤول عن قطعتي رفسة أطارت ضوء عيونه وحكم عليّ بعشرين سنة سجن مع الأشغال.
سقط أخيل من كعبه وابتلعته مياه هيدز
رفست فيها قضبان السجن وحيطانه وجلاديه والمساجين حتى جاء يوم تخدرت فيه قدماي وقد مضى عليّ خمسة أعوام بعدها هدأت رفساتي ومرت الأيام حتى انقضت عشر سنوات وأخرجت في الثالثة عشر لحسن سلوكي والتزامي بأعمال السجن وما يترتب علي تعلّمه.
عدت إلى الضيعة كحصان فاستقبلتني أمي بالزغاريد أما أبي أقسم: لن تدخل عتبة هذا البيت يا بغل فتمرغت أمام قدميه وأثرت غبارا وقبلا ودموعا على يديه فرق قلبه ودارت الأيام وحبيبتي طلقها ابن خالتها لكثرة ما عيرته بعدم فحولته وأنه لا ينفع معه إلا للبول فرجعتْ لبيت أهلها تخدم زوجات أخوتها وتلعن ساعة البغلنة إلى أن وقفتُ في بابي بيتهم مع جمع غفير من وجهاء الضيعة ومشايخ الضيعة المجاورة فقد عاد الولد الضال وما الخطأ في أن نذبح له العجل المسمن؟ .
******
لا تضربيه إنه يشبهني!!
فينقلب البكاء إلى ضحك في حين كور النار تتوقد فيه جمرات الفحم ويحمر قضيب الحديد وأنا أصنع حدوة لبغل عمي, أبي زوجتي؟

باسم سليمان
www.safita.cc
من مجموعة تماما قبلة

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

في بحثكَ عن ظلّ؛ تفوتك ألف شمسٍ

29-كانون الأول-2018

الصارية

02-حزيران-2018

باح يا باح يا ورق التفاح

17-آذار-2018

باح يا باح يا ورق التفاح

23-كانون الأول-2014

الخط الأحمر في طور المراهقة الحوارية*

04-آذار-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow