Alef Logo
ضفـاف
              

ازدهار الفرد / بقلم كاثرين فانسبانكيرن

ألف

2009-06-15

أدّى الكساد الكبير في الثلاثينات من القرن الماضي إلى تدمير الاقتصاد الأميركي فعلياً. لكن الحرب العالمية الثانية أحيته. وأصبحت الولايات المتحدة قوة رئيسية على المسرح العالمي، وتمتع الأميركيون بعد الحرب العالمية الثانية بازدهار شخصي وحرية فردية غير مسبوقين.

جعل توسُّع التعليم العالي وانتشار التلفزيون عبر أميركا بعد الحرب العالمية الثانية من الممكن للناس العاديين الحصول على معلومات دون مساعدة، وأصبحوا أكثر رقيا ودراية. أدت وفرة وسائل الراحة الاستهلاكية وإمكانية الحصول على منازل كبيرة جذابة في ضواحي المدن إلى جعل عائلات الطبقة المتوسطة تعيش باستقلال ذاتي أكبر. وشددت النظريات المنتشرة لعلم النفس الفرويدي على أصول وأهمية العقل الفردي. كما حررت "حبة" منع الحمل النساء من الخضوع الصارم إلى القواعد البيولوجية، ولأول مرة في تاريخ البشر أصبح بمقدور عدد كبير من الناس العاديين العيش حياة مرضية بشكل واسع والتأكيد على قيمتهم الشخصية.

إن صعود مذهب الفردية على نطاق جماهيري واسع، وكذلك حركات الحقوق المدنية ومعارضة الحروب في الستينات من القرن العشرين، عزز الأصوات التي كانت صامتة قبلاً. أكد الكتّاب على طبيعتهم الداخلية الأكثر عمقاً كما على تجربتهم الشخصية، وعنت التجربة الفردية ضمنياً أهمية المجموعة التي ترتبط بها. المثليون، والمدافعون عن حقوق المرأة وغيرهم من الأصوات المهمشة أعلنوا صراحة عن أوضاعهم. ووجد الكتّاب الأميركيون اليهود والسود جماهير واسعة من القرّاء لرواياتهم المتعددة للحلم الأميركي، أو الكابوس الأميركي. ناقش الكتّاب من خلفية بروتستانتية، مثل جون تشيفر وجون أبدايك، تأثير ثقافة ما بعد الحرب على الحياة المماثلة لحياتهم. لا يزال بعض الكتّاب الحديثين والمعاصرين مصنفين ضمن تقاليد قديمة، كالواقعية. ومن الممكن وصف بعضهم على أنهم كلاسيكيون ووصف آخرين على انهم تجريبيون، حيث يتأثر أسلوبهم الأدبي بأشياء سريعة الزوال من الثقافة الشعبية أو فلسفات كالوجودية أو الاشتراكية. وقد صنّف العديدون منهم بسهولة بمجرد الاستناد إلى خلفيتهم الإثنية أو المناطقية. رغم ذلك، وبصورة إجمالية، فإن الكتّاب العصريين كانوا يطالبون دائماً بقيمة هوية كل فرد.

سيلفيا بلاث (1932-1963)

عاشت سيلفيا بلاث حياة مثالية ظاهريا وتابعت دراستها في كلية سميث بمنحة دراسية، وتخرجت الأولى في صفها، وفازت بمنحة فولبرايت للدراسة في جامعة كيمبريج في إنجلترا. هناك تعرفت على الشاعر تيد هيوز الذي أصبح زوجها، والذي أنجبت منه طفلين واستقرت في منزل ريفي في إنجلترا.

ووراء نجاح قصتها التي تشبه قصص الخيال كانت تتفاقم لديها مشاكل نفسية لا حل لها، وقد استحضرتها في روايتها الشعبية جداً "الجرّة الجرسية" (The Bell Jar) (1963‏). كان بعض هذه المشاكل مشاكل شخصية بينما نشأت مشاكل أخرى نتيجة إحساسها بالمواقف المكبوحة لدى النساء في الخمسينات من القرن العشرين. كان من بين هذه المعتقدات، والتي شاركتها فيها نساء عديدات، أن على النساء أن لا يُظهرن الغضب او يسعين للطموح إلى حياة مهنية بل أن يجدن سعادتهن في الاهتمام بأزواجهن وأطفالهن. شعرت النساء الناجحات مهنياً، مثل بلاث، أنهن يعشن حياة متناقضة. انهارت حياة بلاث المثالية عندما انفصلت عن هيوز وبدأت تعتني بالطفلين الصغيرين في شقة في لندن خلال فصل شتاء كان شديد البرودة. عانت بلاث من المرض والعزلة واليأس، وعملت ليلاً نهاراً لإنتاج مجموعة من القصائد المذهلة قبل أن تنتحر بتنشق الغاز في مطبخها. وقد تم جمع هذه القصائد في ديوان "أرييل" (1965) بعد سنتين من وفاتها. أشار الشاعر روبرت لويل، الذي كتب مقدمة الديوان، إلى التطور السريع لشعرها منذ الوقت الذي كانت تحضر فيه دروس الشعر لديه في عام 1958.

الأشعار الأولى لبلاث مكتوبة بمهارة وتقليدية لكن أشعارها الأخيرة تظهر براعة فنية يائسة وصرخة غضب تناصر فيها حقوق المرأة. في قصيدتها "مقدم الطلب" (1966)، تكشف بلاث عن الفراغ في الدور الحالي للزوجة (وقد حولتها إلى جماد باستعمال ضمير غير العاقل “it‏” للإشارة إليها).

دمية حية، حيثما تنظر.

يمكنها أن تخيط، أن تطبخ

أن تتكلم، تتكلم، تتكلم.

ألان غينزبرغ (1926-1997)

برز "شعراء جيل البِيت" في الخمسينات من القرن العشرين. وكلمة “Beat‏” تعني أكثر من معنى منها الإيقاع الموسيقي، كما في موسيقى الجاز، أو الغُبطة الملائكية، أو البركة. وتعني عبارة “Beat up‏”، متعب أو متألم. ألهمت موسيقى الجاز، والديانات الشرقية وحياة التشرد معتنقي توجه "البِيت". وقد تم تصوير حياة هؤلاء في الرواية الشهيرة "على الطريق" التي كتبها جاك كيرواك، والتي شكلت حدثاً مثيراً عندما نشرت عام 1957. الرواية كانت سرداً لأحداث رحلة بالسيارة عبر البلاد عام 1947 كتبها كيرواك خلال ثلاثة أسابيع مرهقة على لفة ورق واحدة فيما أسماه كيرواك "نثر شعبي عفوي." النمط الجامح المرتجل، والشخصيات الغامضة المطلعة على أحدث الاتجاهات، والرفض للسلطة والتقاليد ألهبت خيالات القرّاء الشباب، وساعدت في إدخال الثقافة المضادة التي لا ضابط لها في ستينات القرن العشرين. هاجر معظم معتنقي مذهب البِيت المهمين إلى سان فرانسيسكو على الساحل الشرقي لأميركا فحصلوا على أول اعتراف قومي بهم في كاليفورنيا. أصبح ساحر الجماهير ألان غينزبرغ المتحدث الرسمي الرئيسي باسم المجموعة. ولد غينزبرغ لأب شاعر وأم غريبة الأطوار ملتزمة بالشيوعية، ودرس في جامعة كولومبيا حيث أقام بسرعة صداقات مع زميليه في الجامعة جاك كيرواك (1922-1969) ووليام بروز (1914-1997)، الذي شملت رواياته العنيفة المخيفة حول العالم السفلي للمدمنين على الهيروين "الغذاء العاري" (1959). شكل هؤلاء الثلاثة نواة حركة البِيت.

شعر البِيت هو شفهي، متكرر ومؤثر بدرجة هائلة عند قراءته، ويعود الأمر بصورة كبيرة لأنه تطور من قراءات شعرية في النوادي "السرية." وقد يعتبره البعض عن حق بأنه الجد الأكبر لموسيقى الراب التي سادت في التسعينات من القرن العشرين. كان شعر البِيت الشكل الأدبي الأكثر عداءً للنظام في الولايات المتحدة ولكن تحت كلماته المريعة يكمن الحب للوطن. هذا الشعر كان صرخة ألم وغضب ضد ما كان يعتبره الشعراء فقدان أميركا لبراءتها والهدر المأساوي لمواردها البشرية والمادية.

أحدثت بعض القصائد، مثل قصيدة "عواء" (1956) لألان غينزبرغ، ثورة في الشعر التقليدي.

رأيت أفضل عقول جيلي وقد دمرت

بفعل الجنون، جائعين هستيريين عراة،

يجرّون أنفسهم عبر شوارع الزنوج عند الفجر يبحثون

عن إبرة مخدرة غاضبة،

رؤوس ملائكة هيبيين يتحرّقون للاتصال السماوي العتيق

مع الدينامو المزدان بالنجوم

في آلات الليل...

تنيسي وليامز (1911-1983)

ولد تنيسي وليامز، في ولاية مسيسيبي، وأصبح أحد الأفراد الأكثر تعقيداً في الساحة الأدبية الأميركية في منتصف القرن العشرين. تركز عمله على العواطف المشوشة داخل العائلات، ومعظمها من الجنوب. اشتهر بتكراريته التعويذية، وبتنسيق شعري للألفاظ الجنوبية، وخلفيات قوطية موحشة لأحداث رواياته، وبالاسكتشاف الفرويدي للعاطفة الإنسانية. كان أحد الكتّاب الأميركيين الذين كشفوا عن مثليته الجنسية، وشرح وليامز بان الرغبات الشديدة لشخصياته المعذبة كانت تعبر عن عزلتها. شخصيات رواياته تعيش وتعاني بشكل بالغ الحدّة.

كتب وليامز أكثر من 20 مسرحية كاملة، كان العديد منها سيرا ذاتية. وصل إلى قمة شهرته في وقت مبكر من احترافه مهنة الكتابة، في الأربعينات من القرن العشرين، بكتابه "المعرض الزجاجي للوحوش" (1944) و"حافلة تسمى الرغبة" (1949). لم يبلغ أي عمل من أعماله اللاحقة، التي كتبها خلال عقدين من الزمن، إلى مستوى النجاح والثراء لهاتين المسرحيتين.

يودورا ويلتي (1909-2001)

وُلدت يودورا ويلتي في ولاية مسيسيبي لعائلة ثرية من الشماليين المنتقلين. قاد خطى يودورا الروائيان، روبرت بن وارن وكاثرين آن بورتر. كتبت بورتر بالفعل المقدمة لأول مجموعة من القصص القصيرة التي كتبتها ويلتي، "ستارة من الأخضر" (1941). أسست ويلتي عملها الأدبي الدقيق المعاني الغامضة على نموذج أعمال بورتر، ولكن هذه المرأة الأصغر سناً كانت مهتمة أكثر بالشكل الهزلي والغرائبي المشوه في أعمالها. ومثلها مثل زميلتها الثانية الجنوبية، فلانيري أوكونور، استخدمت ويلتي في أحيان كثيرة شخصيات غير طبيعة، غريبة الأطوار، او استثنائية كمواضيع لرواياتها.

رغم العنف في أعمالها، كان ذكاء ويلتي إنسانياً وإيجابياً. تشمل مجموعات قصصها القصيرة، "الشبكة الواسعة" (1943)، "التفاحات الذهبية" (1949)، و"عروس الانيسفالين" (1955)، و"بحيرة القمر" (1980). كما كتبت ويلتي روايات مثل "عرس في الدلتا" (1946)، التي ركزت اهتمامها على عائلة تعيش في مزرعة في الأزمان الحديثة، ورواية "ابنة المتفائل" (1972).

رالف اليسون (1914-1994)

كان رالف اليسون مواطناً من الغرب الأوسط، ولد في أوكلاهوما، ودرس في معهد تاسكيغي في جنو╚ الولايات المتحدة. كانت له إحدى أغرب أنواع الحياة المهنية في حقل الأدب الأميركي، إذ تكونت حياته من كِتاب واحد حاز على شهرة واسعة، وليس الكثير غير ذلك.

الرواية هي "الرجل الخفي" (1952)، وهي قصة رجل أسود يعيش حياة تحت الأرض في قبو مضاء إضاءة ساطعة بكهرباء مسروقة من شركة كهرباء عامة. يسرد الكتاب تجاربه الغريبة المتحررة من الأوهام. فبعد ان حصل على منحة دراسية للدخول إلى جامعة خاصة بالسود قام البيض بتحقيره. وعندما ذهب إلى الكلية شاهد رئيس الجامعة يزدري هواجس الأميركيين السود، كما كانت الحياة خارج الجامعة فاسدة كذلك. فعلى سبيل المثال، حتى الدين لم يقدّم له أي عزاء: إذ يتبين بأن الواعظ نفسه كان مجرماً. تدين الرواية المجتمع لتخلفه عن تزويد مواطنيه، السود والبيض منهم على حدٍ سواءً، بمُثل عليا قابلة للدوام، والمؤسسات اللازمة لتحقيقها. تجسد الرواية موضوعاً عِرقياً قوياً لان "الرجل الخفي" ليس خفياً بذاته بل لأن الآخرين لا يستطيعون رؤيته كما هو بالفعل بعد أن أعماهم التحيز.

سول بيللو (1915-2005)

ولد في كندا وتربى في شيكاغو وكان من أصل يهودي روسي. درس في الجامعة علم الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع اللذين أثرا بدرجة كبيرة على كتاباته. عبّر في إحدى المرات عن دَينه العميق للروائي الواقعي الأميركي ثيودور درايزر لانفتاحه على مجموعة واسعة من التجارب وارتباطه العاطفي بها. بيللو، الذي حظي باحترام كبير، نال جائزة نوبل للآداب في العام 1976.

تشمل الروايات الأولى، والوجودية الرهيبة إلى حدٍ ما، "الرجل المعلّق" (1944) وهي دراسة وفق أسلوب كافكا لرجل ينتظر تجنيده في الجيش، وتشمل رواية "الضحية" (1947) حول العلاقات بين اليهود وغير اليهود. وقد أصبحت رؤيته أكثر هزلية في الخمسينات من القرن العشرين: استخدم سلسلة من الرواة النشيطين والمغامرين الذين يتحدثون بصيغة المتكلم في روايته "مغامرات اوجي مارش" (1953)، وهي دراسة حول مقاول من المدينة يشبه هاك فين يصبح تاجراً في السوق السوداء في أوروبا. ولاحقاً نشر رواية "هندرسون ملك المطر" (1959)، وهي رواية جدية -هزلية رائعة تتسم بالحيوية الفياضة حول مليونير متوسط العمر تقوده طموحاته غير المحققة إلى أفريقيا. تشمل الأعمال المتأخرة لبيللو: "هرتزوغ" (1964) حول الحياة المضطربة لأستاذ جامعي بريطاني عصبي متخصص في فكرة الذات الرومانسية، و"كوكب السيد ساملر" (1970)، و"هدية هامبولد" (1975)، والسيرة الذاتية "ديسمبر العميد" (1982). ورواية بيللو "التقط اليوم" (1956) هي رواية رائعة تتركز أحداثها على رجل أعمال فاشل، يدعى توني ويلهلم، الذي استهلكته الأحاسيس بعدم الكفاءة إلى درجة انه أصبح عديم الكفاءة كليا، وفشل في علاقاته مع النساء، ومع الوظائف، ومع الآلات، ومع سوق السلع حيث خسر كل ما يملكه. يُشكِّل ويلهلم مثالاً للفاشل في الأدب الشعبي اليهودي: شخص يحصل له الحظ العاثر بصورة حتمية.

جون تشيفر (1915-2005)

سمي جون تشيفر في أحيان كثيرة "روائي السلوك الإنساني" كما اشتهر أيضاً بقصصه القصيرة المعبرة الأنيقة التي تتفحص عالم الأعمال في نيويورك من خلال تأثير ذلك العالم على رجال الأعمال، وزوجاتهم، وأطفالهم، وأصدقائهم.

يكمن في ظلال قصص تشيفر انقباض نفسي ساخر ورغبة لا تنطفئ أبداً، ولكنها يائسة على ما يبدو بالحب او باليقين الميتافيزيقي. وهي مرسومة بأناقة وفق قصص تشيخوف في مجموعات من القصص القصيرة: "الحياة التي يعيشها البعض" (1943)، "لص المنازل في شايدي هيل " (1958)، "بعض الناس، الأماكن، والأشياء التي لن تظهر في روايتي التالية" (1961)، "الجنرال وأرملة الغولف" (1964)، و"عالم التفاح" (1973). تكشف عناوين قصصه عن عدم اكتراثه المميز، ودعابته، واستخفافه بالمقدسات وتلمح إلى موضوع القصة.

نشر تشيفر أيضاً عدة روايات، منها "فضيحة وابشوت" (1964) و"حديقة الرصاص" (1969)، و"البازدار" (1977)، وهذه الأخيرة كانت سيرة ذاتية بجزء كبير منها.

]كاثرين فان سبانكرين، أستاذة الإنجليزية في جامعة تامبا، ألقت محاضرات حول الأدب الأميركي في الخارج، وهي مديرة سابقة للمعهد الصيفي حول الأدب الأميركي للعلماء الدوليين الذي ترعاه مؤسسة فولبرايت. تتضمن منشوراتها الشعر والبحث العلمي. نالت شهادة البكالوريوس من جامعة كاليفورنيا، بيركلي، وشهادة الدكتوراه من جامعة هارفرد[.

(America.Gov is a product of the Bureau of International Information Programs, U.S. Department of State‏. Web site‏: http://www.america.gov‏)

Top of Form


505

ازدهار الفرد- الجزء الثاني
()

أصوات مهمشة، من الأميركيين الأفريقيين إلى مناصري حقوق المرأة، يعلنون عن قصصهم
جون أبدايك (1932-)

يعتبر جون أبدايك أيضاً، مثل تشيفر، كاتبا حول السلوك الإنساني في إطار العيش بالضواحي، والمواضيع المنزلية، والتأملات حول الملل والكآبة، ولا سيما في مواقع رواياته الخيالية على الساحل الشرقي من الولايات المتحدة في ولايتي مساتشوستس وبنسلفانيا.

يُعرف أبدايك بكتبه الأربعة بعنوان "رابيت" التي تصف حياة رجل، يدعى هاري "رابيت" انغستروم، عبر فترات من المد والجزر في حياته على امتداد أربعة عقود من التاريخ الاجتماعي والسياسي الأميركي. فكتابه "رابيت، ران" (1960) هو مرآة تعكس الخمسينات من القرن العشرين وتتحدث عن انغستروم الزوج الشاب المتمرد الذي يعيش بلا هدف. أما كتابه "رابيت ريدوكس" (1971) فيلقي الضوء على الثقافة المضادة في حقبة الستينات من القرن العشرين التي يجد انغستروم نفسه فيها بدون هدف أو غرض واضح أو طريق متاح للهرب من المبتذل. وفي الكتاب "رابيت إيز ريتش" (1981) أصبح هاري رجل أعمال ناجحا خلال السبعينات من القرن العشرين مع أفول عصر فيتنام. والرواية الأخيرة "رابيت أت رِست" (1990) تلمح إلى تصالح انغستروم مع حياته قبل أن يموت بنوبة قلبية مقابل خلفية الثمانينات من القرن العشرين.

يملك أبدايك أسلوباً متألقاً أكثر من أي كاتب آخر في يومنا الحاضر، وتقدم قصصه القصيرة أمثلة متلألئة للمدى والابتكار الذين حققهما.

نورمان ميلر (1923-)

جعل نورمان ميلر نفسه أكثر الروائيين ظهوراً في الستينات والسبعينات من القرن العشرين. من مؤسسي المجلة الأسبوعية في مدينة نيويورك "ذي فيليج فويس" (صوت القرية) وقد أعلن فيها تعريفاً لنفسه مع وجهات نظره السياسية. وفي نهمه للحصول على الخبرة، وأسلوبه النابض بالحياة، وشخصيته العامة الدراماتيكية، اتبع ميلر تقليد إرنست همنغواي. ولكي يكسب نقطة إشرافية أكثر حول اغتيال الرئيس جون إف كينيدي، والاحتجاجات ضد حرب فيتنام، وتحرير السود، وحركة الدفاع عن حقوق المرأة قام بإنشاء شخصيته الهيبية، والوجودية، والمتفاخرة بذكورتها (في كتابها "سكشوال بوليتكس" أو السياسة الجنسية، قامت كيت ميليت بتصنيف ميلر كنموذج أصيل عن الشوفينية الذكورية). ميلر الذي لا يُمكن كبح جماحه تزوج ست مرات وترشح لرئاسة بلدية نيويورك.

انطلاقاً من ممارساته في التحقيقات الصحفية الجديدة، مثل كتاب "ميامي وحصار شيكاغو" (1968)، وهو تحليل لمؤتمرات الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 1966، ودراسته المؤثرة حول تنفيذ حكم الإعدام بقاتل مدان عنوانها "أغنية الجلاد" (1979)، قام ميلر بالتحول إلى كتابة روايات طموحة، رغم عيوبها، مثل "أمسيات قديمة" (1983) التي تجري أحداثها في مصر القديمة و"شبح العاهرة" (1991) التي تدور حول وكالة الاستخبارات المركزية.

توني موريسون (1931-)

ولدت الروائية الأفريقية توني موريسون في أوهايو لعائلة ذات توجّه روحاني. درست في جامعة هوارد في واشنطن العاصمة وعملت كمحررة رئيسية في دار نشر رئيسية في واشنطن، وكأستاذة بارزة في جامعات مختلفة.

روايات موريسون الخيالية الغنية الحبكة أكسبتها تقديراً دولياً. عالجت في روايات مؤثرة ذات روحية واسعة الهوايات المعقدة للناس السود بطريقة شاملة. في روايتها المثيرة، "العين الأكثر زرقة" (1970)، تسرد فتاة سوداء شابة صاحبة إرادة قوية قصة بيكولا بريدلاف التي قادها والدها المسيء إليها إلى الجنون. تعتقد بيكولا أن عينيها السوداوتين أصبحتا بصورة سحرية زرقاوتين وانهما سوف تجعلانها جميلة. قالت موريسون إنها خلقت من خلال هذه الرواية إحساسها الخاص بالهوية ككاتبة: "كنت بيكولا، وكنت كلوديا، وكل الناس."

تصف روايتها "سولا" (1973) الصداقة المتينة القائمة بين امرأتين. ترسم موريسون النساء الأفريقيات الأميركيات كشخصيات فريدة، فردية بالكامل، بدلاً من قوالب نمطية. كسبت لها روايتها "أنشودة سليمان" (1977) عدة جوائز. تتابع أحداث هذه القصة رجلاً أسود، ميلكمان ديد، وعلاقاته المعقدة مع عائلته ومجتمعه المحلي. ورواية "بيلوفد" (المحبوب) (1987) تحكي القصة العنيفة لامرأة تقتل أولادها بدلاً من تركهم يعيشون كأرقاء. تستعمل أساليب فنية رائعة للواقعية السحرية في تصوير الشخصية الغامضة للمحبوب الذي يعود للعيش مع والدته التي شقت عنقها بسكين. ورواية "جاز"، التي تقع أحداثها في هارلم العشرينات من القرن العشرين، هي قصة حب وقتل عن عمد. في عام 1993 نالت موريسون جائزة نوبل للآداب.

الأدب المعاصر

مع انتهاء القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، أدت الزيادة في إمكانية التحرك الجماعية الاجتماعية والجغرافية، والإنترنت، والهجرة، والعولمة إلى التشديد على الأصوات الخاصة في سياق التجزئة الثقافية التي أنتجتها. ويعكس بعض الكتاب المعاصرين اتجاهاً نحو أصوات أكثر هدوءاً والوصول اليها أسهل. لكن بالنسبة للعديدين من كتّاب النثر، أصبحت المناطق، وليس البلاد، هي المتحددة جغرافياً.

لويز غلوك (1943-)

تعتبر لويز غلوك من أكثر الشاعرات المعاصرات إثارة للإعجاب. ولدت في مدينة نيويورك، وفازت بلقب الشاعرة الأميركية الأولى لعام 2003-2004، وترعرعت ولديها شعور مسيطر بالذنب بسبب وفاة شقيقة لها وُلدت قبلها. درست في كلية سارة لورانس وجامعة كولومبيا مع شعراء أمثال ليوني أدامز وستانلي كونيتز. يتطرق الكثير من قصائدها إلى خسارتها المأساوية. تحاول غلوك في كل كتاب من كتبها تجربة تقنيات فنية جديدة جاعلة من الصعب إعطاء وصف موجز لأعمالها. في ديوانها الشهير، "السوسن البري" (1992) تنطق مختلف أنواع الأزهار بأحاديث فردية قصيرة ميتافيزيقية. القصيدة التي حمل عنوانها الكتاب، كانت بمثابة اسكتشاف للانبعاث، وقد تقول ما قلّ ودلّ حول أعمال غلوك ككل. والسوسن البري، الزهرة الفتّانة ذات اللون الأزرق الغامق، تنمو من بصيلة تبقى في سبات طوال فصل الشتاء. تقول هذه الزهرة: "من الرهيب البقاء على قيد الحياة/كوعي/ مطمور في الأرض المظلمة".

من مركز حياتي جاء ينبوع عظيم،

بظلال اللون الأزرق الغامق

على مياه البحر ذات اللون الأزرق السماوي

بيلي كولينز (1941-)

شعر بيلي كولينز منعش يثير البهجة. يستعمل كولينز اللغة اليومية لتسجيل التفاصيل Ã‏لتي لا حصر لها للحياة اليومية، فيمزج بحرية الأحداث اليومية (الأكل، الأعمال المنزلية، الكتابة) بمراجع ثقافية. سخريته وأصالته جذبتا إليه مجموعة واسعة من القرّاء رغم ان بعضهم عاب على كولينز أسلوبه السهل، بينما كانت انطلاقته الخيالية تفتح طريقاً نحو الغموض.

أعمال كولينز هي شكل مُدجن من السريالية. أفضل قصائده تدفع الخيال بسرعة نحو سلم من الحالات السريالية المتزايدة وتقدم في النهاية هبوطاً عاطفياً، حالة نفسية يستطيع المرء ان يركن إليها. قصيدته القصيرة "الميت" المأخوذة من ديواõ‏ه "الإبحار وحيداً حول الغرفة: قصائد جديدة ومختارة" (2001)، توفّر بعض المعنى للانطلاقة الخيالية لكولينز وهبوطه اللطيف، كما لو ان طائراً جاء ليستريح.

الموتى ينظرون دوماً إلينا من فوق، كما يقولون،

بينما نرتدي أحذيتنا أو نعمل ساندويشا،ً

ينظرون من فوق عبر مراكب السماء الزجاجية القعر

وهم يجذّفون ببطء عبر الأبدية.

آني برولكس (1935-)

تصوغ آني برولكس ذات الأسلوب اللافت قصصاً حول مواطنين مكافحين من نيو إنغلاند في روايتها "أغاني القلب" (1988). تحصل أحداث أفضل رواياتها، "أخبار الشحن البحري"، في أماكن حتى أبعد شمالاً من نيو إنغلاند، في نيو فاوندلاند، بكندا. أمضت برولكس أيضاً عدة سنوات في الغرب، وأوحت إحدى قصصها القصيرة إنتاج الفيلم "بروكباك ماونتين."

ريتشارد فورد (1944-)

ولد ريتشارد فورد في ولاية ميزوري وبدأ يكتب وفق أسلوب فوكنز ولكنه يُعرف بصورة أكثر بروايته الغامضة: "محرر الأخبار الرياضية" (1986)، وبتكملتها، "يوم الاستقلال" (1995). والرواية الأخيرة تحكي قصة فرانك باسكومب، متشرد حالم ومراوغ يُعقّد كافة الأشياء التي تعطي معنى لحياته مثل ابنه، وحلمه في كتابة الروايات، وزواجه، وعشيقاته، وأصدقائه، وعمله. باسكومب شخص حساس وذكي، ويقول ان خياراته تهدف "إلى إزاحة الألم الذي يولّده الندم الرهيب." أما الفراغ الذي يعاني منه، سوية مع مراكز التسوق المجهولة الهوية، ومشاريع الإسكان الجديدة الجرداء، التي يمخر عبابها دون نهاية، حيث تشهد بصمت على رؤية فورد للحالة المَرَضية القومية.

إيمي تان (1952-)

تضم منطقة شمال كاليفورنيا إرثاً غنياً من المؤلفات الآسيوية الأميركية تشمل مواضيعها النموذجية، العائلة، وأدوار الرجل والمرأة، والصراع بين الأجيال، والبحث عن الهوية. أحد الكتاب الآسيويين الأميركيين من كاليفورنيا هي الروائية إيمي تان، التي تحولت قصتها "نادي الحظ السعيد"، التي سجلت أعلى المبيعات، إلى فيلم حقق أرقاماً قياسية لناحية من شاهدوه عام 1993. فصول الرواية المتشابكة، التي تشبه كل منها قصة، ترسم صورة أربعة وجوه مختلفة لأربع أمهات وبناتهن. روايات تان التي تقع أحداثها في الصين التاريخية، وفي الولايات المتحدة في يومنا الحاضر، تشمل رواية "الأحاسيس السرية المئة" (1995) التي تدور حول أخواتها غير الشقيقات، ورواية "ابنة مجبر العظام" (2001) حول اعتناء ابنة بوالدتها.

شيرمان الكسي (1966)

يعتبر شيرمان الكسي، الهندي الأحمر الذي ينتمي إلى قبيلة سبوكان/كوردالين، من أصغر الروائيين الأميركيين الأصليين سنا الذي حقق شهرة قومية. يسرد الكسي قصصاً غير عاطفية وهزلية عن حياة الهنود الحمر ويراقب المزيج المتنافر للتقاليد والثقافة الشعبية. دورات قصصه تشمل "موسيقى البلوز في محمية الهنود" (1995)، و"ملاكمة الخيّال المنفرد مع تونتو الهندي في السماء" (1993) التي ألهمت إنتاج الفيلم الذي يتحدث عن محميات الهنود تحت عنوان "إشارات الدخان" (1998) والذي كتب الكسي السيناريو له. آخر مجموعة له من القصص القصيرة هي "الهندي الأشد شدّة في العالم" (2000).

]كاثرين فانسبانكرين، أستاذة الإنجليزية في جامعة تامبا، ألقت محاضرات حول الأدب الأميركي في الخارج، وهي مديرة سابقة للمعهد الصيفي حول الأدب الأميركي للعلماء الدوليين الذي ترعاه مؤسسة فولبرايت. تتضمن منشوراتها الشعر والبحث العلمي. نالت شهادة البكالوريوس من جامعة كاليفورنيا، بيركلي، وشهادة الدكتوراه من جامعة هارفرد[.

(America.Gov is a product of the Bureau of International Information Programs, U.S. Department of State‏. Web site‏: http://www.america.gov‏)

****


تنيسي وليامز


تعليق



Free Dating sites

2013-08-04

Hi, I enjoy your site if I'm straightforward. Wherever did you obtain it built?

أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow