Alef Logo
ابداعات
              

آخر السندريلات

عبد الباقي قربوعة

2009-07-18


أقنعتها مرآتها الجميلة قالت لها:
- يمكنك الآن أن تدركي بأنك جميلة دون حاجة إلى السلسلة، ولا إلى تلك الساعة، ولا إلى ذاك الخاتم المتوحش الذي يريد أن يشد أصبعك أكثر مما يريد أن يدخلك إلى حياة تليق بالسندريلا..
كما تعودت اتخذت مكانها اللاّئق: مخدة مرتفعة قليلا احتياطا لتغيير وضعيتها، ومخدة أخرى مربعة إلى يسارها لتضعها فيما بعد فوق ركبتيها حتى تريح استقامة ظهرها.. الطاولة الزجاجية وضبتها كما ينبغي.. الشاي يملأ كوبها المفضل، يدها تشد شدا متينا بآلة التحكم تبحث عن الحلقة الحاسمة من فلم الحياة:
- في هذه المحطة..؟ لا إنها في محطة أخرى..! ها ذي.. نعم إنها هي..!
أغنية الجنريك تلعب دورا مهما فهي تتناسب مع وضعها النفسي:
- ( .. وينك يا سالب حياتي..؟ )
ولأن الرجل أقبل يحمل وردة حمراء وضعت آلة التحكم، ومدت يدها صوب كوب الشاي دون أن تحيد ببصرها عن التلفاز! انقطع تيار الكهرباء فجأة واختفت الأشياء التي كان يفضحها الضوء. وضعت السندريلا الوردة الحمراء جانبا واستلقت على ظهرها، عندما عادت إلى وعيها غمرها ظلام دامس، الغرفة باردة لا تتنفس.. رسمت الأشياء ظلالها الهشة عندما تسرب شعاع ذابل من خلال النافذة، الظلال كلما مرت سيارة في الشارع تحركت وبدت كأنها مطاردة في أنحاء الغرفة، تدور.. ترسم زوايا وأشكالا وخطوطا متقاطعة، الغرفة كأنها صارت تعرض درسا تطبيقيا في الهندسة، لكن السندريلا يخيفها تلاعب الأشكال تحت الأضواء الضعيفة، فهي لا تتقن إلا الشعر والقصص الجميلة، تعشق النور والوضوح.! في مخيلتها صمتت أغنية الجنريك تدريجيا، وعلمت أن لا أحد قادم ليشعل ضوءها الآخر.. شعرت بالحنين والوحشة ووجدت حجرها مبللا ينضح بالسكر، ضمت فخذيها أكثر وشعرت كأنها مطعونة، مطعونة بشيء آخر غير السكين أو الكلمة التي ينعتونها عادة بالجارحة، شكت في أن يكون الظلام أصدق من المرآة..! عندما سئمت السكون صنعت أذناها من اللاّ صوت أزيزا يرن بالخوف والرعب، لم تتبين كيف كانت وضعية النافذة قبل انقطاع تيار الكهرباء.. بدء العرق يتصبب من كل ناحية في جسدها.. في مكان التلفاز رأت بئرا سحيقا فراحت تبتعد شيئا فشيئا حتى اقتربت من الشرفة.. نزعت الشباك وغطت به فوهة البئر السحيق، ثم توارت من جديد لتكتب على ورقتها البالية عبارات مبعثرة حال الظلام دون استقامة أسطرها، عندما هرب قلمها من يدها ارتكنت في الزاوية الأخرى فرأت يدا ملونة تخرج من الدرج المقابل..! غيرت مكانها فتبادرت لها سندريلا أخرى بأناقة أجمل تقف إلى جانب السرير ثم جرت بخفة ناحية الصالون..! تقهقرت إلى الوراء خطوتين وعندما تذكرت فوهة البئر السحيق ارتمت إلى الناحية الأخرى حيث سقطت أسفل العمارة الشاهقة.


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

عراجينُ مائها الصيفي..

21-نيسان-2012

لاعبة التنس

25-آذار-2012

جَرَّةُ حَلمة

31-كانون الأول-2010

حكاية الحصان..!

21-كانون الأول-2010

حكاية الناقة

04-كانون الأول-2010

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow