Alef Logo
ابداعات
              

قصة / بيض اليمامة

غريب عسقلاني

2009-10-13


في المقهى أخذنا بعض راحة وكان ثالثنا البحر، والمرأة التي معي تركت خلفها أربعة عقود ويزيد وما زالت تحمل وجه صبية..شيء كاللّهاث تورَّد على وجنتيها، وقبل أن يتفتح برعم الابتسامة بين شفتيها سكنت في الصمت وداهمها السعال..فيما أنا مع وشيش البحر أطارد فكرة شاردة ..
وضع النادل بيننا كوبين من الشاي، وضعت هي في كفي بضع وريقات, قالت على حذر خجول :
- تقرأ فيها بعض ما يهاجسني في الليل بعيداً عن العيون .
- هل هناك من يترصدكِ ..
- اللذين هوايتهم التحديق في لحم النساء .
رقصت الابتسامة عند زاوية فمها, قلت معتذراً :
- من يراك يا سيدتي يأخذه سحر النساء ..
اتكأت على مرفقيها، بين كفيها كوب الشاي تتدفأ على بعض حرارته الذابلة، عاد السعال يضربها قبل أن تطأ عتبة البوح .. صدرها وقد أخذته الزلزلة تشبثت بلحم صدرها وتقيأت قلبها..رأيت قلبها المفقوء ينبض بالشقاوة والمرارة..ورأيت في عينيها اللوزيتين يمامة ترقد على البيض تهدل بالفرح، ورأيت قمراً يتسلل من خاصرة مثقوبة، والثقب أخدود عميق..كدت أصرخ..لكنه صوتي في جوفي ظل يتردد..
" أللعنة ما أرى..امرأة تتقيأ قلبها.."
المرأة ضبطتني وأنا أحاول عبثاً ترويض جنوني..قلت :
- من يثقب خاصرة امرأة رقيقة !
- لا تغرف في وجعي فيغادرك النهار, وترى مثلي في الليل حياة .
- الحياة يا سيدتي عتمة وضوء متواليات..هو القدر لا مفر
شخصت في المدى، وقفت عند موجه ماتت على رمال الشاطئ تمتمت، تحدث طيفا بعيداً:
- ضوء وعتمة وهروب .
- الهروب ؟ إلى أين .
- الهروب إلى الهروب .
في الهروب ذهبت يسبقها وجه طفلة مرسوم عليه وجه صبي يحمل وردة، في الهروب أصبحت امرأة معبأة بالثراء يراقصها طاووس يختال بريش الأغنياء، ضاعت المرأة مني في الزحام، وبقيت وحدي مع وشيش البحر والوريقات في كفي بيض يمامة طارت، صارت طيف امرأة في الغمام، وبقيت مع السؤال وحيرتي ..
ماذا لو فقس البيض عن أفراخ عارية ترتجف ؟
السؤال سرق مني الغفوة، عبأني بالأرق، لم يعد لي غير الليل رفيق ,فأخذت أرسم في عتمته آلاف الصور، والصور تومض مثل برق وتموت .
في الصور عادت الطفلة صبية، والصبي المرسوم على وجهها يحمل بدل الوردة دمعة..في الصور صارت الطفلة أميرة تسكن في مدار الطاووس يسكنها السعال, وفي الصور جاءت المرأة كفها مزروع في ثقب الخاصرة..سألتني :
- هل قرأت ما بين السطور؟
- ما رأيت يعلن عن جور عظيم .
وضعت راحتها على فمي..قالت وكانت واثقة :
- اليمامة لا تستقبل نطفة من ذكر عقيم .
غابت المرأة قبل بزوغ الفج..ومع الفجر طارت الأوراق مثل أفراخ اليمام, وصحوت على رنة صوتها :
- برد الشاي..أين سرحت ؟!
- كنت مع امرأة ما زالت تحمل وجه صبية
لوحت لي، قالت :
- بعد أن تقرأ أوراقي ربما يجمعنا لقاء .


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

إطار لصورة رمادية

14-نيسان-2018

إطار لصورة رمادية

30-تموز-2015

مدونات دعبول السلام

13-تشرين الأول-2012

قصة قصيرة / غيمة الدموع

16-أيلول-2012

بلورة المرجان

18-نيسان-2012

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow