Alef Logo
المرصد الصحفي
              

المومس في ميثولوجيات المنطقة

روزا ياسين حسن

2009-10-18


تعرّف الميثولوجيا كمفهوم بأنها مجموعة من الخرافات التي حكتها الأمم البائدة ضمن قوالب من السرديات التخييلية تتناسب مع العصر والمنطقة اللذين خلقت فيهما. لكنها أيضاً، وبصيغة أكثر عمقاً، تعبّر بدقة عن ثقافة عصرها ومعارفه وقيمه (1)، ويمكننا من خلال دراستها اكتشاف التاريخ الأكثر قرباً من الحقيقة. بمعنى آخر هي عاكسة لمجموعة الأنظمة الاجتماعية والثقافية السائدة، ومكثّفة لفلسفات الشعوب ومحاولاتها الفكرية الأولى وتفسيراتها لظواهر الطبيعة غير المفسّرة علمياً.
يمكننا اعتبار الميثولوجيا إذاً بمثابة الرابط بين التاريخ الشخصي والتاريخ الجمعي للمجتمع الافتراضي الذي تخيّله سارد النص، كما يرى إريك فروم في كتابه اللغة المنسية، بالتالي يغدو التاريخ القديم والميثولوجيا وجهين لشيء واحد، مما يجعلنا مضطرين لقراءتهما بشكل متكامل وإلا غدت قراءتنا لأي منهما على حدة منقوصة. وربما كان وصف الميثولوجيا بأنها أشبه بـ: "حفرية حية"(2) شديد القرب من الحقيقة رغم أنها تأكل بعضها وتتناسخ وتتكرر إلا أن لها تاريخاً حياً يمكن قراءته في تفاصيلها التكوينية.
بناء على جملة الأفكار السابقة كان البحث عن تفاصيل تخصّ المومس في الميثولوجيا جزءاً متكاملاً مع تاريخية فكرة البغاء. واستكمالاً لذلك كان من الضروري البحث في الميثولوجيا باعتبارها تاريخاً والبحث في التاريخ باعتباره ميثولوجيا، خصوصاً أن الأخيرة تكتنف حقائق يمكن أن نكتشفها بوضوح إذا ربطناها بشرطها التاريخي.

عبادة الزهرة/ الربة الأنثى:
كما أوردت آنفاً يشكّل توالد الميثولوجيات من بعضها البعض السمة الغالبة التي من الممكن لمسها فيما يخصّ عبادة الأنثى في الشرق القديم، وما نتج عنها من معتقدات وإجراءات طقوسية. ذلك أن عبادة الأنثى كانت أول عبادة في تاريخ الديانات الشرقية، ويمكننا فهم المسألة من خلال التشابه الذي لمسته الحضارات القديمة بين المرأة والطبيعة/ الأم المسيطرة، حيث تتشاركان في الخصب بالدرجة الأولى ومن ثم في تشابه وظائف المرأة البيولوجية مع وظائف الطبيعة(3)، حيث تبدو عبادة القمر وعبادة الزهرة متشابهتين باعتبارهما معبّرتين عن الأنثى وخصائصها. عبادة الزهرة، على سبيل المثال، كانت قائمة باعتبارها ربة اللذة والحب الشهواني، وربما الخصب في بعض الأحيان، وقد نشأت منذ الملحمة السومرية في بلاد الرافدين حين كانت الربة إينانا تتربع على عرش الألهة. واسم إينانا يعني سيدة السماء، حيث (إن) باللغة السومرية تعني السيدة و(آن) تعني السماء(4). ثم أعاد البابليون صياغة تلك العبادة بربة موازية هي عشتار، ربة العشق وملكة اللذة التي تحب المتعة والفرح، حيث ارتبطت عبادتها بقيمة اجتماعية دينية، ومهنة مثلى إن صح التعبير، تتمثلان فيما سمّي: العاهرات المقدسات، المعروفات باسم عشتاريتو أي العشتاريات(5). أولئك المومسات عملن على وهب أجسادهن في المعابد لكل راغب كطقس عبادة مقدسة. لم يكن الأمر وقتئذ مرتبطاً بالإثم بل على العكس كانت تلك المهنة الأقدم مثار فخر لممتهنتها، حتى أن البغايا المقدسات كن يسمين في بابل: الطاهرات الإلاهيات. مما حدا بالقانون الاجتماعي اللاهوتي السائد إلى وضع عقاب صارم لكل من تسوّل له نفسه الحطّ من قدر أولئك المقدسات(6). أما لدى الآشوريين فقد أضيف إلى صفات الربة عشتار صفة أخرى فأصبحت ربة الحرب واللذة والحب والخصب، وذلك إذا أخذنا بعين الاعتبار طبيعة الشعب الآشوري المحاربة.
مع الفتوحات البابلية والآشورية رحلت عبادة الزهرة مع الرافديين إلى سورية، فأصبحت في بلاد كنعان باسم عنات، أو باللسان الكنعاني أنات بمعنى: الأنوثة. أما في فينيقيا شمالاً فقد بقي اسمها الآشوري إستار، ومن هناك عبرت البحر مع التجارة الفينيقية إلى اليونان لتصبح أثينا أو أفروديت، وإلى روما باسم فينوس.
ربما كان تمجيد عبادة الأنثى متزامناً منذ بدئه مع سيطرة المجتمعات المتريركية على الأرض، حيث لم يخضع البشر وحدهم لنزوات الربة بل الحيوان كذلك، حتى استطاعت أن تجبّ اختصاصات سواها من المعبودات لدى السومريين والأكاديين والآشوريين الأوائل. وقد تكون معرفة أهل جزيرة العرب بعلوم ممالك الرافدينوعباداتها قد أتت عن طريق الصابئة الذين وفدوا من العراق نحو الجزيرة، وقد وجد الباحثون مؤخراً أن صابئة الجزيرة العربية هم على مذهب الكلدانيين القدماء(7)، هذا ما يفسر لنا بشكل ما محاولات بعض الأنثروبولوجيين للتأكيد على أن الربة العزى هي الزهرة نفسها، ومنهم فلهاوزن، الذي يعتبر من أكثر المستشرقين المهتمين بعبادات أهل جزيرة العرب قبل الإسلام، وقبله المؤرخ الروماني القديم بروكبيوس. يورد فلهاوزن إنه قد جاء في كتابات اسحق الإنطاكي، في القرن الخامس الميلادي، أن العرب كانوا يعبدون آلهة تسمى (بلتيس)(8)، وهي الزهرة ذاتها أو العزى، حيث كان لها طوطم أو رمز تحمله العرب في حروبها، وهي خاصية تتفق مع خواص الزهرة عند أهل الرافدين. وتمثلت تلك العبادة أيضاً في ثالوث ربوبي أنثوي: اللات ومناة والعزى. وكان لقبائل عاد المندثرة، على سبيل المثال لا الحصر، أصنام يعبدونها تسمى: صداء وبغاء وصمود، ولربما ظهرت لنا معان واضحة لدلالة الأسماء: لنا صنم يقال له صمود يقابله صداء والبغاء9.
ثالوث اللذة والخصب والعذرية:
هناك اختلافات ينبغي ألا يتم إغفالها بين طبيعة الخصوبة والولادة عند الأنثى/ الربة القديمة وبين المتعة الجنسية والعذرية. أي أن فكرة المتعة الجنسية، التي كانت المومسات المقدسات يهبنها، لم تكن بالضرورة مرتبطة بكون المومس أماً. ففي قيامة أدونيس (تموز) وفي مختلف مناطق الشرق كان على النساء ممارسة البغاء، كطقس خصوبة جماعي، ومن كانت تقبل من البابليات على سبيل المثال بحلق شعرها كانت تعفى من ممارسة البغاء الإلزامي، أي أنها كانت تقدم شعرها نيابة عن جسدها(10). أما الآشوريات فقد كان عليهن أن يذهبن إلى معبد عشتار ولو لمرة واحدة في حياتهن كي يضاجعن غريباً.
يورد أبو التاريخ هيرودوت، المؤرخ اليوناني الشهير، في أحد المقاطع: (وبين هؤلاء القوم (البابليين) عادة مخجلة خلاصتها أن من واجب كل امرأة في هذا البلد أن تذهب مرة في حياتها إلى معبد عشتاروت فتسلم نفسها هناك إلى رجل غريب (…) وعليها الذهاب مع أول رجل غريب يلقي إليها بقطعة الفضة، وعندما تضطجع معه تكون قد أدت واجبها نحو السيدة (عشتروت) فتعود إلى بيتها بحيث يغدو من المستحيل إغراؤها بالمال أو بغيره)(11). أما القطعة النقدية تلك فتبقى في المعبد كقربان للآلهة. إلا أن جان بوتيرو(12) يرى أن هيرودوت كان خاطئاً في كتابه: تواريخ، وبأنه ليس هناك أي أثر للعرف القائل بممارسة جميع نساء البلد للبغاء مرة على الأقل. لكن الميثولوجيا عملت على توثيق اغتصاب الملك جلجامش للنساء، والعذراوات منهن على وجه الخصوص، ويعتقد فراس السواح أن مدينة أور ربما تكون قد عرفت كبعض حضارات شرق المتوسط حق الليلة الاولى(13) وذلك قبل أن ينشغل جلجامش بوهم الخلود وبناء التحصينات والجيوش المقاتلة.
أما في مصر القديمة، وحتى أوائل العصر الميلادي، فقد كانت الفتيات الجميلات من الأسر النبيلة يلزمن وظائفهن تلك حتى يراهقن (ويقصد بها البغاء في المعابد)، وبعد المراهقة كن يتزوجن، وكانت تقام لهن طقوس الحداد كأنهن متن(14).

في السياق ذاته يوثّق ول ديورانت في موسوعته قصة الحضارة: (أن أفضل قربان كان يقدم للزهرة هو بكارة الأنثى. ولم تكن التضحية بالبكارة في الهياكل عملاً يتقرب به من الربة عشتروت فحسب بل كان فوق ذلك مشاركة لها في التهتك الذي يرجى منه أن يوحى إلى الأرض إيحاء قوياً لا تستطيع مقاومته، وأن يضمن تكاثر النبات والحيوان والإنسان)(15).

في محاولة لتفكيك الفكرة فقد كانت تمثّل قيمة أساسية هي عدم ملكية رجل واحد لجسد المرأة. الأمر ذاته يوصلنا إلى ممارسة كانت سائدة هي حق التفخذ، أو افتراع الليلة الأولى، وهي ضرورة فضّ بكارة العروس من قبل غريب قبل زوجها، ثم فيما بعد أضحت حق السيد المالك في التمتع بأي عروس ضمن ملكه في ليلة العرس. وربما كان ذلك مندرجاً ضمن فكرة أن المجتمع يريد إفهام الزوج بأن زوجته ليست ملكية له وحده، وأن البكارة، كما أورد ديورانت آنفاً، قربان رباني للآلهة الأنثى، على الرغم من أن تلك الممارسة استمرت بعد نهاية العصر المتريركي بزمن طويل حتى أن حق التفخذ ظل مبرراً في بعض الإقطاعيات والملكيات حتى نهايات القرن الثامن عشر(16).

رغم كل ما سبق فإن ترابط فكرة الأم والمومس كانت مطروحة، حتى أن هناك الكثير من ربات الخصب كن يعتبرن مومسات، وتمارس شعائر عباداتهن في المعابد على هذا الأساس. وفي الميثولوجيا الفرعونية تمثل الربة إيزيس، وهي ركن من أركان الثالوث الفرعوني المقدس (أوزيريس/ إيزيس/ حدد)، فكرة الأم والمومس معاً، فهي امرأة سماوية ترمز لكل ما هو نسوي، وكذلك هي عذراء أتت بابنها حدد دون زواج، وهي مومس فاتنة في النهاية(17). وفي الفكرة ذاتها يرى فراس السواح أن لقب الربة عشتار كان العذراء والعذرية جوهرها (على الرغم من أنها ترمز للجنس والحب والإخصاب فهذا الجوهر الذي لا يبدده لقاء عابر ولا حمل ولا ولادة، وتبقى عذريتها رغم إخصابها الأبدي الذي لا يمسه عرض زائل)(18).
وهي في صفتها الأرقى، إضافة إلى صفاتها السابقة، معلمة للمتعة الجنسية: (هي التي بنفختها البارعة، تخترق الدم والروح لتمارس على النسل تأثيرها الخفي. عبر السموات، وعبر الأرضين، وعبر البحر الأسمى، شقت طريقاً لا تتوقف عن إغراقه ببذور الحياة […]، وبناء على أمرها، تعلّم العالم كيف يتوالد)(19). ويبدو متكرراً في الميثولوجيا السومرية والبابلية وغيرها من الميثولوجيات القديمة فكرة أن الربة الأنثى تعلّم فنون الحب والخصب للناس الفانين. ومن المعروف كيف بعثت الربة عشتار بمومس فاتنة ومجرّبة لتهذب وحشية أنكيدو في ملحمة جلجامش، حيث علّمته وظيفة المرأة وجعلته يقع في حبها(20).
لكن ربات اللذة في النهاية كن مرتبطات بشكل من الأشكال بالخصوبة الكونية، فأفروديت تعني البطن، واسم عشتار من ذات الكلمة Ush-tar بمعنى رحم Uterus. والجذر السامي Q.D.SH بمعنى مقدس، وهو على الأخص عبارة تعني الخصوبة، وبصورة خاصة أكثر الرحم L’Uterus قدس الأقداس من المرأة والمعبد الداخلي من الهيكل(21).

البغاء كوظيفة مقدسة:
الجزء الأساسي من عبادة ربات الحب واللذة والخصب كان البغاء المقدس، كما قلت آنفاً، حتى أن المعابد التي مورس فيها ارتبطت بالنذور وفاء لأرباب وربات الحب: آمون في قصر حريمه في طيبة، ومردوك وعشتار في بابل، ويهوه في أورشليم وغيرهم، كلهم جنوا المال من وراء ممارسة البغاء، فقد كان أشبه بوظيفه دينية منها بأي شيء آخر2(22).
بالنسبة لجيمس فريزر فإن الدالة الكبرى على كون البغاء وظيفة دينية أكثر منها وظيفة اجتماعية هو ممارسة النساء المتزوجات للبغاء المقدس، وذلك في هيليو بوليس (بعلبك) وفي بابل وبيبلوس. ويقول النبي حرزيا: (إن صبايا اليهود المتزوجات كن يزنين في الهياكل المشيّدة على قمم التلال، في ظلال أشجار السنديان والحور)، ولا يذكر أن العذارى يشتركن في حفلات الفجور هذه.(23) وفي أسفار التثنية، الأحبار، الملوك الأول نرى أن إسرائيل قد مارست طقوس الزنا المقدس: (تحت كل شجرة خضراء)(24). أما أجور البغايا المقدسات في فلسطين، كما غيرها من البلدان المحيطة، فقد كانت تقدم للإله كحقّ من حقوقه، إذ كان يفرض الجزية على النساء والرجال وعلى القطعان والحقول. حيث يخبرنا الكتاب العبراني إنه كان في الهيكل بغايا وبغاة مكرسين للطقوس الدينية ولخدمة يهوه، الذكور يسمون بالعبرانية (قادش) والإناث (قادشاه)، حيث تجلب المتع الجنسية التي يوفرونها للقادمين دخلا للقيام بواجبات الهيكل. وقودشيم أو قادوش قد تعني أيضاً لواطيين كانوا يقومون بالعمل ذاته. من المفسّر اليوم أن يتم ذم الموضوع في الكتاب العبراني، لكن من المفيد معرفة أن كلمة (قادش) العبرانية كانت تعني: المقدّس. أما حين ستبدأ الأنظمة الأمومية بالانحسار، في فترة زمنية لاحقة، فسيتم تحريم إدخال المال من البغاء إلى المعابد. ويرى جيمس فريزر(25) أن الرجال المقدسين في هيكل أورشليم أيام المملكة اليهودية عملوا على حظر إدخال أجور البغاء إلى بيت الله، ويبدو من الواضح أن الإجراء كان موجهاً ضد عادة متبعة.
يروي هيرودوت، في خدمة للفكرة ذاتها، أن الفرعون شيوبث دفع ابنته هونتسن إلى البغاء في أرض مصر القديمة، وذلك لكي تجمع له الأموال اللازمة لدفع أجور عمال الأهرام. وهونتسن التي فكرت أن تترك للأجيال القادمة إرثاً منها طلبت، إضافة إلى الثمن المطلوب من قبل والدها، أن يقدم كل رجل يعاشرها حجراً، وبواسطة تلك الحجارة المتزايدة شيّدت هرماً صغيراً وسط مجموعة الأهرامات الثلاثة(26). الهرم ذاك غير موجود الآن، لكن وجوده الفيزيائي ليس هو المهم بل الفكرة التي تؤدي إلى أن البغاء مورس من أجل الملكية أيضاً وليس كطقس للعبادة فحسب أو وفاء للذة المقدسة.
أما في الجزيرة العربية قبل الإسلام فكان يمكن لمجموعة من الرجال أن يتشاركوا في الزواج من امرأة، حيث تضع علماً على باب خيمتها للدلالة على رغبتها المقدسة، ويعاشرونها حتى تحبل وتلد، ثم تنتقي المرأة الزوج الذي تريده لتتزوجه، وينبغي عليه أن يخضع لرغبتها وانتقائها. لكن ثمة معلومة ربما عملت على إثارة بعض الأسئلة لدينا وهي أن جذر كلمة (قحبة) في اللغة العربية، والتي لا تعني اليوم سوى الفاجرة الفاسدة أو البغي، آت من سعل وبمصدرها سعال، وربما كان المعنى مرتبطاً بأنه كان على الرجل الجاهلي الراغب في معاشرة المرأة أن يسعل على باب خيمتها قبل الدخول للدلالة على حضوره، ثم حرّف معنى الكلمة من ضمن كثير من التحريفات المضادة للمرأة وطقوسها قبلاً.

حكاية الربات المقدسات حين ينقلبن إلى فاجرات
قوة الملوك في البغاء:
في معظم الميثولوجيات القديمة روايات عن إقامة حفلات طقسية ذات أهمية استثنائية عند تلك الشعوب ومنها حفلات الجنس الجماعيّ، حيث كانت معاشرة البغي الكاهنة تعتبر قوّة ما بعدها قوّة. الأمر يبدو واضحاً في الميثولوجيا الآشورية مثلاً ففي أوّل أيّام السنة الآشورية كان على الملك أن يتنازل عن عرشه، ولا يستعيده إلا إذا نام في فراش عشتار الكاهنة/ البغي المقدّسة، وفي تلّ أسمرا وُجدت تماثيل لقرانِ الملك مع الربّة الذي قد يصل إلى ما يمكن تسميته الزواج المقدّس والذي أثبت وجوده تاريخياً، وسنرى بعد قليل تمظهراته في الأسطورة، في مدينة أور في نهاية الألف الثالثة ومن جهة أخرى في مدينة نينوى في الربع الثاني من الألف الأولى1. في الحالة الأولى كان الاحتفال يمثّل بواقعية، فالملك/ ممثّل الربّ ينام مع الكاهنة/ ممثّلة الربّة، ويتمّ كلّ ذلك مع أغنيات حبّ مؤثّرة ألّفت من أجل العيد. أمّا في نينوى فيجلب تمثال الإله ليستريح في غرفة المعبد فوق سرير الزفاف بجانب تمثال الربّة ويتركان معاً طيلة الليل. ذلك أنّ الآلهة كانت ممثلة دوماً في بدائل بشرية (وأحياناً حيوانية في تمظهراتها الطوطمية) أو في تماثيلها التي تؤمّن الحضور الحقيقيّ لتلك الآلهة2. وقد وُجدت حول المعابد الآشورية مجموعة تماثيل صغيرة لنساء عاريات ذوات فروج ناتئة، صنّفها علماء الآثار كربّات أمّهات، ومع ذلك تسمح كثرتها بافتراض أنّها كانت تمثّل مؤمنات بسيطات خاضعات للبغاء الطقوسيّ.
من الممكن كذلك مقارنة طقوس الزواج المذكورة في السفر الشهير المعروف بنشيد الإنشاد في كتاب العهد القديم، والمنسوب للملك سليمان، مع طقس عشتار المسمّى الزواج المقدّس، بين الملك والكاهنة الكبرى للبغايا المقدّسات3. ويبدو نشيد الإنشاد الذي تنضح محتوياته بالغزل المكشوف والبديع غير متناسب البتّة مع طبيعة التوراة عموماً وتزمّتها الواضح، ممّا يجعل الفكرة القائلة بنسبه إلى ميثولوجيات المنطقة أمراً منطقياً.

الربّات المومسات:
كما بدا فإنّ البغاء المقدس لم يكن يتعلّق بالجنس واللذّة فقط، فالمشاركة الحاصلة مع الألوهة يمكن أن تكون مبتعدة عن الحساسية الجنسية ابتعاد تناول القربان عن الجوع. ففي الرُّقُمِ السّومرية تمثّل الربّة إينانا البغي المقدّسة باعتبارها سيّدة الدافع الجنسيّ، وتحمل كلّ كاهناتها اللقب ذاته. وتقود الإلهة ننشوبور، وزيرة إنانا الأمينة، الملك السومري إلى حضن عروسه ملتمسة منها أن تبارك له بكل ما يلزم لكي يكون حكمه سعيداً: سلطة سياسية قوية على بلاد سومر وما جاورها، إنتاجية في التربة وخصوبة في الرحم4.
استكمالاً للفكرة وفي مقالة بعنوان: (يهوه الإله الزاني الذي أصبح روحانياً) كتبها والتر رَينهولد دي لا تورّي، يكتب الباحث عن البغاء الطقسي في بلاد ما بين النهرين فيقول: (إنّ البغايا مذكورات برفقة مجموعات مختلفة من النساء المرتبطات لدرجة ما بنشاطات دينية. يبدو أنّ إنانا/عشتار قد قُدّمت كإلهة حامية للبغايا. تشير الإلهة إلى نفسها كبغي في الأغاني الطقسية، ويستعار مصطلح حانة لتسمية معبدها)5.
في ذلك العصر الذي كانت فيه الآلهة تمارس الحبّ والجنس المتهتّك كان الأمر بمثابة مبرّر للبشر كي يعيشوا كما تعيش الآلهة، أي أنّ غراميات الآلهة كانت عاكسة للسلوك السيسيولوجي والإيروسي البشريّ، فلم تكن فكرة الذنب والخطيئة قد اخترعت بعد، وهذا لا يعني بحال أنّها كانت حياة بدون أخلاق لكنها كانت حياة بدون إثم حتّى مجيء الأديان السماوية. والدليل على ذلك أنّ بعض البغايا المقدّسات وصلن إلى أعلى المراتب السياسية حيث استمتع الإسكندر المقدوني بهنّ وساعد بعضهنّ على ارتقاء العروش، من أمثال أكهاتوسليا Aghathocleia ووبيليستيكهيه اللتين حكمتا عرش مصر.
ولم يكن الأمر بعيداً عن ذلك في الجزيرة العربية قبل مجيء الإسلام، فآساف بن يعلى ونائلة بنت زيد المعبودان الشهيران6 مارسا الزنا المقدس داخل الكعبة، بحسب المشهور من المرويات العربية والإسلامية، فمسخهما الله صنمين. لكنّ أساف ونائلة كانا صنمين مقدّسين، حيث أساف المعبود الذكر المقيم على جبل الصفا ونائلة المعبودة الأنثى على جبل المروة، وكدلالة على تقديس (الجاهليين) لذلك الحبّ المقترن بلذّة الجسد بين الشابّين عومل الجبلان أيضاً كمكانين مقدّسين يسعى الجاهليون بينهما في سبعة أشواط ويتمسّحون بهما. أساف ونائلة مثّلا، على عكس ما ترسّخ فيما بعد، عبادة جنسية مقدّسة سادت في جزيرة العرب. وسيّد القمني يذكر لنا عدة علامات على وجود عبادات مشابهة في المنطقة7.

تحويرات الميثولوجيا وانقلاب مكانة المومس:
حاول الكثير من الأنثروبولوجيين أن يبيّنوا الفروقات الحاصلة في الأساطير على مدار أزمنة تدوينها، الأمر الذي عكس تأثير الأنظمة السيسيولوجية والثيولوجية والاقتصادية وحتى السياسية عليها. وربما استطعنا نظرياً تقسيم الأسطورة إلى قسمين: متريركي وبطريركي. واعتماداً على هذا التقسيم سنلاحظ تغّيراً واضحاً، ومتدرّجاً بالتأكيد، في مكانة المومس في الميثولوجيا، الفكرة التي تتعلق بشكل وثيق بمكانة المرأة عموماً. ففي الميثولوجيات البدئية، حين لم تكن فاعلية الرجل في عملية الخلق معروفة بشكل علميّ دقيق، كان الخلق منوطاً بالأنثى فحسب، بالإضافة إلى ظروف التجمعات البشرية التي لم تكن قد عملت على بناء الدول الكبرى وبالتالي لم يكن تفوّق القوة الذكورية وسيطرتها على القوى الطبيعية/ ممثلة الأنوثة قد ساد بعد.
لكن تلك الفترة الذهبية للأنوثة انقلبت حين راح دور الذكر يتوضّح في عملية الخصب. وأتى بالتالي مفهوم الملكية الخاصة المترافق مع بناء الدول العسكرية والعروش البطريركية، والسيرورة المنطقية لذلك من جيوش وحروب لحماية تلك الدول، وذلك منذ بداية الكتابة التصويرية حوالي 3200 ق.م. انقلبت القيم المجتمعية بالتوازي مع تلك التغييرات لجهة تقديس الذكر ونشوء العبادة القضيبية بالمقابل، ومنها عبادة باخوس التي وجدت في سورية8. وانحسرت ممارسات اللواطة المقدسة حين صار يناط بالذكر قيمة دينية، ولم يعد معنى القضيب مقتصراً على الجنسية بل أضحى رمزاً للرجولة العليا وتجسيداً لفضيلة الرجل. وتبدو الملحمة البابلية الشهيرة: (الإينوما إيليش) ممثلة ومكثفة لكل تلك التحولات، حيث يقوم الإله الذكر مردوك بقتل الإلهة الأنثى تعامة (الربّة الأم) ثم يقوم وحده بالخلق9! وربما كانت هناك دلالات لربط زمن كتابتها المقدر بمجيء حمورابي إلى عرش بابل وبسط سيطرته على معظم المدن المجاورة ليخضعها لثقافته الجديدة التي أطلق عليها: ثقافة" الأدنون والأعلون"10، حيث ميّز حمورابي البغايا المقدّسات في بابل في طبقات، وانتهى ليقرّر إمكانية زواجهنّ، بعد أن كان محرّماً عليهن قبلاً، وكان عليهنّ تحت قانونه أن يتزوّجن من آشوريين فحسب، وأن يبقين محجّبات في الشوارع. الإجحاف والذلّ اللذين مورسا على العاهرات المقدّسات أيام الدولة البابلية وصل إلى درجة أنّ الكاهنة الكبرى، التي توجد على رأس بغايا بابل، تلك التي أمضت الليالي في الغرفة الزوجية على قمّة الزيقورة يجب ألا يكون لها ذرية، حسب قانون حمورابي.
صارت المرأة إذاً جزءاً من أملاك الرجل، كالأرض والسلاح والحيوانات، والبغاء أرذل الرذائل على الرغم من بقاء بعض الممارسات المتعلقة به حتى وقت متأخّر. كما جرّدت المرأة من لواء العلم وكثرت الدعوات لنبذ المرأة الكاهنة/ حاملة العلم، ومنهنّ تلك التي تعمل على تلقين فنون الجنس واللذة والحبّ11، باعتبار أنّ العلم صار حكراً على الكهنوت الذكوريّ. المعرفة أضحت إثماً وكثيرة الأمثلة في الميثولوجيا التي تحمّل المرأة العارفة مسؤولية الخراب والموت، كما حملت كلّ الأديان السماوية حوّاء مسؤولية طرد آدم من الفردوس بسبب معرفتها، وليس بخاف ارتباط المعرفة هنا بالكشف الجنسيّ والاطلاع على لذّة الجسد.
يبدو التحوّل الذي تحدثت عنه واضحاً في أسطورة الربّة ليليت12، وهي ربة المهد والزوجة الأولى لآدم قبل حواء، والتي لم تخلق من ضلعه بل مثله من الطين، وهربت من الجنة حفاظاً على حريتها سارقة معها مفتاح الفردوس. ليليت هي المرأة القوية المساوية للرجل والتي استبدلت فيما بعد بالمرأة المطيعة التابعة: حواء. ثم عملت الميثولوجيات المنقلبة مع الشرط التاريخي البطريركي إلى تشويه صورة ليليت وسمعتها. فتحوّلت من ربة للجمال ومومس مقدّسة وأمّ رؤوم (ربّة للمهد) إلى ساقطة فاجرة وشريرة تغوي الرجال في الخرائب لتضاجعهم ثمّ تقتلهم ليلاً. كما تحوّلت إلى ساحرة شمطاء تخنق الأطفال في المهود، لتضحي ميدوسا بشعرها من الأفاعي السامة إحدى نسخ ليليت المتأخّرة، كما صار يطلق عليها ساحرة الليل القميئة والمومس المشؤومة وما إلى ذلك.
هذا الانقلاب في النظرة إلى غواية الأنوثة وقدسيتها، التي كان مرتبطة بشكل ما مع تقديس المومس، يبدو واضحاً أيضاً في أسطورة جلجامش، التي تعتبر مع الإينوما إيليش من أنصع الأمثلة على سيطرة الثقافة الذكورية في الشرق القديم، حيث يرفض الملك جلجامش الاقتران بالربّة عشتار، بعد أن كان الاقتران بها غاية أيّ ملك، ويشتمها طاعناً في شرفها حيث يقول: تعالي أفضح لك حكايا عشاقك13.
فيما يقوم إيرا إله الطاعون والأوبئة الفتاكة البابلي، في حدث دالّ، بتدمير بابل والقضاء على سكانها، ثم ينتقل إلى مدينة إيريك مدينة البغايا المقدّسات والغلمان والمخصيين واللواطيين14 حيث معبد عشتار بما فيه من مخنثين نالت الربّة من رجولتهم فيهدم المدينة ومعابدها.
مع الزمن صار اسم المومس مرتبطاً بالموت بعد أن كان يهب الحياة، لأنّ منيّ الذكر (المقدس)، الذي صار نسب الأولاد عائداً إليه، لن يحفظ في رحم مومس، وبالتالي أضحى اسمها مرتبطاً بالعقم أيضاً بعد أن كان رمزاً للخصب والحب، فالذكر المسيطر لن يرضى (بمستودع) لخلق أولاده غير مملوك له بالكامل!!. وفي المؤسسات البطريريكية صارت المحرّمات والعقوبات تزداد شيئاً فشيئاً في ظلّ ذلك الانقلاب الدينيّ المتدرج ولكن شديد الراديكالية، وكان على المظهر الديني الأخير من الملكية الجماعية للنساء أن يزول تباعاً. فيمنع في سفر التثنية إدخال (أجرة زانية ولا ثمن كلب (لواطي) إلى بيت الربّ إلهك عن نذر ما لأنهما كليهما رجس لدى الربّ إلهك).
مع نهاية العالم القديم انتهى الأمر إلى عدم افتراض سوى أسباب دنيوية للبغاء مرتبطة بشكل وثيق بالانحطاط الأخلاقي والفجور والانحلال التي أخذت الأديان السماوية على عاتقها تطهير البشرية الآثمة منها.
في النهاية كانت ثمّة فكرة جديرة بالقول اصطدمت بها أثناء البحث، ربما استطعت إنهاءه بها، هي معلومة غريبة قد تقنعنا بأنّ الحياة البشرية ما هي إلا ذاكرة متوالدة متوالية، والفكرة تتمثل في قيام بعض الجماعات السرية الحديثة اليوم بالعودة إلى خلق فكرة البغاء المقدّس، كأنّ المومس المقدّسة تستيقظ من جديد، مثل جماعة الحدّ الثالث للتثليث15 (Troisieme Germe de la trinite’) التي راحت تطبّق قداساً ذهبياً بطريقة خاصة نسبياً، حيث تأخذ كاهنة للحبّ فيه دور بغي مقدسة. وسأكتفي بإيراد جزء من معتقدهم كدلالة على قربه من فكرة البغاء قديماً، حيث يرون بأنّ تلك البغي المقدسة (لا تقدم فرجها من أجل لذتها الأنانية، ولا من أجل إشباع هوى دنيء، ولا بهدف تلذذ عابر، وإنما كصلاة وكتقدمة لتحقيق المثل الأعلى).
الهوامش:
1 - انظر كتاب الأسطورة والتراث، سيد القمني، المركز المصري لبحوث الحضارة، ط3 القاهرة 1999، ص25
2 - المرجع السابق، ص25
3 - انظر لغز عشتار، فراس السواح، دار الكندي للترجمة والنشر ط3 1988.
4 - انظر طقوس الجنس المقدس عند السومريين، س. كريمر، ت: نهاد خياطة، ط2 دار علاء الدين، دمشق 1993
5 - الأسطورة والتراث، مرجع مذكور، ص75، وكذلك انظر لغز عشتار، مرجع مذكور.
6 - المرجع السابق، الصفحة ذاتها.
7 - انظر في طريق الميثولوجيا عند العرب، محمود سليم الحوت، دار النهار، بيروت، ط2 1969، ص82
8 - الأسطورة والتراث، مرجع مذكور، ص85-86
9 - انظر الفلكلور والأساطير العربية، شوقي عبد الحكيم، دار ابن خلدون، بيروت 1978، ص 95
10 - لغز عشتار، مرجع مذكور.
11 - انظر تاريخ الله، جورجي كنعان، الندوة الكنعانية، دمشق، ط2 1990
12 - انظر بابل والكتاب المقدس، جان بوتيرو، محاورات مع: إيلين مونساكريه، ترجمة روز مخلوف، دار كنعان، دمشق 2000، ص212
13 - انظر ملحمة جلجامش، فراس السواح،
14 - انظر أدونيس أو تموز، جيمس فريزر، ت: جبرا ابراهيم جبرا، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط2 1979، ص71
15 - انظر ول. ديورانت، قصة الحضارة، ترجمة: محمد بدران، الإدارة الثثقافية بالجامعة العربية، القاهرة ط3 1961 المجلد الأول.
16 - انظر العشق الجنسي والمقدس، فيليب كامبي، ت: عبد الهادي عباس، دار الحصاد، دمشق 1992، ص31
17 - المرجع السابق، ص 22، وكذلك انظر أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة، د. سيد محمود القمني، دار الفكر، القاهرة، ط1 1988
18 - انظر مغامرة العقل الأولى، فراس السواح، منشورات اتحاد الكتاب العرب، ط1 1976 والطبعة اللاحقة الصادرة عن دار الكلمة، بيروت 1980، ص247
19 - العشق الجنسي والمقدس، مرجع مذكور، ص22
20 - أسطورة جلجامش، مرجع مذكور.
21 - العشق الجنسي والمقدس، مرجع مذكور، ص120
22 - المرجع السابق، ص35
23 - أدونيس أو تموز، مرجع مذكور، ص 22Full Screen
24 - من سفر التثنية.
25 - أدونيس وتمور، مرجع مذكور، ص 60 وص 70- 71
26 - المرجع السابق، ص 39

الهوامش:
حكاية الربات المقدسات حين ينقلبن إلى فاجرات

1 - بابل والكتاب المقدس، مرجع مذكور، ص 193
2 - المرجع السابق.، ص 194
3 - قصة الحضارة، مرجع مذكور.
4 - طقوس الجنس المقدس عند السومريين، مرجع مذكور، ص 123
5 - مقالة منشورة بتاريخ 23/أيلول/2005 في موقع شبكة الملحدين العرب الإلكتروني.
6 - انظر الأساطير والخرافات عند العرب، د. محمد عبد المعيد خان، دار الحداثة، بيروت ط2، 1980
7 - الاسطورة والتراث، مرجع مذكور، ص162
8- العشق الجنسي والمقدس، مرجع مذكور
9 - مغامرة العقل الأولى، مرجع مذكور.
10 - انظر التشريعات البابلية، عبد الحكيم الذنون، دار علاء الدين، دمشق 1992
11 - انظر ليليت والحركة النسوية الحديثة، حنا عبود، منشورات وزراة الثقافة، دمشق 2007
12- ليليت والحركة النسوية الحديثة، مرجع مذكور.
13 - اسطورة جلجامش، مصدر مذكور.
14 - مغامرة العقل الأولى، مرجع مذكور.
15 - العشق الجنسي والمقدس، مرجع مذكور، ص120
نشر في موقع الأوان






تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

عن إرث قاتل سموه ذاكرة

09-تشرين الثاني-2019

حكاية (أبو حاتم): أشياء عن الكرامة والحب

15-كانون الثاني-2013

ثقافة المجازر في سوريا: ألبومات للموتى

07-تشرين الأول-2012

نبض الروح

04-تشرين الأول-2012

إنهم السوريون وهم يحصون مجازرهم

28-آب-2012

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow