Alef Logo
ابداعات
              

الطريق

فرج بيرقدار

2009-11-13


خاص ألف
أخذتُ معي وتراً
وكتاباً
وسَيْفَا
ويمَّمتُ شطرَ الذي ليس يظهرُ
إلا ليفضحني
ويقول: اشهدوا
كلما نَشَزَتْ
طعنةٌ بين جنبيهِ
كيف يميل إلى طعنةٍ بعدها
وهو يُضمِر ثالثةً ستليها
لينسى جراحاً أشدَّ
وأخفى.
* * *
أخذتُ معي حزنَ أمي
وأحلامها
وتركتُ ورائيَ قلبي
يكفكف خطواً شجيَّ التقاسيم
خطواً شهيدَ مقامين
( أعني الهوى والنوى )
ويعود إلى أهلهِ
قبلَ أن تُظلِم العين
هل كان يبكي؟
سلامٌ على وَجْدِهِ
كلَّ بينٍ وبينْ.
إلى أين هذا الصهيل الذي
في دمي!
والقتيلُ الذي في فمي
والدليلُ الذي لانبوَّةَ أوجع منهُ
وهذا الطريق إلى أينْ؟!
طويلٌ إلى آخر اللهِ
يمضي ولا يتلفَّتُ..
ما أشبهَ الجمرَ بالجمرِ
والكفرَ بالكفرِ
والشِّمرَ بالشِّمرِ
يحتزُّ رأس الحسينْ.
* * *
أخذتُ معي وطناً أسوداً
كَفَناً أسوداً
وبروقاً ملفَّعةً بالسوادْ.
أخذت معي ظلمةً لا تغيبُ
وأسئلةً لا تجيبُ
ويمَّمتُ شطري
بأجنحةٍ..
من صدىً جارحٍ
تتناوح فيه السفوح
بأشرعةٍ
من ظلال المناديلِ
يشعلها كلَّ يومٍ
وداعٌ جديدْ
بمئذنةٍ
لا تميل ولا تستقيمُ
كأنَّ خطايَ خطاياي
طوبى لمن لم يكن أبداً
يا بلادي التي أمطرتْ ما تشاءُ
دماً أخضراً
ودموعاً
ومغفرةً
وهْيَ تضمر سجناً ومنفى.
* * *
حديثٌ إلى الصمت
هذا الطريقُ..
حديثٌ من الصمت
يؤنسه شجرٌ ضارعٌ
وطيورٌ مسافرةٌ باتجاه الظنونْ.
كأنَّ الخطا شكلُ إيقاعهِ
إنه يذهب الآن
مكتفياً بالحنين إلى عابرٍ
أسمر الحلم
معشوشب القدمين
يرى في الطريق طريقاً إلى نفسهِ
أو صديقاً
يودِّعه عند أول مفترقٍ
ليكونا طريقين..
ما الفرقُ بين الذهاب وبين الإياب
إذا كان للظلمات التي لا ترانا
نشيجٌ من البرق؟!
ما الفرقُ بين الحضور وبين الغياب
إذا كان للشكِّ هذا اليقين؟!
أخذتُ معي أُمَّةً من رمادٍ ورملٍ
وخيلٍ وليلٍ
وخمرٍ وأمرٍ
ويمَّمتُ شطرَ الزمانْ.
أخذتُ معي سعَفَاً وطيوراً
وشوكاً على نيَّة الورد
ورداً على نيَّة الشوك
بضعَ قصائدَ كي أُربكَ الموت..
خرساءُ كلُّ القصائدِ
إن لم تَقُلنا
وعمياءُ إن لم ترَ الحيف حيفا.
لماذا إذن لا أقول الذي ينبغي
أن يقالْ؟!
أليس الطغاة طغاةً؟
بلى..
والمواعيدُ زرقاء
تدنو سماواتها ثم تنأى
ولكنها لا تغيبْ.
أليس النخيل نخيلاً؟
بلى..
والجنون قليلٌ
يحاول ألاَّ يرى
فيرى ما تحاول "زرقاءُ" جاهدةً
أن تراهْ.
أقولُ..
وما قلتُ غير الذي لا أريدْ.
لقد كان شرح القصيدة من قبلُ
أدنى
لقد كان نهرُ الحقيقةِ
أصفى.
* * *
ـ وبعدُ.. إلى أين؟
أسألُ ظلاً شبيهاً بظلّي
يجيبُ:
ـ إلى موعد لا يجيءْ.
ـ وبعدُ..؟
ـ إلى آخر الرقصِ
ـ لا أستطيعْ
فإني أجرُّ ورائي إلهاً قتيلاً
وعشرين مرثية تشبه الأهل
والأنبياءْ.
ـ ضعفتَ إذن
وستمضي إلى غيرك الآنَ
ـ لا أبداً.. بل أحاولُ..
ـ حاول إذن فوق ما تستطيعْ.
ـ وكيفْ؟!
ـ كما تفعل الريحُ
ـ قُلْ غير هذا!
ـ كما يفعل النهرُ
ـ تطلب مني محالاً
ـ كما يفعل الحبُ
والحلمُ
واليأسُ
لا تستثرني
( تجهَّمَ, واربدَّ, واصطكَّ )
يكفي..
أقول كما يفعل الموتُ
والموتُ
والموت..
ـ أماااااااااه..
ليتكِ لم تلدي هذه اللعنة الغامضةْ.
لمن يلجأ الآن هذا الوحيدُ العديدُ
القريبُ البعيدُ
الغويُّ الرشيدُ
لقد كان تيهاً بألف طريقٍ
محيطاً بألف مضيقٍ
رأى ما رأى
من نجوم الضحى والعماءْ.
رأى الأصدقاء دليلاً وراء دليلٍ
إلى أين يا أيها الأصدقاءُ؟
ومن أين لي أن أعيد الجهاتِ
إلى سمتها؟!
ليت ما بيننا لم يكن
ليته لا يكونْ.
دعوا للمكان زماناً ولوكاذباً
ودعوا للكمان
ولو وتراً يشبه الجرح
لا شيء لا ينسل الروح
في ما تغنِّيه تلك التي..
هل أقول: ابنتي؟!
أحدٌ بينكم قال لي
ذات كأسٍ مقدَّسةٍ:
كلُّ وردٍ جميلٌ
وكلُّ جمالٍ حزينْ.
بماذا أودِّع هذا الخريفَ
بماذا أبدِّد ما بعده من فصولْ؟
ثلاثون أغنيةً
أربعون بكاءً
وخمسون من ولولات الثكالى
مضت أو ستأتي.
فما الفرق بين النشيد وبين النشيج
وما الفرق يا ( متنبِّي ) زمانكَ
بين الأماني وبين المنونْ؟
لو انك كنت مكاني
لو انك كنت تراني
لقلتَ بأن النُّهى
شأنها لن يكونْ
غير هذا الجنونْ.
أخذتُ معي شجراً
وسحاباً
وناياً
ونزفا.
أخذتُ معي قمراً ذاهلاً
آيةً من كتاب الينابيع
أضرحةً ورؤىً وكوابيسَ
تشبه ما ليس يشبه شيئاً
ويمَّمتُ شطرَ البعيد البعيدْ.
صديقُ طريقي أنا
وطريقي صديقي.
ولا أسأل الغيب شيئاً
فما بيننا
ليس ينقص عن مستحيل ٍ
وليس يزيدْ
عن حريق يرى في جهنَّمَ
تزجيةً لزمانٍ عجوزٍ
وتجربةً، ربما صعبةً،
لصغير يَشُقُّ على دمهِ
أن يخطَّ البيانَ الأخيرْ.
إذن سوف أقطف عنقودَ قلبي
كما يشتهي.
سأحاول نفسي
لأعرف إن كان لا يستحي الله
من عجزه وقيودي.
لأقترف الحلم حتى تمام الحياةْ.
لأهتك سرَّ الكثيرين
ممن يعيشون موتى
وممن يموتون أكثر من مرةٍ
ويظلون أحياء
دون الخلود قليلاً
وفوق معاني الشهيدْ.
أجل سأحاول نفسي إلى
منتهاها
لعلي أراها
أرقَّ ظلالا وأحنى
لعلي أعود إليها
أبرَّ وعوداً وأوفى.
* * *
أقولُ
وما قلتُ غيرَ ظنون الطريق الذي
يتعرَّج في داخلي.
ليته كان درباً إلى الحقلِ
أو شارعاً في المدينةِ
أو بعضَ شِعبٍ ليؤنسني فيهِ
ما فيه من موحشاتٍ
فماذا يقول الطريقْ؟
كأني أخذت معي وردةً
تستحمُّ بما يشبه الصلوات
يرتِّلها مطرٌ ودمٌ وبكاءْ.
كأني أخذت معي قدراً غامضاً
وسراباً بليلاً
وما ليس حلماً تماماً
وما ليس يأساً تماماً
وما ليس حالاً
وما ليس وصفا.
سجن صيدنايا 2000

××××

نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.

في المستقبل سنعلن عن أسماء جميع المواقع التي تنقل عنا دون ذكر المصدر

ألف




تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

ممالك الرعب والموت والجنون... كان الجلاد وحشاً خرافياً

28-تشرين الثاني-2020

التباسات

08-آب-2020

استشهادات وقالات وعنعنات

18-نيسان-2020

فوق الألم

07-آذار-2020

دورة عَروض في سجن تدمر

16-شباط-2019

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow