عادل محمود، مثله مثل كل المثقفين السوريين، بفارق أنه تعرف اكثر منهم على شواطئ (آيا نابا)، فبات اكثر جرأة في ممارسة العراء، مستفيدا من حقيقة أن من يعجز عن ان يكون سوبر موديل بكامل هندامه، قد يصحى وهو سوبر موديل بكامل عرائه.
مآثره في الرواية لاتهمني شخصيا، فمن اتيح له قراءة جورج أمادو لاحقا ، ووليم شكسبير بعمر مبكر، لابد وأنه بغنى عن قراءة عادل محمود كما حيدر حيدر، وبالتاكيد سيكون بغنى عن قراءة خيري الذهبي، وزيادة في (قلة الأدب) عن قراءة أحلام مستغانمي، ودون أدنى شك سيكون بغنى عن قراءة محمود شاهين، راعي الغنم وقد عزف الرواية باعتبارها ربابة.
كل هذه المقدمات، يقصد بها الوصول الى جوهر الموضوع، وفي جوهره أن لعادل محمود مأثرة عظيمة في حياتي، اذا لم انحن لها اكون ابن لامرأة يمكن جدولتها بقائمة النساء الأكثر اسرافا في منح العابرين مالاتمنحه امرأة محصنة، والمسكينة ليست كذلك، اما مأثرة عادل محمود فهي حوار دار بيننا (أو بالأصح بينه)، في مقهى الروضة أيام العيد السعيدة الذي نذبح فيه كبديل عن الخراف صاحبة الكرامة الوطنية، ولكن ماهي ماثرة عادل المحمود بعد كل هذه الاطالة.
جملة واحدة حكاها الرجل، ولا أعرف ان كان ورثها أم ابدعها، والجملة تقول:
الكوميديا، هو ان يعيش رجل لالزوم له، والتراجيديا هي أن يموت رجل له كل مايلزم.
حكاها عادل كما يحكي على الغالب، فالرجل هو الأقل تطلبا للاصغاء من سواه، وهو الزاهد (بآذاننا) وأفواهنا، وهو الماثرة التي لاتبحث عن ماثرة، ولكنها جملة قاتلة بكل المقاييس، خصوصا اذا ماقرأنا تلك القائمة التي ضمت عشر شخصيات هي الشخصيات الأكثر تأثيرا في عالم اليوم، ومن بينهم اضافة الى بيل غيتس الذي نكتب على (وورده) اليوم، العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، وهو العربي اليتيم في القائمة اذا ما أسقطنا العروبة عن كارلوس سليم – الرئيسالتنفيذي لشركة مكسيكو تليمكس، وهو اللبناني الأصل، وقد غادر صخرة المنتحرين في الروشة .. صخرة العشاق الذين لن تطا أقدامهم قائمة الأكثر تأثيرا، وكل (الأكثر تأثيرا) من جماعات المال والأعمال وبعض السياسيين الذين لولا المال والأعمال لما دخلوا النادي السياسي الدولي ليقرروا من وراء طاولاتهم مصائرنا نحن البشر الهائمين مابين نكبة ليمان براذرز، ونكبة المازوت فاقد الدعم المنداح فوق أضابير رئاسة مجلس وزراءنا ولجانه.
عادل محمود أسوة بكل المثقفين العرب، لم يقرأ القائمة، ولم يصغ لصوت الجدول المنساب على صفحات أبرز مجلة في الدنيا وأعني فورين بوليسي، كما لم يلفته أنه ليس واحدا من (الأكثر تأثيرا)، مع انه طبع روايتين احداهما حصدت جائزة، والثانية سعت الى جائزة، وربما ثمة ثالثة تبيت تحت وسادته، وبمنتهى العناد والمكابرة، مايزال يرى في وجوده مايقنع من الاسباب لاستمرار وجود لن يدخله القائمة، ليكون بذلك وباعترافه هو :" كوميديا".
كوميديا لأنه مايزال يعيش دون حاجة ماسة الى عيشه، ولكنه ان قضى نحبه، فثمة مليارات المصابيح الكهربائية في هذا العالم، ستستمر تضئ وتطفأ، وفي كل اضاءة فاتورة يلتقطها واحد من رجال القائمة ويضمها الى حساباته المصرفية.. ثمة ملايين المصابيح التي تضئ وتطفأ، وليس ثمة جالس واحد تحت أي من أعمدة كهرباء هذا الكون سيتابع الأحزان الكبيرة للرجل ولا الصغيرة منها.. لا أحد سيشغل باله بالبحث عن اول ذروة جنسية وصلها، ولا عن آخر خيبة أمل أصابت شريكته.. ليس ثمة من يقول له:
حين تذهب الى زملاء المستقبل، لن تخسر الكرة الارضية الدائرة دون توقف، لن تخسر الكثير من اوزانها.
لن يقول له أحد:
غادر صاحب الجلالة عاهل مقهى الروضة.
او غادر المدير التنفيذي لحسابات أرواحنا.
أو غادر مؤسس شركة النرد الطائر فوق طاولة الزهر التي يتقنها عادل حديدي ولا يتقن سواها.
أو غادر الصديق الأول، للمواطن الأخير في هذا الكون غازي سلامة.
لن يقول لك أحد :
وداعا ياعادل.. ستذهب وحدك، كما أتيت وحدك، وستعود وأنت فاغر فمك في جيل جديد من تقمص جديد لذات الحكمة :
الكوميديا هو ان يعيش من لالزوم له، والتراجيديا ان يرحل من له لزوم كل مايلزم.
ستعيد ذلك في جيلك الجديد، وربما ستجد في (الجيل الجديد) قائمة بالرجال الأكثر تأثيرا ولن تكون من بينهم، وبعدها تعيد حكمتك، لرجل أعيته الحكمة، فبات حكيم لزوم :" مالايلزم ".

××××

نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.

في المستقبل سنعلن عن أسماء جميع المواقع التي تنقل عنا دون ذكر المصدر

ألف