Alef Logo
المرصد الصحفي
              

رواية "مناطق رطبة" تحطم آخر المحرمات وتسجل أعلى المبيعات / سمير جريس

2009-12-06

بروايتها "مناطق رطبة" حققت شارلوته روش نجاحاً هائلاً في ألمانيا، إذ باعت الروائية في غضون عام ما يزيد عن مليون نسخة. ما سر نجاح هذه الرواية؟ هل لأنها صادمة ومقززة، أم لأنها تحطم آخر التابوهات الأدبية؟عن دويتشه فيله


كان الكاتب المصري الراحل إحسان عبد القدوس مشهوراً برواياته "الجريئة"، لاسيما في تناوله العلاقة بين الرجل والمرأة وفي اقترابه من "المناطق الحساسة". أحياناً كان عبد القدوس يُسهب في وصف ما يحدث في غرف النوم، وفي معظم الأحيان كان يكتفي ببضع نقاط يضعها في نهاية الفقرة، تاركاً للقارئ النبيه أن يفهم المقصود وأن يرسم بخياله الخصب ما لم يستطع الكاتب تسجيله، خوفاً من الرقابة أو من ردود فعل النقاد والمجتمع والعائلة. زمن وضع تلك النقاط ولى وانقضى إلى غير رجعة في الأدب. بعض الكتاب الآن يفيض ويسهب في وصف كل ما يتعرض إلى الجنس من قريب أو بعيد. وهذه هي أيضاً الوصفة التي تعتمدها الكاتبة الألمانية شارلوته روش التي حققت في السنة الماضية ما يحلم به كُتّاب كثيرون: بكتابها الأول حصدت روش الشهرة والثروة معاً.


صحيح أن روش البالغة من العمر الآن إحدى وثلاثين سنة ليست مجهولة في المجال الثقافي الألماني، أو بالأحرى المجال الإعلامي فهي إحدى أشهر مقدمات البرامج الخفيفة في التلفزيون، غير أن روايتها "مناطق رطبة" التي صدرت في فبراير/ شباط 2008 نقلت شهرتها من التلفزيون إلى الصحف والراديو وكافة وسائل الإعلام. بروايتها أضحت روش الشغل الشاغل للوسط الثقافي، إذ أنها باعت خلال أسابيع قليلة حوالي نصف مليون نسخة، ثم احتلت لمدة سبعة أشهر رأس قوائم أفضل المبيعات.


ولم يكد عام 2008 ينقضي حتى كانت الرواية قد باعت أكثر من مليون وثلاثمائة ألف نسخة، وترجمت إلى عديد من اللغات، بل وتحولت إلى عرض مسرحي مثير. هذا مع أن روش لقيت في البداية الرفض عندما تقدمت بالرواية إلى دار نشر "كيبنهوير وفيتش". اعتبرت الدار العريقة والرصينة "مناطق رطبة" إباحية وغير مناسبة لبرنامج الدار، فذهبت روش إلى دار أخرى أدركت على الفور ما تحتويه الرواية من جاذبية وإثارة لفضول القراء.


الجنس على فراش المرض


غلاف رواية Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: غلاف رواية "مناطق رطبة"

تبوح شارلوته روش بما لا يجرؤ كثيرون على مجرد التفكير به. غير أنها لا تثير بكتابتها الشهوة أو الغرائز، بقدر ما تثير القرف والاشمئزاز. بأسلوب مفعم بالتهكم والسخرية تتحدث روش بصراحة فاضحة وصادمة عن كل فتحات جسد بطلتها، وعن ممارساتها الجنسية المفضلة مع عشاقها أو من تتصيدهم لليلة، وعن خبراتها في المواخير مع العاهرات.


تبدأ الرواية وهيلين، بطلة الرواية، طريحة الفراش في قسم الأمراض الباطنية في إحدى المستشفيات، وتحديداً في قسم "الأمراض الشرجية". هيلين تعاني منذ الطفولة من البواسير التي وصلت إلى مرحلة من التضخم جعلت جراّح المستشفى يأمر على الفور بإجراء جراحة عاجلة لها. على فراش المرض تستعيد هيلين ممارساتها الجنسية المختلفة، لاسيما الشرجية، وعلاقتها الحميمة مع "فضلات" جسدها، وحبها لممارسة الجنس في أيام الحيض بالذات.


تحاول هيلين أن تستغل فترة إقامتها في المستشفى للجمع بين والديها اللذين افترقا عن بعضهما البعض منذ سنوات طويلة، فتتعمد أن تعطي أباها نفس موعد الزيارة الذي ذكرته لوالدتها، رغم تأكيدها لأمها أن أباها سيكون قد انصرف. غير أن تلك المحاولات تبوء بالفشل، ولا تجد هيلين عزاءً في المستشفى سوى في الممرض اللطيف روبين. وعندما تقرر مغادرة المستشفى تذهب لتعيش مع روبين المعجب بصراحتها المدهشة، لاسيما فيما يتعلق بالموضوعات الجنسية.


شهية الرجل وشهوته


في المسرحية التي تستند على Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: في المسرحية التي تستند على "مناطق رطبة" لم يكن الممثلون يضعون على أجسادهم سوى الرواية!

التفاصيل في "مناطق رطبة" مقززة ومثيرة للغثيان في بعض الأحيان، حتى أن محررة في مجلة "بريغيته" النسائية الألمانية تقول إنها كادت تتقيأ أثناء قراءة الرواية. ولكن ما يخفف وطأة ذلك على القارئ هو أسلوب الكاتبة المتهكم الساخر. كان من الممكن أن تكون هذه الرواية عملاً أدبياً عميقاً يستهدف هوس النظافة لدى النساء مثلما يراهم المرء في الإعلانات التي تقدمهن كسلعة براقة ملساء دوماً، لا وظيفية لها ولا هدف سوى إثارة شهية الرجل وشهوته، وكان من الممكن أن تصبح "مناطق رطبة" من هذا المنظور رواية أخلاقية نسوية تحررية.


ولكن كل ذلك لم يكن هدف الكاتبة. روش ليست إلفريده يلينك؛ فالكاتبة النمساوية الحائزة على جائزة نوبل تكتب روايات اتُهمت هي أيضاً بالبورنوغرافية والاستفزاز وإثارة الغثيان. غير أن روايات يلينك – "عازفة البيانو مثلاً أو "شبق" أو "شهوة" - تذهب أعمق بكثير مما تفعله روش في مناطقها الرطبة، كما أن قدرات يلينك الأسلوبية الجبارة لا يمكن أن تُقارن بأسلوب روش البسيط. كتابات يلينك نقد عميق للمجتمع المحافظ وأخلاقياته الزائفة، بينما روش تريد أن تقدم التسلية أولاً وأخيراً، التسلية بأسلوب ساخر لا يخلو من نقد لامع. وقد نجحت روش ولا شك في هذا، ولكن هل سيتذكر أحد روايتها بعد عشر سنوات؟ ربما يكون السؤال هو: وهل يهم ذلك شارلوته روش في شيء؟


الكاتب: سمير جريس

مراجعة: طارق أنكاي






























تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow