بفوز عبده خال بالبوكر العربية للإبداع الروائي في دورة عام 2010 عن روايته ( ترمي بشرر ) ، تدخل الجائزة و الروائي في معضلة المواجهة مع صف من المعوقات و المعارك.
و إن فوز عبده خال بحد ذاته عبارة عن علامة فارقة.
لقد أخذ هذا الروائي موقفا ، يقال عنه إنه إعلامي إلى حد الفضيحة ، من جميع المشاكل الفردية التي يعاني منها أشخاص من غير تاريخ و بلا وجوه أو علامات فارقة.
و على ما يبدو إن معركة عبده خال مع التقاليد و مع الحاضر كانت ساخنة على امتداد العقد الأخير ، و هو الذي صادف الدخول في الألفية الثالثة ، و اشتعال شرارة حربين في الجوار ، هما حرب الخليج الأولى و الثانية.
على صعيد الشكل اختار أن يكتب بقلم يشترك مع ( كوتا ) الحداثة ، و يلقي عليه زكريا تامر ظل معطفه الأسود و الحزين و الثقيل ، طبعا من غير واجبات أو فروض تحد من حرية الخطاب . و هذا صحيح لا سيما في كتابه ( الأوغاد يضحكون ) .
و على صعيد المضمون ، كان هناك في الخلفية علامات و شواهد تدل على مؤثرات من ( الاستشراق المعكوس ) لتراث الأدب الطبيعي الفرنسي ، كما أسس له فلوبير. و هذا يعني أنه كان يشتبك مع تفاصيل التعرف على الذات و العودة إلى الهوية الضائعة و معضلة الجذور.
إن عبده خال لم يتوقف في حالة ( الممانعة : مخالفة دساتير الخطاب و الأساليب ) عند حدود فك الاستلاب و الخطاب الرسمي لرموز في الدولة ، و لكنه أيضا عمل جاهدا لفك الاستلاب الأصولي و السلفي ، دون أن يتوصل للدعوة علنا نحو الإزاحة ، بمعنى أنه حرر الفن الروائي من النمطية و من جميع ألوان التبشير و الوعظ و الإرشاد.
و يجدر بنا التنويه إلى أن أعماله تختلف من ناحية جميع المقاييس عمن سبقه من الفائزين بالبوكر ، و هما إثنان ، و بالاسم : بهاء الطاهر ( مؤلف واحة الغروب ) و يوسف زيدان ( مؤلف عزازيل ).
و ربما كان هذا التمايز هو وراء قرار لجنة التحكيم.
فقد كانت عموم أعمال عبده خال تندرج في نطاق الرواية البورجوازية الصغيرة ، رواية المكاتب و الذات و المجتمع ، رواية الذهن البيروقراطي و التجاري. بينما كان من سبقه من أنصار الرواية التاريخية ، رواية الحقبة التي تؤرخ لمشاكل أساسية عصفت بالمنطقة ، و منها الصراع من أجل تمصير الأقباط و إنقاذهم من سياسة ( التعجيم ) ، ثم الصراع الدموي الذي تسبب بانقسام الكنيسة في الفترة الهيلينية.
و مهما كان الحال ، نحن نتعامل مع جائزة عبده خال على أنها إكليل فوق رأس الرواية الخليجية بطيفها السعودي الواسع ، و دعوة لفتح ملف هذه المنطقة بفنونها و آدابها و ليس بثرواتها و أسواقها...