ملف / زواج عائشة و وواقع التاريخ الإسلامي / الدكتور محمد راتب النابلسي
2010-03-07
تبرع أحد قراء ألف بإرسال هذه الخطبة للدكتور محمد راتب نابلسي كمشاركة في الملف الذي قمنا بالإعلان عنه في مادة بشير العاني " هل حقا تزوج النبي من عائشة وهي ذات تسع أعوام" والدكتور النابلسي هو عالم إسلامي وأستاذ وخطيب استلم عدة مناصب في التعليم وفي وزارة الأوقاف .. والخطبة في مجملها تصب في ملف زواج عائشة والخلاف حوله والذي في الخلاف حوله ينسحب على مجمل التاريخ الإسلامي وعلى أحاديث الرسول. وقد قامت مؤسسة التزام بنشر هذه الخطبة في جريدة كوبنهاغن بوست الدنماركية مختصرة ومترجمة للغة الإنكليزية.
ننشر هذه الخطبة علها تكون فاتحة لحوارات جادة ورصينة حول هذا الموضوع الذي لم نقصد منه فقط قضية زواج عائشة والعمر الذي تزوجت به، وإنما قصدنا كامل التاريخ الإسلامي وبالتالي ينسحب ذلك على أحاديث النبي محمد صحيحها والزائف منها وأيضا ماذا يمكن أن نستنتج من كل تلك المهاترات والمناقشات التي تجري دون طائل ودون أن تتقدم خطوة نحو الأمام. وما قصدنا من ذلك سوى خير الإسلام وكشف نوايا السلفيين والأصوليين والإرهابيين القتلة من استخدام هذا الدين الحضاري لمصالحهم الشخصية. وإليكم نص الخطبة:
ألف
إنّ زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها كان أصلاً باقتراح من خولة بنت حكيم على الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لتوكيد الصلة مع أحبّ الناس إليه سيدنا أبي بكر الصدّيق ، لتربطهما أيضاً برباط المصاهرة الوثيق.
ثانياً: أنّ السيدة عائشة رضي الله عنها كانت قبل ذلك مخطوبة لجبير بن المطعم بن عدي، فهي ناضجة من حيث الأنوثة مكتملة بدليل خطبتها قبل حديث خولة.
ثالثاً: أنّ قريش التي كانت تتربّص بالرسول صلى الله عليه وسلم الدوائر لتأليب الناس عليه من فجوة أو هفوة أو زلّة ، لم تُدهش حين أُعلن نبأ المصاهرة بين أعزّ صاحبين وأوفى صديقين، بل استقبلته كما تستقبل أيّ أمر طبيعي.
رابعاً: أنّ السيدة عائشة رضي الله عنها لم تكن أول صبيّة تُزفّ في تلك البيئة إلى رجل أكبر منها ، ولن تكون كذلك أُخراهنّ. لقد تزوّج عبد المطلب الشيخ من هالة بنت عمّ آمنة في اليوم الذي تزوّج فيه عبد الله أصغر أبنائه من صبيّة هي في سنّ هالة وهي آمنة بنت وهب.
ثمّ لقد تزوّج سيدنا عمر بن الخطّاب من بنت سيدنا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه وهو في سنّ جدّها ، كما أنّ سيدنا عمر بن الخطّاب يعرض بنته الشابة حفصة على سيدنا أبي بكر الصدّيق وبينهما من فارق السنّ مثل الذي بين الرسول صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها. ولكنّ نفراً من المستشرقين يأتون بعد أكثر من ألف وأربع مائة عام من ذلك الزواج فيهدرون فروق العصر والإقليم ، ويطيلون القول فيما وصفوه بأنّه الجمع الغريب بين الكهل والطفولة ، ويقيسون بعين الهوى زواجاً عُقد في مكّة قبل الهجرة بما يحدث اليوم في بلاد الغرب حيث لا تتزوّج الفتاة عادة قبل سنّ الخامسة والعشرين.
ويجب الانتباه إلى أنّ نضوج الفتاة في المناطق الحارّة مبكّر جداً وهو في سنّ الثامنة عادة ، وتتأخّر الفتاة في المناطق الباردة إلى سنّ الواحد والعشرين كما يحدث ذلك في بعض البلاد الباردة . وأياً ما يكون الأمر فإنّه عليه الصلاة والسلام لم يتزوّج السيدة عائشة رضي الله عنها من أجل المتعة ، وهو الذي بلغ الخامسة والخمسين من عمره ، وإنّما كان ذلك لتوكيد الصلة مع أحبّ الرجال إليه عن طريق المصاهرة ، خاصّة بعد أن تحمّل أعباء الرسالة وأصبحت حملاً ثقيلاً على كاهله ، فليس هناك مجال للتفكير بهذا الشأن.
ولو كان عليه الصلاة والسلام همّه النساء والاستمتاع بهنّ لكان فعل ذلك أيّام كان شاباً حيث لا أعباء رسالة ولا أثقالها ولا شيخوخة ، بل عنفوان الشباب وشهوته الكامنة.
غير أنّنا عندما ننظر في حياته في سنّ الشباب نجد أنّه كان عازفاً عن هذا كلّه ، حتّى إنّه رضي بالزواج من السيدة خديجة رضي الله عنها الطاعنة في سنّ الأربعين وهو ابن الخامسة والعشرين.
ثمّ لو كان عنده هوس بالنساء لما رضي بهذا عمراً طويلاً حتّى تُوفّيت زوجته خديجة رضي الله عنها دون أن يتزوّج عليها. ولو كان زواجه منها فلتة فهذه خديجة رضي الله عنها توفّاها الله ، فبمن تزوّج بعدها ؟ لقد تزوّج بعدها بسودة بنت زمعة العامرية جبراً لخاطرها وأنساً لوحشتها بعد وفاة زوجها ، وهي في سنّ كبير، وليس بها ما يرغّب الرجال والخطّاب. هذا يدلّ على أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان عنده أهداف من الزواج إنسانية وتشريعية وإسلامية ونحو ذلك.
ومنها أنّه عندما عرضت عليه خولة بنت حكيم الزواج من عائشة فكّر الرسول صلى الله عليه وسلم أيرفض بنت أبي بكر ، وتأبى عليه ذلك صحبة طويلة مخلصة ، ومكانة أبي بكر عند الرسول والتي لم يظفر بمثلها سواه.
ولمّا جاءت عائشة رضي الله عنها إلى دار الرسول صلى الله عليه وسلم فسحت لها سودة المكان الأول في البيت ، وسهرت على راحتها إلى أن توفّاها الله ، وهي على طاعة الله وعبادته ، وبقيت السيدة عائشة رضي الله عنها بعدها زوجة وفيّة للرسول صلى الله عليه وسلم تفقّهت عليه حتّى أصبحت من أهل العلم والمعرفة بالأحكام الشرعية.
وما كان حبّ الرسول صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة رضي الله عنها إلاّ امتداداً طبيعياً لحبّه لأبيها رضي الله عنهما.
ولقد سُئل عليه الصلاة والسلام: من أحبّ الناس إليك ؟ قال : (عائشة) قيل: فمن الرجال ؟ قال: ( أبوها ). هذه هي السيدة عائشة رضي الله عنها الزوجة الأثيرة عند الرسول صلى الله عليه وسلم وأحبّ الناس إليه.
لم يكن زواجه منها لمجرّد الشهوة ، ولم تكن دوافع الزواج بها المتعة الزوجية بقدر ما كانت غاية ذلك تكريم أبي بكر وإيثاره وإدناؤه إليه وإنزال ابنته أكرم المنازل في بيت النبوّة .
وذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية السبت 6-9- 2008 أن باحثة ومؤرخة سعودية تحقق من صحة معلومات تشير إلى عدم زواج الرسول -صلى الله عليه وسلم- من السيدة عائشة وهي في التاسعة من العمر،
وتقول عضو لجنة الدراسات والاستشارات بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان د. سهيلة زين العابدين حمّاد إن المنطق والمعادلة الحسابية لعمر السيدة عائشة بنت أبي بكر الصدّيق مقارنة بأختها أسماء التي تكبرها بعشر سنوات ومقارنتها بعدد من الأحداث وتوقيت هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ترجّح أن زواج عائشة تمّ وهي في التاسعة عشرة من عمرها.
وأكدت الدكتورة سهيلة حمّاد أنها بصدد التحقق من ذلك والخروج بنتائج موثقة بالنظر إلى كونها مؤرخة وباحثة في الشأن الإسلامي
وإلى ذلك لفتت الدكتورة سهيلة حمّاد ، وهي عضوة في الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين ، إلى أنه بعيداً عن قول زواج الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعائشة وهي صغيرة ، والقول المخالف في ذلك ، فإنه يجب النظر بعين الاعتبار إلى تغيّر الظروف الزمنية وطبيعة الاستجابة للرغبات الإنسانية على مرّ العصور واختلاف معايير الزواج في الوقت الراهن.
أحاول ان أفكر بصوت مرتفع لاستقراء عمر أم المؤمنين عائشة رحمها الله استقراءا تاريخيا بعيدا عن الضبابية التاريخية التي أغرقنا فيها من لا عقل له من الذين روجوا أن النبي حينما كان في الخامسة والعشرين من عمره تزوج بمن تكبره بخمسة عشر من السنين ، و حينما أصبح في الثالثة والخمسين تزوج بمن تصغره بـأربع وأربعين عاما.
ذكر المؤرخون أن عائشة كانت مخطوبة لمطعم بن عدي قبل أن يخطبها رسول الله. السؤال الآن : متى خطبها عدي لابنه مطعم ؟ تسكت المصادر التاريخية!!!
الاحتمال الأول: أن يكون خطبها بعد البعثة النبوية وهو أمر مستبعد نظرا للعداء الشديد من قبل الكافرين برسالة محمد تجاه المؤمنين بها ولاسيما أن عائشة هي بنت أبي بكر صديق الرسول ومن أوائل المؤمنين برسالته. من المستبعد إذاً أن يخطب عدي عائشة لابنه وأبوها من المؤمنين الأول.
الاحتمال الثاني : أن يكون خطبها قبل البعثة وهو الاحتمال الأقوى، ولكنه يثير سؤالا هاما: كم كان عمرها قبل البعثة؟ عام؟ عامين؟ خمسة؟ عشرة؟ يسكت التاريخ كما سكت من قبل. إذاً نلجأ لبعض الفرضيات:
الفرضية الأولى: خطبها عدي لابنه مطعم قبل البعثة حين كان عمرها خمسة عشر سنة ـ مثلا. بموجب هذه الفرضية يكون عمر عائشة حين تزوجها الرسول الكريم هو 28 سنة، حيث أن النبي تزوجها بعد الهجرة إلى يثرب وأنه أقام في مكة ثلاثة عشر من السنين خلال الدعوة المكية قبل الهجرة.
الفرضية الثانية: خطبها عدي لابنه مطعم قبل البعثة حين كان عمرها عشر سنين ـ مثلا. بموجب هذه الفرضية يكون عمر عائشة حين تزوجها الرسول الكريم هو 23 سنة.
الفرضية الثالثة: خطبها عدي لابنه مطعم قبل البعثة حين كان عمرها خمس سنوات ـ مثلا. بموجب هذه الفرضية يكون عمر عائشة حين تزوجها الرسول الكريم هو 18 سنة.
الفرضية الرابعة: الفرضية الثالثة: خطبها عدي لابنه مطعم قبل البعثة حين كان عمرها سنة واحدة فقط ـ مثلا وهو أمر غير ممكن طبعا ولكن لنفترضه . بموجب هذه الفرضية يكون عمر عائشة حين تزوجها الرسول الكريم هو 14 سنة، وهو أكبر من الرقم الذي ذكروه بخمس سنين.
إن الرسول ـ في تقديري ـ لن يتزوج بفتاة في عمر ابنته الصغرى أو أصغر منها. فإذا علمنا أن فاطمة عليها السلام ولدت قبل البعثة بخمس سنين نعرف أن عمرها بعد الهجرة يصبح 18 عاما، وعلى هذا فأنا أرجح أن يكون عمر عائشة أكبر من عمر فاطمة ومن ثم فإنني أرجح احدي الفرضيتين: الأولى 28 سنة أو الثانية 23 سنة.
هي أكبر من أختها عائشة أم المؤمنين بعشر سنين. يستتبع ذلك أن عمر عائشة قبل البعثة كان نحو خمس سنوات على الأقل، ولعل الإشارة في روايتها بأنها كانت ذات ستة سنوات حين خطبها رسول الله كانت خطأ من الراوي، فلعلها قصدت أنها كانت ابنة ستة سنوات حين بعث النبي صلى الله عليه.
اذا أضفنا 5 - 6 سنوات وهو عمر عائشة التقريبي حين البعثة إلى 13 سنة هو عمر المرحلة المكية يكون الناتج هو 18 - 19 سنة وهو يمثل عمرها في المدينة بعد الهجرة.
لما كان عمر فاطمة هو 18 سنة في ذلك الحين، نستطيع القول أن عمر عائشة التقريبي حين زواجها لم يكن يقل عن 19 سنة، وهو يمثل الحد الأدنى لعمرها من خلال الاستقراء لما بين يدي من مصادر.
وبالمناسبة فقد كنت وما زلت أقول إن جامعى الحديث هم بكل يقين علماء عباقرة مخلصون محبون لدينهم ولنبيهم حبا جما، لكن هذا لا يعنى أبدا أنهم معصومون عن السهو والخطأ والنسيان. إنهم عباقرة حقا، لكنهم قبل ذلك وبعده بشر. وكنت كذلك أقول إنهم يشبهون الصيادين الذين يطرحون شباكهم في البحر للإمساك بالسمك، بيد أن الشبكة، مهما يكن من إحكامها، يمكن أن تفلت منها بعض الأسماك الصغيرة كالبيساريا مثلا. إلا أن هذا لا يعنى ولا ينبغي أن يعنى أن نهاجم كتب الحديث وأصحابها ونشكك فيها وفيهم جملة وتفصيلا كما يريد بعض الموتورين التدميريين أن نفعل ، وإلا حققنا لهم ما يريدون ودمرنا جزءا عزيزا وغاليا وخطيرا من تراثنا الذي لا يمكن أن تستقيم حياتنا العلمية والدينية بدونه. ولنلاحظ أن الصحفى الشاب الذي تنبه لما يرى أنه خطأ من بعض كتب الحديث قد استعان ، فيما استعان به، بتلك الكتب، مما يدل على أهميتها الشديدة التي لا تقدر بثمن . أما الاعتقاد بعصمة رجال الحديث فهو تنزيل لهم في منزلة النبوة، وهذا لا يجوز. كما أن كتبهم رغم عظمة الجهد والإخلاص والتدقيق المبذول فيها لا يمكن أن تضاهى القرآن المجيد.
وبالمناسبة أيضا فقد كتب الدكتور شوقي ضيف في كتابه: "محمد خاتم المرسلين" أن عائشة حين بنى بها الرسول كان عمرها 18 أو 20 عاما، مستندا في ذك إلى بعض ما استند إليه صحفينا الشاب، (ص171 من طبعة دار المعارف). أما العقاد فقد رجح أن يكون عمرها أوانذاك ما بين 12 و15 عاما (انظر كتابه: الصديقة بنت الصديق/ نهضة مصر/ 2004م/ 48).
ومهما يكن من أمر فإن تصرفات السيدة عائشة في بيت النبي حسب عموم الروايات التي وردت في هذا لتدل على أنها كانت زوجة ناضجة تمام النضج، وليست صبية لا تدرك في أي بيت تعيش ولا بمن تزوجت. ومهما يكن كذلك من أمر فإنها كانت سعيدة أشد سعادة بزواجها من النبي عليه الصلاة والسلام، وترى أنه فخر لها وإكرام أي إكرام. وكانت تحبه صلى الله عليه وسلم حبا شديدا وتغار عليه بقوة. وهناك أحاديث تصور هذا الحب الشديد وتلك الغيرة القوية التي تدل على مدى تغلغل هذا الحب في نفسها. كما أنها، حين عرض النبي عليه السلام عليها البقاء معه على الوضع المتقشف الذي كان عليه بيته أو تسريحها إلى بيت أبويها، وطلب منها أن تشاور أهلها في ذلك، رفضت ذلك الحل على الفور بعنف وإصرار كما نعلم جميعا. كذلك التزمت هي وسائر أمهات المؤمنين عن رضا وإيمان وحب وإجلال بما فرضه عليهن القرآن من حرمة الزواج بأي إنسان آخر بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام. فما معنى إثارة الشبهات حول هذا الزواج القائم على الحب والسعادة؟
شيء آخر هو أن عائشة كانت مخطوبة لواحد من أهل مكة قبل خطبة النبي لها بما يدل على أنها كانت في سن الخطبة والزواج على الأقل بمعايير المجتمع المكي في ذلك الزمان،. فلماذا لا يشكك المبشرون السخفاء في تلك الخطبة ويصبون كل حقدهم على النبي، ويعملون على إثارة الشبهات الباطلة حول خطبته لها فقط؟ كما أن التي عرضتها عليه هي سيدة من أهل مكة أيضا، أي أنه لم يفكر فيها ابتداء ولا اقترحها عليه رجل مثله. أفلا يدل هذا على أنها، حتى في نظر بنات جنسها، كانت قد بلغت سن الزواج بكل جدارة؟ كذلك لم نسمع من أبى بكر أو أم رومان أن الفتاة صغيرة لاتصلح للزواج. وهو ما يعضد ما قلناه من أنها، رضي الله عنها، كانت ناضجة بما فيه الكفاية للزواج، على الأقل بمقاييس ذلك المجتمع وذلك العصر، وينسف كل تنطع يتنطعه المبشرون ومن يجرى في إثرهم من الرقعاء الذين يحملون للأسف أسماء إسلامية.
شيء آخر آخر، هو أن مريم عليها السلام، حين كان مقررا لها أن تتزوج بيوسف النجار، كان عمرها 12عاما، وكان يوسف رجلا شيخا كبيرا تجاوز الخمسين ببضع عشرات من السنين فيما أذكر بناء على الروايات التي تتعلق بهذه المسألة. فهل نتخذ من هذه النقطة متكأ نثير بسببه الشبهات المسيئة لقدرها الكريم؟
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |