Alef Logo
ضفـاف
              

فاطمــة ناعــوت والسعــي وراء تـأنيـث الـعــالم حوار: علي عبد السادة

2010-04-02


فاطمة ناعوت في سطور
كاتبةٌ صحفية وشاعرة ومترجمة مصرية. تخرجت في كلية الهندسة قسم العمارة جامعة عين شمس. لها، حتى الآن، خمسة عشر كتابًا ما بين الشعر والترجمات والنقد. تكتب عددا من الأعمدة الأسبوعية الثابتة في صحف مصرية وعربية منها: "المصري اليوم"، "الرؤية" العُمانية، "الوقت" البحرينية، "نهضة مصر.تناولت تجربتََها بعض الأطروحات العلمية والأكاديمية.

مثلّت اسم مصر في العديد من المهرجانات والمؤتمرات الثقافية الدولية. تُُُرجمت قصائدها إلى العديد من اللغات الأجنبية. الشاعرة من مواليد القاهرة في 18 سبتمبر 1964، حصلت على شهادة البكالوريوس الهندسة المعمارية من جامعة عين شمس (1987).تعمل ناعوت في جريدة "اليوم السابع" التي تصدر من القاهرة، وهي عضو في عدد من النقابات والفعاليات الثقافية، منها نقابة المهندسين المصريين، اتحاد كتّاب مصر، مكتبة الشعر الاسكتلاندية، مؤسسة كتّّاب عبر الحدود، دار الأدباء المصرية، أتيلييه القاهرة، جمعية أديبات مصر، حركة شعراء العالم بأمريكا اللاتينية، ونادي القلم الدولي.صدر لها عدد من المجاميع الشعرية والتراجم والكتب النقدية، ففي مجال الشعر لها ستة كتب منها:"نقرة إصبع"، "على بعد سنتيمترٍ واحد من الأرض"، "قطاع طولي في الذاكرة"، "فوق كفِّ امرأة" وغيرها. وفي مجال التراجم لها "مشجوجٌ بفأس- أنطولوجيا من الشعر الأمريكي والبريطاني"، "المشي بالمقلوب- مجموعة قصصية مترجمة عن الإنجليزية"، "جيوب مُثقلة بالحجارة- كتابٌ عن فرجينيا وولف وترجمة لأحد أعمالها: رواية لم تكتب بعد. تصدير د. ماهر شفيق فريد" وغيرها من الاعمال.ولناعوت كتب نقدية ايضا :"الكتابة بالطباشير- كتاب نقدي ثقافي. تقديم محمود أمين العالم"، "الرسم بالطباشير- صور قلمية" و"المغنّي والحكّاء- مقاربات نقدية".وشاركت ناعوت في عدد غير قليل من المهرجانات والامسيات الثقافية في مصر ودول عربية واجنبية.
العالم مختلف تماما في ما تقترفه الشاعرة والناقدة والمترجمة المصرية فاطمة ناعوت. هناك، حيث تتم اعادة صياغة المعنى والمدلول، تستقر الاشياء والالوان في مواقع مغايرة؛ تبث الحياة فيها كلاعب مهم في حيوات متمردة، وتُظهر صوتا ناعما مدويا في آن ..صوتاً يزيح اللثام عن ما هو مؤنث من حولنا. انها تستنكر على عالمها المادي حروبه وقسوته واهواله وفاشياته واحكامه الذكورية.فاطمة ناعوت شاعرة متورطة بمعركة ضد القبح، وهي تنظر الى الادب على انه موظف في هذه المهمة الشاقة. انها تنتصر لمذهب تانيث العالم. والشاعرة تتصدى لهذه الصياغات بمنجز لا يبحث عن القارئ التقليدي، اذ انها تعترف بنخبويتها صورها ومفرداتها، ولا يضيرها جمهور "صغير"، عددا، كبيراً، فهما والتصاقا بالسؤال الوجودي.ومع هوسها باسئلة الحياة والموت والجسد، تتحرك ناعوت في مشاغل القصيدة، وتختبر لونها فيها وتلقي بعين لائمة على ما اصبح عليه الشكل بعد ان حسمت امرها في مضمونه. ترى ان قصيدة النثر، رغم طول عمرها الذي يقارب الستين عامًا عربيًّا، ومئة وخمسين عامًا عالميًّا، مازالت في طور السيولة، لم تتبلور بعد، وأمامها أمدٌ من السنوات حتى تتبلور وتتشكل في قالبها النهائي.مقولة فاطمة ناعوت تزخر بالحيوية والرغبة في العثور على وظائف جديدة لعناصر الحياة، وجاء هذا الحوار ليحاول الامتداد الى تلك المساحات، ويسعى الى التسلل، هادئا، الى عوالمها.
القارئ التقليدي والنخبة
* أبدأ من رسالتك الى أنيس منصور في عام 2008، وكانت في مناسبة ميلاده. قلتِ: "ننتمي إلى مجتمع غير قارئ ....الخ". وبات خطرًا واضحًا ما يجري الحديثُ عنه إن القارئ العربي في طريقه الى الاختفاء. ألا يقلقك ذلك؟ أعني هل ثمة شعور بالإحباط حالَ كتابة الشعر وغيره من الالوان الكتابية؟
- لن أكذبك القول فأزعم إنني أكتب لنفسي ولا يعنيني القارئ، موجودًا كان أم غائبًا، إلى آخر تلك الألوان المبهجة التي يلوّن بها الكتّابُ عالمًا لم يعد فيه للثقافة شأن، لكنني أؤمن أن ثمةَ قارئًا في مكان ما، لا نعرف عنه شيئًا ولا يعرف عنّا شيئًا، سوى ما نكتب. نعم، لم تعد قصائد الشعراء تتصدر صفحة "الأهرام" الأولى مثلما كانت قصائد أحمد شوقي في منتصف القرن الماضي، حين كانت مصرُ منارة الشرق فكرًا واستنارةً وتحضّرًا، لكن الإحباطَ الذي ورد في رأس سؤالك ضدٌّ التأمل والإبداع، لذلك ينبغي أن نصدَّ في وجهه نوافذَنا، بكل قسوة.
* لكنك في الشعر تشتبكين مع السؤال الوجودي، اكثر من تفاصيل الشان اليومي المعيش، حتى في كتاباتك الصحفية تقترفين لونا كتابيا فوق العادة؟ هل تؤمنين بأن يكون الجمهور من النخبة؟ بالتالي ما جدوى السؤال عن القارئ التقليدي؟
- كثيرًا ما ووجهتُ بمثل هذا الرأي، أن كتابتي نخبوية موجهةٌ لشريحة معينة من القراء، ولماذا لا أنزل باللغة ليفهمها رجل الشارع، أو القارئ العابر غير المحترف؟ والحقُّ أنني كلما جلستُ إلى مكتبي لأكتب أحد أعمدتي الأسبوعية، انتابتني الرهبةُ وتلبستني فكرةٌ مخيفة: أأنا الآن أقوم بدور كان يقوم به طه حسين وزكي نجيب محمود والعقاد، حينما كانوا يكتبون أعمدة ثابتة في صحف مصر؟ يالهول الفكرة! الزمنُ الذي كتب فيه هؤلاء العظام، كان زمنًا عظيمًا يليق بأسمائهم ويضمن لهم أن كلَّ القراء نخبويون! فهل أنتمي أنا لعصر مشابه؟ حُكمًا، لا! على إنني أعيد التفكير وأقرر اختيار أحد بديلين: النزول إلى مستوى لغة العامة لكي أحصد أكبر نسبة قراءة، أو أنتصر للجمال والرقي، فألتزم باللغة الرفيعة وأنشغل بالسؤال الوجودي الذي لا يموت، وإن قرأني خمسةُ أشخاص لا غير. ودائمًا ما أنتصر للبديل الثاني. أولئك الخمسة يكفونني على رهان بأنهم سيغدون عشرةً بعد عام، ثم ألفًا بعد دهر.
الصوت الانثوي في الادب.
* تعرفين ان الدارس (التقليدي) لمنجز الاديبات العربيات يركز في دراسته، قبل كل شيء، على الصوت الانثوي فيه. ولو اخذنا، على سبيل المثال، نصك: "محطة الرمل"، لوجدنا تشفيا بموت الرجل، السلطة، الظلم، وصعود صوت انساني ذي بعد واحد. أما زالت موضوعة المراة الضحية ثيمة شعرية ملحة؟
- هذا النص له خصوصية يتكئ عليها. خصوصية لا تنجيه من فخّ النسوية بقدر ما توقعه في شباك "الأنثوية". انتصاري للمرأة، في قصائدي ومقالاتي، بل وفي حياتي اليومية، لا ينطلق من حقل النسوية الضيق، بل من منطلق أوسع وأكثر جمالا ورحابة هو الوجودية. نعم، أنتصرُ للمرأة، وهي تهمةٌ لا أنكرها. ولكن، ليست بوصفها ضحيةً لكائن غاشم اسمه الرجل يتسيّد مجتمعًا بطريركيًّا، كما يفعل النسويون، بل أنتصرُ لها كونها كائنًا جميلا يستحق الانتصار له، إذا ما سلّمنا بأن الانتصارَ للجمال فرضُ عين لا فرض كفاية. أما سبب القصيدة وصانع إرهاصها فقد ذكرته في مقال عنوانه: "كريستينا التي نسيتُ أن أقبِّلَها". أما كريستينا فهي صديقة قسطنطين كفافيس في الإسكندرية التي عاش بها معظم حياته. اعتدتُ أن أزورها كل عام فأجلس في المقهى الذي تمتلكه Elite، بمحطة الرمل. أنظر إليها وتنظر إليّ، دون أن نتبادل سوى الابتسام. أفكر في أن هذه السيدة العجوز الجميلة كانت شاهدة عيان على أجمل قصائد التاريخ كتبها أمامها كفافيس وأونجاريتي وسواهما من شعراء عاشوا في عروس البحر المتوسط. ثم ذهبتُ ذات صيف ولم أجد السيدة في مقعدها. سألت فقالوا ماتت قبل شهرين! أهكذا؟ دون خبر في جريدة؟ دون تقرير إعلامي عن هذه المرأة الفريدة؟ أحزنني إهمالها أكثر مما أحزنني موتها. خرجت إلى شاطئ البحر وكتبتُ هذه القصيدة وأهديتها لها.
*لا اعرف لم تبادر الى الذهن توا تعاطي الادب العربي مع مفردات الجسد. وودت ان أسألك عنه. أي جسد يحضر في منجز ناعوت؟ ألا ترين ان القصيدة الحديثة بدأت تدرك ان مقولة جمالية يزخر بها الجسد؟
- لا يشغلني سؤال الجسد في قصائدي على نحو "الهوس"، الذي يشغل سواي من الشاعرات والشعراء. الجسد، على أهميته، يظل خيطًا واحدًا في نسيج معقد كثيف اسمه سؤال الحياة. لذلك أعطيه من اهتمامي بقدر وجوده حجمًا وقيمةً في ذلك النسيج الواسع.
* الاستفهامان السابقان يقودان الى آخر: ترى هل يلعب الأدب دورا حيويا مجابهًا للبطرياركية؟
- الأدب وظيفته محاربة القبح والانتصار للجمال. مثله مثل ألوان الفنون كافة : الموسيقى، التشكيل، النحت، العمارة، المسرح. فإذا كانت الهيمنة الذكورية، التي أشعلت في العالم حربًا ضروسًا ومجازرَ واحتلالاتٍ واستعماراتٍ وأهوالا وفاشيات وأحكاما شمولية قامعة، الخ، فإن وظيفة الأدب مجابهة كل هذا. في المجتمعات الماتريركية، الأموموية، قديما في صدر التاريخ البشري، كان النماء والمحبة والخير والرخاء يسود، لأن المرأةَ كائن أكثر تطورًا على المستوى النفسي والروحي من الرجل، وهذا ليس رأيي وحدي بل رأي جل الفلاسفة الذين توفروا على قراءة الظاهرة البشرية، ومن ثَم انتصروا لمذهب تأنيث العالم.
الترجمة والاخر
* بات معروفا انك مترجمة لنصوص (تغارين منها)، بل وتخطين لنفسك فرادة تفترق عن النموذج المترجم التقليدي. لكن السؤال الذي يلح الآن: أثمة تأثير حداثي على التجربة العربية الحديثة؟ ألا يمكن للمحلي ان ينفرد بمهمة التجديد دون تلاقحه.
- الفكرة التي طرحتَها عنصريةٌ، رغم كونها ظاهريًّا تهجو عنصرية "الآخر" الغربي، وتنتصر للنقاء العربي، إن جاز التعبير. تلاقح الفكر الإنساني سمةٌ إنسانيةٌ عُليا لا يجب النفور منها. كل مجتمع قادرٌ على التشرنق حول ذاته، والاكتفاء بمنجزه عن العالمين. لكنه لن يفرز أكثر مما تفرزه الشرنقة: مجرد يرقة بيضاء ضعيفة تطير هنا وهناك في عالمها الضيق، تعيش برهةً ثم تموت. أما إذا سُمح لهذه اليرقة أن تجوب العالم، وتقفُ على زهور الكون الكثيرة الملونة، سوف تصحُّ أجنحتها وتتلون وتعيش طويلا.
* أيهما يفتح أمام فاطمة ناعوت فضاءات واسع.. الشعر العربي أم الإنكليزي؟
- الشعر الجيد. اللغةُ، على أهميتها في الشعر كونها الأوركسترا التي تعزفُ اللحن، إلا إنها تظل وعاءً للشعر. وعاء يحمل مفتاح السِّحر، نعم، وعاءً يحمل نبض الإيقاع، نعم، سوى إنها في الأخير وعاء. تظل أوركسترا كاملا يعوزها عصا المايسترو التي تسيطر على اللحن وتضبط إيقاع الموسيقى. تلك العصا هي الشاعر. الشعرُ الجميل هبةٌ من السماء، لا شيء يشبهه سوى الفردوس، أيًّا ما كانت اللغة التي كُتب بها.
الصحافة والنقد
* أشعر بالريب من أن يعمل الأديب في الصحافة. هل تقتل الاخيرة وقت الأولى؟
- كل الخبرات الإنسانية مُثرية للأديب. والعمل الصحافي، مثلما الترجمة والنقد والرسم الخ، كلها روافد تفيد الشاعر والأديب. بالنسبة لي فقد انتبهتُ مبكرا لهذا الخطر الذي تتكلم عنه في سؤالك، لذلك أصررتُ على أن يكون عمودي بالصحف أدبيًّا بقدر ما هو صحافي. حتى لو تكلمتُ عن أزمة رغيف الخبر، أو حرب غزة، أو سقوط بغداد، أنتبه ألا يسقط قلمي في مداد الصحافة بقدر ما ينهل من مداد الأدب.
* لدينا في العراق مشكلة عويصة وتتلخص بعدم قدرة الاعلام على متابعة المنجز الادبي الرصين، وينشغل، في مقابل ذلك، بسيل من النقود السطحية. كيف الصورة في الاعلام المصري؟
- كأن توصيفك ينطبق على مصر أكثر مما ينطبق على غيرها من بلدان الله. الحال متشابه هنا وهناك، لأن المنطقة العربية مثل الأواني المستطرقة، في السلبيات فقط. ينهل أحدها من مشاكل الآخر. أما في الثروات فتتشرنق كل دولة على ما لديها وتحرم منه شقيقاتها الفقيرة. هذا من نكد الدهر.
افق قصيدة النثر
* وفقا لبعض النقاد فان اللحظة الشعرية الراهنة لا تنتمي الى السياق التاريخي العربي. أترين أن الفرصة سانحة الآن للأخذ بقصيدة النثر نحو أشكال أكثر تطورًا؟
- قصيدة النثر، رغم طول عمرها الذي يقارب الستين عامًا عربيًّا، ومئة وخمسين عامًا عالميًّا، مازالت في طور السيولة، لم تتبلور بعد، وأمامها أمدٌ من السنوات حتى تتبلور وتتشكل في قالبها النهائي. ثم لن تلبث أن تصبح تاريخًا ليحتل مكانها شكلٌ جديد، لا أعرف ما هو الآن. تلك صيرورة الفن الذي هو ملولٌ ضجِرٌ لا يستقر على حال، وهي إحدى سمات جماله.
العراق ومصر
* يشغل بال المثقفين العراقيين الموقف العربي مما يجري في العراق، ويزعجهم كثيرا الانخراط في مقولات فئوية لا تعير أي اهتمام بالعزلة الثقافية التي يمرون بها. بماذا تعلقين؟
- الناظر من وراء لوح زجاجي يراقب ما يحدث، ليس كمثل المنخرط في الأزمة يصارع الهول. في مصر نقول: "اللي إيده في الميا مش زي اللي إيده في النار." جرفنا جمال عبد الناصر قديما إلى وهم زائف اسمه "القومية العربية"! ما الذي يجمع بين الدول العربية ليقيموا ما يسمى "قومية" أو "وحدة"؟ اللغة؟ الدين؟ المصير المشترك؟ كلها أوهام خائبة لم تُفضِ إلى شيء. الدول الأوروبية ليست من لغة واحدة تجمع بينها لكنها نجحت في خلق سوق أوروبية مشتركة. لماذا؟ لأن الفكر هو ما يجمعها. مبدأ الحياة والتقدم والتطور والليبرالية والحرية. هذا ما يجمع بين الناس. لكن انظرْ للعرب. لا شيء يجمعهم بقدر ما تفرقهم ملايين الأشياء. العرب لا تخلو قصائدهم من مفردات مثل: بيروت، بغداد، القدس، الخ، لكن سَلْ واحدا منهم: ماذا فعلت من أجل تلك الأيقونات الثلاث؟ لا شيء سوى الكلام الأجوف والقصائد الركيكة. نحن يا عزيزي في أزمة حقيقية، تليق بنا ونليق بها، السماء تعطي كل إنسان ما يستحقه. ونحن العرب نستحق هذا الشتات لأننا لم نفعل ما يؤدي إلى العكس! عن نفسي لا أعتبرُ مصر عربية، بل هي مصرية فرعونية غزاها العرب واحتلوها لتغدو عربية. العراق كذلك، من وجهة نظري.
* كيف هو العراق بعين فاطمة ناعوت اليوم؟ اثمة مقاربة بين العراق ومصر، ام الامر جد عسير؟
- العراق في نظري أحد أرقى الدول في العالم. دائمًا ما أردد أن مصر والعراق وسورية هي البلدان الأرقى في كامل الرقعة العربية، لسبب بسيط، أنها أراضي حضارة قديمة حقيقية. أما بقية الأراضي فليست إلا مجتمعات صحراوية اعتمرتها البداوة ولم تعرفها الحضارة في قديم زمانها. العراق هو البلد الذي تمنيتُ أن أزوره ولم يتحقق أملي بعد، على كثرة ما جبتُ من بلاد العالم.
دوائر الطباشير
لن ألتقيكَ اليوم؟
فقد محوتَ وجهَكَ القديمَ من ذاكرتي
واستبدلتَ به
خطوطًا جامدةً
ارتسمتْ عند باحة "رابعة العدويّة"
التي أطرقتْ في صمتٍ
يليق بالمحنةِ القادمة،
ثم أغمضتْ
حين التصقَ وجهُكَ بصدرِها
شاحبًا كقديس،
ينسربُ بياضُه من الأصابعِ
في وهنٍ
يشبه الحروب الباردة.
أيها المشجوجُ بفأسٍ
ألابد أن نلتقي؟
في مرسمِ البنتِ التي غدرت بكَ،
وغاصت في الدائرة التي رسمتْها بالأمس؟
البنتِ التي أطاحتْ بحُلمِكَ
ثم صالحتْكَ بريشةٍ
ورزمةِ أوراقِ فارغةٍ؟
مغدورةٌ أنا مثلك
شجَّني ولدٌ
ثم فرَّغَ بالمثقَبِ جُمجمتي
ليملأَ موضعَ الفوضى
لونًا وقشًّا
وكثيرًا من الصمتْ.
كان لي ولدٌ
كان لي ولدان
سرقتْهما دائرةُ الطباشير القوقازية
ألهاني ألمُ الرأسِ عن جذبِ ذراعيهما
فضاعا.
للصامتين أن يلتقوا مساء الأحد
في مراسمِهم التي أعدّوها على عجلٍ
قبل أن تبتلعَهم الدائرة التي،
لا تنمحي.
لكن ذوي الشجِّ
يمتنعون.
بوسع المشجوجين
أن يلملموا الترابَ والبنَّ من الجبل
ليسدوا الشروخ في أعماقِهم،
بوسعهم أن يساوموا دودةَ القزِّ
علّها تتقيأُ شيئا من التوتْ
الذي ادخرته في جوفِها
ثم يدارون سوءاتِ رؤوسِهم المصدوعةِ
بأوراقه الخضراء.
"مها" ستعود يومًا،
حين ينفلتُ "مازن" من الأنشوطة الخائنة
وحين يتكلم "عمر" ليهتفَ:
أيها الرجل
كيف استطعتَ أن تحوّلَ المحنةَ
إلى لونْ !!




تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow