كيف نكتب؟
خاص ألف
2010-04-23
هناك محرمات مفروضة علينا في التفكير . عندما نكتب لابد أن يعمل مقص عقلنا الداخلي ، وليس مقص الرقيب . فنصنف ما نفكر بكتابته لنرى أن الممنوعات هي القاعدة العامة . مقص الرقيب سهل . لأنه يتخصص بسياسة محطة ما ، أو دولة ما ويكون لك الحرية بعدها . لكن محرمات عقلنا الداخلي كثيرة . لست أنا فقط من أخاف . كلكم مثلي خائفون مهزومون تكتبون على أنه القلم الحر ، لكنه القلم المحرم المحظور . ليس من قبل رقيب خارجي بل من عقلكم الباطن الذي أرهبه موضوع الرقيب والرقابة فأعطى لنفسه الحق برقابة ذاتية أو ربما إلغائية لقلمه هو . البعض من الذين يكتبون بقلم حر مقصوص بمقص عقله الباطن يفهم ما أتحدث عنه فهو يكتب من حيث لا يدري . يسترضي ذلك الشخص أوذاك النظام . هو فعلاً عبر عن ذاته ، لكن ذاته تلك تمسك بالمقص وهي تنتظر كلماته لتقول له : هذه احذفها من أجل أن لا يتأذى أهلك هناك، وتلك الكلمة عدلها كي لا يفهم الشخص المعني أنها تتناوله - لكنها تتناوله ! – احذف وكفى .
هناك برمجة لغوية عصبية . برمجة ذاتية ، وبرمجة عربية . البرمجة العربية هي أنجحها ، لأنها تمكنت من إقناع الفرد أن عليه أن يقص من ذهنه كل ما يظهر هويته . تصوروا وصل بنا الحد أنه ربما لم نعد تحتاج للسجون لأن كل إنسان أصبح رقيباً على نفسه، ومقصاً لما ترغب بها من الكلمات . قد يشير أحدكم إلى نفسه بأنه بطل لا يهم قلمه سوى الحق . ربما وجد ذلك الشخص ، لكنه من المؤكد ليس أنا . فأنا أخاف حتى من الجدران ، وما نفع كلمتي التافهة إذا كانت ستنزل العقاب بأخي على سبيل المثال . لدي ذلك الرقيب الداخلي الغير شريف الذي يقص من الكلمات أجمل معانيها ومن الألوان أكثرها إشعاعاً لذا أحاول في أكثر الأحيان أن أخرج من هذه الدائرة التي يعمل مقصي بها فيقص ما أكتبه حول المجتمع والدين والسياسة والعلم أي كل ما أكتبه عن الحياة .
كل ذو عاهة جبار ، وأنا من الذين ولدوا بهذه العاهة – المقص – لذا ألجأ إلى كتابة نفسي مرات بالورد وأخرى بالألم والوجد . أبتكر قصص الحب ، وأحقق النجاح وأدعو لبطولات لا تتم من خلال السيف . أتحدث عن خوفي وهزيمتي وأعنيكم بها . أتحدث عن السعادة والحياة فتسعدون بينما يكون الاكتئاب ونوبات الذعر يطارداني من زاوية لأخرى .
عن ماذا نكتب ؟ نكتب أحياناً عن أنفسنا التي هي أنفسكم . عن أحلامنا التي هي أصلاً أحلامكم لكننا لا نتجرأ في الوصول إلى النهاية . لأننا لو ناقشنا الموضوع من كل أوجهه لاستيقظ مقصنا الذي يغفو عندما نكتب بحروف سوريالية ويستيقظ عندما تصبح عربية .
هل نمتنع عن الكتابة وقد خلقنا لها ؟ لا نجيد غيرها . ماذا نفعل ؟ كيف نزيل تلك المقصات ليرحل قلمنا إلى الحرية الفكرية ، ويكون لنا أسلوب كتابة وأسلوب تفكير .
لو توقفنا عن الكتابة لم يعد أمامكم شيء تتمتعون به، لأننا نكتب الموسيقى والرسم والغناء والحب . سنكتب نعم . لكننا قد نكون جبناء بعض الشيء . عن نفسي فإنني ربما لا أكون جبانة بقدر ما أنا خجولة عندما أقول الحقيقة . علي أن ألف وأدور كثيراً حتى يصلكم بعضها . لا أرى هذا عيباً فأقلام العالم كلها لا تساوي حياة إنسان بريء ، والحقيقة قد تودي أحياناً بحياته . لذا فإنني أعدكم أن أكتب لكم صفحاتي السوريالية المجردة أحياناً بحروفها الملونة كي يبقى للكتابة مكان نجتمع فيه بمحبة وعشق للحروف حتى إن كانت تكعيبية أو تجريدية أو سوريالية .
نادية خلوف .
××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |