Alef Logo
الغرفة 13
              

التحالف مع الشيطان.. الطائفة أولاً

2010-04-30


خاص ألف


عندما خلق الله الكون في ستة أيام، كان بمقدوره أن يخلقه في يوم أو في ساعة أو في دقيقة أو لحظة واحدة..

فالله قادر على كل شيء إذا أراده، بمجرد قوله كن، فيكون..

الله الذي لا حول ولا قوة إلا به، كان بإمكانه صنع دين واحد ومعتقد واحد وذهنية واحدة. فلماذا كل تلك الديانات والمعتقدات والذهنيات والطوائف؟

الله الذي خلق العقل وقال له: أقبل، فأقبل. وأدبر، فأدبر. فوضعه في أحسن خلقه (الإنسان)..

ما دعاني لسرد تلك المقدمة هو ما نشاهده ونسمعه من أولئك الذين يسمون أنفسهم القائمين على معرفة الله (الشيوخ- القساوسة- الأئمة- المرجعيات...إلخ). وبالمناسبة، فالجميع يدعو إو يدّعي بأنه ضد التعصب الديني والطائفي والمذهبي من باب الوحدة الدينية أو الاجتماعية والإنسانية، وخاصة من خلال القنوات الإعلامية. إلا أنهم أبعد ما يكونون عن معرفة الذات الإلهية، وأقرب ما يكونون إلى معرفة الذات الشيطانية، التي تدعو إلى الجمهرة والغوغاء والقطعانية و(الشِللية) كما يحدث عادة في المناظرات الدينية والطائفية، والثقافية، بل وحتى في مباريات كرة القدم ... وكل ذلك سببه العماء والتعصب والمصلحة.


- مناظرة علمانية- دينية

ما زلت أذكر، وأنا في السنة الثانية في الجامعة، حين أعلنوا عن مناظرة بين (البوطي) متمثلاً بالدين، و (الطيب التيزيني) الذي يمثل التيار العلماني، على مدرج جامعة دمشق. ويالهول ما رأيت.. أشخاص بلحى دون شوارب يرتدون (الجلابيات) يتسلقون سور مبنى رئاسة الجامعة، وعناصر الأمن الداخلي يحيطون بالمبنى دون قدرتهم على السيطرة لما يجري.

وقبل انعقاد المناظرة بدقائق معدودة تم إلغاءها!!..

ترى.. هل السبب يعود للعلمانيين، أم للدينيين.. أم لشيء آخر، ربما يتعلق بالاثنين معاً؟ الجواب، ودون مجادلة يعود لمصلحة الفريق الديني، لأنه في حال جرت تلك المناظرة ستؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها. وبصراحة، سيكون الطرف العلماني ضحيتها دون شك.

تلك الحادثة جعلتني أعيد حساباتي من جميع الجوانب، وخاصة الجانب الديني منها. وجعلتني أفكر في مستقبل هذا البلد المتعدد المذاهب والعقائد والأيديولوجيات.

قبل ذلك بحوالي خمس سنوات، أي عندما كنت طالباً في الصف التاسع، انضممت إلى إحدى (الحلقات) الدينية التابعة لجامع (أبو النور) والذي كان يشرف عليه في ذلك الوقت مفتي الجمهورية "أحمد كفتارو"، وإلى هذه اللحظة لا أعلم ما الذي دعاني إلى ذلك الانضمام، إلا أنني أذكر بأن أحد زملائي في الصف المدرسي اصطحبني معه ذات جمعة إلى الصلاة في ذلك الجامع وعرّفني على مشرف الحلقة الدينية. تتالت بعدها اللقاءات في الجامع وفي منازل (الأخوة) –كما كنا نسميهم آنذاك- وفي منزلي.

أول ما كنا نمارسه في الغرف التي نلتقي فيها هو طقس "الذِكر" –التسبيح-، بعد إطفاء النور والاستعاضة عنه بشمعة. بعد ذلك يبدأ المشرف بتلاوة ما يتيسر له من الذكر الحكيم، ثم يبدأ بالتنظير حول الفقه المنهجي على الطريقة الشافعية وما يحتويه من تعاليم تتعلق بالغسل والطهارة وآداب الصلاة...إلخ.

ولعل من أجمل الطقوس التي كنا نمارسها هو طقس الإنشاد الديني، وطقس كرة القدم بعد ارتدائنا (الشورت) الذي يغطي العورتين –الركبة والسرة-. المباريات كانت تتم عادة بين حلقتنا وحلقة المشرف (أبو عواد)، وغالباً ما كنا نخسر.. ولهذا السبب، أو لأسباب أخرى، أوصانا مشرفنا ذات يوم بمقاطعة حلقة (أبو عواد)!

بقيت في حيرة من أمري، متخبطاً بين إيجابية هذا وسلبية ذاك، متنقلاً من فكرة لأخرى ومن حزب لآخر. وأكثر ما كان يطرح علي من أسئلة:" من أي طائفة أنت؟!" حتى ضمن الأحزاب العلمانية!.

في أحد المرات قررت الانضمام إلى إحدى الجمعيات التي تعنى بحقوق الإنسان، فسألني أحد أعضائها المؤسسين: هل أنت بعثي؟ فأجبت: لا... هل أنت علوي: فأجبته أيضاً: لا... هل أنت منتسب إلى أي حزب من أحزاب الجبهة التقدمية؟ :لا لا لا.. ثم ما هي المشكلة في ذلك؟ ألستم جمعية حقوقية أم أنكم حزب سياسي؟! فأجابني: نعم، نحن جمعية تدافع عن حقوق الإنسان ولكن، يجب أن نكون واقعيين، فالبعث والطائفة العلوية هما من يضطهدان مواطني هذا البلد!!!.

وبخفّي حنين، انسحبت من تلك الجمعية دون تبريرات أو ملاحظات من قبلي، وقمت بتغيير رقم (موبايلي) أيضاً.

منذ مدة قصيرة استهوتني كتابات خليل عبد الكريم ونصر حامد أبو زيد والسيد حسين فضل الله. وبالمقابل أصبحت أتابع خطب أئمة المساجد يوم الجمعة وحضور الموالد التي تقيمها بعض الفرق الإسلامية السنية (الشاذلية- القادرية- الرفاعية- الجيلانية- الخزنوية...)، ومتابعة المناظرات التي تقدمها بعض القنوات التي يدور حوارها الديني بين الشيعة والسنة، والمواقع الشيعية والسنية على الإنترنيت.

الخلاصة التي توصلت إليها بعد كل ذلك التاريخ المضني، وأنا لم أتجاوز عامي الرابع والثلاثين، هي ما يلي:

1- الدجل الممارس من قبل جميع الفرق والطوائف حول ما يسمى حوار الأديان والتقارب بين الطوائف وإلى ما هنالك من تسميات.. فما يحدث في العراق اليوم على سبيل المثال من عمليات تصفية طائفية من قبل بعض الفرق (السنة والشيعة)، ما هي إلا ممارسات عنصرية في الأصل مورست وما تزال تمارس في فلسطين!

2- التعصب السني الأصولي الواضح وخاصة بعد أحداث11 أيلول، من باب الفعل ورد الفعل. وهذا ما يخطط له اليهود بالضبط، وذلك لتبرير حربهم الدينية الأصولية ضد المسلمين الأصوليين. فنشاهد اليوم الكثير ممن يرتدون (الجلابيات) القصيرة، مطلقي اللحى، حالقي الشوارب، معتمري القلنسوة البيضاء. بالإضافة إلى النسبة الكبيرة من المحجبات في الشوارع والجامعات والمدارس، دون معرفة ما يعنيه الحجاب، فقط، لأن الواقع أجبرهم على ذلك. أما شيوخ المنابر فقد علت أصواتهم في خطب يوم الجمعة:"ألّهم اقضي على دولة اسرائيل وعلى أمريكا وعلى النصارى.. المسيحيين.. الصليبيين، وعلى كل من والاهم إلى يوم الدين.. آمين!!".

3- الخطاب الشيعي المتشنج والمعادي لأهل السنة في الحسينيات والمجالس الخاصة بهم. فنأخذ على سبيل المثال هذا الحديث –الخطاب- للشيخ (العلامة حسن شحاتة) حيث يقول:".. لعنة الله عليك يا عائشة –زوجة الرسول- ويكررها ثلاث مرات ثم يتابع: يا ابنة الكلب! كيف ترضين أن ينام أبو بكر وعمر عند الرسول، ولا ترضين أن ينام الحسن والحسين عنده؟ أنت بالفعل ابنة كلب..". أو هذا الحديث لمرجع آخر وهو (مجتبى الشيرازي):"من جملة أفعال عائشة بنت أبي بكر جريمة جنسية، فقد قال الإمام الباقر(ع):قيل لعائشة أنه أقبلوا بالحسن ابن علي ليدفنوه بقرب قبر النبي فخرجت عائشة مغادرة على ظهر بغل ولم تخرج بحجاب أو هودج.. فانظروا إلى تلك الوقاحة والعهر..". هذا بعض ما يتعلّق بعائشة. أما الآن تعالوا لنستمع من أحد علمائهم وهو (ياسر الحبيب) في إحدى خطبه:"..إن تلك المساجد التي تعود لمن يسمون أنفسهم هيئة علماء المسلمين، وهي هيئة علماء الكذب والكفر، يجب أن تهدم! ولا يجب التراجع عن هذه المسألة.. قوانين الله يجب أن تطبّق بدون محاباة..". ولا أعلم صراحة من أين جاء بتلك القوانين الإلهية. ملاحظة: (جميع تلك الأحاديث والخطب موجودة لدي بالصوت والصورة).

4- بالمقابل فإن أهل السنة المغالين يعتبرون الشيعة مجوساً وعبدة للنار، وليست تلك الدعوة -الشيعية- سوى من صنع شخص يهودي اسمه عبدالله بن سبأ، وبغض النظر عمّا قام به هذا الرجل، إلا أنني أتساءل كيف توصلوا إلى يهوديته، ولماذا؟..!

وربما أكثر ما تعتمد عليه الطائفة السنية هو ذلك الحديث المنسوب للرسول محمد، الذي لا أعرف سنده ولا أصله أو فصله، وهو يقول:" سيأتي يوم تنقسم فيه أمتي إلى بضع وسبعين ملّة.. جميعها في النار يوم القيامة، ما عدا واحدة!". وهذه الواحدة، حسب تعبير السنة، هي الملّة السنية!. والطريف في الأمر هو أن بعض الملل الأخرى تأخذ بهذا الحديث أيضاً، ولكن، على أساس أن ملتهم هي التي ستدخل الجنة، وبالتالي فالملل الأخرى جميعها كافرة، ومصير الكافر.. الموت!.

5- بعد تلك الصيحة التي أطلقها جورج بوش إبان حرب أفغانستان، والتي يصف فيها حربه بـ (الصليبية المقدسة)، هاجت جماهير المسلمين، على اختلاف مللهم وقومياتهم وبلدانهم، على الفرق المسيحية التي تعيش بين ظهرانيهم، بحجة ديانتهم التي توحدهم مع جورج بوش، وهم –المسلون- متناسين أن الحملات الصليبية السابقة كانت لا تفرق، في عمليات الإبادة، بين مسيحي ومسلم، كما حدث في الحملة التي توجهت إلى القسطنطينية المسيحية عندما قتلوا السكان ونهبوا الكنائس والأديرة، أو في الحملة التي دخلت بيت المقدس، والتي كان أول من دفع فيها الثمن هم المسيحيون أنفسهم قبل المسلمين!.

طبعاً هذا كله لا ينفي التعصب المسيحي لدى بعض فرقهم تجاه المسلمين وغيرهم، وبين بعضهم البعض أيضاً (الروم- السريان- الآشوريين- الكلدان- الموارنة- الأقباط.. إلخ)..

كل هذا وذاك، والشيطان جالس، مع الجميع، يستمع إلى كل تلك الملل والنحل-على حد تعبير الشهرستاني- ويبدي نصائحه لهم ويوجههم إلى سراطه. وهم، ما يزالوا يتسابقون لأجل الفوز بعبور ذلك السراط.

×××××××


نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.

ألف






































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow