Alef Logo
يوميات
              

" مزيفون دون أن ندري "

خاص ألف

2010-05-03


هل نحنُ مزيفون ؟ نعم . أغلبنا قادَ عمليةِ تزييف لاواعيةٍ تجاه نفسه . الزيفُ : هو السلوك الذي يحكمُنا منذ نشأتنا الأولى ،وهو الذي يتحكمُ بنا فيما بعد . نحن مختلفون في طريقةِ التفكير ، وفي السلوكِ لأننا نكتسب أنماطَ السلوكِ التي نتعودُ عليها منذ طفولتنا . هناك في منزلنا الأول عندما كنا صغاراً بدأنا بالتعلم . تعلمنا كيف نبتكرُ قصةً ما لندافعَ عن خطأ ارتكبناه خوفاً من العقاب . عشنا في أسر تشددُ على العقاب وهذا ما جعلنا نخافُ . نكذبُ من أجل أن ننجوَ من العقاب . بمعنى آخر نسعى من أجل عدم الإدانةِ . كما أننا نقلدُ الكبارَ بنفسِ الوقتِ ، فكيف لنا أن نتعلمَ أن القراءةَ ضرورةٌ إن لم نقلدْ أهلنا في ذلك ؟ نحن نتربى على ما يفعلونه بشكلٍ غير مباشر أي بشكل مصاحب . تلك العملية التي تتم من خلال مراقبةِ الطفل من خلال عقله الباطن لسلوك الأبوين ، حيثُ يبدأ النمط السلوكي في التأصلِ لديه بناء على ما يتكرر تسجيلهُ في ذلك العقل . وكوننا ننتمي لثقافةٍ تفرضُ على الإنسان أن يدفعَ ثمن الحبِّ الذي يقدمُه الآخر . لم يكن أمامنا طريقة سوى تجميلِ الأفعال أمام الأهل كي نحظى بمحبتهم . وبنفسِ الوقت نكونُ قد أقنعنا أنفسنا بالأشياءِ التي قمنا بتحريفها .
أغلبُ الناس يريدون أن يكون كلُّ شيء مرسوماً وفقَ معاييرهم الذاتيةِ . من طبيعتنا أن نشيرَ دائماً إلى نواقصِ الآخرين ، ونتجاهل ما ينقصُنا . لا نشيرُ إلى أنفسنا . مع أننا نحملُ أحياناً نفسَ النواقص . هذا يعني أننا في عقلنا الباطنِ والظاهرِ لا نرى عيوبنا الشخصية ، وفي حالة إنكارٍ داخلي لها تجعلنا نشعر بأننا صادقون على الدوام ، وترانا نتغزل بأنفسنا . نصفُها بأوصافٍ نحبُّها وبالتدريج نسيرُ نحو تمجيدِها . لابدَّ لنا إذن أن نتغاضى عن الأخطاءِ . نحنُ نحدِّثُ داخلنا بذلك . نقنعُ ذلك الداخل الذي يدعى "عقلنا الباطن " ويصدقُنا ، ثمَّ يقومُ بالنيابةِ عنا بإخفاء الأمرِ عن الآخر. بل عنا نحن. هذا هو الزيف أو عملية التزييف كاملة أما لماذا نخفي الأمرَ ؟ كي لا نظهرَ على صورتنا الحقيقيةِ . ولا نعترفَ بدوافعِنا المكبوتةِ أو نواقصنا التي يمكننا لنا أن نكشفَها بسهولة ٍلو تعمقنا قليلاً . بل إنَّ وصفَ أحدهم لنا وصفاً حقيقياً يجعلُنا نشعرُ بالخوفِ لأنه نبشَ من أعماقنا ما أردنا أن نخفيه حتى عن أنفسِنا . إنها عمليةٌ لا إراديةٌ نقومُ بها . لنظهرَ أمام أنفسنا وأمام العالم بصورة مضيئةٍ ، وبذلكَ لا تتناولنا أصابع الاتهام ويتمُّ قبولنا . في هذه الحالة نكون كاذبين أو مزيفينَ دون أن ندري . لقد ارتسمَ الخطُ الأعوجُ فينا . وافق عليه عقلُنا الباطن . كما صدقناه نحن . أصبحنا نتصرفُ على أنه الحقيقةُ ، ففي الوقت الذي نضمرُ فيه الشر . نصرِّحُ بحبنا للخيرِ مثلاً . لقد انتهجنا خطنا الثابتَ في المواربةِ وعدم الاستقامةِ .
نحن لا نختارُ هذا النمط من الحياة بشكل واعٍ . أنما كل ما نفعلُه هو عمليةٌ ذهنية داخلية تبقي صورتَنا لامعةً براقةً . نعتقد بصحةِ أحاسيسنا تجاه أنفسنا ، ليصبحَ نمطُ حياتنا كله يستندُ بشكلٍ أو بآخر على هذا السلوك المزيفِ . إلى متى نظلُّ نلبسُ الأقنعةِ ولو بنداء من عقلنا كي نفوزَ باحترام الآخر ؟ لا يمكننا خداعَ الناس إلى الأبد . علينا أن نأخذَ رأيَهم على محملِ الجد ونستشيرُ ذوي الخبرة في أمورنا .
إذا كان عقلُنا هو من يحسِّن لنا الصورةَ أمام أنفسنا . نحن بريئون إذن ! لماذا توجهُ إلينا أصابع الاتهام ؟ يمكنُنا القولُ : أن هذا العصر الذي أصبح فيه البشر يسعون إلى تحرير أنفسهم مما شابها من أخطاءٍ ناتجةٍ عن التربية أو عن أشياء أخرى . كي يعمهم السلام . بدءوا بالعودةِ إلى دواخِلهم . ومراقبةِ ما هي عليه حالهم . فهل داخلهم يمثل أفعالهم ودوافعهم ؟ إن كان هذا التوافق وهذه المصالحةِ قد تواجدوا فإن هذا هو الضمير الحي . إنها الاستقامةُ التي تعني أن نعني ما نقول . إن كان الأمر مختلفاً عما هو عليه في داخلنا . علينا إعادة الأمورِ إلى نصاِبها ، ولا بد أن تكون محادثتنا الداخليةِ مع أنفسنا كي نكشفَ أنفسنا أمام ذاتنا ونعريها من أجل بنائها من جديد . مع إزالة جميع الأقنعة التي ألبسنا إياها ذلك العقل كي نتمكنَ من الاستمرارِ بشكلٍ نرضى عنهُ، ونكسب ثقة أنفسنا وثقة الآخر . عند ذلك فقط نرتاحُ . لمّا نتوصل إلى معرفةِ كل هذا . نبدأُ رحلةً جديدةً فيها مفاتحة داخلية عميقة. تحدثُنا عن حقيقتنا لنتصالح معها ، ونصلحها أيضاً . بذلك فقط يمكننا أن نكون نحنُ أنفسنا . غير مزيفين يعمنا الرضا عن الذاتِ ، وتوافق داخلنا مع خارجنا وبذلك نكونُ قد شكلنا ضميرَنا الحي من جديدٍ .
نادية خلوف
[email protected]
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow