عندما نجامل
خاص ألف
2010-05-24
قد تكون الحياة مسرحاً كما قال شكسبير . مادام المسرح لنا ، ونحن الممثلون. علينا أن نؤدي الدور . لكن ما هو دورنا على هذا المسرح الذي هو لنا ؟ تتعدد الأدوار . بالنسبة لي : لو خيرت لكنت غنيت أغنية جميلة عن الحب تمثل حالة حقيقية أعيشها في تلك اللحظة فتأسر الجمهور بصدقها . لكنني لم أغنها ولم أعد قادرة على ذلك . أتدرون لماذا ؟ سأقول لكم : كنت مجاملة من الدرجة الأولى للتخلف . كيف ؟ كنت بكل بساطة مزيفة . أردت أن يصفق لي جمهور مزيف مثلي فرض أفكاره . أردت أن تكون صورتي لامعة أمامه - أعني التخلف - لذا خسرت نفسي قبل كل شيء ، وانتهى دوري على المسرح . بت بعدها مغتربة ومتغربة عن نفسي والمجتمع . لم أغني أغنيتي . لم يصفق لي أحد . أعطيت حياتي ثمناً له. و " له" هذه تعني التخلف دائماً . فعلت ذلك كي لا يضعني على قائمته السوداء وأفوز بغمزة رضا منه . . لذا حزمت حقائبي فيما بعد . هربت من نفسي أولاً ومنه ثانياً .
قد تسألون : ماذا خسرتِ من مجاملة ما تسمينه التخلف ؟ كان لك وزن واعتبار . حتى لو عاد الأمر بك إلى الماضي ماذا كنت ستفعلين ؟ لقد فات الأوان . لكن أقول لكم : أنني أحببت أن أكون أنثى تسمع كلمات الغزل . مطربة تجيد الغناء . كاتبة لأفلام تمثل في السينما ، وأحضر العرض الأول فيها . أسمعكم تقولون : ومن أنت ؟ أقول لكم : إنني من رائحة عشتار . من عصر كانت النساء فيه آلهة . إنني أنثى رغبت في ان تبقى كذلك على مدى الأيام . لكن مجاملتي جعلت مني شبه أنثى . لم أعترف بنفسي أبداً ، كي لا يغضب مني " هو " وبذلك تسوء سمعتي معه . لذا حزمت حقائبي على أمل النسيان . عندما أنسى لابد أن أعود إلى طفولتي . أشتري فستاناً جميلاً أقف فيه على مسرح مدرسة بعيدة ، لكنها نظيفة . تحيط بي فتيات كالملائكة . أغني أغنيتي . يصفق لي الجمهور . أكون سعيدة ثم أنتقل إلى الشباب بعد أن أنحني لجمهوري بتواضع وفرح الأطفال . .
الجميع يرغب بمسرح وجمهور وثوب أو ربما بذلة جميلة . يرغب في أن يقول كلمة شكراً محيياً جمهوره . لكن الموضوع ليس في الرغبة أو الأمنية . الموضوع برمته مرهون بثقافتنا ونظرتنا إلى من يتفوق علينا بأداء مسرحي على مسرح الحياة . قد أكون في الماضي اكتسبت ثقافة الجمع الذي أنتمي إليه ، والذي لا يجوز أن أبتعد عن أفكاره ، لأنني أكون بابتعادي هذا قد خالفت ضمير التخلف .وحتى إن لم
أكتسبها لن يكون لي إلا ما يريده " هو " . في لحظة عتاب بيني وبينه . تجاوز على كرامتي كثيراً. قررت أن أخونه . لذا أردت أن أبدأ مرحلة جديدة من التآمر عليه . كي أفوز بالابتعاد عنه . وأعود إلى أصالتي حيث أنني أشعر أنني مملوءة بالإضاءة والعطاء . لكن لا طريق أمامي سوى المؤامرة . هكذا تربيت !
. هو يعرفني لم تكن حياتي لتخفى عنه . ضاق ذرعاً بي . احتج على الخيانة بعد أن رباني سنوات العمر كله. يطالب بحقه علي في الاعتراف بالجميل والتعويض عن رعايته لي .
أعرف جيداً أنني وقعت في الفخ . فخ الخيانة التي يستحق فاعلها الموت . لذا لابد من محكمة ميدانية استثنائية لفرض العقوبة علي . من يومها وأنا أنتظر بفارغ الصبر هذه العقوبة كي أنتهي من الموضوع ، وأصبح حرة مهما كانت العقوبة . "حتى الموت حرية في بعض الأحيان ، " لكنه رحم بي . فقط جردني من بركاته . هذا ما أخجل تواضعي وجعلني أسعى مرة أخرى لإرضائه . عقدنا صفقة جديدة . ترك لي حرية التعبير . من يومها قررنا استبدال اسمه بأسماء أخرى ليس لها معنى مثل شرف . كرامة ، وأسماء كثيرة يمكن ابتكارها حسب المناسبة . من يومها وهو يقدم لي الشكر والامتنان كل يوم على تحسين صورته و اسمه ، وتقديمه من جديد . تصوروا : أنني وقفت إلى جانبه عندما أصبحت النساء تقتل تحت اسم جريمة الشرف . هكذا أنا لي وجهان . أحدهما يرغب في الحرية . في أن أكون أنثى يخطفها فارس بحصان ولو كان أسود . إلى حامية للتخلف مبررة له قتل النساء على يديه .
الحياة مسرحنا . لن نقدم أدوارنا عليه بعد أن نغادرها . سيقدمها من يأتون بعدنا سيوجهون لنا التهمة بأننا كنا ممثلين في مسرح دمى ليس إلا .
أسأل نفسي اليوم : لماذا قضيت سنوات عمري كلها أبحث عن نفسي ولا أجدها في هذا المكان ؟ لكن من أين لي أن أعرف ذلك بينما أجلس في ظلام نفسي أناجيها كي تفك عني الكرب ؟ قد تضيق بنا المساحات ، وتتعبنا الأحلام ، لكن المجاملة فن تستطيع من خلاله قول ما ترغب في قوله بأسلوب لطيف تصل معه فكرتك ورسالتك إلى الآخر ، وليس أن تقع في أحضانه في زواج ليس فيه تطليق . لذا اكتشفت أنني لم أكن مجاملة له بل وقعت في أحضانه . لكن للأسف لن يكون طلاق بيننا ! ! !
نادية خلوف
كاتبة في موقع نور الشرق
[email protected]
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |