Alef Logo
الآن هنا
              

ثرثارو الصفوف الخلفية / (غالية خوجة أنموذجا)

بشير عاني

2008-04-23

في أحد المواقع الالكترونية، تفاجئنا غالية خوجة، أثناء تغطيتها لنشاط ثقافي أقيم في اتحاد الكتاب العرب بدمشق، باختزالات (نقدية) منقطعة النظير تعكس (علوّ كعبها) المعرفي و(تمرسها)

المهني، خصوصا وهي التي كانت قد قضت معظم الوقت، أثناء الندوة، في ثرثرة جانبية مع الشاعر عصام ترشحاني، الذي كان يقاسمها الصف الأخير من القاعة بعد أن اضطر جميع الحضور، وبطلب من رئيس الجلسة، للتقدم نحو الصفوف الأولى لعدم جاهزية أجهزة الصوت.
وغالية خوجة لا توقع نفسها في خرق آداب الإنصات، بل هي أيضا تكشف عن استهتار مهني، وكأنما تكتب لأناس خارج هذا الكوكب لا يقرؤون ولا يسمعون، عندما تورط نفسها في تغطية هذه الندوة دون إلمام كاف بما قيل أو قرأ فيها، مكتفية بالتقاط بعض الكلمات المتناثرة من أفواه المشاركين، متخفية وراء تعاميم واصطلاحات نقدية فضفاضة، ما أوقعها في تناقض أو نقل مشوه للحقيقة كذكرها الخاطئ، على سبيل المثال، لعدد وترتيب دواوين الشاعر فاضل سفان، الذي كانت الندوة مخصصة للاحتفاء بتجربته.
من جهة أخرى كيف يمكن لصحفي، هو شاعر بالأساس، أن يختزل قصيدة بكلمة واحدة عندما يصفها بأنها قصيدة منظومة، كما فعلت مع قصيدة الشاعر ابراهيم اليوسف ..؟
يا للعبقرية ..؟
قصيدة منظومة .. بالضبط هذا ما كتبته.. وبهذه الاختزالية العبقرية قيمت الخوجة قصيدة اليوسف نقديا، متناسية أن هذا الاصطلاح يعني أن القصيدة منحوتة، أي مصنوعة ذهنيا، وهل ما (كتبته) الخوجة إلا من هذا الصنف أو على هذا الشاكلة ؟
فيما يتعلق باتهامها لي ببطء القراءة، فأعتقد أن هذا شأن خارجي غير متعلق بالنص، وقد يكون عيبا، وربما كان لعدم وجود أجهزة الصوت تأثيرا في ذلك، إضافة لكوني كنت أرتجل شهادتي، ولم ألجأ للقراءة إلا نادرا، ولكن الحقيقة الأوضح أن الخوجة، وعلى ما يبدو، كانت في عجلة من أمرها، ولهذا أحست أكثر من غيرها بثقل كلامنا وبطء إيقاعه، ولا أدل على ذلك سوى خروجها المبكر من القاعة برفقة الشاعر عصام ترشحاني، بعد التوقيع مباشرة على قائمة الحضور، وهذا ما جعل تغطيتها الصحفية منقوصة حيث غابت إشارتها لقراءة الشاعر المحتفى به، والتي كانت خاتمة هذه الاحتفالية.
أما بخصوص اتهامها لشهادتي التي قدمتها شخصيا بأنها تقليدية ولا هوية لها فلن أعلق عليه، وسأضعه الآن هذه الشهادة بين أيديكم لتحكموا بأنفسكم..
بقي القول أن هذه الندوة كانت احتفالية خاصة تم تخصيصها من قبل جمعية الشعر في اتحاد الكتاب العرب للاحتفاء بتجربة الشاعر فاضل سفان، وكانت بإدارة د. وليد مشوح ومشاركة الشعراء ابراهيم اليوسف وبشير عاني ودرغام سفان، الذي تغيب عنها لأسباب خاصة به.
وفيما يلي النص الكامل لما كتبته غالية خوجة، كما تم سحبه من موقع مكتوب، يليه النص الكامل لشهادتنا، كما تم تقديمها في الندوة.

الاثنين,نيسان 14, 2008
(دمشق) ـ تغطية وتصوير: غالية خوجة

اجتمعت جمعية الشعر بتاريخ 12/4/2008 في اتحاد الكتاب العرب بدمشق موجهة تحيتها لليوم العالمي للغة العربية، محتفية بتجربة الشاعر القادم من دير الزور فاضل سفان.
وبعدما ناقش أمين سر الجمعية ومقررها العديد من القضايا المتعلقة بالجمعية مع الأعضاء، أدار الدكتور راتب سكر ندوة القراءات والشهادات الخاصة بتجربة فاضل سفان..
كان أول المشاركين الدكتور وليد مشوح الذي أشاد بتجربة الشاعر الرائدة في دير الزور ومدى فاعليتها في الحركة الثقافية والصحافية وذلك منذ أواسط الخمسينيات من القرن العشرين حتى يومنا.. وأضاف: قام شعره على تقاسيم كثيرة، فهو صحراوي حتى الفزع، فراتي حتى النخاع، عرف دقائق الأمور ودواخلها، كما تناغم مع القيم العروبية والوطنية والأخلاقية مثلما تناغم مع الفرات والشعر والتجلي والحزن.
وبهذه المناسبة ألقى إبراهيم اليوسف قصيدة منظومة، تلاه بشير العاني الذي قدم ورقة لا هيئة لها قد يفهم منها السامع بأن فاضل سفان واحد من الذين جابهوا العالم بالقصيدة الجديدة، ومع ذلك فإن إفصاحه العاطفي بقي خافتاً، وقصيدته ظلت معبأة بطاقة تقليدية هائلة! علماً، بأن القراءة التي قدمها العاني كانت معبأة بتقليدية وبطء هائلين أيضاً.
نذكر أن الشاعر فاضل سفان من مواليد 1937، وتأخر في إصدار أعماله التي كان أولها ديوان (قراءة في عيني حبيبتي/1987) ثانيها: (عزف منفرد/1995) وثالثها: (هوامش على ديوان الذاكرة/2007).

التحولات العامة للخطاب الشعري عند فاضل سفان
(الإفصاح العاطفي أنموذجاً)

بشير عاني

قبل أن أبدا في تلاوة شهادتي، أجد نفسي مضطرا لإيراد هذه المقدمة الضرورية.. إذ لن نستطيع دونها قراءة الشاعر فاضل سفان وغيره من مجايليه، وفحواها أن علينا الالتفات والأخذ بعين الاعتبار بعض القضايا الخاصة المتعلقة بمحافظة دير الزور.
فحتى بداية الستينات لم يبدو على الشعر، كفن، أنه قد استقر تماماً وبانت شخصيته الرسمية في دير الزور، وهذا أيضا كان حال باقي الفنون والأجناس الأدبية الأخرى، وليس من الصعب الاستدلال على هذا إذا ما تفحصنا الأرشيف الثقافي للمدينة حيث لن نلق سوى ديوان الفراتي بأجزائه، والمطبوع عام 1932 ، وديوان آخر صغير الحجم لعبد الجبار الرحبي، مطبوع عام 1937، وعدد من القصائد المنشورة في بعض الصحف والمجلات المحلية والعربية لعدد آخر من الشعراء، فيما تكدس باقي الشعر في أدراج أصحابه أو ضاع هنا وهناك.
بمعنى آخر، قصر الشعراء أدوارهم، في أغلب الأحيان، على المناسبات وأنهوا تجاربهم الشعرية عند آذان وقلوب سامعيهم، وبهذا وسَمت الشفوية شخصية الشعر، والمنبرية صاحبها.
مع بداية الستينات ظهرت تباشير التدوين من خلال بعض الشعراء الشباب، ففي عام 1963 فوجئ الوسط الأدبي بدير الزور بديوان صغير تنتمي معظم قصائده إلى الحداثة الشعرية التي كانت قصيدة التفعيلة وقتها التعبير الوحيد عنها، حمل اسم (الناي الجريح) وكان صاحب الديوان شاب اسمه مروان خاطر.
قبل هذا الديوان بعام واحد كان شاب آخر اسمه أحمد حسين الموح قد تجرأ أيضا وأصدر ديوانه الأول والأخير الذي حمل اسم (الشراع الغريب)، وقد انتمت أيضاً قصائد هذا الديوان إلى شعر التفعيلة.
اللافت في الأمر ان الخلخلة الفنية التي حدثت لعمود الشعر الديري، إثر ظهور هذين الديوانين، وتحطيمهما (الرسمي) للتابو الفني، كان في تحدر هذين الشاعرين من الأرياف والبلدات البعيدة (البوكمال وموحسن).
ظهور هذين الديوانين كان أيضا مؤشرا على بدء الاصطراع الفني بين المذاهب والتيارات الشعرية في المدينة، التي كان الشعراء التقليديون يسيطرون على مناخاتها قولا وتنظيرا وولاء، مثلما كان مؤشراً على عمق التحولات السياسية والثقافية والاجتماعية الحاصلة في المجتمع الديري وذهنيته، وكان على القصيدة الحديثة أن تجابه إرثا ثقيلا من المنجز الشعري التقليدي إضافة إلى الجيل الجديد من الشعراء التقليديين الذي كان فاضل سفان واحدا منهم.
في مثل هذا المناخ علينا قراءة تجربة فاضل سفان الشعرية، متسائلين عن سبب تأخر ظهورها وإعلانها عن نفسها؟
في الحقيقة لا أملك سوى التفسير العام لتأخر هذه التجربة عن الإعلان عن نفسها..
بكلام آخر لم أبحث عن التفسير الشخصي لقناعتي ان الإجابة معروفة، بالنسبة لي على الأقل، وهي لن تخرج كثيرا عن التفسير العام، وهو التفسير الذي أقلبه منذ زمن ويذهب إلى أن اللامبالاة وعدم الاكتراث بالطباعة والانتشار هي سمة ديرية بامتياز تسبب بها الإرث (البدوي) المتعالي على مثل هذه الأمور، ولا أدل عل ذلك سوى أن مغامرة الطباعة الأولى كانت مع الفراتي الذي عاد إلى دير الزور متأثرا بالحياة الثقافية المصرية، فيما كانت المغامرة الأخرى قادمة من الأرياف.
بالضبط .. فبعد تجربتي الموح والخاطر احتاج الآخرون سنوات طويلة ليتجرؤوا على ارتكاب مثل هذه الفعلة، ففاضل سفان، المولود عام 1938 دخل التجربة متأخرا وهو على حيطان الخمسين، فديوانه الأول ( قراءة في عيني حبيبتي) صدر عام 1987 وهو ما تسبب بمسألتين :
الأولى: تأخر التحاقه بالمشهد الشعري السوري الذي كان يشهد منذ بداية السبعينات مواراً عظيما وتجاذبات وانتقالات عنيفة.
الثانية: تأخر احتكاكه بالتجارب الشعرية الأخرى.
من المؤكد أن للسفان أسبابه الخاصة التي قد لا يرغب بإشاعتها، ولكن الأهم الآن أن التجربة قد أصبحت اليوم بين أيدينا وعلينا تأملها بحيادية بعيداً عن التفاسير مع ملاحظة أن شاعرنا لم يكن غائبا عن الحياة الأدبية في المحافظة على صعيدي المنابر والندوات، كما أن التصاقه بالأجيال الجديدة، لطبيعة عمله كمدرس للغة العربية، جعل منه كاريزما أدبية تلتف حولها المواهب متأثرة بأفكارها وملاحظاتها ومفاهيمها وإن لم يخل الأمر من تمرد عليها هنا وهناك.
وفي هذه العجالة لا بد من الإشارة إلى أنني لا أحاول الآن أكثر من رشق مشهد محدود جداً للتحولات العامة في الخطاب الشعري للسفان متوقفا فقط عند إفصاحه العاطفي بجانبه الخاص وهو قصيدة الحب.
أيضا لا بد من الإشارة إلى إن مكونات هذا المشهد قد تم استعارتها من تاريخية التجربة حيث بدأت من حيث بدأت هي في الإعلان الرسمي عن نفسها، وذلك من خلال ديوان (قراءة في عيني حبيبتي) الصادر عام 1987 لأقف في منتصفها تقريبا مع ديوان (عزف منفرد) الصادر عام 1995 وصولا إلى راهنيتها المتمثلة بآخر إصداراته وهو ديوان (هوامش على دفتر الذاكرة) الصادر عام 2007 ، علما بأن السفان اصدر حتى تاريخه ثمانية دواوين شعرية.
بادئ ذي بدء أقول بأن الإفصاح الذاتي، وخصوصا بمستواه العاطفي، كان الموضوعة الأثيرة لدى جميع الشعراء الديريين، رغم أنها بقيت خاضعة لحسابات وتجاذبات من خارج الشعر كتأثيرات السياسة وخصوصا في فترة تنامي العقائد وتكاثر الهزائم.
إلا أنه ومنذ منتصف السبعينات بدأ الإفصاح العاطفي يعلن عن نفسه بقوة ليصبح الشغل الشاغل لهؤلاء الشعراء، بل يمكن القول أنه قد أصبح ظاهرة تميزت بها نتاجات البعض ومنهم الشاعر فاضل سفان الذي يعتبر ديوانه الأول (قراءة في عيني حبيبتي) مادة غنية لمثل هذا البحث، لامتلائه بكثير من النماذج الصالحة للتأسيس على ما نقول، خصوصا في امتلائها بالإرث الشعري القديم فنيا وقيميا، لذا كانت قصيدته، بتساميها ورقة مشاعرها، معبأة بطاقة تقليدية هائلة، شديدة الوفاء لتقاليد الشعرية العربية القديمة لغة وتراكيب وديباجة مع استعانة واضحة باللغة المعجمية.
ففي قصيدة بعنوان ( شاعر وظبية) يقول :
/ رمت ضفائرها للريح وانهمرت تعابث الشاطئ المقرور في برم
وحاورتني بطرف رق خاطره حتى استحال إلى بوح بلا نغم
والناهدان زغاليل مروعة تدنو وتنأى اراجيحا من العنم
والشوق يهتف بي للثغر أرشفه كما ترشف شعري طارق الهرم
ومر سرب من الأتراب في غنج يثبن هونا على رقراقة الرجم /

بعد سنوات سوف يبدو هناك تحول واضح في بناء القصيدة لدى السفان حيث لن يجد غضاضة في التعبير عن نفسه بأشكال من الكتابة كان يحاربها منذ سنوات كقصيدة التفعيلة.
الإفصاح في هذا النوع من الكتابة سيبدو أكثر رقة وعمقا، وإن كان أقل انسيابية مما كان عليه في القصيدة التقليدية، ففي ديوانه (عزف منفرد) الصادر عام 1995، بدا السفان مُتجاذبا من قبل شكلين للثقافة، قديمة تمثلت بتراثية التعبير والانضباط اللغوي الدقيق ورصانة التراكيب، وجديدة تمثلت بحداثة بناء المقطع الشعري والذهاب أكثر في أعماق الذات.
من قصيدة بعنوان (تهليلة) نقرأ ما يلي :
/ غردي كيف ارتمى الوجد
سينداح سراعا
واحضري
إن صار ليل السهد في دربي
مشاعا
خافقي يلقاك مشغوفا
يمني النفس أن يقطف من روضك زهرة
علها تطفئ قيظ الأمس أحلام صباي
يتنامى عطرها
في زحمة الهم ويسري كالشعاع
ويناجي هاجس اللحن
إذا ضل الرجاء /

ويأتي ديوانه الأخير (هوامش على دفتر الذاكرة) الصادر عام 2007 ليؤكد انتقالا أكثر عمقا ونضجا في رؤية السفان لبس في موضوعات الحب فقط بل أيضا في باقي الموضوعات الأخرى التي ما فتأت تشكل مادة غنية لأسئلة الشعر الكبرى، كما ان بنية القصيدة وتراكبيها باتت أكثر إيغالا وانفتاحا على الحداثة وعيا وكتابة، عدا عن أن قاموسه اللغوي قد أصبح أكثر قابلية للتمدد والاستعانة بما هو معاصر أو يومي.

من قصيدة بعنوان (نهايات غير سعيدة) نقرأ :
/ نازعتني مهنة الحرف وراحت
تقتفي بعض قصاصاتي
إذا دونت شيا
بيد ان الحلوة السمراء
لم تسمع لما أتلوه
من روحي على النفس خفيا /
أخيرا أقول:
رغم هذا، ورغم أننا قد نتفق أو نختلف مع الشاعر فاضل سفان في الكثير من قناعاته ومفاهيمه الأدبية، إلا أننا لا نملك سوى الاعتراف بأنه كان، وسيظل رقما شعريا صعبا في محافظة دير الزور لأسباب أهمها:
- سيطرته الكبيرة على أدوات وتقنيات الكتابة الشعرية.
- المثابرة والالتصاق الدائم بالمشهد الشعري الديري والسوري عموما ( المواكبة) وهذا ما مكّنه من إجراء انتقالات دائمة وضرورية لنصه قد لا تبدو جلية إلا لمن تابعه نقديا أو عن كثب.
لكل هذا كان من الطبيعي أن يصل شاعرنا السفان إلى مرحلة الهجس الشعري، وهي المرحلة التي صار فيها قادرا على تحويل الشعر إلى مادة للكتابة اليومية، أي إلى صناعة أو حرفة وهو أمر مكنه من التفرد وبز أقرانه مجايليه.










تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

ما هي حظوظ الأصوليات الدينية في سورية..؟

12-آذار-2016

"خضر" والذين معه

21-تموز-2012

دم راشد بما يكفي

05-تموز-2012

آخرُ الأمر..

05-حزيران-2012

وجوه عديدة لـ (صحّاف) واحد

24-آب-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow