"الاحتراق النفسي "
خاص ألف
2010-06-09
قبل أن نتحدث عن هذا الذي يطلق عليه متلازمة التوقف أو " الاحتراق النفسي " لابد أن نعترف أن حياتنا العصرية بقدر ما تطورت بقدر ما أصبحت تنذرنا بالخطر. فمن نوبات الذعر. إلى الإحباط.. إلى الاحتراق. ما هذا؟ هل نحن نخوض معركة العصر ضد أنفسنا؟ إنها معركة مستمرة في سبيل تحقيق الذات. متلازمة التوقف هذه أشد من متلازمة التوحد ، لأنها، تولد معنا كما أنها تستنفذ كل ما لدينا من طاقات . قد تستمر شهوراً وسنوات حتى نشعر بها ، ويظهر الإنذار كفقاعة على السطح . هذا الاحتراق حديث، لم يكن موجوداً في الماضي، وجد حالياً بسبب نضالنا المستمر كي يكون لحياتنا معنى . هو فوضى في خيبات الأمل المتكررة ، والعمل بطاقة كبيرة فوق ما نستطيع وما تتحمله قدراتنا من أجل إثبات ذواتنا .
ربما يكون الاحتراق النفسي له علاقة بالعمل أكثر من أي موضوع آخر حيث تكون الاستجابات الجسمية والنفسية والانفعالية لدى العاملين في جميع المهن والذين يرهقون أنفسهم لتحقيق أهداف صعبة . يصلون في مرحلة ما إلى ما يدعى بالاحتراق نتيجة هذه الضغوط ، وبذلك يفقدون الطاقة النفسية والمعنوية والجسدية فيحدث التوقف. وأهم أسباب الاحتراق هو العمل بجهد كبير من أجل إثبات الذات. إهمال الحاجات الشخصية. عدم معرفة سبب التوقف. عدم إعادة النظر في تقييم الأصدقاء و الأسرة والهوايات . إن المشاكل الناتجة عن السخرية والعدوان أيضاً سواء كان في جو العمل أو المدرسة أو المنزل ، يقود إلى الانسحاب من المجتمع مع الاستعداد لتعاطي الكحول والمخدرات . فيعم الفراغ الداخلي ويصبح التوقف هو العنوان بما فيه من أفكار انتحارية وانهيار وهو ليس بما يدعى الاكتئاب هو شيء مختلف ربما يحتوي في جزء منه على الاكتئاب.
الاحتراق النفسي يمكن أن يكون سببه البطالة أيضاً فعدم قدرة الإنسان على إيجاد الدخل المناسب لإعالة أسرته أو إيجاد الوظيفة التي تمكنه من تحقيق الحد الأدنى من طموحاته تشعره بعدم القدرة على تحقيق ذاته ،ويحدث التوقف لديه ويستسلم أيضاً للانسحاب من الحياة الاجتماعية وما يتبعها من أمور أخرى .
التوقف لا يحدث دون ضغوط ، والضغوط تعني أن الأمر وصل إلى الذروة أي أنه تجاوز قدرة الشخص على التحمل . عندها نرى أنفسنا في حالة نضوب ، و يظهر الموضوع وكأن كل طاقاتنا قد احترقت أو استنفذت .ففي كل يوم لا نشعر فيه أننا أحدثنا فرقاً في حياتنا أو عملنا ، وإذا لم يتم إشباعنا عاطفياً لابد في نهاية الأمر أن نفقد رصيدنا جسدياً فنتوقف أو نسقط أو نحترق .
هل يمكننا تجاوز التوقف ؟ نعم . لابد أولاً من الاعتراف بالمشكلة ، ومعرفة الضغوطات التي نتعرض لها . فقد تكون هناك جوانب من العمل لا تمتعنا أو ربما نعمل فوق طاقتنا أو أشياء أخرى نجدها في داخلنا . علاجات اليوم كلها تعتمد على روح الإنسان وداخله ، لذا لابد من العودة إلى الداخل لتصفية الحساب معه ، فليس وسام شرف لك أن تعمل عشرين ساعة في اليوم مثلاً كما أنه ليس وسام شرف أيضاً أن يلاحقك عملك إلى المنزل ولا تستطيع الفصل بين الحياة الخاصة والعمل .
علينا أن نصنع لحياتنا روتيناً يومياً ، ولا بد أن يكون ضمن روتيننا هذا أخذ حاجتنا من النوم ، فقد كان الكاتب المعروف أرنست همنغواي . يكتب في كل صباح عند الفجر وأوضح أنه " لا يمكن لأحد أن يزعزع اختياره . إن كان هناك برد أو جليد وأتيت للعمل ، تريد أن تدفأ مثلما تكتب . تقرأ ما كتبت ، وتتوقف عند معرفة ما سيحدث في المستقبل عندها تستطيع أن تذهب " .
إن من أهم العوامل التي تساعدك على التخفيف من هذه المشكلة هو أن تعرف نفسك وأن تقيم علاقات متوازنة مع الأسرة والأصدقاء . لابد أن تستعيد توازنك الداخلي واعتبار مصالحك الشخصية في أولوية الخيارات . إذا كان صوت الهاتف يزعجك في المساء اقفله . أعط لنفسك حقها دون السؤال عما حدث في الأمس أو اليوم . أحياناً تأخذنا المتاعب والسعي دون أن ندري فنصل إلى مرحلة ننتبه أننا خرجنا عن المألوف لدينا . نقف لنقول لأنفسنا: كفى . إلى أين ؟ في تلك اللحظة يكون الإنذار الداخلي قد تلقيناه وسمعناه . لكن في بعض الأحيان يتكرر ذلك الإنذار ولا نعيره انتباهاً بل نمضي فيما نحن فيه فإذ بصلاحيتنا تنتهي لأننا ورقة احترقت . لماذا يحدث هذا ؟ نحن نحرق أنفسنا بإرادتنا . لنراجع أنفسنا في كل يوم لعدة دقائق . لنتأمل مبتعدين عن هموم الحياة . لنسترخي في وقت راحتنا ، ولا نشعل فتيل البحث عن المستحيل . كي لا نحترق . وحتى عند البحث عن الذات والأهداف المشروعة ، لابد أن نتعامل معها بهدوء كي نستمر.
حاولت أن أسأل بعض الأشخاص عن الاحتراق ، وقبل أن أشرح لهم قال أكثرهم : هذا هو التعبير المناسب : إننا في حالة احتراق . هل تشعرون بذلك ؟ نعم كلنا لدينا احتراق قد يكون كبيراً أو صغيراً لكنه لم يصل إلى مرحلة إيقافنا عن العمل وعن الحياة . لذا لابد أن تطفئوا حرائقكم اليوم قبل غد ! !
×××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |