"ضعْ قدمَك على أرضِ الواقعِ "
خاص ألف
2010-06-25
عليكَ بالمشيِ البطيءِ . حركْ ساقيكَ إلى الأمامِ . إلى الأمامِ . تابعْهما بذهنك كأنك لا ترى أحداً، ثم ضعْ قدمكَ على أرضِ الواقعِ - اعني تخيلْ - هذهِ ليستْ كلماتٌ فقط. وليستْ دراسةٌ اجتماعيةٌ . إنها بعضُ أفكارِ التأملِ الذي سادَ في العالم أخيراً ، وبخاصة العالم الغربي ، والتي تعتمدُ في أساسها على رياضة اليوغا الروحية أو من ثقافات أخرى شرق آسيوية . في البدءِ كانتِ اليوغا من ضمن الممارسات الدينيةِ ، ثم تحولتْ إلى صرعةٍ عالميةٍ للمؤمنينَ والعلمانيينَ على السواءِ ، وأخيراً دخلتْ مجالَ الطبِّ البديلِ . يقولُ الأطباءُ : أنها تساعدُ على علاج الأمراض عن طريقِ عمليةِ التنفسِ وإيهامِ العقلِ الباطنِ بما سيفعلُهُ . هي بالأساسِ علاجٌ للعقلِ والجسدِ ، أو لمتاعبِ الروحِ اليوميةِ ، لأن التركيزَ على الأمورِ الجيدةِ يبعدُ الأفكارَ السلبيةَ والتي هي سببٌ أساسيٌ للتوترِ ولكلِّ أمراضِ العصرِ .كانَ التأمل عوناً لكثيرِ من الناسِ . لكنَّهُ فشلَ معَ البعضِ لأنهم لم يستطيعوا إخراجِ الطاقةِ السلبيةِ من داخلهم . ويقولُ من يؤمنُ بهذه الفلسفةِ . بأن إزالتَها يلزمه تدريبٌ مستمرٌ للسيطرةِ على العقلِ . لكن في كلمةٍ موجزةٍ : إنَّ عمليةَ التأملِ عملية تحتاجُ للصبرِ والتعودِ .
تأملاتي :
لا أخفيكمْ سراً أنني مرهقةٌ من الحياةِ . أرغبُ في وضعِ حد لكثيرٍ من المتاعب الجسديةِ والروحيةِ عندي مثل: القلقُ . الخوف . نوبات الذعر . و تمويلِ آخر الشهرِ . كلُّ هؤلاءِ يزورونني في كلِّ ليلةٍ . رغبتُ أن أطردَهم جميعاً من حياتي وشرعتُ في تطبيقِ قوانينِ التأملِ . بدأتُ أعالجُ عقلي أولاً . نصحَتني المدربةُ : البدءُ بالتخيلِ من أجل أن يكونَ الوضعُ في طريقهِ إلى التحسنِ . بدأتُ عمليةَ التأملِ العقلي كما طلبتْ المدربةُ . عليَّ أن أتصورَ الأماكنَ والحالاتِ من خلالِ حواسي كما أنهُ عليَّ تخيل الروائحِ والأصواتِ . كلُّ ذلكَ وأنا مغمضةُ العينينِ . طبعاً لابد من الانصياع للأوامر .
قالتْ لي : انظري إلى تلك الصورةِ على الجدارِ استخدمي جملةً واحدةً "أنا سعيدةٌ ". بعد أسبوعٍ من التدريبِ أصيبتْ مدربتي بالاكتئابِ لأنَّ الأماكنَ التي تخيلتُها والروائحَ أثرتْ عليها بشكلٍ سلبيٍ .
قالتْ لي : الطاقةُ السلبيةُ تُعدي أسرعَ من الإيجابيةِ . لقد فكرتِ بأشياءَ سلبيةٍ . سألتُها : ومن أينَ أتتْ ؟
أجابتْ : منكِ . كلُّ أماكنُك وروائحُك ليس فيها سوى طاقةٍ سلبيةٍ .
- ما ذنبي؟ أليسَ هي من قالَ : أنه يجبُ أن أتخيلَ الأماكنَ . هذه هي أماكني !
التأملُ العقليُّ جلبَ لي الأحزانَ .
قالوا: إنني أحتاجُ لتأملٍ عاطفيٍ للحصولِ على دعمٍ لإدارةِ الإجهادِ بالتركيزِ على الحاضرِ مع ضبطِ تلك المشاعر السلبيةِ في طريق إزالتها . بدأنا العمليةَ معاً- بضعةُ أشخاصٍ - نعمْ . بدأنا من الحاضرِ كي ننسى الماضي . ركزتُ كلَّ تفكيري في الحاضرِ . بكيتُ بشدةٍ ، وفعلَ مثليَ الجميعُ .
قالَ المدربُ البديلُ: ما بكم ؟
قلتُ لهُ : نعيشُ الحاضرَ ! تعاطفَ معنا . جلسَ جلسةً تأمليةً والدموعُ تنهمرُ من عينيهِ . طاقتُنا السلبيةُ انتقلتْ إليهِ . أوكلَ أمرَنا إلى غيرِه ريثما يعالجُ نفسَهُ . أدخلنا المدربُ الجديدُ ضمن مجموعةٍ كبيرةٍ ، من أجلِ دعمِنا معنوياً .
بدأنا من جديدٍ بطريقةٍ جديدةٍ نستعملُ فيها أغنيةً من جملةٍ واحدةٍ تقولُ كلماتُها : " نحنُ سعداءَ " نغنيها معاً بعدها نمسكُ هواتفَنا النقالة ونمثِّلُ أننا نضحكُ مع صديقٍ لنا كان المدربُ يعلمُنا وهو يضحكُ فعلاً . بعد أن ننتهيَ من تمارينِ التنفسِ والضحكِ نكتبُ على أوراقِنا .
في الصفحةِ الأولى نقولُ : نحن بخيرٍ سنحققُ إنجازاتَنا.
وفي الصفحة الثانيةِ: ندونُ الواقعَ كما هوَ .
فعلنا كلَّ ما طُلِبَ منَّا . طلبنا صفحاتِ إضافيةِ لتدوينِ الواقعَ خلال شهرٍ ، لكنَّ الموضوعَ فشلَ لا أعرفُ لماذا؟ مع أننا فعلْنا كلَّ شيْ. تنفسنا بعمقٍ . ُقمنا بعمليةِ مسحٍ لأجسامِنا . تخيلنا خلالَها الحرارةَ داخلَ أجسامنا وخارجِها ، وخلالَ تمثيلِ عمليةِ الضحكِ على الهاتفِ سمعنا أحدهُم قد بدأَ في النحيبِ ثمَ تبعَهُ الآخرونَ. الطاقاتُ لدى كلُّ الذين اشتركوا معي هي سلبيةٌ انتقلت إلى المدربينَ .
آخرُ العلاجِ الكيّ ! انتقلنا إلى مدربٍ آخرَ . قال : ليصنعْ كلٌ منكم تعويذتَهُ الخاصة سواءَ كانتْ دينيةً أو علمانيةً . يرددُها دائماً في سرِّهِ . عملت تعويذتي . كانت " بدي أمي . بدي أبكي " اعتقدتُ أنها أفضلَ تعويذةٍ في العالمِ . قلدني التلامذةُ بعضهم قالَ " أريدُ أبي لأحاسبُهُ لأنهُ جلبني إلى الدنيا " بقيَ شيءٌ واحدٌ لم نفعلْْه هو المشي ببطءٍ مع التركيزِ على حركةِ الساقينِ والقدمينِ من أجلِ أن نشعرَ بأننا نضعُ قدمَنا على أرضِ الواقعِ . فعلنا ذلك بأمر منه – أعني المدرب- رأينا هُ يضربُ نفسَه لأنَّنا مشينا إلى الخلفِ وليسَ إلى الأمامِ . لكنَّنا تركناهُ يبكي ويضربُ نفسَهُ مُحتجينَ على أسلوبِهِ وعدم خبرته في التدريبِ . نحنُ فعلاً كنا نضعُ قدمَنا على أرضِ الواقعِ ! ! !
نادية خلوف
×××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |