كسر الجليد " التواصلُ الفعّالُ "
خاص ألف
2010-08-07
الناسَ يجتمعون داخلَ العملِ وخارجَهُ . أحياناً نخافُ الاقترابَ منهم حتى لو كانَ اجتماعنا بهم في مكانِ العملِ . نجعلُ حاجزاً بينَنا وبينهم . مع أن هؤلاءِ الناسِ هم أنفسُهم لم يتغيروا. نحاولُ عدمَ الاقترابِ منهم كما نحاولُ زيادةِ المسافةِ التي تبعدُنا عنهم كمسافةِ أمانٍ لنا . لا يذهبُ نظرُنا خارجَ تلكَ الأماكن التي نغلقُها على أنفسِنا . ربما نختلقُ محادثةً عبرَ هاتفِنا لإيهامِهم أنَّنا مشغولونَ ونعتقدُ أننا نجحنا في إبعادِهم عنا . ربما أكونُ أنا ، أو تكون أنتَ أحَدَ هؤلاءِ الأشخاصِ الذين لا يشعرون بالارتياحِ معَ الناسِ في تجمعٍ ما . لديهم الكثيرُ من الأنا بينما ينعقدُ لسانِهم عند مواجهةِ الآخرِ وبخاصةٍ عندما يتجاهلُ الآخرَ وجودَهم . هم هاربونَ منهُ وبنفسِ الوقتِ غاضبونَ لتهميشهم . الكثيرُ من الناسِ يعانون من هذه المشكلةِ . بعضهم يعتقدُ أن الآخرين يسخرون منهم . أحياناً يرغبون في الهروبِ من هذه الحالةِ ، ولو زادَ الأمرُ قليلاً يتمنون أن لا يكونوا موجودين على قيدِ الحياةِ ربما .
يتوهمُ البعضُ أنّهُ كان ذكياً بما فيه الكفايةِ أو مميزاً في حديثِه حيثُ يعتقدُ أنّه أوصلّ رسالتهِ بشكلٍ رائعٍ وأنّ الآخر أصبحَ معجباً بهِ . لا قيمةَ لهذا إن لم يكنْ هناكَ تواصلٌ فعالٌ معَه من قبلِ الآخر. أي أن تكونَ لغةُ جسدِ الآخر وكلُّ الإيماءاتِ تدلُّ على صحةِ ما يعتقدُهُ ذلكَ البعضُ . على الإنسانِ أن يتعودَ على القراءةِ والاستماعِ للآخرِ، وأن يكونَ منفتحَ الذهنِ حتى لو كان الحديثُ مخالفاً لفلسفتِه وآرائِه في الحياةِ . لابدَّ من أن نتعلمَ أن نراقبَ الآخرَ ونقرؤهُ ونتمتعُ بالنفسِ الشجاعةِ القادرة على تخطي العقباتِ . التواصلُ مع الآخرين هو الذي يبقينا على قيدِ الحياةِ . قد نفشلُ أحياناً ، لكنّنا نكونُ قد تعلمنا الدرسَ من أخطائِنا .
الذكاءُ شيءٌ مختلفٌ عن الفهلويةِ ، والتواضعُ هو الذي يعطينا الفرصةََ . التواضعُ ليسَ بمعنى َالخنوعَ . هو الاعترافُ بمشاعرِ الآخرينَ . التعاطفُ معهم وإعطاؤهم فرصةً التألقِ دونَ القلقِ من أنّ هذه الفرصة قد تكون على حسابِنا . لأن تأجيلَ النجاح الفوري من أجلِ نجاحٍ طويلِ الأجلِ هو الأسلمُ حيثُ يكونُ الآخرُ الذي تألّقَ لأننا أعطيناهُ الفرصةَ التي كانَ يحتاجُها داعماً أساسياً في رصيدنا المستقبلي ، ومن أبسطِ الأشياء التي علينا أن نتعلمَها هي: إذا أردنا أن نؤثّر َفي الآخرين علينا أن نضعَ نفسنا مكانهم ونتصرفُ على هذا الأساس ِ
السؤالُ المطروحُ هو: كيفَ يمكنُنا أن نغيرَ أنفسَنا عندما لا نكونُ منبسطي السريرةِ . كيفَ نكسرُ الجليدَ الذي يجعلُنا نهابُ الآخرَ، ولا نستطيعُ أن نتواصلَ معه . أرى أنّ أهمَّ شيءٍ هو: كسرُ الجليدِ الذي يشكلُ حاجزاً أمامنا . كسرُ الجليد يعني الخروجَ من منطقةِ الراحةِ التي هي أشبه بالهروبِ ، والاستعدادَ لمواجهةِ الأمورِ . لابدَّ من الوصولِ إلى قناعةٍ كاملةٍ بأن أي شيءٍ ممكنٌ بوجودِ الإرادةِ والمثابرةِ . علينا أن ندربَ أنفسِنا على إجادةِ الحديثِ ومهارةِ التواصلِ . أهمُّ الأشياء التي نفعلُها هي : الاستماعُ للآخرِ دون مقاطعةٍ عندها سيعتقدُ بأنّنا الأشخاصَ الذين يستطيعونَ الحوارَ بجديةٍ ونجاحٍ .
عندما نتحدثُ علينا أن لا نركزَ كثيراً على أنفسِنا . كلما ركزنا على أنفسِنا أكثرَ كلما استطعنا الحصولَ على تواصلٍ أقلَ . المحافظةُ على الهدوءِ من أهم الأشياءِ . أن نحافظَ على هدوئنا ونكونُ حقيقيين بنفسِ الوقتِ لأنّهُ ليس هناكَ من كمالٍ في هذا العالمِ . نسعى فقط أن نكونَ على إلمامٍ بمحيطِنا ونستمرُّ في التواصلِ مع من نستمعُ إليهِ أو يستمعُ ألينا بكلِّ الطرقِ ومن بينِ هذه الطرق : التواصل البصري . هو لغةٌ أخرى تعبِّرُ عنّا . لغةُ جسدِنا من خلالِ أعينِنا التي تُظهِرُ قدرتَنا على الاستماعِ أو الحديثِ . لا عيبَ في أن نخطئَ . البشرُ يخطئون في كثيرٍ من الأحيانِ . لذا علينا أن لا نحاولَ إخفاءَ أخطاءنا . للآخرِ فراسةٌ قويةٌ يمكنُه كشفنا بسهولةٍ . الاعترافُ بها هو الأسلمُ ، وربما نضحكُ أحياناً من خطئِنا ، وبذلك نكونُ بشراً طبيعيين ،
لأنّهُ عندما نتحدثُ أو نستمعُ يرسلُ جسدُنا إشاراتٍ تدلُّ على اهتمامِنا الحقيقيّ بما نقولُهُ أو نستمعُ إليه . الجسدُ يرسلُ إشاراتٍ عميقةٍ سواء كانت إيجابيةً أو سلبيةً عما نفكِّر به . حركةُ الجسم تعبِّرُ أحياناً عن تشتتِ الأفكارِ والمشاعرَ لذا فإنَّ الاستماعَ هو فنٌّ مثل فنّ الحديثِ . هو مهارةٌ يمكنُ التدربَ عليها . الاستماعُ هو الأهمُّ . عندما نستمعُ لشخصٍ ما . علينا نسيانُ أي أمرٍ آخرَ سوى الاستماعِ بعمقٍ . وإذا كنا نهتمُّ بالحديثِ علينا أن نميلَ بجسدِنا ورأسِنا قليلاً إلى الأمامِ ، وأنْ ننظرَ بعيني ذلك الشخص . نصبرُ كي نفهمَ حديثَهُ ، ونعطيهِ الفرصةَ للحصولِ على الكلمةِ التي سيختارُها كي نساعدَهُ على الكلامِ . يمكنُنا التعبيرَ بالإيماءاتِ مثل هزّ الرأسِ أو رفعُ الحاجبين شرطَ أن تكونَ إيماءاتنا بطيئةً كي لا نعطي انطباعاً بأنَ صبرنا قد نفذَ . الاستماعُ وسيلةٌ هامةٌ لإثباتِ الوجودِ ولإحداثِ تغييراتٍ في الآخر . يتحدثُ البعضُ أحياناً بأمرٍ عاطفيٍ ويبكونَ أمامَنا . لندعْهم يبكون ولا نتوسلُ لهم أن يكفوا عن البكاءِ ، فقد تكونُ رسالتُهم العاطفيةَ في هذا الموضوع تحديداً . الاستماعُ فقط يجعلنا نعرفُ المعنى الكلّي والمشاعرَ التي تكمنُ خلفَ الحديثِ .
الحديثُ والحوارُ لهما طريقةُ أداءٍ لابدَّ أن يكونَ أهمُّ شيءٍ في هذا الأداء هو الإصغاءُ حتى لو كان حديثُنا معَ أنفسِنا . الحوارُ هو أكثرُ من مجردِ كلامٍ فقط لا يمكنُ الإعدادَِ له مسبقاً فحتى لو قمنا بالإعداد قد نفاجأُ بالطرحِ في مجلسِ النقاشِ . أهم عنصرٍ يتوقفُ عليه نجاحُ الحوارِ هو الإصغاءُ للآخرين ، وإسقاطُ ردودِ الأفعال والمقاومةِ ضد رأيهم . مع الاحترامِ وعدم التعليقِ . عندما نتحدثُ علينا أن نتحدثَ بصوتِنا نحن وليس بصوتِ غيرِنا ، أو بأصواتٍ يحبُّ الناسَ أن يسمعوها . فتنالُ تصفيقَهم . صوتُنا يعبّرُ عنا . ونحنُ إما أن نكونَ حقيقيين وقد لا نعجبُ المزاجَ العامِ الموجودِ ، ولا يصفقوا لنا . لا نبدو منتصرين أو متفوقينَ . لكنَّ للزمنِ أحكامٌ لا تخطئُ . سيكشفُ عن صدقنا مع أنفسِنا في وقتٍ ما .
××××××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر ــ ألف
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |