المطرقة والفاصولياء بالزيت / عمر سليمان
خاص ألف
2010-09-07
المصائب التي تقع كضربات المطرقة على رؤوس الشعوب-بمختلف اهتماماتها وانتماءاتها- ليست مصائب حقاً، والسبب: أنها موجعة.
عندما يتلقى الإنسان ضربة على الرأس سيختل توازنه، لكن هذه الضربة: فشل الخطة الخمسية الخمسين لمشروع تنمية الاقتصاد السوري، أطفال سوريون نائمون على أرصفة دمشق مقابل القلعة، ابنة البرادعي وفضيحة المايوه-لمن يهمه الأمر-، ظاهرة حجاب الممثلات في القنوات العربية- لمن يهمه أو لا يهمه-، كل هذه الأحداث ليست مصائب ولا مشكلات، بل هي آلية للمعالجة بطريقة الطب الطبيعي والإبر الصينية.
أما المشكلة الكبرى فتكمن في ماهية طبخة الفاصولياء بالزيت: هل هي مطبوخة باحتراف ومملحة بعناية؟، لأنها إذا كانت كذلك فإن الأمر يعني أنها عادية، ولأن حياة هذه الشعوب فاصولياء بزيت السيارات مهروسة بأقدام الوصوليين والفاسدين فهم يتناولونها بـ(الشلمونة) وليس عن طريق التغميس، وبالتالي فهي بلا طعم ولا رائحة، ولكن عندما تصبح حامضة بشكل فجائي-لسبب ما- فهذا يخول الآكل/ة لأن يعانق قضية ما، تدفع الجميع ليخرجوا إلى الشارع من أجل الحديث عن وضع الفاصولياء الحامض، وإقامة مؤتمر صحفي ضخم، ثم يدخل أحدهم مبتسماً- بلا سبب واضح ودون دعوة- إلى المؤتمر ليندد ويشجب ويستنكر ويصرخ ويتعجب ويستغرب من حموضة الفاصولياء، لكن شخصاً آخر سيظهر ليقدم الدليل القاطع على أن الحموضة تكمن في فساد الزيت وليس في الفاصولياء وينعت الأول بالجهل، وهناك ثالث يقفز إلى المنبر ليقدم الدليل الأقطع على أن الحموضة ليست في الاثنين، وأن زميليه جاهلان، ثم ينسحب مع أتباعه من المؤتمر متأسفاً على مصير الفاصولياء الضائع ومعلناً لجوءهُ إلى البامية، وبالتالي ستصبح هذه القضية حديث الجيران والأقارب والأباعد، لكنها سترحل، ورحيلها بحد ذاته مصيبة أكثر لعنة من ضربة المطرقة، لأن الفاصولياء ستعود بلا طعم، وستستبد المشكلة المرعبة كأخطبوط يتشبث في عتمة تمتد من العتبة حتى المحراب.
أما مشكلة هذه المشكلة: عادية الفاصولياء، فهي أن الشعوب لا تحس بها، لأن العادة السرية لم تعد في متناول الأيدي فقط، بل في متناول العقول والحقيقة أيضاً.
غير أن هناك، وسط هذه الظلمة، من يشعرون بالأخطبوط الذي يمزق صدورهم، هؤلاء امتنعوا عن الفاصولياء، فمنهم من لجأ إلى الهمبرغر-بعد أن أمضى نصف عمره في الخسارة واليأس- لينجو من الأخطبوط الذي لا يحب الهمبرغر بسبب حساسية تخص جلده، ومنهم من بقي مع الوحش في هذا السواد المخيف معانقاً آخر ذرة من الكرامة.
[email protected]
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر ــ ألف
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |