قصة من وحي تراث وجهي / سأحدثكِ عن أيلول.. / أحمد سليمان الناصر
خاص ألف
2010-09-08
أيلول ما عاد شاحباً وهو يتمرّغ كل صباح بالكلام عنك.. ويمنّي النفس كل مساء لأعود وأحدثه عنك.. أيلول يا عزيزتي ليس ككل الشهور.. وأيلول ليس شهراً في الأصل.. ولكن شاءت الآلهة في إحدى اجتماعاتها الكونية أن تجعل منه كذلك.
إليك القصة:
كان أيلول فتىً يافعاً، وسيماً، بهي الطلعة، بالإضافة إلى أنه يتميز بذكاء خارق قل نظيره عند الفتيان الذين هم في سنه، فتتسابق جميع فتيات الحي والأحياء المجاورة للفوز بنظرة منه أو الكلام معه، ما عدا فتاة واحدة كانت لا تأبه به، ولا يهمها سيرته أو ذكر اسمه .كان اسمها (ميراميس).
كان أيلول دائم التململ والشكوى من مضايقات الفتيات اللاتي يحطن به بمجرد خروجه من المنزل، إلا أنه لا يحب أن يخجّل أي منهن، فيسايرهن جميعهن إلى أن يبتعدن عنه ويدعنه ليتوجه إلى عمله.
كان لأيلول صديق حميم اسمه (بازار)، يلتجئ إليه ويحكي له ما يحصل معه كل يوم.
لقد كان بازار يحب ميراميس، وهي الأخرى تحبه.. وصادف في إحدى المرات أن كان بازار برفقتها حيث شاهدهما أيلول، فما كان من الربة عشتار إلا أن أرسلت (كيوبيد) ليوجه سهم العشق إلى قلب أيلول ويخترقه، فوقع الأخير في حب ميراميس.
ولأن أيلول كان مخلصاً لصديقه، لم يقوَ على البوح عمّا يشعر به تجاه حبيبته.
مرت الأيام والشهور وأيلول معتصماً في منزله لا يخرج منه، ولا يقابل أحداً سوى بازار الذي ظل يتردد إليه ليطمئن على حالة صديقه التي أنهكها وأضعفها العشق والإخلاص في حبه.
ظل أيلول طريح الفراش، وفتيات الحي تسأل عنه صديقه بازار كلما خرج من زيارته، وبازار لا يستطيع تفسير حال صديقه لأنه لا يعرف سبب سقمه أصلاً.
في هذه الأثناء عقدت الآلهة اجتماعها المعتاد، فطرحت مسائل عدة لحلها، كان آخرها مسألة أيلول التي استولت على اهتمام معظم الآلهة، فنهض الرئيس (آنو) من مجلسه وهو يوبخ عشتار على فعلتها تلك.. ويسألها:
-" ألم يكفيك ما فعلته بأدونيس وبأنكيدو.. والآن تريدين أن تهلكي ذلك الفتى أيضاً ؟.. يا لك من إلهة حاقدة.."
التزمت عشتار الصمت وهي تبتسم ابتسامة المرأة الماكرة، وعندها قام (حدد) إله الحرب والصاعقة وقال لها:
-" عشتار.. أنت التي أعلنت الحرب، والحرب خدعة، لذلك سأقوم الآن بدوري".
ثم استأذن حدد للانصراف وخرج من المجلس.
كان الليل وقتها قد حضر على البشر، فاستسلم أيلول للنوم بعد مكابدة وعناد، وكالحلم جاءه حدد، وسلّمه خنجر "خديعة الحرب".
عند الصبح أفاق أيلول، وقفز من فراشه وكأن شيئاّ لم يحدث له!
وعلى غير العادة، خرج من منزله لتستقبله أغاريد الفتيات وأناشيدهن:
"خرج الجميل..
جاء الحبيب..
ومن فراشه قام كما يقوم أدونيس من العالم السفلي.."
ظل أيلول يسير ويسير إلى أن التقى صديقه وخليله بازار، فما كان من بازار إلا احتضانه ومعانقته غير مصدق لما تراه عيناه، فأخذ يكلمه:
- " أي صديقي.. لطالما حلمت أن ألتقيك بعد الذي حدث لك..
أي صديقي.. روحي لك إن أردتها، فما لها بدٌ بعد غيابك..
وفي تلك اللحظة، أخرج أيلول خنجره وغرزه في صدر صديقه وحبيبه بازار..!
-"لماذا يا حبيبي.. لماذا يا صديقي... لقد تركت لك حبيبتي ميراميس لتكون لك.. فداءً لك.... فداءً لصداقتنا... فداءً لـ ....."
قالها بازار وأسلم بعدها الروح.
أيلول سمع ما قاله صديقه.. وأدرك ما اقترفت يداه من ذنب ومن خطيئة، فترك المدينة وأخذ يجوب بقاع الأرض، ويدعو الآلهة لمعاقبته في كل لحظة.
سمع آنو نداء أيلول ومعاناته، فقرر أن يجعله بداية فصل الخريف، فصل الاصفرار، وفصل التساقط، وفصل الثورة، حين تتساقط الأوراق الصفراء وتعلن ثورتها على الاخضرار والخصب.
بعدها، ظل أيلول يردد:
أتعصّر كأوراق أيلول
إن مر دونكِ..
يا روح الخصب في ظنّي..
أنا الجذور المتشعبة
لالتقاط القطر فيك
يا سيدة المطر..
ويا حلم السبايا
في بنات عيوني
ويا أيتها المنسية
في درب المحبين..
××××××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر ــ ألف
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |