Alef Logo
ضفـاف
              

مؤيّد الراوي ، بعد ثلاثٍ وثلاثين /

سعدي يوسف

خاص ألف

2010-09-10

كان الكتاب الأول لمؤيد الراوي " احتمالات الوضوح " الصادر في العام 1977 ، علامةً هامّةً ، وإنْ بدتْ مـنسـيّةً ، في نشوء قصيدة النثر وتطوُّرِها.
كان من سوء حظ الشكل ( الجديد عربيّاً ) أن تناهبَه أشخاصٌ معنيّون بالصحافة المحترِفة أوّلاً ، قبل أن يكونوا مَعنيّين بالشِعرِ فنّاً ومنطلَقَ حياةٍ شجاعةٍ .
ربما لم يكتب أحدٌ عن هذه المجموعة الرائدة ، فالقومُ عاكفون على تبادل المدائح بينهم ، وليس من همِّهم أو صالحِهم الكتابةُ عن الشِعر الجادّ ، أصلاً .
*
اليوم ، في 2010 ، يصدر عن " دار الجمل " كتابُ مؤيّد الشعريّ الثاني " ممالك " بعد ثلاثٍ وثلاثين سنةً من صدور كتابه الأول ، في بيروت أيضاً .
إنه لأمرٌ فريدٌ حقّاً !
الراوي لم ينقطعْ عن الكتابة ، هذه السنينَ كلَّها ، بل كان منقطعاً إليها . يكدّس قصائده أكداســاً ، ولَربما
انتظرَ سركون بولص في عبوره من سان فرانسسكو إلى برلين كي يتقاسما النظرَ في النصوص ، ( النائمة؟ )
أنت تسجلُ موقفاً إزاءَ العالَم أو نظرةً .
النشر عمليةٌ تاليةٌ ، عمليةٌ قد لاتعني شيئاً آنَ اختلالِ القيَم
لقد أدّيتَ شهادتَك الشجاعة . بينك وبين نفسِك؟ أجل . أليس هذا كافياً ؟ ما شأنك والكرنفال الصفيق؟
*
لكنّ الأمرَ فادحٌ :
أريدُ ، والدمُ يشخبُ هنا وهناك ، أن أســردَ
وأمنحَ الشِعرَ استراحةً . أكتبُ العتمةَ التي لا تحتملُ التأويلَ
أمزجُ الألوانَ مثلَ دَهّانٍ أعمى
مؤجَّرٍ لليلٍ يلطِّخُ النجوم
ممالك( ص 33 )
*
يتبدّى لنا الراوي في " ممالك" راوياً حقّاً .
أعني أننـا لا نرى مؤيَّداً إلاّ راوياً ، إلاّ متربِّعاً يرصدُ عالَمَنا مثل أبي هولٍ ناطقٍ . هو طَوْدٌ لا يهتزّ وسطَ واقعٍ مهزوزٍ حدَّ الانهيار .
الذاتيّ شِبـْهُ ملتفَتٍ عنه.
اللمسة الذاتية الصريحة الوحيدة في الديوان هي في الصفحة الخامسة :
إلى زوجتي فخرية صالح
أعانتني كثيراً في إنجاز هذا الديوان
وبالإمكان وضعُ مرثيّته لصديق طفولته ، جليل القيسي ، (ص 120) ، وقصيدته عن جان دمّو ( ص134 ) ، وقصيدة " الذئب " المهداة إلى سركون بولص ( ص117) في هذا السياق . الثلاثة من " جماعة كركوك" .
*
أبو الهولِ ، الناطقُ ، لا ينطِقُ عن هوىً .
المعلومةُ والمحسوسُ يرفعان النصَّ إلى مرْتبةِ الحقيقة.
تُسنِدُ العمليةَ كلَّها راديكاليّةٌ متطرِّفةٌ ، لا تعرف المساوَمة.
الفنّانُ يواجهُ عالَماً شرِســاً ، بشراســة النصّ .
*
في قصيدة " معجزة المتنزِّه " – ص 175 ، بإمكاننا تتبُّعُ البِنْية الفنّية لقصيدة مؤيّد . إنه شاعرٌ متأنٍّ . بل أظنّ أنه يضع خطّةً مبتسَرةً للقصيدة قبل أن تتشكّلَ ، ثم يمضي في الكتابة .
القصيدةُ ذاتُ سبعِ مراحل :
على مائدة الإفطار ( الفطور ) قبالة زوجته.
على مائدة اإفطار يترك المتنزه زوجته.
قال المتنزه إنها النهاية.
حدثت الأعجوبة.
كل شــيء سيضيع.
المتنزه لوحده.
قبالتَـه أقفُ .
كل مرحلةٍ مكتفيةٌ فنّيّاً ، لكنها تؤسسُ للمرحلة التالية ، في عمليّةٍ دقيقةٍ ، غيرِ متعسِّفة .
سيكون النصّ مُـقْـنِعاً ، بالرغم من أنه دعوةٌ للجنون.
*

قصيدة " ممالك " الأخيرة ، ص 221 ، التي أضفت اسمَها على الديوان ، هي ، أيضاً ذات سبعِ مراحل سُمّيَتْ ممالكَ :
مملكة الدهشة – مملكة غير مفترضة- مملكة مختلَقة- مملكة اليقين- مملكةٌ وسيطةٌ – مملكة الناس – مملكةٌ راهنةٌ.
وعلينا أن نتملّى هذا النصّ ، شأن مُعظمِ نصوص الديوان ، كي نتعلّمَ أكثرَ من درسٍ في محاولة قصيدة النثر.
*
مؤيّد الراوي ، في " ممالك " مجهَّزٌ
مكتملُ العدّة
مثل محارِبٍ رومانيّ !


لندن 09.09.2010

نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر ــ ألف

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

مسبقة الصنع

14-نيسان-2018

إيروتيكا / ابتداء وقصائد أخرى

24-شباط-2018

ثلاث قصائد

12-آب-2017

أيّ ربيعٍ عربيّ ؟

02-أيار-2011

مرثيّـةٌ للشيخ خزعل

25-آذار-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow