Alef Logo
الغرفة 13
              

ورقة عمل حول واقع ومستقبل السينما في سورية

ألف

2006-11-14

في العام 2000 أصدر مجلس الوزراء قرارا يقضي بتحويل مؤسسة السنما إلى مؤسسة خدمات فقط ، وأبعد عنها الجانب الثقافي السينمائي البحت، هكذا قرار اثاؤ السنمائيين والنقاد والمثقفين وتجمعوا وقدموا ورقة عمل حول واقع السينما في سورية وضرورة استمرار مؤسسة السينما بعملها كما كانت وعلى أساس المرسوم الذي صدر بتأسيسها. وقع على ورقة العمل هذه مجموعة كبيرة من السينمائيين والنقاد وكان من بينهم محمد الأخمد قبل توليه منصبه كمدير عام لمؤسسة السينما .ز وبعد تسلمه كان كل ما فعله هو مخالفة صريحة لنود ورقة العمل هذه .. والتي في حينها أهتم بها الرئيس بشار الأسد شخصيا .. نورد فيما يلي نص الوثيقة
مقدمة :

إنه واقع يشرح نفسه منذ عشرات الأعوام : فيلم واحد في العام ، قطيعةً بين السينما و الحياة الاجتماعية ، و غربة بين الجمهور وطقس الحضور ، وخراب صالات العرض ، وعدم توفر الأفلام التي يمكن أن تشاهد . ولكنها أزمة وليست واقعاً ميؤوساً منه . فهنالك كوادر كبيرة ومتميزة ، وخبرات كافية للبدء بورشات كبرى ، وأساس لبنية تحتية جيدٌ وقابل للتطوير ، وتعلق ملموس بالسينما من قبل المهتمين والمختصين في جميع المجالات العامة والخاصة .
بقدر ما كان إنشاء المؤسسة العامة للسينما فعلاً حيوياً ينتمي لروح التأميم و تأسيس قطاع عام قوي ، يحمي المصالح الوطنية . بقدر ما نرى اليوم أن الحفاظ عليها على أساس تطويرها ، ضرورة حيوية ومصلحة وطنية .
إن الدور الجوهري للقطاع العام في ميدان الثقافة الوطنية ، ضروري وغير قابل للنقاش . ولكن تجسّد هذا الدور في مجال السينما يعني بالضرورة حماية الدولة و دعمها لهذه الصناعة الاستراتيجية .
فإذا كانت دولة مثل فرنسا تقدم دعماً سنوياً للسينما بمقدار مليارين ونصف مليار فرنك فرنسي ، لمواجهة اجتياح العولمة ثقافياً . فإن السينما بالنسبة لنا ركيزة أساسية لحمل راية الثقافة الوطنية بمخزونها التاريخي والمعاصر ، وبالأفكار والإضاءات الحرة و المستقبلية .
إنه هدر لطاقات الوطن ، أن تبقى الأفكار المبدعة حبيسة الشروط . في حين أن الشروط قابلة للتغيير . بتحديث الآلية والعقلية ، وبتوفير الحرية والأدوات ، بفتح الأبواب أمام المبادرات الخلّاقة. والتخلص من علل البيروقراطية . ومن عجز القوانين الحالية الجامدة عن التعامل مع الخصوصية الثقافية للإنتاج السينمائي .
ويبقى أن الخطوة الأولى ، التي لا معنى لكل هذا بدونها ، هي توفير الدعم الأساس : التمويل .
بان يكون للإنتاج السينمائي حصته الكافية في توزيع الدخل الوطني ، وأن يصبح بنداً في دراسة وإقرار ميزانية الدولة .
إن الهدف الأساسي وهو : نشوء صناعة سينمائية سورية ، يتطلب قطاعاً عاماً قوياً وحاضراً ومنفتحاً على تعدد الجهات المنتجة . ذلك أن الجميع يجب أن يكون مدعواً للمساهمة في هذه المهمة الوطنية .
إن السينما في بلادنا خارج دورة الحياة طالما هي خارج السوق ، والسوق بقوانينها الراهنة لا تحمل ضمانة لمحتوى السينما الثقافي . فسح المجال أمام التعددية وتعزيز دور المؤسسة فيه ، ضمان لعدم ارتهان المقول السينمائي لأحد ، وتأسيس لصناعة سينمائية سورية حاضرة في مجتمعنا وخارجه .
لقد استطاع الفيلم السوري الواحد في العام ، أن يحقق حضوراً ثقافياً ووطنياً لسورية في المهرجانات العالمية وعلى أقلام وألسنة أهم نقاد العالم . ذاك الفيلم الذي كان ومازال ينتج بكثير من الحب والتطوع والابتكار ، رغم حصار الشرط الإنتاجي المقتّر . هذا يجعلنا نقول :
إن صناعة سينمائية سورية ستكون قادرة على بناء علاقة وحوار مع المجتمع ، و مع العالم و متغيراته ، عبر محافله السينمائية ، وإعلامه ، و صالاته .
هذا .. ممكن ، وليس شطح خيال . من خلال البحث في النقاط التالية :




المؤسسة العامة للسينما ، نحو الحلّ :
إن الفهم القائم لـ " مؤسسة اقتصادية ذات طابع ثقافي " ، الذي يتجاهل الخصوصية الثقافية لإنتاج المؤسسة ، جعل من الطابع الاقتصادي عبئاً ثقيلاً يكبّل المؤسسة و يتركها عالقةً في دوامات إدارية ومالية بعيداً عن جوهرها الإبداعي الثقافي .
إعادة الحياة إلى المؤسسة تتطلب دعم الثقافي ووضعه في الأولوية ، وفق منطق شامل ومدروس ، يحيط بالواقع من كل النواحي ، ويفتح أمام المؤسسة أبواب التقدم المغلقة .
للوصول إلى هذا لا بدّ من :
أ :
ـ أن تتحمل الدولة ( وزارة الثقافة ـ وزارة المالية ) كتلة الرواتب والأجور في المؤسسة . ما يحقق الفصل بين النفقات الإدارية و نفقات الإنتاج .
كما أن التضخم في عدد موظفي المؤسسة ، يحتاج بالضرورة حلاً لا يهمل أهمية هذه الكوادر وخبراتها ، مثل أخذها بعين الاعتبار في المشاريع الثقافية المستقبلية ، مثل المسرح القومي والمدينة السينمائية والمعهد العالي للسينما .
ـ لتكريس وحماية وتحديث عمل المؤسسة الثقافي ، ودورها كمؤسسة قادرة على إنتاج أو مساندة التجارب ذات المتطلبات الخاصة ، والتجارب الشابة ، والتجارب ذات القيمة الثقافية العالية التي يمكن ألا تكون أرباحها المادية كبيرة ، يتوجب أن تتلقى المؤسسة مساعدات مالية سنوية كافية من الدولة .
ـ الانفتاح المرن على أبواب التوزيع الخارجي لإنتاج المؤسسة ، سواء للعرض السينمائي أو الفضائي . وليست هذه الأبواب مغلقة ، لكنها تحتاج إلى التعامل مع السوق والتسويق بعقل أكثر حداثة ومبادرة ، و إنجاز دراسات وخطط تسويقية حديثة . وتقديم التسهيلات الإدارية والضريبية للوسطاء مقابل تقاضي نسب من الأرباح .
ـ الانفتاح على العلاقات الخارجية ،والخلاص من عقدة الإنتاج المشترك البالية . إذ أنها تغلق أكبر أبواب الدعم في التقنية و التوزيع . إن الاستقلالية و الوطنية في صلب سياسة الدعم والتعاون الثقافيين في العديد من دول العالم ، وأوروبة خاصة . وهذا ما ثبت بتجارب عديدة لدول اعتمدت هذا النمط من الإنتاج ، وفي مقدمتها إيران .
إن تعدد جهات الإنتاج يضمن ويسهل توزيع و عروض الأفلام . وينطبق هذا أيضاً على الجهات العربية ، وعلى القطاع الخاص المحلي حال انطلاقه .
ـ تمتلك المؤسسة العامة للسينما ، قاعدةً تقنية مهمة ، يمكنها أن تشكل الأرضية للصناعة السينمائية السورية . إن إنجاز المدينة السينمائية ، إن أضيف إلى ذلك ، سيجعل المؤسسةَ جاهزةً للدخول شريكاً قوياً عند فتح الباب أمام القطاع الخاص المحلي ، وسيعود عليها ذلك بدخل جيد يدعم قدرتها الإنتاجية الذاتية ، ويخفض من كلفة الإنتاج المحلي . كما سيستقطب الإنتاج العربي أيضاً .
ـ تطوير وتحسين صالات المؤسسة ، و الصالات التي تمتلك المؤسسة نسباً فيها . والعمل على تضمين دعم الدولة المباشر هذا البند بأفضل صوره . إن صالات السينما واجهة حضارية لبلدنا ، كما لكل بلد . وهذا يعني بالضرورة ، تحسين صالات القطاع العام ، و صالات القطاع الخاص أيضاً ، لإعادة جمهور هذه الصالات إليها .


ب :
ـ إن الآلية الحالية لعمل المؤسسة، مكبّلة بالعوز التمويلي ، وبالقوانين القديمة ، و بالبطء الإداري . الأمر الذي يجعل عملها تنفيذياً غير خلاق ، ويجعل شغلها الأكبر باتجاه التغطية الإدارية بالصلة مع الوزارة والمالية والتفتيش ، على حساب الجهد الواجب والأساس باتجاه العمل الفني وتخديمه . ولذا نقول بضرورة المعالجة الجذرية لهذه الآلية ، أي :
إعادة تشكيل اللجان المفصلية في المؤسسة بحيث يكون عدد السينمائيين فيها مساوياً لعدد الإداريين ( حتى لو كان الإداري سينمائياً ) .
واللجان المقصودة هي : مجلس الإدارة ، إدارة شؤون الإنتاج ، الاستيراد ، التخطيط ، اللجنة الفكرية .
وهذا كفيل بتحويل الحوار الإداري الإبداعي إلى حوار إبداعيّ إداريّ ، وبضخ دفقٍ من الأفكار والمبادرات من السينمائيين .
ـ إعادة النظر بقوانين الرقابة وآليات عملها ، إن وجدت ، وتشكيل لجان رقابية متفتحة ومتنورة ، يكون نصفها على الأقل من السينمائيين كغيرها من اللجان .
على الرقابة أن تعبّر عن ذائقة الجمهور وأن تحترمه ( لا أن تكون وصيةً عليه ) . فيصبح تحديد الفئات العمرية أساس آلية عملها . ذلك سينعكس إيجابياً على الاستيراد و على إعادة الاعتبار للصالات ولطقس الفرجة . إن الدفاع عن شرعية اللجان الرقابية المؤهلة أمر بالغ الأهمية ، إذ يجب أن تكون بتعدديتها و كفاءتها مؤتمنة وصاحبة القرار في مجالها ، لا يحق لأحد من فوقها تعطيل فاعليتها بقرارات اعتباطية أو شفوية .

القطاع الخاص :

إنّ ما ورد في ورقة غرفة صناعة السينما جدير بالاهتمام ، إذ يفتح الباب أمام نقاط جوهرية كفيلة بإعادة القطاع الخاص إلى العمل السينمائي . الأمر الذي يؤكد أن الحوار ممكن وضروري ، وإمكانيات العمل المستقبلي المشترك قائمة .
لدى القطاع الخاص السينمائي الذي كان يعمل في بلادنا ، والذي يمكن أن يعود للعمل ، اهتمامٌ عملي بتحويل السينما إلى صناعة رابحة . إن تزاوجاً بين هذه الروح وبين الروح الإبداعية الثقافية للعمل السينمائي ، سيعطي دفعاً باتجاه تأسيس الصناعة السينمائية الوطنية الحية . و التنسيق بين القطاعين ، بوجود قوي للمؤسسة سيضمن ألا تسيطر على الإنتاج الوطني نماذج السعي إلى الربح وحده .
إن تشجيع القطاع الخاص ، على دخول العمل السينمائي ، يتطلب :
ـ اعتبار الاستثمار في المجال السينمائي باباً ينبغي إعطاؤه التسهيلات ، كونه يحمل الميزتين معاً : الاستثمار الاقتصادي ، والثقافي الوطني . وينبغي أن تتناسب التسهيلات طرداً مع ازدياد العامل الثقافي الوطني . هذه التسهيلات يمكن أن تتضمن الإقراض والضرائب ، و المساعدة التقنية من قبل المؤسسة ، ما سيعود بالفائدة على الطرفين .
ـ إعادة النظر في نظام حصر الاستيراد على أساس الانفتاح والتشجيع مع رقابة الدولة ( المرنة والمتطورة ) ، بحيث يعطى القطاع الخاص تسهيلات إدارية و جمركية ، و تكون عائدات الضرائب على الاستيراد لصالح المؤسسة العامة للسينما .
ويرفق فتح هذا الباب بفرض نسبة من العرض المحلي تشجيعاً للإنتاج المحلي ، مفترضين زيادة هذا الإنتاج .
ـ تقديم التسهيلات للقطاع الخاص من أجل تحسين صالاته وتطويرها ، وحتى هدمها و إنشاء صالات جديدة تحافظ على أعداد المقاعد ، حتى لو كانت مقسومة إلى صالات . و عليه يمكن السماح برفع أسعار البطاقات مقابل رسوم معقولة على الأرباح . و هذا يقتضي تسهيلات في مجال الترخيص و العمران والقروض والاستثمار والضرائب والرسوم .

وماذا بعد ؟
ـ المجلس الوطني للسينما : إحداثه كجهة تنسيق وربط وتخطيط ، تجمع الأطراف الثلاثة
( السينمائيين ، المؤسسة ، ممثلين عن القطاع الخاص ) بحيث يتحقق التزاوج الفعلي ، وترسم الآفاق المشتركة للإنتاج السينمائي في سورية ، بكافة قطاعاته ، وعلى الصعيدين الثقافي والاقتصادي .
ـ المعهد العالي للسينما : وضع مشروعه ، بالاعتماد على ( كوادر المؤسسة وقاعدتها التقنية ، كما يمكن الاستفادة من المدينة السينمائية ) . إذ صار ضرورة ملحة لاحتياج السينما السورية إلى كوادر شابة لم تعد ترفدها لصعوبة الحصول على المنح الدراسية . مشيرين إلى كون الجيل الحالي ومنه قرابة الثلاثين مخرجاً في المؤسسة ، يقارب أغلبه الخمسين من العمر . و إلى أننا بأمس الحاجة إلى ضخ دماء وأفكار حرة جديدة .
ـ مهرجان دمشق السينمائي : إعادة الروح إليه ، ليكون حدثاً و ساحة للمعرفة و التطور والعلاقات المتبادلة . ويكون ذلك بمنحه هامشاً أعرض من الحرية الإدارية والتنفيذية ، و بفصل إدارته عن إدارة المؤسسة لتعزيز روح المبادرة و التجديد ، فتكون إدارته من لجنة سينمائيين من داخل المؤسسة وخارجها. و إحياء تظاهرة سوق الفيلم للترويج للسينما السورية ولاستيراد الأفلام ، وتشجيعاً للقطاع الخاص وأفلامه .
ـ العمل على نشر الثقافة السينمائية بشكل اجتماعي ، بتشجيع إنشاء النوادي السينمائية وتنشيطها ودعمها. وفتح الأبواب لما يمكن أن يظهر من مبادرات في هذا الاتجاه ، مثل تشجيع سينما الهواة، و التظاهرات الخاصة ، والعروض في الصالات غير المخصصة ، وحيث لا صالات .. الخ .

الخلاصة :

إن ألف باء مشروع الخروج من الأزمة هي :

أ ـ دعم الدولة للسينما ، مالياً وإدارياً ، وبما يكفي لإحيائها ثم تطويرها . و التعامل معها كجزء رئيس من الواجب الثقافي ذي الأولوية .
ب ـ تطوير المؤسسة العامة للسينما ، قوانين وآليات عمل . لحساب الثقافة والتقدم وحرية الإبداع .
ج ـ التعددية والتكامل في جميع المجالات ، الرأي و القرار والإبداع والإنتاج والاستيراد والصالات ، ضمن خطة تتصدر أسسها الثقافة الوطنية ، يكون القطاعان العام والخاص أعمدتها ، كلاهما لا أحدهما .























تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow