Alef Logo
يوميات
              

وتخجلُ بي !

ناديا خلوف

خاص ألف

2010-09-24

كم أحبكَ ! أنتَ يا منْ زرعتَ في وجداني رمزاً أبدياً للمحبةِ والعشقِ . بل أنتم جميعاً أحبتي من تدعونَ أنفسَكم " بالجنسِ الآخر" إنّكم تمثلونَ لي الأملَ ، وأرى فيكم أبي .أخي . زوجي ، وابني . هل هناكَ أغلى من هؤلاء على قلوبِ المرأةِ ؟ لماذا لا تبادلوني الحبَّ بالحبِّ . أسعى إليكم ، وأقطعُ سنواتٍ من عمرِ ذاكرتي لألتقي بمحبتكم التي أتصورُها تتوقدُ في صدورِكم كمحبتي لكم ، ويضيعُ الحلمُ في غمضةِ عين . أعودُ أجرجرُ أذيالي وأنا أشعرُ بالخيبةِ التي ترتدُّ إلى وجداني، ويتشكلُ ذلكَ العذابُ الأبدي الذي يسكنُني ، لكنهُ لا يغيِّرُ من عصفِ قلبي في الحنينِ إليكم جميعاً على اختلافِ أسمائكم . قد أكونُ مجرد امرأةٍ عابرة ٍ في حياتِكم . امرأةٌ لا يمكنُكم الاستغناءَ عنها لأنّها أصلُ الخصبِ والحياةِ . لماذا لا أجدُ نفسي إذن في حكاياتكُم ؟ تتحدثون عن الحبِّ ، والألمِ . حبُّكم أنتم ،وآلامُكم ، بينما هناكَ امرأةٌ تنتظرُ أن تحدِّثَكم عن حبِّها وألمِها .
ضجيجٌ يصمُّ أذنيَّ ينادي بالحريةِ للمرأةِ . أبحثُ عنها- أعني الحريةَ - في قواميسِ لغتي . لا أجدُ فيها سوى اسمَ جاريةٍ أحبَّها خليفةٌ ، أو عبدةٍ تزوجَها كريم ٌكنوعٍ من الصدقةِ . وربما المرأةُ في غفلةٍ عن هذا . فمن يخضعُ للظلمِ يتعودُ عليهِ ويعتقدُ أنَّ هذه هي الحالةُ الطبيعيةُ في الحياةِ . يقولونَ الشعاراتِ عن الفرحِ والسعادةِ . وأصدقُّ ، فأسعى إليهما وأرى أنّ كلَّ أيامي محكومةٌ بالشقاءِ . أنتم سببُ وجعي و علَّتي . الفرحُ محكومٌ عليه بالموتِ وفقَ شريعتي . والمرأةُ كائنٌ ُيستدعى عندَّ الحاجة . ُيطردُ ساعةَ يشاءُ الرجلُ . ربما بصفعةٍ . ترغبونَ أن تكونَ المرأةَ رجلاً يحملُ السيفَ تارةً ليحاربَ من أجل اللقمةِ ، و تارةً أنثى تجيدُ الدلالَ و الغنجَ و الخفةْ . أصغوا إلي مرةً . الأمرُ سيطالُكم إن لم تسمعوا نصيحتي . أنتم تواجهون أنفسَكم بمواجهتي ، لأنّني أمٌ لكم ، وأختٌ وزوجةٌ وملهمةٌ ، وابنةٌ يحتاجُها أبٌ في يومِ محنةٍ . إذا كانتِ المرأةُ تنكحُ لثلاثٍ . إذن أنتم من فازَ بثروتي . هي أولى الشروطِ لمحبتِكم لي . أيضاً شرطُ أمومتي .
في القاعِ تساوتْ أوجاعي معكَ يا نصفي الثاني . مسحتُ دمعكَ من عينيَّ ، ولما ذهبتَ إلى السطحِ نسيتَ ، فكانتْ مصيبتي . أنزعُ إلى الإيمانِ لا من أجلِ مغفرةٍ .
أتدري ؟ لو كان الإلهُ رجلاً محبّاً لأعادني إلى الدنيا صبيةَ تعيدُ التجربةَ بغيرِ تجربةٍ . سيحزنُ عليَّ لأنّني لم أفهمْ أصولَ الحياةِ ولا حتى أصولَ اللعبةِ ، ولا فنَّ العبادةِ . سأزحفُ زاهدةً من الحياةِ اليومَ ، ففيها كانتْ مقبرتي . يقولونَ لي: عودي إلى جحركِ طائعةً . وظيفتُكِ معروفةٌ . من شفاههم يقولون هذا ، وهم يرغبونَ أن أصرَّ على أمرٍ لم أخترْهُ بحريّتي . معَ هذا يقولون : انظروا هي من اختارَ الشقاءَ حتى هذهِ اللحظة . تبتسمونَ في سرِّكم . تعتقدونَ بأنّكم ضحكتُم عليَّ بينما أركضُ من أجلِكم وأجري لا أعرفُ كيفَ يكونُ نهاري وبعضُ ليلي . أنسى أن أرى نفسي في مرآةِ عمري . يضيعُ في حبِّكم سرّي ، وما زلتم تتحاورونَ في أمرِ جسدي وأمري ! .أرغبُ في حريةٍ تأخذُني إلى حدودِ الكونِ . أركضُ بها نحوَ الشمسِ . أغتسلُ من الخطايا والقيودِ تحتَ غيمةٍ تعمِّدُني بأمطارِ الربيعِ . أحلمُ في قفزةٍ تعتقُني . وجهُكَ يبتسمُ لي . يصدِّقُني . ساحةُ رقصٍ بيني وبينكَ تسرقُني . أمي ماتتْ يومَ ولدتُ من الغمِّ . خوفاً مني . من تلكَ القادمةُ إلى الدنيا . خافتْ عليَّ من الخطيئةِ والإثمِ . بصمتِ القبورِ استقبلَني ربعي . مصيبتُهم كانتْ أنثى . الدارُ كانتْ مسكونة برائحةِ الحزنِ والعجزِ . نعم . رأيتُهم. وجوهُهم عابسةٌ . عيونُهم زائغةٌ . كأنّها ليلةُ الحشرِ . صرختُ بهم : إليَّ اتركوا أمري . استمرَّ حزنُهم في وجداني و قلبي، فنشأتُ آثمةً أبداً . بالإثمِ لا بالحبِّ يخفقُ صدري . كرسوا حياتََهم لمراقبتي . من أجلِ الوقوفِ على حالتي . خنتُهم بالسِّرِ . عشقتُ رجلاً أعطيتُه عمري . فقالَ لي ما قالوهُ وأذلّني لأنّهُ في العشقِ عرفَ سّري . نادى المنادي أن خذوها فهي آثمةٌ . لا يليقُ بها سوى الموتِ ، وفي الموتِ جرت حياتي المسكونةِ في عمري . في كلِّ يومٍ يستيقظُ العمرُ مذعوراً يخافُ أن ينبشوا جثتي من القبرِ . فأنا مجردُ خطيئةٍ تتناقلُ الأجيالُ من خطئها النصيحةَ والعبر . إنّني اليومَ أحدِّثُكم . لكنّني غيرُ موجودةٍ من يتحدثُ هو ظلّي .
كيف سيذوبُ الثلجُ عن الجبالِ ؟ كيف ستزهرُ الأرضُ بالورودِ دون أنثى فيها رائحةُ الأرضِ وطعمُ الحياةِ . في عروقِها الحبُّ يجري ؟ غنّتْ لي أمي قبلَ ألفِ عامٍ . كانتْ تهزُ سريري . قالتْ : عمرُك مثلُ عمري . وقهرُكِ من قهري . ليتكِ لم تكوني ! لو ترحلينَ اليومَ ! أنتِ مصيبتي إلى أبدِ الدهرِ ! سوف أُحاسبُ عنكِ إلى يوم الدينِ . سأكونُ السيفَ المسلَّطَ على قلبكِ ، ولستُ الأمّ الحنون . إنّهُ العذابُ معَ القدرِ يجري . هكذا يريدون . لن أستطيعَ مخالفتََهم . وفقَ أوامرِهم سأكونُ . قمتُ من مهدي ثائرةً . صرختُ بهم : لماذا ترموني بالعتمةِ . قلبي يرغبُ بالحياةِ . ما ذنبي إن كنتُ أنثى ؟ من منكم يحاسبُ تفاحةً أو رمانةً لأنَّها لم تُخلقْ فاكهة أخرى . ترسمون لي خارطةَ الذنوبِ . تقولونَ : نحنُ كرماءُ لم نقتلْكِ . وأقولُ لكم : حاولتُ أن أرضيكم . أن أملأَ بالفرحِ لياليكم . لم أطلبْ منكم الحبَّ ، بل الرحمةَ والإنصاف . إنّني بينَ أيديكم . تحدثتُم بإسهابٍ عن اسمي وإثمي . بعثتُم أوهامِكم تنقبُ عن الشرفِ في جسمي . تمنيتُم لي الموتَ أبداً . خجلتُم من تاء التأنيثِ ، ونونِ النسوة . أزيلوها من كتبِ النحوِ والدينِ والتاريخِ ، أليسَ أنتم من كتبَ التاريخَ ، ونسيَ أن يكتبَ اسمي ؟ ضعوا نونَ الإنسانِ بدلاً منها على جسمي . آهٍ منكم ! لماذا تقسونَ عليَّ . قتلتم أجملَ الأشياءِ فيَّ . كنتُ في زمنٍ آلهةَ الحبِّ والخصبِ . شوهتُم كلَّ ملامحي . لن ترضوا مهما فعلتُ لكم . سأهربُ منكم . سأمحو ماضيَّ بممحاتي ...
أرسمُ صورتي على الشمسِ . لن أخجلَ بعد اليومَ من جنسي . سأرحلُ منكم إلى حريةٍ أختارُها . أنتم بعضُ آلامي . سأطلُّ عليكُم في ليلةٍ ظلماءَ قمراً ، كي تشهدوا لي بأنني أنثى .سأرحلُ منكَ يا حبّي كي لا تخجلَ من كلماتي . من عذاباتي ، كي تقدمُني للعالمِ دونَ وجلٍ ، ولا خجلٍ ، كأنثى يحقُ لها ما يحقُّ لكَ . تقولُ للدنيا هي عشقي . هي رفيقتي . صديقتي . أختي . هي ابنتي التي أحبُّها . لن أقتلَها بعدَ اليومِ ومنها لن أخجلَ . إنها في الحياةِ حسّي و أُنسي ! !

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

04-تموز-2020

"الفظائع الآشورية التي تجعل داعش باهتة أمامها"

19-كانون الثاني-2019

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

10-كانون الأول-2015

السّوريون ظاهرة صوتيّة تقف على منّصة ليس أمامها جمهور

19-تشرين الثاني-2015

الزّلزلة

05-تشرين الأول-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow