Alef Logo
يوميات
              

لحظةٌ من فضلك

ناديا خلوف

خاص ألف

2010-10-25

لحظةٌ من فضلك
ما هو السؤالُ الذي ترغبُ أن أجيبَك عليهِ ؟ قلْ لي كي أجيبَك وننهي هذه المسألةَ التي أرهقتنا كثيراً .
- ماذا أريدُ من الحياةِ ؟ أريدُ كلَّ شيءٍ ، ولا أريدُ شيئاً .
- لم تقتنعْ بإجابتي ! حسناً . قل: ماذا تريدُ أنتَ ؟
- أن أفهمَك ، وأحسِّنُ أدائي تجاهكَ !
- معكَ حقٌ . لكن من حقي أن أسألََك أينَ هوَ التقصيرُ ؟
- تقولُ: أنّني أختلفُ معكَ حولَ قيادةِ الأسرةِ !
- هذه حجةٌ واهيةٌ تستحضرُها كلما طلبتُ منكَ أن تقومَ بواجباتكَ تجاهَ الأسرةِ . أبحثُ عنك ليلَ نهار لأسلّمَكَ القيادةَ بينما أنتَ مع امرأةٍ أخرى تحدثُها في الحبِّ والهوى. تكتبُ لها قصائدَ الشعرِ . هي فتاةُ هوى ربما تكونُ هذهِ مهنتها . لا ألومُها . ليس مطلوبٌ مني أن أعيدَ تربيتَها على الفضيلةِ والقيمِ . مازلتُ أتحدّثُ عن القيمِِ وفقَ مفهومي الساذج ، وكأنّ القيمَ أمرٌ ثابتٌ . ألا يمكنُ أن يسجِّلَ التاريخُ بصمةً لملهمتِكَ في تحديثِ القيمِ ؟
نعم . ذهني لا يستوعبُ الأمورَ فما زلتُ أؤمن بالمحبةِ والإخلاصِ والعطاءِ . هل يمكنُني اعتبارُ هذا ضمنَ القيمِ الحاليةِ ؟ أراكَ تبتسمُ ساخراً من عفويتي . لكن عليكَ أن تقولَ لي لماذا تأتي في كلِّ ليلةٍ معبقاً برائحةِ الدخانِ أو رائحة الفجورِ ؟ ألا يمكنُكَ الوضوءُ بعد الانتهاءِ من تلكَ الصلاةِ اليوميةِ ؟ وتأتي نظيفاً طاهراً لا تستفزني ِ .
- أسمعكَ تقولُ أنكَ هربت مني لأنّني انتقصتُ من حقوقِك ، ولأنَّ لساني سليطٌ .
علمْني إذن كيف أكونُ رقيقةً معكَ عندما أتكلمُ بأشياءٍ جوهريةٍ وتصمتُ كي أنهي حديثي بسرعةٍ.
هناكَ حكايةٌ تقول : العقلُ يتعوّدُ على ما يتدربُ عليهِ ، وتربيةُ الأطفالِ في الأسرةِ لا تتمُّ بالتوجيه ، بل بالتربيةِ المصاحبةِ . كان صاحبُ هذه المقولاتِ رجلٌ يسمى "بعالم نفس " . أنت ربيتَ أذني على كلماتٍ كنتُ أستهجنُها فأصبحتُ أستعملُها . ربما أكونُ الوحيدةُ بين النساءِ التي تحبُّ رجلا يظلمُها . هو مرضٌ موجودٌ في الحياةِ أحبكَ وأنظرُ إليكَ نظرةً قدسية حتى عندما يكونُ بين ذراعيك امرأة أخرى . اقتنعتُ أنّكَ خصّصتني لتربيةِ الأطفالِ أقول : يا للمسكين ! لقد ظلمتُه معي . لا أتفرغُ لراحتِه . فهل أمومتي أهمُّ منه ؟
أنتَ محقٌ في كلِّ أمر . لمَ لا . إن لم أقبلْ بذلك سيُفتضحُ سّرُنا . تربيتُ على الكتمانِِ كي يقولَ الناسُ عنّا أنّنا عائلةٌ مثالية . أرى ابتسامتََك المزيفة عندما تتحدّثُ بمصطلحاتِ العصرِ عنِ الذكورةِ والأنوثةِ . لا أطلبُ منكَ ذلك السقفَ العالي من الشعاراتِ الذي تطرحُه على الملأ . أريدُ أقلَّ منه بكثيرٍ . بكثيرٍ . بعضُ الأشياءِ البسيطةِ فقط . يحضرُ إلى ذهني أنّه لم يكن عندي اليومَ ثمنُ الغذاءِ لأولادي . هل لكَ أن تعطيني ثمنَه ؟ تقولُ أنّ الظروفَ الماليةَ صعبةٌ . ثمنُ سجائرِك يجلبُ لنا أكثرَ من ربطةِ خبزٍ . أنت زوجي لن أتحدثَ عنك بالسوء . أوصتني أمي على الدوام : أنّ مكانَ المرأة بيتُ زوجها إلى أن تحينَ وفاتُها "من بيتِها إلى قبرِها " !
- أرغبُ يا زوجي العزيز أن أتخلى عن نعمةِ الزواجِ بك . مع أنّك تكبرُني بأكثرِ من عشر سنواتِ . إلا أنكَ مازلتَ تعتقدُ أنك ذلكَ الشابُّ الملهِمُ للفتياتِ . ما يدفعُني إلى البقاءِ معكَ هو تلكَ القلوب التي تنبضُ بالحياةِ . هم أطفالنا أنا وأنتَ ، أو ربما أطفالي فقط . فهم دائماً يسألونَ عنك . يرغبونَ أن تكونَ والدَهم ليحبّوك . هم يحبونك فعلاً . يريدون أن يقبلّوكَ قبلةَ الصباح . لكنكَ تكونُ نائماً . وكلما تركتُكَ راغبةً في الرحيلِ عنكَ . يركضونَ خلفي ليعيدوني . مع أنني لن أترككَ الآنَ على الأقلِّ . من أجلِ عيونِهم ، فلمن أتركُهم وأنتَ غيرُ موجودٍ ؟
جاءَ دورُكَ . إنّني منفتحةٌ جداً للحديثِ معكَ . أرغبُ بتسويةِ هذهِ المسألة . تتحدثُ عن قيادةِ الأسرةِ وأنّني سلبتُك إياها . أرجوكَ خذْها . كن أنتَ القائدَ الملهمَ . سأكونُ تحتَ قيادتِك . عليكَ أن تقودَنا من داخلِ منزلِنا . بالحكمِة والمحبةِ وإنفاقِ المالِ على ضرورياتِنا وحسب الإمكانياتِ التي تعلمُنا بها بصدقٍ .
ماذا ؟ طبقتَ البابَ ورحلتَ . هربتَ . القيادةُ برأيكَ هي كما تفعلُ بنا . صراخٌ وضجيجٌ . وعيدٌ وتهديدٌ ، أو صمتٌ يستفزُّنا لنخرجَ من جلودنا . وخرجتَ ! أم هربتَ من المسؤوليةِ ؟ إنك تنفقُ الكثيرَ عليها أو عليهنَّ . تقولُ أنكَ أديبٌ أو فنانٌ أو ثريٌ من حقّهِ أن يشعرَ بالحبِّ كي يستطيعَ العطاءَ . اكتبْ يا سيدي مرةً واحدةً عن معاناتي أو ارسمني بثيابي القديمةِ باكيةًً أستجديكَ ، أو دعني أجلسُ قربَ بوابةٍ تتصدقُ من مالكَ عليَّ . تكتبُ القصصَ تشبِّهُ فيها المرأةَ بالآلهةِ ، وترسمُ اللوحاتِ عن الفاتناتِ وليس بينهن جميلة .
سيدي أرجوكَ أن تنصفََني في لقمةِ عيشنا على الأقل ولا تستغلُّ عداء النساء لبعضهن ، وتخلفهنّ . أنت لست مسؤولاً عن تخلفِ المرأة . مسؤول فقط عن تخلُّفكَ أنتَ . لقد ربّتكَ امرأةٌ ضحتْ بكلِ ما لديها إلا تخلفها . أنت نتاجُ النساءِ بجدارةٍ . والدُكَ لم يكن ماجناً مثلكَ . كانَ يعيشُ الحياةَ الصوفيةَ كي يهربَ من المسؤولية . إنكما وجهانِ لعملةٍ واحدةٍ ، أو ضحيتانِ لتربيةِ امرأةٍ علمتكَما أنّ الرجولةَ هي عِنْدٌ في السيطرةِ على عقلِ المرأة ، وأنا أرغبُ في أن يكون عقلي حراً . سيطرْ على قلبي .عواطفي . جسدي . بمحبتك لي ، لكن عقلي لي وهوَ الذي يسيّرُني فلا أملُكُ أمرَهُ لتسيطرَ أنتَ عليهِ . أنتَ تربيةُ امرأةٍ علّمتكَ أن تتركَ قلبي للريح حتى تكونَ رجلاً . هي عاشتْ حالتي أحبتْ أن تنتقمَ من نفسِها بانتقامِها مني . أمي أيضاً ربتني على أن أعطي عقلي وجسدي وعمري لمن أتزوجُهُ وأنسى من أنا . لكنّك أعدتَ تربيتي فأضفتَ لي قلةَ احترامي لذاتي . وخجلي من جنسي وحياتي .
عدتَ تسترقُ السمعَ إلي من خلفِ الباب . وتضحكُ! على ماذا ؟ على تكراري للكلماتِ . أم على استفزازكَ لي وتركي أتكلمُ مع نفسي كالمجانين . لحظةٌ لو سمحتَ . سأعلِّمُكَ آدابَ الحديثِ . أن تسمعَ لي بعقلِكَ وقلبكَ وأن تتعاطفَ معي . تقولُ : لا أستطيعُ! وتفخرُ بأن تكونَ حالةً مستعصيةً في تعلُّم فنِّ الحديثِ والاستماع !
إذن سأكونُ مضطرةً لأعلّمَكَ آدابَ الحديثِ . بصمتٍ . بصمتٍ . سأبحثُ عن كلّ الأشياءِ التي تملكُها . يا للهول! ليس لكَ في غرفةِ نومِنا سوى وسادة . إنّني مترددةٌ هل أبقيها على سريرنا أم أقذفُ بها جهةَ المطبخِ. يعزُّ علي ذلكَ . سأتسامحُ معكَ . كنْ حبيبي أرجوك، فليس لي غيركَ في هذهِ الدنيا . لن تكونَ! أسمعُكَ تقولُ ذلكَ همساً . ستعلّمُني الدرسَ ! أتسخرُ من مشاعري ؟ أنت لستَ معي سواءَ رجوتُك أم لا . وأنا عالقةٌ في هذهِ الورطةِ التي تسمى زواجاً . لا أعرفُ كيفَ أتصرفُ ، لكن علي أن أتصرفَ كي يهدأ قلبي . كي لا أعدُّ الساعاتِ لأغمضَ عيني فورَ وصولك مدّعيةً النوم . يديَّ ترتجفانِ . لا تحبُّ أن تقذفَ بالوسادةِ ، وقلبي يتمزقُ كيف سأترككَ وحيداً في ليالي الصقيعِ . لكنّني سأفعلُ ما يجبُ أن يكون . أنتَ مطرودٌ من حياتي إلى إشعارٍ آخر . كلُّ مالكَ عندي وسادةٌ تضعُ رأسكَ فوقَها في الليلِ فكّرْ في الأمرِ جيداً ومعكَ العمر كلّهُ. هذا البيتُ لي . الأولادُ لي . لن يستطيعَ أيّ قانونٍ في الدنيا أن يجبرُني على تركِهِ .أو تركهم .
نادية خلوف

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

04-تموز-2020

"الفظائع الآشورية التي تجعل داعش باهتة أمامها"

19-كانون الثاني-2019

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

10-كانون الأول-2015

السّوريون ظاهرة صوتيّة تقف على منّصة ليس أمامها جمهور

19-تشرين الثاني-2015

الزّلزلة

05-تشرين الأول-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow