Alef Logo
يوميات
              

قصيدة النثر: الشعرية أم الشرعية؟

بشير عاني

2010-11-12

يتفق الكثير من النقاد على أن أغلب نتاج الشعراء، وفي كل العصور، متفاوت الأهمية، أما الشعر العظيم فهو يقتصر على أعمال معدودة، أو على قصائد محدودة لكل شاعر منذ الجاهلية وحتى الآن، أي أن الشعر المبدع قليل ونادر.
وبهذا المعنى يتساءلون: هل كل ما كتبه المتنبي بمستوى شعري واحد، وكذلك كل ما ثبّته أبو تمام في حماسته، أو نشره أدونيس ومحمود درويش والسيّاب وغيرهم؟
من جهة أخرى، وعبر هذه الإشكالية، فإن الشعر الجديد، وخاصة قصيدة النثر، الأكثر نصيباً من خرطوش الاتهام، إلى درجة أن البعض ما زال يصرّ على اعتبارها (نغلاً) لا يجوز تبنيه وإلحاقه بعائلة الشعر العربي ما دفع البعض، ونحن منهم، لطرح القضية عبر التساؤل التالي:
أين هي مشكلة قصيدة النثر، هل هي في الشعرية أم في الشرعية، أم في مكان آخر..؟
ما أنا متيقن منه أن قصيدة النثر اكتسبت شرعيتها منذ أن نجحت القصائد الأولى لشعرائها الأوائل، وأخص الشاعر محمد الماغوط، ففي البداية كانت تحتاج هذه القصيدة إلى نوع من التضامن ونوع من الحضانة أمام مد الهجوم التقليدي، فيما بعد انتشرت هذه القصيدة وأصبحت الشكل الذي يمثل شريحة واسعة من الشعراء، لكنها عانت من مشكلة خطيرة ما زالت تلازمها وهي استسهالها من قبل الأدعياء وهذا ما تسبب في ظهور نماذج رديئة غطت على الجيد منها، كما ابتلت ببعض المنظرين الذين، وبدلاً من العمل على هذه القصيدة لتطويرها، قاموا بإثارة حساسية الشعراء الآخرين من كتاب الموزون، العمودي والتفعيلي، وانشغلوا معهم بحروب إلغائية، لم تضف إلى قصيدة النثر سوى المزيد من الأعداء والمزدرين.
من هنا تبين أن ألد أعداء قصيدة النثر يكمن في داخلها، وهم الشعراء (الموهومون) والمنظرون الإلغائيون.
كما تبين أيضاً أن قصيدة النثر بحاجة إلى مبدع حقيقي عالي الحساسية، مثقف وغير مستهتر بأي شيء يتعلق بالشعر، فمن غير المعقول أن نقرأ اليوم آراء تقول بأن قصيدة النثر تستمد شرعيتها من لوركا ومايكوفسكي ورامبو..!!
والغرابة أن مطلقو هذه الآراء لا يعرفون، وهم في زحمة الدفاع عن قصيدة النثر، أن لوركا لم يكتب في حياته سطرا نثرياً واحدا، فجميع أشعاره كتبت على أقدم الأوزان الأسبانية، كذلك مايكوفسكي الذي لم يعرف عنه أنه قد كتب النثر على الإطلاق، أما رامبو فكتب النثر، ولكن أجمل قصائده، مثل المركب السكران، كتبت على الوزن والايقاعات المعروفة في فرنسا.
وفي الغرب الأمريكي كتب والت ويتمان النثر، ولكن الذين جاؤوا بعده كتبوا على الأوزان ولم يشكل هذا تراجعاً في الشعرية أو التطور لدى الأمريكيين، واليابانيون لا يزالون يكتبون الهايكو، وهو أقدم الأوزان الشعرية المعروفة ولكنهم يكتبونه باستخدام أسلوب حداثي رفيع.
باختصار، قصيدة النثر تكتب في كل دول العالم ولكن لا تواجه صداما مع الشعر التقليدي، فقط في ثقافتنا العربية نشاهد هذا الصدام وهذه المعارك الفائضة.
[email protected]

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

ما هي حظوظ الأصوليات الدينية في سورية..؟

12-آذار-2016

"خضر" والذين معه

21-تموز-2012

دم راشد بما يكفي

05-تموز-2012

آخرُ الأمر..

05-حزيران-2012

وجوه عديدة لـ (صحّاف) واحد

24-آب-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow