Alef Logo
يوميات
              

قصيدة النثر: الشعرية أم الشرعية؟(2- 2)

بشير عاني

خاص ألف

2010-11-28

يتفق الجميع على أن المشكلة الأساسية التي واجهت قصيدة النثر هي قلة الإلحاح على الأذن العربية التي اعتادت على الإيقاع النغمي العالي ولم تعتد على إيقاعها الداخلي الخافت، وهو ما قاد إلى تعطيل أسئلة الحداثة وتجاهل الطرائق المتعددة لقراءة النصوص الجديدة.
أمام سلطة الشكل هذا تم إحباط حياديتنا وبتنا غير قادرين على تأمل خفقان النص الشعري السائد (العمودي والتفعيلة والنثر) إلا بمقدار جمالي مسبق وجاهز، وهو ما أنسانا إيماننا العتيق بأن القصيدة تحلق بجناحيها، وجناحيها وحدها..
فالتحليق، سواء أكان عالياً أو منخفضاً، هو خفقان متعدد المعاني يسمح للمتلقي، الذي هو قارئ بأذنيه وعينيه، أن يتفاعل مع النص بطرائق متعددة، بل وأن يكون له أيضاً موقف من ذاته في كل فعل إصغاء أو قراءة.
وإذا ما قبلنا بأن الشعرية، أو روح الشعر، تعني الانفتاح، وإن مفهوم الشرعية مفهوم تاريخي، مؤسساتي، أشبه بالطوطم، فإننا سنتفهم أن تجاوز قصيدة النثر لقصيدة الإيقاع لم يكن يعني هزيمة هذه الأخيرة بقدر ما كان يعني هزيمة للمحظور والتقليدي المتيبس، وهو ما يؤكد أن الشعرية لا جنسية لها ولا شكل، وغير محكومة بأي سقف مؤسساتي.
من جهة أخرى فإن فكرة الشكل ليست هي جوهر الشعر الوحيدة، وليست هي ما يجب أن نبحث عنه فقط، إن ما نبحث عنه حقاً هو كيف تتشكل الشعرية المعاصرة وما جماليات هذا التشكل.
إن كنا صادقين مع الشعر فيجب أن لا نشغل أنفسنا بنقاش الشعرية، هل هو في العمودية أم التفعيلة أم النثر، يجب أن نناقش الشعرية من داخل القصيدة، ما جمالياتها وما الحقيقي وما الزائف فيها وما آليات وبنيات تشكيلها، وما اتجاهات الكتابة التي تسود الحداثة العربية الآن.
وبما أن المشكلة الحقيقية لدى العربي، وكما أسلفنا، هي أن علاقته بالشعر تاريخيا هي علاقة الإلحاح على الأذن والتلقي السماعي، فهذا ما سيحيلنا إلى طرح السؤال التالي:
ما الجمال..؟
الإجابة العميقة، رغم بساطتها، تفيد أن الجمال هو توافق مجموعة من الناس، في مرحلة تاريخية معينة، على قبول واستحسان هذا الشيء أو ذاك، وبهذا فإن مقاييس الجمال خاضعة للتبدل، فجمال المرأة مثلاً في مرحلة من التاريخ كان يقاس على مقاييس مختلفة عن جماليات العصر الحاضر، والشعر كذلك، لا يمكن إيقافه عن التطور.
وبناء عليه فلا أحد يستطيع اليوم تعميم حكم نهائي بأن الشعر قد توقف عند شعراء الجاهلية أو شعراء التفعيلة، ولن يكون المتشددون لقصيدة النثر صادقين مع الشعر عندما يعلنون أن قصيدة النثر هي المآل الأخير للشعر، فربما ستظهر أشكال أخرى للشعر.. من يدري..؟
نعم.. من يدري.. ولكن متى وكيف، وما هي ملامح وكنه هذا الشكل الجديد، فهذا ما لا نستطيع تبينه، لكننا موقنون بأن الحياة لن تقف عند حدود قصيدة النثر، التي ربما ستصبح هي الأخرى تراثاً أدبياً في مرحلة قادمة من التاريخ.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

ما هي حظوظ الأصوليات الدينية في سورية..؟

12-آذار-2016

"خضر" والذين معه

21-تموز-2012

دم راشد بما يكفي

05-تموز-2012

آخرُ الأمر..

05-حزيران-2012

وجوه عديدة لـ (صحّاف) واحد

24-آب-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow