Alef Logo
أدب عالمي وعربي
              

تعلم أبجديةُ الغربِ ـ هيلاري جينكنس/ ترجمة

ناديا خلوف

خاص ألف

2011-03-11

الجزء الأول
الوخزُ بالإبر
كان عندي درسٌ عليّ أن أقومَ بالتحضيرِ لهُ . خمسُ ساعات من القراءةِ المكثّفةِ كي أحفظَ الدرسَ عن ظهرِ قلبٍ قبلَ الوقتِ المحدّد له في المساءِ .
عندما أرادوا منّي أن أصحبَ " الأجنبي" إلى عيادةِ الوخزِ بالإبرِ ابتسمتُ بعذوبةٍ . كانَ الرئيسُ قد قرّرَ أن أكونَ أنا من يحضرُ الأجانبَ إلى عيادةِ الوخزِ بالإبر . وهذا الأجنبي يريدُ أن يشاهدَ بعضَ الوخزِ بالإبرِ . عليّ أن آخذهُ لم أكن أعرفُ لماذا يريدُ أن يذهبَ . هو حتى ليس بمريضٍ . لكنّني لم أسألْه .
كانَ المستشفى في الجانبِ البعيدِ من حرمِ الجامعةِ . على سفوح جبل " يوليه " وبينما كنّا نمشي عبرَ ممرٍّ كانَ كلُّ شخصٍ يحدّقُ بنا . يستغربُ : لماذا تمشي تلميذةٌ فتيةٌ قربَ هذا الشخص الطويلُ القامةِ الكبيرُ الأنفِ ذو الخدودِ المتوردةِ .
كان يراقبُها وكأنّها تكافحُ من أجلِ الحصولِ عليها " البراعم " يبدو أنّهُ لم يكن قد رأى براعم الخيزرانِ الخضراء . سألها : ما هي تلكَ الأشياء الخضراء ؟
لم أكنْ أخطّطُ لسؤاله . لكنّهُ خرجَ من فمي بالإنكليزيةِ : لماذا ترغبُ في رؤيةِ الوخزِ بالإبرِ ؟
هل تعتقدينَ أنّهُ من الممتعِ أن أرى فنّ الصينِ الشهير ؟
قلتُ- ليس من أجلِ أن أظهرَ شيئاً مختلفاً عن النمط التقليدي أو العادي أو الخاص - فقط عندما تكونُ مريضاً يملؤكَ الألمُ .
عندما وصلنا إلى المستشفى كانت تفوح منه رائحةُ الدواء العشبي . رائحةٌ حادةٌ تنطلقُ من الأعشابِ الخضراءِ تذكّرُني بأمراضِ الطفولةِ عندما كانت أمي تضعُ يدها الباردةِ على جبهتي الساخنةِ .
- قالَ : يا إلهي ! إنّها رائحةٌ كريهةٌ .
في العيادةِ كانتِ الممرضةُ تقومُ بعلاجِ عنقِ امرأةٍ مسنّةٍ مصابةٍ بالروماتيزم . أخرجوا إبراً مثل إبرِ الحياكةِ تبرزُ من وسطِ ما يشبهُ نصفَ جوربٍ ، وتحتَ شعرِ السيدةِ المقصوصِ كانتِ الممرضة تعالجُ المرأةَ بهم . تدفعهم إلى الداخلِ تتأوهُ المرأةُ المسنّة من الألمِ .
كنتُ أحاولُ تسهيلَ الأمرِ من خلالِ الكلامِ، فهم ليس لديهم وخزٌ بالإبرِ في إنكلترا . الممرضةُ تتمتمُ : " أنفهُ كبير . إنّهم برابرة " وتعني الأجنبي الذي يرافقني ثمّ تدفعُ بالإبر . تلويهم كمن يحملُ لوحةَ غزلٍ وسطَ السيرك .
تأوّه المرأةِ المسنةِ كان يأتي من خلفي ، وخلف الأجنبي . كما أن الخيزران الأخضر الجديد . يتساقط إلى الخلفِ على أرض الغرفة الخشبيةِ .
عندما تجاوزنا الخزانةِ المعدنيةِ سحبتِ الممرضةُ الإبر واستبدلتهم .
2
خيزران
على شرفةِ والديها الرماديةِ . هناك مكانٌ لكرسيين مصنوعين من الخيزران الأصفر . يعجبني هذا . لكنّ الكرسيين كانا بعيدين وصغيرين بالنسبةِ لي ، وليس هناك من طريقةٍ كي أقعُ في وسطِ واحدةٍ كي أبدو مناسباً لذا توجبّ عليّ أن أجلسَ وساقي أمامي . حجمي هو 11 ربما يكون المدربون أكبر .
تبتسمُ . هي تعتقدُ أنّني محرجٌ . ساقاها وقدماها صغيرانِ ونحيلتانِ كالأطفالِ . عندما ذهبتْ إلى الداخلِ . السلكُ كان أمامَ البابِ مما جعلَ الباب لا يغلقُ بشكلٍ جيدٍ . سمعتُ كلامَها معَ والدتها . أصواتَهما كانت حادة وعالية في النقاش أعني بالنسبةِ إلى جسديهما العصفوريين .
عادتْ ومعها صينيةٌ عليها حلوى "حليب الأرنب المحظوظ" . وقدحٌ من الخزفِ الأبيضِ مع غطاء ووعاء صنع الشاي الأخضرِ . وبضعةُ أوراقٍ تبدو كالعلقات .
- هذه شاي خاص من قبل " جين جي جي " آسفة جداً لا يوجد حليب . قالتْ وهي تبتسم .
كنتُ في الصين لزمنٍ طويلٍ . أعرفُ أنّها أحرجتْ . فضحكتْ . أصرّتْ أن آتي للقاءِ والديها . ومع أنّني لم أكنْ متحمساً لأنّ زيارة الناس في البيوتِ محرجةٌ ، كما أنّني أُخبرتُ بأنّ هؤلاءِ الناسِ سيكونون خجولين عندما يرى الغرباءُ نمطَ حياتهم المتدني . هكذا وصفوا الأمر لي . لذا توقعتُ أن يكونَ ذلكَ محرجاً . كنتُ على صوابٍ فقد أتى والدها أومأ لي برأسه . ثم اختفى في غرفةِ النوم . بينما والدتها مازالت تحوم . وغير متأكدة من الدخولِ من أجل أخذ ذلك الصف الملون اللامع من القوارير إلى الأسفل حيثُ مكان الموقدِ المخصّصِ للغلي مثلما تفعلُ جميع النساء حولها في كلّ صباحٍ : يقفن في الطابور من أجل الماء الساخن الذي ستستعمله في صنع الشاي الأخضر. سألتُ مينغ : لماذا لا تغلونَ الماء في غلايةِ المنزلِ عندما يعجبكم شرب كوبٍ ما ؟
قالتْ : لأنّ ذلكَ سيكونُ مضيعة للوقودِ بالطبع .
لامستْ إحساسي بكفاحها مع أوراق الشاي .
قالتْ : انتظرْ حتى تستقرّ أوراقُ الشاي بالأسفلِ ثم ارتشف من الكوب .
نعبرُ معبداً قديماً مسقوفاً بالبلاطِ الأصفرِ مقدمته الخشبيةُ منحوتةٌ " بالتنينِ المحظوظِ " تقولُ : أنّها أصبحتْ تستعملُ كمخزنٍ للخشبِ الآن . لم نعد نعجبُ بالنمطِ القديمِ والأشياءِ القديمةِ . كنتُ أمشي خلفَها عبرَ الممرِ الضيّقِ لاحظتُ لمعان شعرها الأسود في ربطته البسيطةِ " ذيل الحصان " . بلوزتها القطنيةِ . التنورةُ التي تجعلها تبدو كمدبرةِ منزل وهي مصنوعةٌ من قماشِ الستائر . لو كانت التنورةُ طويلة جداً لكانتْ مثيرةً . إن كانتْ قصيرةً تبدو مألوفةً . كانت ترتدي جوربين من التايلون إلى الركبةِ وصندل بلاستيكي . آملُ أن لا يكون هذا أفضل ما لديها . وإذا ما كان الأفضلَ لن يكونَ قد ارتدت الأفضل بالنسبةِ لي . المرأةُ الصينيةُ لا تشكلُ بالنسبةِ لي شيئاً . هل يتوجبُ عليّ إخبارها بذلكَ كي لا تعتريها فكرة ما خاطئة ؟
تقولُ وهي تشيرُ إلى بعضِ الحفر الحمراء الغريبةِ على الأرض . إنّهُ الخيزران ! أخضر وبداخله بياضٌ في هذا الوقتِ . اقتلعوها وباعوها في السوقِ هي جيدةٌ للأكلِ .
-وهكذا فإنّكم تأكلونَ الكراسي !
لا تريدُ أن تختلفَ معي . لذا فهي تتردّدُ : تريدُ أن تكونَ رئيساً أليس هذا ما تودُّ قوله . أريدُ أن أكون زوجة .

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

04-تموز-2020

"الفظائع الآشورية التي تجعل داعش باهتة أمامها"

19-كانون الثاني-2019

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

10-كانون الأول-2015

السّوريون ظاهرة صوتيّة تقف على منّصة ليس أمامها جمهور

19-تشرين الثاني-2015

الزّلزلة

05-تشرين الأول-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow