Alef Logo
دراسات
              

الجاهلية إشكالية المدلول، المفارقة، شرعنة الإيديولوجي المقدس (2/2)

حمود حمود

2011-03-16


لقد كشفنا في الجزء الأول من المقال عن السياق الإيديولوجي في ورود لفظة الجاهلية في قرآن محمد. واستنتجنا من ذلك أن هذه اللفظة التي يصر أغلب الخطاب النقدي الحالي على استخدامها (بدون المرور على نقدها) ليست مصطلحاً مفاهيمياً نقدياً؛ وإذا صح إطلاق توصيف "مصطلح" عليها فهي مصطلح إيديولوجي، ورد في سياقات مماحكات محمدية جدالية في مدينة السياسة يثرب؛ وهذا بالرغم من اختلافات دلالات كل سياق سواء أكان تشريعياً أم سياسياً…الخ.


في الواقع تعتبر لفظة الجاهلية من أخطر اللفظات في الإسلام، والتي أحدثت على مر التاريخ الإسلامي –بوعي أو بدونه- شرخاً إيديولوجياً مصطنعاً جثم في عمق سيكولوجيا الناقد (الأستاذ رضوان السيد كما رأينا)، وكان لهذا آثاراً سلبية في الدراسات الفكرية اللاحقة. الآن، يستغل الخطاب الديني الحالي هذه اللفظة ليختصرها كـ مرادف للكفر، وخاصة في تناول الفترة الما قبل محمدية. فمثلاً حينما يريد الخطاب الديني أن يدرس هذه الفترة، فإنه لا يدرسها ضمن أطر النقد المفروضة، بل يدرسها بأطر استحقاقات ذلك الشرخ الإيديولوجي، أي هناك عالمين: عالم الجاهلية (له علائم وميزات= الكفر) والعالم المقابل له بشدة أي عالم الإسلام. فإذا أراد مفكر الدين الإسلامي أن يكتب قليلاً ما عن الشروط التاريخية Historical Provisos لما قبل الفترة المحمدية، فإنه لا يكتب عنها إلا بمنطق: "جاهلية" مليئة بالظلم والاستعباد والقهر (هكذا) يحكمها رجال المال والتجارة يغوصون بكافة أشكال الوثنية (مع تشويه متعمد للوثنية)، بعيدين عن أي منفذ حضاري، من شرب للخمر وانتشار الزنا ووأد البنات…الخ، فترة من أسوأ فترات التاريخ عند العرب، ثم بعد ذلك برحمة منه تعالى يبعث الرب نبيه (محمد) برسالته، فينقذهم بشكل ميكانيكي إلى الهدى والنور ورحابة الإسلام. ولا يُكتفى بهذه الصدفة الميتافيزيقية من الله، بل يصل الحد إلى استنطاق نصوص من الكتاب المقدس تدل على أن العرب كانوا بفارغ الصبر، ينتظرون وعد قدوم هذا النبي لينقذهم مما هم فيه، أو حتى باختراع أحاديث تنسب لبعض كهنة العرب (بحيرى الراهب مثلاً) بأنه ثمة ما يلوح بالأفق بنبي موعود من الله يبعث في جزيرة العرب…الخ.


هذه معضلة من معضلات العقل الديني كما نعلم. وهي لا تخص الإسلام فقط؛ كل قائد ديني أو حتى سياسي يحاول بأي طريقة تشويه وتظليم ما سبقه في مقابل الإعلاء من شأنه هو وزمنه بأي طريقة ممكنة. إن الموضوع كما سنرى لا يقتصر على الخطاب الديني فقط، بل إنه يمتد إلى الخطاب النقدي المعاصر، ولا نبرئ حتى جزء كبيراً من الخطاب الاستشراقي في استخدامه للفظة الجاهلية (بالمفهوم الإسلامي)، وبالتالي خضوعه لاستحقاقاتها من جهة، وعدم حمل أي رؤية نقدية لها ولا للسياق الذي كانت تستخدم فيه، من جهة ثانية.
إشكالية مدلول الجاهلية في الدراسات النقدية:
من أصعب ما يشتكي منه الباحث حينما يقارب مثل هذه الدوال، وخاصة في نصوص إشكالية كالنص القرآني، هو بعد الشقة الزمنية التي تفصلنا عن استخدامها لأول مرة، من حيث إدراك السياق التاريخي لها (الفكري، السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي) والثقل الإيديولوجي الذي تحمله؛ بحيث تمنع الناقد من أن يصل إلى مقاربة تاريخية دقيقة لها (وقد حاولنا سابقاً مقاربة السياق). يمكن اعتبار أن عدم إدراك السياق التاريخي من قبل المستشرقين سبباً رئيسي لاختلافهم حول مدلول لفظة الجاهلية، لا بل معظمهم يمر عليها مرور الكرام دون التكلف لنقدها. ومن جهة أخرى، ليست المسألة أن طبيعة اللغة والثقافة التي كون فيهما محمد نصوص قرآنه تقف حائلاً فقط (أو على الأقل تُصعّب المقاربة) في درس لفظة الجاهلية، بقدر التشويه الذي طالها على أيادي كتبة التراث الإسلامي وحماة الكهنوت الديني الحالي.


لا يكاد يخفى على أحد التناول التراثي للفظ الجاهلية المقرون بكل سوء في سبيل الارتفاع بدين محمد. الكثير الآن من الدراسات النقدية (الاستشراقية خاصة) تجاوزت مفاعيل تلك الهرطقات. لكن بنفس الوقت بقيت هذه الدراسات أسيرة للسياق المفاهيمي الإسلامي، ولكن بأشكال أخرى كما سنرى الآن عند بعض الدراسات الاستشراقية والشيعية وعند المفكر الإسلامي نصر حامد أبو زيد، وكيفية تأويله الإيديولوجي لهذه اللفظة.
أ- الجاهلية في الدراسات الاستشراقية:
من المهم أن نلاحظ أنّ الخطاب الاستشراقي بابتعاده عن نقد لفظة الجاهلية، يقترب في ارتكاب الأخطاء الفكرية نفسها كما هو الحال عند الخطاب الديني القديم و المعاصر . إن أقصى ما قدمه الاستشراق بما يخص هذه اللفظة –كما سيمر معنا - هو محاولة العكوف على تفسيرها، وذلك بالخضوع للسياق الإسلامي المفاهيمي نفسه، أي كما تريده الرؤية الإيديولوجية الإسلامية، وعدم تحريك ساكن في نقد السياق التاريخي لها، السياق المحمدي.
إيغناس غولد تسهير يرى أنه من الخطأ ترجمة الجاهلية بمعنى الجهل (Opposite Of Knowledge)، إنها تعني عنده البربرية Barbarism ضد الحلم (kindness or Forbearance)(1). وهكذا فإن غولد تسهير يرى في الجاهلية أنها تعني: The Time Of Barbarism (2). وبالتالي سيطلق على أناس ما قبل الإسلام: « Barbarous People»!. لكن بالرغم من ذلك، تبقى عندنا مشاكل مفاهيمية. ما الذي كان يقصده غولد تسهير بالبربرية؟ هل هي التوحش؟ البهيمية؟ البدائية Primitive؟ أو ما يطلق عليه بـ Uncivilized؟ أم Reckless Temper. على كل، إن أياً من هذه المعاني لا ينطبق على أناس ما قبل الإسلام وحتى بالمفهوم الإسلامي نفسه، رغم أننا لا نشك ولو للحظة أن غولد تسهير لم يستخدم هذا اللفظة بمعناها السلبي ليدلل على حلم الإسلام الإيجابي كما نجده عند الإسلاميين الحاليين حينما يستخدمونه.


أما فرانز روزنتال فإنه يرى أن الجاهلية لا تدل على البربرية وإنما على الجهل Ignorance (3) وضد ما كان يعتقده محمد في دينه (أي من حيث السلوك العقائدي). وقد رأى أن لفظة الجاهلية هي صيغة جمعية، وخاصة أنه في كل الأمكنة في ورودها في القرآن تأتي بعده إشارات إلى أناس بصيغة جمع. لكن روزنتال لا يقدم معنى دقيقاً شافياً لمعنى الجاهلية، على الأقل في السياق القرآني الذي وردت فيه هذه اللفظة. وتالياً سنثبت الخطأ الشديد في رد الجاهلية اشتقاقياً إلى الجهل وما إليه، رغم غموض المعنى الذي يقدمه روزنتال.


بالإضافة إلى ما اوردناه من وجهة نظر حول سياق ورود لفظ الجاهلية في القرآن سنناقش هذه الفرضيات بمنطقها الخاص فنسأل. هل كان محمد فعلاً يقصد بالجاهلية الأناس المتوحشين؟ أليس -طبقاً لهذا التفسير- أنّ محمداً كان منذ وقت قريب يعيش ضمن إطار هذه الوحشية؟ هل تقبل الرؤية الإسلامية نفسها القول: أن محمداً بقي أربعين سنة يعيش حالة وحشية، ثم بكبسة زر إلهية وإذ به ينتقل إلى أحضان الآلهة المتحضرة Civilized Deity (وبهذا إذا كان عمر محمد 62 سنة كما تقول الرواية الإسلامية (570 / 632م)، فإن محمداً كان منغمساً، على الأقل لمدة أربعين سنة في معالم فترة الجاهلية تلك؛ ومن ثم ليتدخل ربه بعدئذ لينقذه منها، بدون علم من محمد طبعاً، حينما كان في مغارة حراء يتعبّد على دين الجاهليين (بغض النظر عن طبيعة ذلك الدين).)؟
إذن يبقى المعنى هذا الذي قدمه روزنتال وغولد تسيهر (والكثير من المستشرقين) بعيداً عن السياق الإسلامي رغم الخضوع له، هذا فعلاً إذا استطعنا أن نأتي على المعنى الدقيق للبربرية كما أراده غولد تسهير. هذا من جهة ومن جهة أخرى، إنه ليس دقيقاً على الإطلاق حينما تحيلنا موسوعة القرآن(4) إلى ما قدمه الراغب الأصفهاني في تفسير الجهل، وذلك بهدف التوفيق بين رأي غولد تسهير ورزنتال، بأن كلا المعنيين عندهما صحيح، وليس هذا فقط بل يجدا للمعنيين مستنداً عند الأصفهاني الذي قدم ثلاثة معاني لـ الجهل (5). هذه الطريقة التوفيقية أيضاً مرفوضة، لسبب بسيط، لأنها تحاول أن تقفز مباشرة من ذهن المستشرق إلى ذهن الراغب الأصفهاني، بدون المرور على المعنى والمغزى التاريخي لما قدمه محمد. وحتى إذا سلمنا جدلاً أن ما جاء به غولد تسهير وروزنتال يتوافق مع ما قدمه الأصفهاني (رغم أن الأصفهاني قد ناقش معنى الجهل وليس الجاهلية(6))، إلا أن قراءة دقيقة للسياق القرآني الذي وردت فيه لفظة الجاهلية تختلف عما قدمه الأصفهاني لتفسير معنى الجهل، هذا فضلاً عما قدمه غولد تسهير وروزنتال. إن المشكلة الرئيسية هي في الاستناد في إرجاع لفظة الجاهلية إلى جذر: ج هـ ل. مهما يكن سنوضح هذه النقطة لاحقاً.


من جهته يرى فلهوزن في (Reste Arabischen Heidentums) –نقلاً عن هاوتينغ- أن أصول الكلمة مسيحي؛ ذلك أنها «ترجمة عربية للكلمة الإغريقية Agnoia»(7). وقد وردت في سياق كلام بولس لأهل أثينا الوثنيين الذين يعبدون الأوثان: «فالله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا، متغاضياً عن أزمنة الجهلThe Times Of This Ignorance» [أعمال الرسل: 17: 30]. طبعاً إن أزمنة الجهل في هذا السياق هي: الأزمنة التي يتم فيها عبادة الأوثان period of paganism كما هو في سياق العهد الجديد الذي أحلنا إليه (المصدر السابق). وقد رأينا في الجزء الأول الخطأ الشديد في الاعتقاد أن الجاهلية كانت تعني في السياق القرآني بأنه عبادة الأوثان، وبشكل خاص في اتهام محمد للمسيحيين واليهود بالجاهلية رغم أنهم يمتلكون كتاباً ذا مرجعية إلهية.


نقد مقاربة نصر حامد أبو زيد:

يقوم مختصر طرح أبو زيد على أن معنى الجاهلية: المنافي للحلم وعدم الاحتكام إلى رزانة العقل وقوة المنطق (لكي يقول أن الإسلام هو دين العقل وضد لك!). وقد استند أبو زيد بهذا التفسير إلى أن الجهل بلغة ما قبل الإسلام: «يعني الخضوع إلى سطوة الانفعال والاستسلام لقوة العاطفة.. (8)» ثم يسند أبو زيد رؤيته هذه بما قاله بعضهم:
ألا يجهلن أحد علينا….. فنجهل فوق جهل الجاهلينا
وقول الآخر:
أحلامنا تزن الجبال رزانة…. وتخالنا جناً إذا ما نجهل (مصدر سابق)
وهكذا لينتهي أبو زيد بأن الإسلام هو دين الحلم والعقل والتعقل ضد تلك الجاهلية… كما يقول: «ولا شك أن العلاقات الاجتماعية القائمة على الظلم/ الجهل كانت من أهم أسباب التخلف العام في ذلك الواقع [واقع ما قبل الإسلام]، وكان من أخطر ما جاء به الإسلام لتطوير هذا الواقع مبدأ الاحتكام إلى العقل ونفي الظلم والجهل…» لا بل بكلمات أكثر وضوحاً: «وإذا كان الإسلام يمثل الموقف النقيض، فمعنى ذلك أنه يمثل جوهرياً موقف الاحتكام إلى العقل والمنطق حتى في فهم نصوصه ذاتها» (مصدر سابق). طبعاً رؤية أبو زيد هذه ليست تاريخية بقدر ما هي تأويل المفاهيم بما يتناسب مع رؤاه. ولا شك أن أبو زيد كان يرد على خطاب ديني متطرف، لكن هذا الرد منه قد أوقعه بالفخ الإيديولوجي نفسه الذي حاربه، وذلك بإعادة إلباس المفاهيم، الرؤى الإيديولوجية التي ينتمي إليها أبو زيد، وابتعاده من ثم عن درس مفهوم الجاهلية في سياقه الأنثربيولوجي والتاريخي له. يمكن أن نوضح هذه النقطة بشكل سريع:
أولاً: يعتبر إرجاع الجاهلية إلى معاني الجهل كما ورد في كتب التراث مغالطة كبيرة جداً، لأن السياق الذي وردت فيه ألفاظ الجاهلية في القرآن تختلف تماماً عن معاني الجهل كما ورد في بيتي الشعر الآنفي الذكر (كما تبين معنا سابقاً)، هذا إذا صح نسبتهما إلى فترة ما قبل الإسلام.


ومن جهة أخرى، إن لفظة الجاهلية بحد ذاتها هي كلمة حديثة تماماً على العرب ولم يكونوا يستخدمونها. يقول السيوطي عن ابن خالويه: «إن لفظ الجاهلية اسم حدث في الإسلام للزمن الذي كان قبل البعثة»(9). إذن هذه التمارين الاشتقاقية لا تصح بأي حال في هذا السياق، لأن مقايسة عرب ما قبل الإسلام بأنهم كانوا غير عاقلين ولا يتمتعون بالحلم، والإسلام دين العقل ودين الحلم، بعيدة عن أي دليل نقدي. هذه النقطة لا يمكن أن ندرسها إلا بدرس سلوكيات ونفسانيات الناس (سواء ما قبل الإسلام أو ما بعده) وعقائدهم وأدلوجاتهم…الخ، وليس بإضفاء أدلوجات الكاتب على الألفاظ والمصطلحات. هذا الفخ الإيديولوجي الذي وقع به أبو زيد هو نفسه الذي يتشدق من خلاله الخطاب الديني بالتغني الآن بفضائل الإسلام.


إن مبنى لفظة الجاهلية مستقل بذاته، ولا يصح أن نمارس رياضات اشتقاقية بشأنه، لأن أي استحقاق اشتقاقي لهذه اللفظة لا ينطبق على حال ما قبل الإسلام بأي حال. إن أي اشتقاق لا يجد له سنداً في سياقه الأنثربيولوجي والتاريخي لا معنى له على الإطلاق. وهكذا سيغدو اختصار الجاهلية بأنها العصبية عند بعض الآراء، مغالطة منهجية كبيرة. في التاريخ ليس ثمة غرف تحكم. ماذا أقصد؟ أي بكبسة زر من آلهة محمد بواسطته ينتقلون من عصبية الجاهلية إلى عقلانية الإسلام!!


ومن جهة ثانية إذا كان ثمة عصبية دموية (القرابة والنسب) ما قبل الإسلام، فإن محمداً لم يغير ساكناً في هذه النقطة. كل ما هنالك أنه تم الانتقال من عصبية دموية إلى عصبية دينية. ونحن ندرك هذه النقطة جيداً بما يخص العصبية المتشددة للإسلام ومسائل الولاء والبراء… هذا فضلاً عن القول أن محمداً لم يتمكن من تخليص أتباعه من العصبية الدموية: إنه بمجرد أن مات حتى بدأ التصارع القبلي بين أتباعه بمن سيخلفه. في النهاية: الدموية القرشية هي التي حكمت وشرعنت لنفسها دساتيراً نسبتها لـ "محمد القرشي". أريد أن أسأل: ماذا يمكن أن نسمي أعمال القتل والصراعات والدماء بعد موت محمد؟ (إن الذين تقاتلوا على الدموية هم من كبار أتباع محمد) هل اختفت العصبية؟ بل وحتى محمد نفسه في كثير من محطات حياته. (ربما نتذكر إعفاء محمد للكثير من أعداءه القرشيين من القتل أثاء سقوط مكة بيده، وتسلم القرشي أبو سفيان (ألد أعداءه) إمارة يقال إنها في اليمن، ومحاربة كفار قريش إلى جانب محمد ضد هوازن…الخ). إذن إن مسألة اختصار الجاهلية بالعصبية تعتبر مغالطة كبيرة جداً. الاعتراض الأساسي أن الجاهلية تعني العصبية أو عدم التحكم للعقل والإسلام ضد ذلك. هذه مفاهيم إيديولوجية لا يمكن أن تختصر التاريخ بهذه البساطة، لأن دراسة وقائع هذا التاريخ نفسه تثبت بطلان المفاهيم التي ألبست للفظتي الجاهلية والإسلام.


ثانياً: خضوع أبو زيد للسياق المفاهيمي الإسلامي بدون رؤية نقدية له، وخاصة بالإقرار أنه هناك فعلاً فترتان كل منهما لها ميزات تختلف عن الأخرى، ويفصل بينهما وحي محمد سنة 610: فترة ما قبل الإسلام (= الجاهلية/ الظلم، العدوان، عدم الحلم…)؛ وفترة ما بعد الإسلام (العقل، التعقل، الحلم…). أبو زيد لم يقدم من جهد إلا إعادة تأويل للمفاهيم، وذلك بالحط من شأن فترة ما قبل محمد، والانتصار لفترة ما بعد محمد.
وحتى إذا تناولنا المسألة من وجهة نظر عقائدية أو دينية، فإنه من ناحية نقدية، فإن محمداً لم يشكل قطعاً مع الوعي الذي كان سائداً وإنما مع شكل هذا الوعي. لقد استمرت براديغمات العقلية البدوية عند محمد وعند عربه. وكما نعلم أن محمداً اقتبس بعض الطقوس كما هي وأدخلها في دينه. وهذا الكلام ناقشه المستشرقون كثيراً بنحو جدي (ودائماً باستثناء العرب(10)) رغم أن أبو زيد يدرك هذا. إذن إن مسألة أن فترة ما قبل الإسلام تتمتع بالظلم وعدم الحلم، والإسلام يتمتع بجوهره بالعقل والتعقل، هي تأويلات مؤدلجة وغير نقدية. هذا فضلاً عما يروى عن محمد نفسه من الناحية الأخلاقية، حيث يقول –كما تروي كتب الحديث- أنه جاء ليتمم مكارم الأخلاق. فمسألة الإقرار أن العرب كانوا غير حليمين ولا يتمتعون برزانة العقل،… تعتبر مغالطة منهجية كبيرة.


ثالثاً: أبو زيد كان يرد بشكل خاص على سيد قطب، وإلى حد ما أبو الأعلى المودودي (1903- 1979) بمسألة قولهم بالحاكمية الإلهية. لكن إذا درسنا بشكل عميق هذه النقطة، فسيتبين لنا أن إعادة تكرار لفظة الجاهلية في العصور الحديثة لم يبتدأ عند قطب أو المودودي، بل عند محمد بن عبد الوهاب (1703- 1791)، لذا لا بد من درس خطابهم بشكل متكامل. محمد بن عبد الوهاب له رسالة عنوانها "مسائل الجاهلية التي خالف فيها رسول الله (ص) أهل الجاهلية". وإذا درسنا عميقاً الغرض من هذه الرسالة، فسيتبين أن الهدف الأساسي منها هو نقد استشراء مسائل الجاهلية كما يراها في العصور الحديثة (يقول ناشر الكتاب: فقال في نفسه[أي بن عبد الوهاب]: إذن نحن في مثل ما كانت عليه أهل الجاهلية! حينئذ عاهد ربه على أن يعلن الحرب على هذه الأمراض وأن يداويها بالطب النبوي من كتاب الله وسنة رسوله (ص6)). ومن جهة أخرى، لم يكن هؤلاء الثلاثة كلهم يقصدون بالجاهلية فقط الابتعاد عن حاكمية الإسلام فقط، بل الابتعاد عن الإسلام بالكلية، رغم أن ترك حاكمية الله تشكل جزءاً من الجاهلية ككل حسب خطابهم. هذه النقطة برهن عليها متطرف آخر هو محمد قطب في دراسته: "جاهلية القرن العشرين": الجاهلية في السياسة والاقتصاد والأخلاق والاجتماع والفن (ينهي كتابه بعنوان: في كل شيء!!) كما يقول بنفس الكتاب: «فالذين يتبعون أهواءهم يرفضون أن يتبعوا ما أنزل الله .. وهم حينئذ في " الجاهلية " لهذا السبب عينه: لأنهم يرفضون هدى الله .. أيّاً كان مبلغهم من العلم البشري ومبلغهم مما يسمى الحضارة والتقدم المادي والتنظيم السياسي والاجتماعي والاقتصادي .. وهم كذلك عرضة للنتائج الحتمية لهذه الجاهلية .. من اضطراب وشقاء، وتفتت وحرمان .. ومن ثم فليس العرب وحدهم هم الذين كانوا يعيشون في الجاهلية، قبل الإسلام، وإنما كذلك كل قوم انحرفوا عن الهدي الرباني، واتبعوا الأهواء ..».

الجاهلية في الأدب الشيعي:
يتعقد الموضوع أكثر إذا أخذنا بعين الاعتبار أيضاً مدلول الجاهلية عند الطوائف الإسلامية غير السنية. فمثلاً ما يروى عن الأدب الشيعي اللاحق. حيث اكتست لفظة الجاهلية مدلولات مؤدلجة، وذلك بما يتوافق مع الدوغما الثيولوجية التي يحملونها. هذه الدوغما لها استحقاقات سياسية بالأساس، وهو ما سينعكس على كثير من الألفاظ والمفردات التي نلاحظها بشدة في الأدب الشيعي. وهكذا ستدل هذه لفظة الجاهلية على: "فقدان الإمام" عندهم. فكل شخص يموت من غير إمام أو لم يدركه أو يعرفه فقد مات ميتة الجاهلية. وهذا هو معنى الحديث الذي يروونه: «من مات ولم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة الجاهلية» (يقولون أنه روي في شرح المقاصد للتفتازاني). طبعاً أهل السنة يردون إيديولوجياً ويكذبون الشيعة بإيراد هذا الحديث عن محمد؛ فيأتي الرد من الشيعة بأن معنى الحديث صحيح، وقد ورد بألفاظ أخرى، مثلاً ما قاله محمد: «من مات بغير إمام مات ميتة الجاهلية»(12). حتى أنهم يروون أنه بسبب أن عبد الله بن عمر لم يبايع علي، فعوقب بأنه بايع الحجاج بأسلوب محتقر(13).
الخوف من النقد التاريخي الحداثي، هل هو أزمة من أزمات الخطاب الديني؟
لقد رأينا ولاحظنا إيديولوجية لفظة الجاهلية ليس فقط في السياق القرآني، وإنما أيضاً في التراث والفكر والدراسات النقدية اللاحقة. أود أن أختم المقال بالحديث سريعاً عن تخوف الخطاب الديني من النقد التاريخي في تناول فترة ما قبل الإسلام.


لقد سبق لنصر حامد أبو زيد أن أطلق على أصحاب المشروع الإسلامي وصفاً جميلاً وهو استخدامهم أسلوب "الجدل الهابط" الذي يبدأ من فوق إلى تحت بشكل رأسي مقلوب. البعض من الخطاب الديني تجاوز هذه الدوغمات المحنطة (رضوان السيد مثلاً)، لكنه بنفس الوقت لم يخرج من البراديغمات ذاتها، رغم تسلحه بأحدث آليات المنهج الما بعد حداثي. ربما يعتبر كلامي مصادرة إذا قلت أن هذا التسلح يقف بكل أسى ضمن ما يمكن أن نطلق عليه "دوغما الدفاع" عن الإسلام. يُعتبر الأستاذ رضوان السيد من أكثر العقول الإسلامية انفتاحاً على الصعيد العربي، وهو أشد المفكرين الإسلاميين وعياً بالدراسات الاستشراقية وخاصة الألمانية، لكن لطالما إنني أصر أنّ منطق الإيديولوجية الدينية بحد ذاته يقف حائلاً أو عقبة إبستمولوجية في سبيل الوصول إلى نتائج معرفية حقة. النقطة الرئيسية بما يخص الأستاذ رضوان أن هذه الإيديولوجية هي التي تحول بينه وبين قراءة النتائج المذهلة التي قدمتها الدراسات الاستشراقية رغم وعيه بها كما قلت. وهكذا ليس غريباً كما رأينا في الجزء الأول أن يجند أدوات ما بعد الحداثة في سبيل الدفاع عن القرآن ويقول أن ما قاله محمد: الإسلام يجب ما قبله، يقترب من القطيعة التي قال بهام ميشيل فوكو. هذه هي الإيديولوجية الدينية.


إذا كان مغفوراً أن الإسلامي يمتلك عقلاً لاهوتياً صلباً من الصعب عليه قبول قواعد النقد، فلن يكون الأمر بهذه السهولة إذا وجدنا هذا المنطق يتكرر عند رجل اسمه "هشام جعيط" مزود بقواعد النقد الحداثي ومابعده وغيره. ماذا بإمكاننا أن نطلق على كلام جعيط هذا: «إن كل ما قيل عن ثقافة محمد بالسماع أو بالاطلاع … باطل أمام الفحص. كما أن تهم القرشيين باطلة (تاريخية الدعوة المحمدية في مكة 150-151)». هل هذا كلام مؤرخ عنون كتابه وأدخل عليه كلمة تاريخ: "تاريخية الدعوة المحمدية"؟ أم هو إسلامي منافح عن محمد؟ ما هي قواعد الفحص عنده؟ لماذا تهم القرشيين باطلة؟ هذه الأسئلة معلقة بين قوسين لصالح اللاهوت المحمدي. أظن أنه لم يكتب كتابيه لتصحيح بعض المفاهيم عن محمد وتأريخها، بل للدفاع عنه. إذن هو محكوم منذ البداية بمنطق "إيديولوجيا الدفاع". وذلك هو بالضبط ما نجده كما رأينا عند الفيلسوف (الوجودي!) عبد الرحمن بدوي في دفاعه عن محمد. إذن محمد يقع بين منطقتين: المنطقة الأولى هجومية، والمنطقة الثانية دفاعية. لكن من هو محمد التاريخي. هذا هو السؤال الغائب إلى الآن في ميادين الدراسات الإسلامية.


لذا لن نستغرب من الفيلسوف العربي عبد الرحمن بدوي، أن تسيطر على عقله الفلسفي ولاهوته الديني "دوغما الدفاع والانتصار" لنبيه. إننا في الواقع نذهل من فيلسوف وجودي عربي أن نقرأ له عناوين مثل: "دفاع عن محمد ـ ضد المنتقصين من قدره" (عبد الرحمن بدوي، ترجمة كمال جاد الله، نافذة على الغرب، الدار العالمية للكتب والنشر) أو حتى: "دفاع عن القرآن ـ ضد منتقديه" (نفس المترجم والدار). العنوان الأول يوحي لأول وهلة أن فيلسوفنا الوجودي البدوي، لم يكتب ليؤرخ عن محمد، إنما كتب ليدافع عن محمد؛ وفعلاً هذه كانت مهمته.
ذلك نمط من أنماط العقم عند الخطاب الديني الذي يتلوّن الآن بألوان ما بعد الحداثة في النظر إلى التاريخ بما يخص مسألة نشوء الإسلام. فليس صعباً عليه أن يكلمنا بمنطق القطائع الإبستيمية، ليقول أنه ليس من الداعي قراءة التواصل بين المنظومة الفكرية والعقدية مع محيطها! ألهذه درجة وصل إليه الدرس النقدي؟. إنني أزعم أن الخطاب الديني بدأ يدرك الآن من أين تؤكل الكتف! وهو يعبر في ذلك عن تخوف حقيقي من المناهج النقدية وخاصة الاستشراقية التي عاود الكثير الآن منها تبني رؤى مناهج الحداثة بمسألة النقد التاريخي بخصوص قراءة الإسلام قراءة تاريخية.


إن أرقى ما أنتجه الخطاب الديني الآن يمر في الحقيقة بأزمتين: أزمة منهج على صعيد الدراسات الإسلامية، وأزمة وجود على صعيد الاحتكاك بالغرب وما يفرضه هذا الغرب من تحديات ومساءلات تاريخية، يجد العقل الإسلامي فيها نفسه دائماً مهزوماً، ليلجأ بالتالي إلى مقايسات غير منضبطة في استخدام مقولات ما بعد الحداثة وانتزاعها من تاريخ تكونها المفهومي. إنه في الواقع عقل انهزامي، دائماً يبدو خائفاً من النقد، لكن دائماً أيضاً يبدو أنه قادر على التلون بألوان على صعيد السطح فقط. وهذا هو سر من أسرار بقائه يراوح بين مناطق لا يعرف له مكاناً فيها. سآتي على هذه النقطة سريعاً:
الخطاب الديني (أقصد الإسلامي الأرثوذوكسي خاصة) "خطاب زئبقي"، قادر على التلوّن مع أي نظام سياسي، ومع أية إيديولوجية فكرية معاصرة. وكما وصفنا سابقاً، إنه قادر على الرقص على الحبال، بدون أن يمتلك أي حبل معرفي له. إنه بالرغم من دوغمائيته المتكلسة، إلا أنه يتخذ منهجاً أشبه بـ "دوغما التقية" التي بإمكانها ارتداء الألوان المختلفة بحسب الوضع السياسي أو الفكري (أينما اتجهت الريح يتجه معها).


فالتغييرات في أسلوب الخطاب الديني إذا ما حدثت فإنها تبقى على مستوى السطح فقط، بينما المنطلقات الفكرية والبراديغمات المنهجية في العمق هي من يتحكم بمنهجة الذات والوعي والنقد، هذا إذا كان ثمة نقد. وكثيراً ما نقرأ ظواهر ملفتة مفارقة أنه بإمكان الفيلسوف عند العرب أن يكون فيلسوفاً في قاعة الدرس والمحاضرة، لكن بقدرة قادر يتحول إلى إسلامي محمدي وخرافي في البيت = شيوعي في البرلمان، إسلامي في البيت. هل هناك تعارض؟ عنده لا يوجد أدنى تعارض، فهو مزود بآلية اسمها آلية التوفيق والتلفيق ومد الجسور بين الإيديولوجيات بقالب إسلامي عصري. هذه التحولات لا نجدها إلا في الذهنية الدينية المهترئة، مع بقاء البنية الخرافية من الداخل التي تنخر بذاته ووعيه.


الخطاب الديني يتحسر الآن على استخدام المناهج الفيلولوجية التي تطورت كثيراً الآن في درس نشوء الإسلام، ويدعي بدون أدنى رؤية نقدية بالمنهج الفيلولوحي وبكل أسف أن هذه المناهج قديمة، حتى الغرب أسقطها! لذا لا بد أن نلجأ إلى أحضان القطائع الابستمولوجية (وهي في الواقع قطائع لاهوتية) التي خلفتها لنا مناهج ما بعد الحداثة!. هكذا مع هذا المنهج، لا بد أن نلجأ إلى داخل النص وحده وخطاب اللغة نفسها وداخل المنظومة العقدية ونرى فعلها وفعل النص في التاريخ والواقع معاً، بدون أن نسأل عن مسائل أين ثمة تواصل أو أين ثمة تفاصل تاريخي، حتى ولو على المستوى الإبستيمي.
إذا أخذنا ذلك الكلام بعين الاعتبار، بإمكاننا أن نفسر لماذا يحذر الآن الخطاب الديني من النقد التاريخي في قراءة نشوء الإسلام، وعدم نقد لفظة الجاهلية (بل والابقاء على استحقاقاتها التراثية)؛ لماذا؟ لأنه في الحقيقة بدأ يعرف من أين تؤكل كتفه التي لطالما كان وما يزال يحمي من خلالها نفوذَه وسيطرته على المخيال الشعبي.

الهوامش:
1- Franz Rosenthal, Knowledge Triumphant, The Concept Of Knowledge In Medieval Islam, Brill, Leiden ,Boston 2007. P.32. And You Can See:
Ignaz Goldziher, Mohammed And Islam. Translated From The German By Kate Chambers Seelye, Yale University Press, First Published, February, 1917. P.13.
2- see: "Encyclopedia Of Islam", New Ed. Leiden 1954 , VOL. II, P.389. And Also: P. 264. And See Also The Article Of Hilm: Vol. III. P391.
3- Franz Rosenthal, Ibid, p.33.
4- see: Ignorance (jahal) The Quran, An Encyclopedia, , Edited by Oliver Leaman. First published 2006 by Routledge. P. 348- 49.
5- عند الراغب الأصفهاني الجهل له ثلاثة معاني: " 1- خلو النفس من العلم، وهذا هو الأصل. 2- اعتقاد الشيء بخلاف ما هو عليه. 3- فعل الشيء بخلاف ما حقه أن يفعل سواء اعتقد فيه اعتقاداً صحيحاً أو فاسداً": الأصفهاني: "مفردات ألفاظ القرآن"، دار القلم- دمشق، الدار الشامية-بيروت، ط2، 1997، ص209.
6- الراغب الأصفهاني: مصدر سابق.
7- G. R. Hawting, "The Idea Of Idolatry And The Emergence Of Islam" From Polemic To History", Cambridge University Press, First Published in 1999, p.2.
8- نصر حامد أبو زيد: نقد الخطاب الديني، سينا للنشر، ط2، 1994، ص 95- 96.
9- الألوسي: "بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب"، تحقيق محمد بهجت الأثيري، دار الكتب العلمية، ط1، 2009 . ج1، ص14. وانظر:أحمد أمين: "فجر الإسلام"، دار الكتاب العربي- بيروت، ط10، سنة 1969 ص53.
10- هناك محاولات فردية قام بها بعض المثقفين العرب، إلا أنها لا ترقى للمستوى النقدي الجاد بنحو مناهجي رغم أهميتها، منهم سيد محمود القمني و خليل عيد الكريم في كتابه "الجذور التاريخية للشريعة"، سينا للنشر، ط2، 1997 وغيرهما من الأعمال.
11- محمد بن عبد الوهاب: "مسائل الجاهلية التي خالف فيها رسول الله (ص) أهل الجاهلية"، توسع فيها محمد شكري الألوسي، القاهرة، المطبعة السلفية، 1347هـ.
12- انظر المعجم الكبير للطبراني: 16277، ومسند أحمد: 17339.
13- «ذكر المؤرخون: أنّ عبدالله بن عمر، الذي امتنع من بيعة أمير المؤمنين سلام الله عليه، طرق على الحجّاج بابه ليلاً ليبايعه لعبد الملك، كي لا يبيت تلك الليلة بلا إمام، وكان قصده من ذلك هو العمل بهذا الحديث كما قال، فقد طرق باب الحجّاج ودخل عليه في تلك الليلة وطلب منه أن يبايعه قائلاً: سمعت رسول الله يقول: «من مات ولا إمام له مات ميتة جاهلية» ، لكن الحجّاج احتقر عبدالله بن عمر، ومدّ رجله وقال: بايع رجلي، فبايع عبدالله بن عمر الحجّاج بهذه الطريقة

عن موقع الأوان























تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هل الإسلاموية قدر العرب؟ بقلم عزيز العظمة ـ ترجمة :

21-كانون الأول-2019

هل الإسلاموية قدر العرب؟ عزيز العظمة ترجة:

02-أيلول-2017

هل الإسلاموية قدر العرب؟ عزيز العظمة ترجة:

08-نيسان-2017

هل الإسلاموية قدر العرب؟ بقلم عزيز العظمة ـ ترجمة :

27-آب-2016

عن علاقة محمد بالشعر والشعراء (2/1 )

15-كانون الثاني-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow