Alef Logo
أدب عالمي وعربي
              

تعلم أبجديةُ الغربِ ـ هيلاري جينكنس ج5/ ترجمة

ناديا خلوف

خاص ألف

2011-04-19

حبرٌ
هو يرغبُ في تعلّمِ كتابةِ الحروفِ الصينيةِ . سألني أن أجدَ له معلّماً .
قلتُ : أستطيعُ أن أعلّمك . جلبتُ ريشةً ومحبرةً ، وكتابَ الحروفِ الذي يتعلّمُ بواسطته الصغارُ . ينسخون منه عندما يكونون في مرحلةِ رياضِ الأطفال . أوضحتُ له كيف ينفضُ الريشةَ . كيفَ يمسكُها وكيفَ يغمسها بالحبرِ ثانيةً ، وكيف يحرّكُها بأن نضعها على الورقِ ، ثم نرفعها ثانيةً دون أن ندعها تترك لطخاً. كم هو هام الضغط عليها ونفضها بشكلٍ صحيح كي يتوازن الحرف . جعلته يقوم بخمسين محاولةٍ . آخر واحدة كانت على ما يرام . وضّحتُ له كيف أنّ كلّ حرفٍ يصنعُ من ضرباتِ متتالية منتظمةٍ ، وكيفَ أنّ الأطفالَ يمضون الساعاتِ وهم يتعلمون الرموز .
- قالَ : من الأسهلِ تعلّمِ ستة وعشرين حرفاً في الأبجديةِ الغربيةِ. لكنّني أقولُ له : بأن هذا ليس خافٍ على أحد . حاولتُ أن أوضّحَ كيف يجبُ أن يكتبَ ، وأن النظرة إلى شكلِ الحرف هامةٌ مثل النظرةِ إلى معناه .كما أشرتُ إلى كيفيةِ كتابتنا من الأعلى إلى الأسفلِ ، ومن اليمين إلى اليسارِ . ليس مثلما يكتبُ هو من اليسار إلى اليمين .
شرحتُ له عن ورق الأرزِ ، وكيف نلصقُ ورقتين من أوراقه، فتصبحُ الورقة قادرةٌ على امتصاص الحبر . أخبرته عن أنواع الخطوطِ التي تكتب باليد : المتدفقِ . الماء . العشب .
قالَ: أنّ الأمرَ سيكونُ سهلاً . جعلني أضحكُ لأنّني رأيتُ أنّه لا يستطيعُ التركيزَ بسهولةٍ ، كإمساكُ الريشةِ بشكلٍ صحيحٍ ، وجعلِ ضرباتها من جهةِ اليمين بشكلٍ منتظم ، عندئذٍ قد أحضرُ الكتاب المخصّص للسنةِ الخامسةِ من العمر. سيكون أفضل . بذلتُ جهدي لأشرحَ له عن التدفق من المحبرةِ إلى الريشةِ ، ثمّ الضغطِ قليلاً كي تتنفّسُ الريشةُ من أجلِ أن تكون ضرباتها مثل نموّ العشب على جانب الطريق . كانَ عليّ أن أقتربَ منه عندما أفعلُ ذلك .
يدي الصغيرة فوقَ يده الكبيرة تقودُ ضرباتِ الريشةِ . أريدُ أن يقبّلني ثانية مثلما فعل عندما انتظرنا العبارة . لا أحدَ يراني هناك . لكن هنا يمكنُ لأيِّ أحد أن يرانا من النافذةِ ، ويقدّم بي تقريراً ، فلا أتجرأ بعدها أن أدعه يقبلني ثانيةً . أريدُ أن يقبّلني ويرى الجميعُ ذلك !
وشم
طوال الوقتِ وأنا أنسخُ تلك الحروف البائسةِ أشاهدُ رقبتها الموشومةِ بالألوان ، وعظام يديها النحيلتين . شعرها مرخي . يبدو وجهها جميلٌ وهي تركّزُ على خطوط الريشةِ . واسع ومسطح تقريباً على شكلِ قمر . تعرفون أنني قرأتُ "حلم الغرفةِ الحمراء " كتابُها المفضّلُ . أصبحتْ هاجسي ، ففي تلك الليالي الطويلةِ .كان الصوت الوحيدُ لديّ هو تجفيفُ الحبر عن ورقِ الأرز .
اعتقدت لما أتيتُ في البدء إلى هنا أن أجد متعة ما . لقد ُحذّرتُ حول الصدمة الثقافية . لم يكنْ الأمرُ كما تخيلتُ . إنّهُ كسرٌ لأساليب الحياةِ العاديةِ التي أتصرّف وفقها . استدرتُ إليها ! لم أكنْ أعلُم أنّه بإمكاني فعلُ هذا. لم أفعلْ ذلك من قبل . الفتياتُ هنا وبخاصة كيت لا تأتي إلى هنا . أدركتُ أن أحد الأسباب لعدم مجيئها هو الابتعاد عن رؤيتها كي لا أعانقها . لم أكن أتوقّعُ أن الحياةَ هنا غريبة . لم أتوّقع أيضاً أن أقع في الحب .
كاشغر
الصيفُ حارٌّ بشكلٍ لا يطاقُ . نستلقي على حصير الخيزران ولا نغادرُ بيوتنا أبداً . كاشغر مارتن لديه جهازُ تكييف في شقته . مع ذلكَ يذهبُ في جولةٍ . حتى لو كانت الحرارة مرتفعة . قد تكونُ الحرارةُ في ذلك اليوم أربعين درجةٍ . لديهِ المال . يستطيعُ الذهاب إلى أي مكانٍ ، أما من تبقّى منّا ، فلديه تصريحٌ يمكّنهُ من غلي الماءِ وشراء الأرز .
أعطاني مفتاح المنزل وقالَ لي : أنّه يمكننُي استعمال التكييف . لكنّني أعلمُ أنّ الجيرانَ سيشكون من صوتِ المكيّفِ . لذا لم أذهبْ . نهضنا في الصباحِ الباكر ، وقمنا بأعمالنا المنزليةِ ، بينما لا يزال الجوُّ بارداً وبعدَ ذلكَ كنّا نقضي يومنا مستلقين في الداخل وأجسادنا تعرقُ . . حاولتُ أن أقرأ وأدرسَ . لم أتحملْ ذلك طويلاً . وقفت تحتَ دشِِ ماءٍ بارد حتى بدأ جلدي يلين . وحالما لبستُ ثيابي عرق جسدي ثانية . لو كان هنا . هل كنتُ أذهبُ وأطرقُ بابه ؟
لقد أرسلَ لي بطاقةٌ بريدية من كاشغر . هي بعيدةٌ جداً من هنا . لماذا يريدُ الذهابَ إلى هناك . الناس في الغربِ ليست طبيعيةً . ثائرةٌ على الدوام . إنّ هذا المكان ربما تذهبُ إليه فقط إذا لم تطعْ القادة . لم أخبره بذلك . عمي يعيش الذي يعيش في أورمشي . وقعَ في حبّ طالبة . عندما اكتشفَ القادة ذلك عاقبوه بالنفي . لن يعودَ إلى هنا أبداً . لن نراهُ طيلةَ هذه السنوات . لن نتكلم عنه . هذا ما أحزنني عندما قالَ : أنّه سيذهبُ إلى هناك في عطلته . تمنيت له أن يذهبَ إلى مكانٍ ما مثل هانغشو . أحبُّ أن أذهب وأرى البحيرةَ هناك . كنتُ أرغبُ أن يطلبَ مني الذهاب معه . يمكنني الذهاب معه كمترجمةٍ . سأبقي بطاقته البريدية في جيبي . في الصيف المقبل قد نذهبُ سوية إلى هانغشو .

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

04-تموز-2020

"الفظائع الآشورية التي تجعل داعش باهتة أمامها"

19-كانون الثاني-2019

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

10-كانون الأول-2015

السّوريون ظاهرة صوتيّة تقف على منّصة ليس أمامها جمهور

19-تشرين الثاني-2015

الزّلزلة

05-تشرين الأول-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow