Alef Logo
الآن هنا
              

السعودية والصراع على الإسلام / مضاوي الرشيد

ألف

خاص ألف

2011-05-11

تحتل شبه الجزيرة العربية مكانة مرموقة لسببين :
الأول روحي ، و هذا يضعها في مركز متقدم لإصدار الفتاوى و القرار الديني.
و الثاني اقتصادي حتى أنها شرعت مؤخرا في تصدير السياسيين و القادة إلى لبنان

( مثلا ).
و من المؤسف أننا حتى الساعة نتعامل مع الجزيرة العربية كمصدر لا ينضب للخرافة (وهذا ينطبق على مجالات تحدد مسار البشرية في العالم الثالث وهي : الوجدان و الواقع و الشرط العام ). لقد أصبحت السعودية و أسرتها التي تدين بالولاء للمذهب الوهابي ( المعدل بعد تولي الملك عبدالله سدة العرش ) قوة ضاغطة ، أو ما ندعوه باسم لوبي الدولة . و لذلك دخلت أخطارها في مرحلة – منعطف . فهي ليست الآن حارسة أو قيمة على شكل الثورات العربية القادمة ، و لكنها أيضا أداة لقمع هذه الثورات من خلال الإساءة لمضمونها ، و من خلال تكبيلها بمكياج حداثة إسلاماتي و براق و لا يحمل أية قيمة ثمينة ، و من خلال خداعها للرأي الدولي بوهم الاستقرار و النمو و التطور.
و مهما يكن الأمر ، و باعتبار أن السعودية و محيطها في شبه الجزيرة ( من سلطنات و ممالك و إمارات ) هي في صلب برامج الثورات التي تتفاعل و تتعثر و تبحث عن مشروعها و أهدافها ، كان لا بد من استكشاف الكمون الشعبي و النخبوي على حد سواء ، و الذي يتحمل الآن أعباء المهمة المزدوجة : قيادة محيطه الخاص و فتح الباب للنواة السوداء السلفية الظالمة ليلعب دور ضد – لوبي أو لوبي مضاد ، و بنفس المعنى الذي نعزوه للثورة و الثورة المضادة. ثم إضفاء و تمرير الطابع الروحي الأصيل للشخصية العربية العامة ، و المقصود بذلك معناها الرحماني و جوهرها الإنساني و النبيل.
و بهذا الاتجاه نحن ندعو لقراءة و تطوير المعاني الواردة في المقالة أدناه.


ألف


السعودية والصراع على الإسلام للدكتورة مضاوي الرشيد


هل بالفعل تحولت السلفية تحت مظلة النظام السعودي الى مشروع قطع آذان أو قبض على كتاب أو تجسس على المواطنين؟.
هل تحولت الى خطاب قمع للمجتمع و تزكية للقائمين عليه؟ هل تطورت السلفية على يد الوهابية الجدد إلى سجالات حول الاختلاط و الخلوة و التي كان آخرها ما اتحفنا به أحد الرموز الجديدة و التي تحرم الخلوة بين الأب و ابنته، حيث أنه أتته أخبار و العياذ بالله والزنا بالمحارم قد ضرب أطنابه في مجتمع " البيدوفيليا " تفيد أن الجزيرة، و ذلك لسبب وجيه و هو أن بنات العصر الجديد يلبسن القصيرة، فمن أجل حماية الآباء اﻟﻤﺠرمين، يجب على " البلوزات " البنات عدم إظهار زينتهن لآبائهن، و كأن الفتيات يقمن يوميا بعرض أزياء أمام آبائهن؟.
هل السلفية الجديدة تجرم الضحية لتحمي نفوسا شريرة و عقولا مريضة أفرزتها أزمة ذكورية تلجأ الى العنف لاثبات الذات، بعد أن داس النظام القمعي على رقاب رجال الجزيرة؟.
نعلم أن حالات الاعتداء على البنات من قبل الأقارب ما هي إلا إفرازات مرضية لذكورية مأزومة و نفوس مريضة تبحث عن السلطة المفقودة على أجساد فتيات يانعات. و هل تحولت السلفية مؤخرا إلى سلاح ديني في يد الملك العضوض ليمرر مشاريع الخنوع، و لماذا تشظت السلفية و انفرط عقدها و تحولت إلى تيارات تتصارع و تتحارب على مرأى و مسمع من السلطة؟.
لا نتكلم هنا عن السلفية القديمة التي انبثقت في عصور مضت و التي ارتبطت بابن حنبل و ابن القيم و ابن تيمية، و إنما نتحدث عن سلفية جديدة أفرزتها مرحلة الحداثة التي مرت بها المنطقة العربية خلال القرنين المنصرمين.
جاءت السلفية خارج السعودية لتعيد للاسلام بعض ما فقده من وضوح الرسالة و صفائها و تزيل عنه تخلف اﻟﻤﺠتمعات و محدودية علمها و ثقافتها فاستثنت ما علق بهذا الإسلام من ممارسات و طقوس عكست انغماس اﻟﻤﺠتمعات العربية في مرحلة التخلف الاجتماعي لتظهر كمشروع حضاري جديد فيه بذور النهضة التي لا تمثل قطيعة مع الماضي بل تمثل عملية ترشيد لهذا الماضي حتى يمكن احتواؤه مع متطلبات العصر الحديث. جاءت السلفية هذه كإفراز حداثي نهضوي يرجع للنصوص ويفهمها حسب ما تمليه معايير الفهم و العقل البشري.
و لو قدر لهذا المشروع أن ينتصر لما وجدنا أنفسنا اليوم وجها لوجه أمام سلفية متخلفة متحجرة تنفي العقل في سبيل مشروع سياسي صرف هدفه الاول و الأخير التنظير و التبرير للممارسات السياسية و إحكام القبضة على اﻟﻤﺠتمع حتى لا يتحرك مطالبا بحقوقه و متصلا مع العالم ليس مقاطعا له و شاجبا لما يمكن أن يقدمه لنا من معرفة وخبرة.
و بفضل النفط و الدعم السعودي أصبح لهذه السلفية المتخلفة فروع في كل أنحاء العالم، حيث نجدها في بركستون البريطانية و بيل فيل الفرنسية وجاكرتا الأندونيسية.
جاءت مدعومة ببعثات لدراستها و التمرس بها في عقر دارها حيث لها من الصروح العالية ما لها تحت ذريعة نشر الإسلام وأي إسلام هذا ارتبط بالبلاط و أهله و فقد استقلاليته بعد أن اختزل بمفت و حفنة من المساعدين و الفقهاء الذين ينتظرون بفارغ الصبر توسع بيروقراطيتهم خاصة بعد المكارم الملكية التي أعلن عنها في شهر آذار ( مارس ) و التي بموجبها سيتم استيعاب العاطلين من منظريها ومشرعيها، خاصة و أن مهاراتهم تتحطم عند أبواب السوق العالمية و المحلية التي تتطلب معرفة غير معرفتهم و المنحصرة هذه الأيام بفضائح زنا المحارم وغيرها من آفات استشرت في اﻟﻤﺠتمع.
إن ارتباط الإسلام بمشروع سياسي سعودي كان من أهم الضربات التي تلقاها هذا الدين و جعله اليوم موضع ريبة وشك و تحت سلطة النظام السعودي تحولت السلفية إلى عنصر مشبوه يستحضر صورا تدور حول القمع و الجبر و التخلف الفكري و التحجر و لو قدر للسلفية أن تنمو بعيدا عن سلطة هذا النظام لوجدنا مشروعا حضاريا يستوعب الحداثة و يقفز بها إلى مستويات عالية، حيث أن في السلفية بذورا حداثية من أهمها أولا التركيز على العلاقة المباشرة بين العبد و ربه دون وساطة العلماء و المريدين و المشعوذين و ما أكثرهم هذه الأيام و ثانيا: تركيز السلفية على مفهوم الفردية في العلاقة و الفهم الفردي للنص بما يتلاءم مع معطيات الحداثة، حيث لا تقبل السلفية الحقيقية بسلطة غير سلطة النص و فهمه، و لكننا مع الأسف نجد أننا نقف وجها لوجه مع قوى تحاول أن تتسلق على السلفية لتنحرف بها الى متاهات كالمتاهات التي ذكرناها، فتصبح سلفية مريدين و علماء الفضائيات و فقهائها الذين تدرجوا في اختصاصهم و تحولوا إلى علماء نفس يعالجون الاكتئاب و يخرجون الجن من نفوس البشر و كأننا أمام حلقة زار متلفزة ينتفض بها المريض خلف الكواليس، بينما يتبجح الطبيب العالم و يوزع العلاج، حيث يختص بنقع الآيات و الأحاديث و شرب مائها بعد أن يختلط بالحبر و الذي قد يؤدي إلى فشل في الجهاز الهضمي و البولي معا.
يأتي هذا الطب الجديد بمباركة السلفية الجديدة المرتبطة بالبلاط السعودي و الحمد لله قد وعد اﻟﻤﺠتمع بمستشفيات و أسرة جديدة من ضمن حزمة المكارم، حيث أن ردود فعل الطب الجديد المتلفز قد يحتاج الى أكثر من سرير في مستشفيات المملكة.
و تتصارع هذه السلفية الجديدة مع تيارات أخرى في العالم العربي، حيث أن للصراع على الإسلام ثلاثة محاور، أولها المحور السعودي و ثانيها المحور المصري و ثالثها المحور المغربي، و كلها تمثل الساحة السنية العربية وتشترك المحاور الثلاثة في ارتباطها بالسلطة، حيث أن الازهر المصري كان منذ أكثر من نصف قرن أداة بيد السلطة المصرية و يشترك في ذلك الإسلام المغربي، حيث أن السلطة السياسية تجمع بين المنصب السياسي و الديني في مفهوم " أمير المؤمنين " و لقد أثبتت الاحداث الأخيرة و الثورات العربية القائمة أن المحور الثلاثي هذا قد تم تحييده و لم يبق مصدر إلهام أو قدوة رغم ما يصرف عليه من أموال.
و قد نتج عن ذلك تشظ للمرجعية الدينية و بحث اﻟﻤﺠتمعات عن مصادر أخرى تتجاوز الديني المؤسساتي و تتجه نحو المقدس بطريقة فردية اختيارية طوعية و انتقائية، حيث ترفض اﻟﻤﺠتمعات العربية اليوم سلطة البشر على البشر، و خاصة أولئك الذين ارتبطت أسماؤهم بسلاطين العرب المنقرضين.
تبحث اﻟﻤﺠتمعات العربية الشابة عن المقدس و ترشد علاقتها به بعيدة عن سلطة المؤسسات و في حلقات درس تنتشر بعفوية و تنمو في البيوت و الصالونات بعيدا عن مراكز المقدس المدعومة من مؤسسات الدولة. فكم حلقة درس تجمع تحت رايتها طوعيا شرائح شابة لا تتقيد بالجبر بل هي تأتي خيارا و ليس قهرا.
و هذا ما هو اليوم حاصل على الساحة الدينية، حيث تنتشر مساحات حرة تختلف في عضويتها و تركيبتها، و تجد كل شريحة اجتماعية مثقفة كانت أو ذات ثقافة محدودة مكانها في حلقة درس تتجاوب مع تطلعاتها و فكرها، فمن الحلقات العقلانية المنتشرة في أوساط الشباب و الشرائح الطلابية إلى حلقات دروس دينية تقوم عليها مجموعات مهنية عالية الكفاءة مرورا بالزوايا و الطرق الصوفية في المدن إلى نظيراتها في الريف، حيث يتقرب البشر الى خالقهم بذبح الدجاجة وإسالة دمها.
نحن أمام تعددية دينية فاقت تصور الكثير من المحللين، لذلك يصطدم صراع السعودية مع غيرها من المحاور الدينية مع هذه التعددية في محاولة لفرض نمط سلفي واحد من أجل كسب المعركة.
و لكن ستظل هذه التعددية قائمة مهما سكب عليها من الحبر و صرف عليها من أموال، لأن الإسلام كدين مبني على النص سيظل قابلا للنقاش و التحليل و الفهم المرتبط بقدرة البشر العقلية و التي تختلف من زمن الى آخر، و لن يستطيع البلاط أن يفرض سلفيته حتى في مجتمعه الذي ضاق بها، ناهيك عن فرضها على المسلمين في بقاع الأرض.
عن القدس العربي






تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow