Alef Logo
يوميات
              

في دارة أم العبد 9

ناديا خلوف

خاص ألف

2011-06-27

عزاءٌ ، ورسائلُ لم تصلْ .
أكتبُ أحياناً على الورقِِ ، كي أعودَ إليه بعد فراقٍ . أصبحتِ الكتابةُ دون أوراقٍ اليوم . هذا العصرُ جعلَ الإنسان يعيشُ الثوراتِ بكلِّ أشكالها . إنّهُ العالمُ الرقمي ، والثورة المعلوماتية التي تجاوزتِ الحدود . أعملُ بالصحافةِ منذُ زمنٍ طويلٍ . أسهلُ شيء عليَّ : أن أكتبَ عموداً صحفياً من أي نوعٍ كان ، وأن يكونُ مقنعاً أم لا ليس اختصاصي ، هناكَ من يعجبُه لون كتابتي ، وهناك من لا يعجبهُ . " أم العبد " كانت أصعبَ نصٍّ كتبتُه في حياتي . لماذا ؟ لأنني من خلالِ أمّ العبد أردتُ أن أتحدّثَ عن الفضائلِ والقيم التي ماتت ، وظهرَ بدلاً منها قيماً جديدةً سادتِ المجتمع . كنّا نتساءلُ دائماً عن تربيتنا إن كانت هي الخاطئة ، وأفكارِنا إن كانتْ هي العتيقةِ . ونرى أنفسنا معزولين لأنّنا لم نسلكَ نفس الطريقِ الذي يسلكه البعضُ. سواء طريق بيع الجسد أو الضمير، ومن لا يبيعُ هو الغبيُّ . كلّ شيءٍ معدٌّ للبيع ، وللبيع قانون يحكمُه العرضُ والطلب . من لا يقدّم العرض هو المغفلُ الاجتماعيّ الذي يستطيعُ أن ينجح في الدراسة فقط ، ولم ينجحْ في السوق . كلّكم اصطدمتم بهذا القانون عندما كنتم تطلبون من أولادكم المثابرةَ على الدراسةِ ، وجاءكم الجوابُ : أن الذكاءَ والتفوٌّقَ في العلم . ليس هو النجاح في الحياة . ومعَ التناقض الاجتماعي الكبير، وردود الأفعالِ : العودةِ إلى الدين بطريقةٍ متطرفةٍ . إلى بيع الجسدِ وزواج نهايةِ الأسبوع ، وإعطاء لقب فنانة أو فنان لمن يمارسون " ! " .
المجتمع الذي أصبحَ على كلّ إنسانٍ فيه أن يبحثَ عن غطاءٍ ما سياسيٍّ أو دينيّ أو عشائري ، وإذا ما فكرَ بالانسحاب سيرفعُ عنه الغطاء . يموتُ اجتماعيا ، ومن ماتوا كثيرين . رأيتُ رجالاً يبكونَ بعد أن فقدوا مناصبهم في الأحزاب على مختلفِ ألوانها ، لأنّ الحربَ عليهم كانتْ قاتلة . لجئوا إلى إدمانِ الكحولِ أحياناً كنوعٍ من الانتحار .عندما يتعلّقُ ذهنُ الكاتبِ بفكرةٍ تحاصرُه لسنوات . يجدُ نفسَه دون أن يدري منغمساً في كتابتِها . يعيدُ اللحظات من خلالِها . لن يتمكنَ أحد من السيطرةِ على ذهنه . ولو تمكنتُ من السيطرة على ذهني لما كتبتُ " أمّ العبد " هذه . تركتُ لنفسي الحرية كي أخلص من هذا الكابوس الذي يجعلني أقفُ حائرةً أمام نفسي عندما أسأل نفسي : لماذا إعادة الماضي ؟ ويأتي الجوابُ : كي يكونَ تاريخاً بأسمائه وأشخاصه ومكانه وزمانه . نحنُ جزء من هؤلاء الأشخاص والمكان والزمان . وأمّ العبدِ حقيقيةٌ وموجودةٌ في كلّ حيٍّ ، أو مجالٍ اجتماعي ، أو سياسي . كلّكم تعرفون بعضهنّ .
ونكملُ الحكايةَ لمن يرغبُ ، ولا يضيرُه الأمرُ حتى لو كان سيرة ذاتية أو كما يصفها البعض بأمورٍ شخصيةٍ خاصةٍ ، فهي في النهايةِ يومياتٌ ، وليست بحثاً فلسفياً :
بعد سفرِ زوجي بأيّام . أرسلتْ لي صديقتي في الحيّ التي كانت تعتبرُ نفسها موديلاً في الماضي : أنّها تبحثُ لزوجها عن فتاةٍ على خُلقٍ كي يتزوجها . اعتقدتُ أنّها تمزحُ . كانتْ جادةً . تريدُ أن تدخل الجّنةَ فيه . لم تكن في الماضي تقيم اعتباراً لكلِّ هذه الأشياء . بل إنّها لم تكن تصوم أو تصلي . كانت تحبُّ شخصاً مسيحياً . تزوجتْ غيره لأسبابٍ كثيرةٍ . تغيّرت فجأة . التزمتْ بالدينِ دونَ قراءاتٍ سابقة لها فيهِ . وعندما أتتْ إليّ لتقديم واجبِ العزاء. رأيتُها قد تجلببت . لم تظهرْ إلا عيناً واحدةً . معها ابنتها في الخامسةِ من عمرها ، بيدها لعبةٌ دون رأسٍ ،لأنّ وجودَ الرأس ليس من اختصاص الإنسان حسب رأيها طبعاً .
- قلتُ لها : صوركِ بالفيديو ، وأنت ترقصينَ في الحفلاتِ موجودةٌ عند الجميعِ!
- أجابت : لا يحاسبُ الله الناسَ عما فعلوهُ قبلَ توبتهم .
أتى زوجها إليّ في غيابِها . وبعدَ أن قالَ كلماتٍ في المرحوم .
- زوجتي أصابها الجنون . تريدُ أن تجدَ لي زوجةً ، وأنا لستُ قادراً على الزواج بل إنّني لا أؤمن بالتعدّدِ . أخطأتُ مرةً عندما تزوجتها ، لن أكرّر الخطأ ثانيةً . حوّلت حياتي إلى جحيم. لا أعرفُ ما عليّ فعلهُ لتعودَ إلى حياتِها ليس من أجلي . بل من أجلِ أولادنا . أرجوكِ ساعديني إن كنتِ تستطيعين !
- فهمتُ أمرُها . ما تقومُ به هو عزلةٌ ، وربما انتقامٌ من نفسها ، ومن المجتمع . كنتُ مثلها عندما انسحبتُ إلى العزلة لكن بطريقةٍ مختلفةٍ .
إنّ ما تقومُ به زوجتك ليس بالأمرِ السهلِ . هو انتحارٌ اجتماعيٌّ . ولا أعرفُ إن كنتُ سأستطيعُ مساعدتكَ بالأمرِ .
أكتبُ يومياتِ مدينةٍ من خلالِ قضيةٍ هامةٍ جداً . في مجتمعٍ كان مليئاً بالتمييز العرقي . والطائفي . والعشائري ، ومن خلالِ ألوانٍ كثيرةٍ من التجمّعاتِ الغيرِ هادفةٍ تحتَ غطاءٍ ما ، ولو كانَ غطاءُ أمّ العبد ، وأكثرُ التجمعاتِ كانت تلجأ لأمّ عبدٍ في وسطها . والكلُّ يصرّحُ أنّهُ بعيدٌ عن العشائريةِ والقومية والفئويةِ والطائفية.
لأمّ العبدِ دورٌ تقدّمُ من خلاله الخدمة والوساطةَ في كلّ الأمور . أكتبُ هذا التوثيق من خلالَ رؤيتي ، قد يقولُ شخصٌ آخر غير الكلام الذي أقولُه ، لكنّ التاريخَ في النهايةِ هو الذي سيحكمُ .
من أصعبِ الأشياءِ في التوثيقِ : ذكرُ أسماء بعض الأشخاص الذين تردّدتُ كثيراً عندما ذكرتُ أسماءهم . لكنّهم في النهايةِ غرباء عني . كتبتُ عنهم بأقلِّ قدرٍ من التقليلِ من شأنهم ، معَ أنّ إساءتهم لنا كانتْ كبيرةً . سيكون الجزءُ الأصعب علي : ذكر أسماء الأشخاص أو صفاتهم لو كانوا أقارباً . لكن ما دمتُ أكتبُ من أجلِ التاريخِ . عليّ أن أتحلى بالشجاعة ، وفي الحقيقة أنّني لستُ شجاعة في الأمور الاجتماعية . دائماً منسحبة . فقط أردت أن أتمَّ النصّ . وهو لا يمسُّ حياتي الخاصةِ . حياتنا أنا وزوجي كانت ملكنا . فيها الحلو والمر . هي حياةٌ عاديةٌ ، وليستْ مثاليةً في جميعِ الأحوالِ وليستْ معدةً لاطلاعِ الغيرِ أيضاً . هذا الجزء يتناولُ حياتنا من خلالِ المجتمع الذي نعيش فيه . وخلالَ فترةٍ قصيرةٍ ربما قبلَ رحيلنا بعامٍ واحدٍ .
في اتصالٍ هاتفي بيني وبينه في يوم الخميس . قالَ لي : سأحتفلُ اليوم معكِ . أحضرتُ كلّ الأشياءِ اللازمة للاحتفال . لم أعدْ حزيناً . لكنّني لم أنم ليلة أمس . لا أعرفُ ماذا سأفعل ؟
عاودنا الاتصال بعد زيارةِ الطبيب . تحسّن في الحالِ .
قالَ لي : عليّ أن أسجّل السيارة باسمي كي أبيعَها . عليّ أن أستعجلَ فهي
استثمار . أخشى أن يموتَ الرجلُ صاحب شركة " الجزيرة " وقد دفعنا ثمنها لهُ ، ولم نأخذْ براءة الذمة حتى الآن . وبعدها سأبيعُ المنزل . أرسل لك ثمنه كله . تصرّفي وفق ما تجدينه مناسباً .
ماتَ الرجلُ . بقيتْ السيارةُ أمام منزلنا ، وإذا ما فكرنا ببيعها . علينا أن ندفع ثمنها ثانية ،وإذا ما صودرت لأنها مخالفة دون تجديد تسجيل سيكون الوضع أسوأ . ليس نحنُ فقط في هذا الوضع . الكثيرُ ممن اشترى سيارة استثمار وقعَ في إشكالات كبيرة .
في يوم الجمعة .حاولتُ الاتصالَ بهِ . لم يردّ على هاتفي . ابنتي قالتْ أنّه قد ردّ على هاتفها وهو بخيرٍ .
في يوم السبت .لم أتصل بهِ . في يوم الأحد بدأتُ أتصلُ به وعلى مدار الليل ولم يردّ . عرفتُ أنّه قد مات .
كنتُ في حالةِ إنكارٍ . أخبرتُ صديقتي وهي جارتي بنفس الوقت أن يذهبوا إلى المنزل ، وإلى المكتب . إن لم يفتح لهم البابَ ، فليحضروا الشرطة ويكسروه .
لقد ماتَ
نعم . ماتَ . ليس الموتُ قضية استثنائية في الحياةِ ، أن يموتَ المرءُ وحيداً في غربةٍ عن أهله هو الاستثنائي . كان عليّ أن أفعلَ شيئاً . أخبرني أحدُ أفراد العائلة بأنّ خيمة العزاء ستقامُ أمام منزل الأخِ الأكبرِ كونهم لا يعرفون لنا طريقاً . بدأتِ الأقاويلُ تنسجُ حولنا . ومن هذه الأقاويل : "عائلته تركته وحيداً . أشاع ذلك أحد إخوته بينَ الأقاربِ "
أخبرتُ ابني أن يتصدى للأمر . ولا يكونُ العزاء إلا أمامَ منزلنا . ولم يكنْ ابني كبيراً بشكلٍ كافٍ ، وبعدَ أخذٍ وردٍ بيني وبين أخيهِ حولَ الدفنِ ، وافقتُ أن يدفنَ قبلَ وصولي . على أن يكونَ الدفنُ في عامودا قربَ والدته ، وأن يدفن معه جميعُ الأشياء التي أحبّها ومنها صورنا. وكانَ لي ما أردتُ رغم اعتراض البعضِ .
وصلتُ إلى خيمة العزاءِ .نسيتُ أمرَ الميّتَ . رأيتُ ابنتي محاصرةً بأمّ العبد . وبعض الذين يستفزون مشاعرها . في الخيمةِ أكثرُ من أمّ عبد واحدة . لذا طلبتُ منها أن تذهبَ فوراً إلى غرفتها ، ولا تعودَ قبلَ أن تنامَ وتستحمَّ ، وتبدّل ثيابها من الأسودِ إلى لون آخر داكن . أرسلتُ خلفَ سيدةٍ كبيرةٍ في السنّ . طلبتُ منها أن تقومَ هي بواجب ضيافةِ القهوةِ. كما كلّفت اثنتانِ من الصبايا من بناتِ الجيرانِ باستقبالِ الضيوف من النساء .
بما أنّني أرغبُ في قولِ الحقيقة . سأقولُها حتى لو كانت تمسُّ ببعضِ أفرادِ عائلةٍ ينتمي أولادي إليها ، وكذلك أنا . أعتزُّ بهذا الانتماء .
العائلاتُ لم تعدْ كالسابقِ . أصابَها ما أصابَ الوطنُ .
كان العزاءُ ساحةَ عرضٍ للجّاهِ والنفوذِ . بل وللغرامِ أيضاً ، فأمامَ الخيمةِ كانت تمسكُ إحداهنَّ بيدِ خطيبها يتبادلون الأحاديثَ والضحك وهم يروحون ويجيئون . أما من هم في الداخلِ من بعضِ الأقاربِ فيشيدون بأنفسهم من خلالِ تأكيدهم على أهميتهم على نطاقِ السلطةِ . يقولون : هذا الضابطُ أتى إلى العزاءِ من أجلِ ذلك الأخ ، وغرفةُ التجارة أتتْ من أجل ذلك الشخص، وإلى آخر ما هنالك من تأكيدٍ على العظمةِ الجوفاءِ . لابدّ أن يمرّ العزاء وتنتهي الأيام الثلاثة . كي أرسلَ خلفَ رجالِ العائلةِ من أجلِ المفاتحةِ في أمورٍ عديدةٍ ، ومنها التّحدث بشكلٍ مقصود عن أمورٍ كان يجبُ أن لا تقالُ . أرسلتُ لهم فعلاً . تحدّثتُ لهم بالحقائقِ . أغلبُ الموجودين . كانوا معَ ما قلتُ .
أغلبُ آل دباغ أناس طيبون . وقفتِ الأغلبيةُ إلى جانبنا متعاطفة معنا حتى أن بعضهم دفعَ قسماً من التكاليف ، وأخصُّ بالذكر هنا وليد دباغ " أبو بشار " الذي استقبلَ هو وزوجته "المربية الفاضلة الأستاذة سميعة " كلّ عائلتي التي أتت من السلمية. كما قام بتأمينِ الطعام في كلّ أيام العزاء لكلّ الموجودين ، و بقيَ على صلةٍ بي على مدارِ الساعة ، ليكون العزاءُ كما يجبُ أن يكونَ من أجلِ تكريم الفقيد ، كذلك الأخ مروان الذي كانَ داعماً معنوياً وحتى مادياً ، وبقي على صلةٍ معي طوال الوقتِ .
للعزاء تكاليف كبيرةٌ في الجزيرة . أردتُ أن أقدّمَ الواجبَ تجاهَ رجلٍ كانَ لهُ شأنٌ كبيرٌ في حياتي . أردت أن أعملَ له الكليجة " نوعٌ من الكعك المحلى " وأجلبُ صنفاً فاخراً من الراحةِ التي توضعُ معها، وكانَ قد أوصى بذلك .
- قالتْ لي زوجةُ أخيه" الصيدلاني " : أنّهم أوصوا عليها .
لم أعترض إلا على الراحةِ فقد كنتُ أرغبُ بها كبيرة ، وجلبوها صغيرة .
طلبتُ : أن لا يكونَ في داخلِ الكيسِ أجزاءٌ من القرآنِ الكريمِ أيضاً .
بعضُ الإخوة أتوا إلى خيمةِ العزاءِ ببدلاتٍ بيضاء . كما أنّ أحدهم أقام حفلةَ زواجِ لابنته في منزله ، ورقصَ فيها في نفس الليلةِ . والثالثُ اكتفى بمكالمتي على الهاتفِ لمرةٍ واحدةٍ كنوعٍ من رفع العتب . لم نكنْ نريد أن يلغي الأخُ الحفلةَ ، أو الزواج . فقط احترام الدفن وجعل الحفلة تقتصر على أهل العريس وضيوفهم ، وفي الصالةِ التي خصصت لها . وأن يقومَ بواجبهِ تجاه ابنته دون أن يوصلَ لنا الرسالةَ بالطريقة التي وصلت .
تولى الأمور الأخرى أكبر إخوته الأشقّاء -يعملُ صيدلانياً - هو أقربهم فكراً إلى جميل .
بعدَ انتهاءِ العزاءِ أرسلَ لي الأخُ الصيدلاني مع ابنه قائمةً بالمصروفاتِ التي دفعها ، و التي عليّ أن أ دفعَها . قرأتُها وجدتُ فيها : إضافة إلى ثمن الكليجة - التي لم يأخذوا رأيي في صنعها وكان هناك من سيصنعها لي بجودةٍ أكبر وسعرٍ أقلّ –أجرةُ حفر القبر ، ثمنُ الكفنِ . رشوة 500 ليرة من أجل شرطي لا أعرف لماذا ؟
أرسلتُ له المبلغ مع ابني . كاملاً وبالدرهم . لم يكن لدي عملة سورية . وضعت دائرة بالقلم الأحمر على الخمسمئة ليرة "الرشوة " كتبتُ قربَها : لن أدفع هذه .
المفاجأةُ كانت بعد انتهاء العزاءِ . تعقّبتُ آثارَ زوجي . جلبتُ تقريرَ الشرطةِ ، عندما رأيتُ ما كتبَ به . صعقتُ .تقريرُ الشرطةِ فيهِ إفادةُ الأخ الصيدلاني ، قال : " كنتُ أقومُ بالاتصالِ مع شقيقي يومياً في الليلِ . كانَ يعيشُ في المكتبِ لوحده بعد أن تركته عائلته إلى مكانٍ مجهولٍ "
الشرطة كانت قد أودعت عنده رسائلي على الفاكس ، ورسالة زوجي لي التي يقول فيها: " لن أنسى تضحياتك حتى أموت " كما أودعَته تذاكر السفر من الإمارات وأرقامُ تلفوناتنا ولم يتصل بنا طبعاً.
لم أكن أعرفُ هذا عندما عاتبته بعدَ انتهاء العزاء لأنه تكلم عن بعض خصوصياتنا أمام عائلتي قلتُ له ساعتها : لم يعرفْ أحد ٌ من عائلتي هذا الكلام . لماذا قلتهُ ؟
- انتفض وقال لي: أنتِ مهملةٌ ، وغادرَ المنزل .
احتجَّ الجميعُ على كلامه ، وكانوا أكثر رجال العائلة . عرضوا علي المساعدة المادية والمعنوية .
أما عندما رأيتُ تقرير الشرطة . أرسلتُ له رسالةً مع ابني . قلتُ فيها: كنتُ أتوقعَ أن تحتضنَ أبناء شقيقك . أحيطُك علماً أنّك لم تتصلْ بجميل ولا مرة . لسببٍ بسيط هو أن تلفون المكتب لم يوصل بعد ، بإمكانك أن تتأكّد من البريد ، كما أن جميل كان ينامُ في البيت الملاصق للمكتب لأنّ فيه تكييف والوقتُ صيفاً . إضافةً إلى أن كل الأوراق كانت بحوزتكَ وكان فيها كلّ شيءٍ .
إحداهن قالتْ لي : أن زوجته أتلفت الرسالة ، أي أنّه لم يرها . أوصلها ثانيةً ، وأعتقدُ أنّهُ سيراها اليوم وإن لم يقرأها هو فإن أولاد الحلالِ كثر !
قبلَ عودتي إلى الإمارات . اجتمعتُ معَ صديقٍ لجميل دباغ : هو المحامي " محمد سليمان " وكانَ مقرّباً كثيراً منه . هو محام كردي . طلبتُ منه أن يتابعَ أمور الموكلين الذين لهم قضايا عندنا . أجابني : بأن الأمر حساسٌ ، ولا يستطيعُ فتح المكتبِ ، قدّرتُ له هذا . محمد سليمان كاتبٌ وشاعرٌ حسّاسٌ . لا يستطيع أن يعيشَ مع ذكرى صديق أحبَّه . أخبرتُ صديقاً آخر . اسمه "طلال شيخموس" طلبتُ منهُ أن يقومَ بالمهمةِ ، وقد قام بها ، وهو حالياً يمارسُ مهنته من مكتبنا . . .

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

04-تموز-2020

"الفظائع الآشورية التي تجعل داعش باهتة أمامها"

19-كانون الثاني-2019

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

10-كانون الأول-2015

السّوريون ظاهرة صوتيّة تقف على منّصة ليس أمامها جمهور

19-تشرين الثاني-2015

الزّلزلة

05-تشرين الأول-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow