إرادة الشعوب العربية
خاص ألف
2011-09-14
لقد ظنت الانظمة العربية التي تشهد في الوقت الحاضر ثورات واسعة، طيلة عقود من الزمن أنها تمكنت من طمس ارادة شعوبها، وأن هذه الشعوب صارت تتحرك ضمن المحاور المرسومة سلفاً من قبل النظام، وأنها لن تستطيع الخروج عما هو مرسوم طالما الامر استمر عقوداً من الزمن دون سماع صوت معارض او اي ملمح من الملامح التي تشير الى وجود خلل في هذه الانظمة.
والذي ساهم في عنجهية هذه الانظمة وطغيانها وتماديها في تسفيه ارادة الشعوب، هو تضمينها لمسألة أن الفرد العربي لا يمكن أن يقول: " لا" في وجه النظام، مادام هذا النظام قام بأدلجته وتأطيره بصورة تدريجة على فكرة المبادئ القومية والمقاومة والممانعة وثقافة الحزب الواحد، وبالتالي الرضوخ التام للنظام وخططه، حتى وان كانت هذه الخطط على حساب لقمة المواطن. وقد لجأت هذه الانظمة الى مختلف الوسائل لترسيخ هذه الافكار، بحيث يصبح التفكير خارج نطاق ما يرسمه النظام أمراً مستحيلاً. وهذا ما دفع باغلب الانظمة الى الاطمئنان في بداية الحراك الشعبي من ان هذا الحراك سيخمد ولن يستمر.
لقد حاولت الانظمة العربية استبدال ارادة الشعب بارادة النظام، كي تتمكن بذلك من تضمين استمراريتها وبقائها على الحكم، ضاربة عرض الحائط توجهات الشعب والتغيير الحاصل في العالم، وهي بذلك ارادت ان تحول الدولة من مفهوم وطن الى مفهوم مزرعة يملكها مجموعة اشخاص ويتحكمون فيها كما يلذ لهم ويطيب، ناسيةً أن " الخدم" يمكن أن يتحدوا لينقلبوا ضدها اذا ماتم معاملتهم كالماشية او اقل شأناً، دون وجود مبررات كافية تبرر هذه المعاملة.
ولعل هذ ما نراه اليوم على الساحة العربية: المعاملة الدونية، فقد ظهر ذلك واضحاً في خطابات القذافي وبشار الاسد، حيث لجأ كل واحد منهما الى استخدام مصطلحات لا تليق بالقادة ولا تليق بالشعوب( الجرذان والجراثيم)، في محاولة منهما للاشارة الى ان الشعب لا يشكّل شيئاً في ميزان النظام في كلا البلدين، أو بمعنى آخر: الشعب ليس الا مجرد مكعبات يلهو بها النظام وفق راحته والبشكل الذي يريده، لكن النتيجة بدت مخالفة لما كانوا يعتقدون، حيث تفاجئوا أن الشعب لا يزال يملك ارادة قوية قادرة على التغيير رغم كل وسائل العنف والقمع، وأن ما كانوا يعتقدون أنهم تمكنوا من طمسه، ليس الا ارادة مصطنعة ظاهرة، أما الارادة الكامنة والتي لا يمكن لوسائل القمع النيل منها فلاتزال موجودة.
حقيقةً لم يتوقع أحد من هؤلاء القادة أن كل محاولاتهم السياسية والثقافية والاقتصادية لانشاء شعب طيع للنظام ستذهب عبثاًً بهذه السرعة، لكن الصدق يبقى أقوى من التضليل وإن مر عليه الزمن، والارادة الكامنة تبقى هي الفعالة وليست الارادة الظاهرة الخائفة.
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |