Alef Logo
يوميات
              

الرقص مع الموت

ماريان إسماعيل

خاص ألف

2011-10-04

خواءٌ، خواء يَسبق البدء، مدن تلفحها رياح الخماسين وتذري في محاجر الجماجم المكورة رشقات من الرمل فتتشردق ديدانها، السكناء مغاورها، فتبصقها.
الليل المغرورق بعتم السواد استأنس السماء، فالشمس لا تزور مدن الموتى و الرماد، ولا تدغدغ أضواؤها محاجرَ فارغة وأفواهاً فاغرة وأطرافاً مخدرة متآكلة. ضجيج الصمت أدركه ضجيج الهذر والهذيان، أعياه ضجيج احتكاك العظام، النكاح، السياط، عواء ذئاب الجلاد، خطاب الجلاد، قهر الجلاد.

الطفل لم يتفسخ بعد، سَهُل عليه فوق الجثث المنحنية كأقواس حتى قدميها أن يرى السلطان، يقرقع بكعبي حذائه أرضاً افترشها بجلود الأموات، كيف وهو منهم يمشي على عظام أسلافه، ويضرب ويسيط ذات اليمين وذات الشمال الرقاب، والظهور، والرؤوس فيتدحرج بعضها، وبعضها يتزحزح. يضرب بقبضته على عظام صدره نشوة بنصره على قطيع الخرفان، كما يحلوه رؤيتهم ، ألا وهو رعيل القطعان أكثرهم تفسخاً، وتحللاً .. وثغاء.
"السلطانُ عظامٌ رميم" قهقه الطفل.
"انهضي أيتها الجماجم المدفونة كرؤوس النعام في الرمال" صرخ الطفل.
أطلق السلطان الفارعُ الظلِ عليه غيلانه المسكونة وضباعه الممسوخة .. تناهشته.
"الطفل لم يتفسخ بعد، ولا يماثلنا بعد، الطفل لم يعتد الكذب ولا الانحناء، لم لا نختلس النظر" رفعوا رؤوسهم في لحظة خاطفة، واعترتهم الدهشة.
"وهل تُدهش الجماجم والحيوانات، هل تُدهش الجثث والعظام، الأطفال يُدهشون إلى أن يكبروا فيعتادون. أنا أندهش؟ أأنا حي؟ رحماك أيتها الآلهة ، ساعديني " جاست الحشود، مارت وماجت.
"أيتها الآلهة أشرقي عليّ بعضاً من نورك" ابتَهلوا.
انقشع الضباب، غاب السحاب، اكتست العظام باللحم والجلد ونبعت بينهما الدماء، لامس الضوء الأرض فبانت الألوان، واندلق في العيون المرتجة لتبصر، العيون تُبصر الامتداد ، الأنوف تُزكى بالوجود، الشفاه تُرتل للقدوم.
"اركعوا يا است الشاة" راعه السلطان ما تحوّل، وما الشعب إليه تصوّر.
"ما أنا براكع .. ما نحن براكعين" هللت آلاف مؤلفة.
"لأذيقنكم الموت"
"أما باجت علينا البوائج .. أما بانت علينا البشائر"
"لأقتلّنكم بالسيف والنار، لأعذبنّكم أشد عذاب، لأجعلّنكم تبغون أقدامي لتقبيلها .. وقبوركم تندفعون لترقدوها"
"لا يُريعنا فُقدَانا الحواس بعد إتقادها، لقد رأينا، سمعنا، تكلمنا"
"اركعوووووووووا" يصرخ السلطان بأعلى صوته، فتسقط بين خصيتيه حنجرته.
"إنّا لنصطف صفوفاً وأرتالاً، ونبسط أيدينا على الأكتاف ونتماوج في رقصة مع الحياة، في رقصة مع الموت، سنتماهى مع الضوء الذي لامس أعيننا بعد العماءِ فأحيّانا، نرقص إلى الأبد .. من تعلّم الرقص لا يَفنى يا ولد".

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

السمكة

08-أيار-2021

السمكة

16-كانون الثاني-2021

الدفتر الأصفر

22-آب-2020

رانديفو

14-آذار-2020

السمكة

16-تشرين الثاني-2019

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow