Alef Logo
يوميات
              

حكم داوود على نفسه !/ سمية طيارة

2011-12-13

من قصص الأنبياء أنّ النّبي داوود عليه السّلام كان مِزواجاً حيث امتلك في وقت من الأوقات تسعاً و تسعين زوجة، وبما أنّه كان القائد العسكري الأعلى فقد حاول و بالرّغم من كلّ ما يمتلك من زوجات أن يسلب أحد قوّاده زوجته !، فشكاه هذا الأخير إلى الله تعالى الّذي أرسل له مَلكين بصورة رجلين يعرضان أمامه قضيّتهما.
قال الأوّل: يا سيّدي لدى رفيقي تسعةً وتسعون نعجة و أنا لا أملك سوى نعجةٍ واحدة و هو يريد أن يسلبني إيّاها.
فحكم له داوود و نهى رفيقه عن سلبه نعجته، وما إن نطق بالحكم حتّى انقلب الرّجلان إلى مَلكين و هما يُردّدان: حكم داوود على نفسه.
فهل حكم داوود سوريّة على نفسه حين ألصق صفة الجنون بمن يقتل شعبه ؟
حين سألته باربارا والترز قائلةً:" قوّاتكم " لم تكن تقصد بها القوّات الّتي تمتلكها أنت شخصيّاً ! ( كما برّر جهاد المقدسي بكلّ سذاجة ) ذلك أنّه في اللّغة الانكليزيّة لا يوجد تحديدٌ للضّمير yours بين المفرد والجمع، و استخدامُ المذيعة لكلمة: " قوّاتكم " حيث الضّميرعائدٌ هنا على الحكومة أو النّظام أو أي شيء آخر مُمثّلاً بالرّئيس الّذي تحاوره لهو مسألةُ كان بالإمكان أخذها ببساطة والرّد عليها ببساطة كذلك دون الدّخول في تلك الشّروحات المريبة عمّن يمتلك القوّات ! بالطّبع ذلك فقط في حال أنّ المحاور كان مرتاح الضّمير، واثقاً من مسؤوليّاته لا شوكةً لديه تنخزه !
كان يُمكن أن يكتفي بالرّد التّالي: " أنا لم أعط أيّة أوامر مماثلة، و أنا متأكّد من عدم وجود مثل هكذا أوامر من قبل الضبّاط الآخرين كذلك ". و لو أنّه أراد إظهار بعض الصّدق و الحكمة في خطابه لكان أضاف " وبكلّ الأحوال فأنا أستغلّ هذه المقابلة وهذا المنبر لأوجّه رسالة مباشرة للقوّات العسكريّة الحكوميّة بمقتضى مسؤوليّتي الكاملة عنها كوني القائد الأعلى للجيش و القوّات المسلّحة لأؤكّد و أطلب من كلّ فرد منها ألّا يُطلق طلقةً واحدة على مواطنٍ أعزل، وأن يعلم تمام العلم بأنّه مسؤولٌ عن أيّ خطأٍ يُرتكب خارج نطاق القانون و بأنّ أحداً لن يكون فوق المساءلة ".
أمّا حين سألته المذيعة الذكيّة عن الأمم المتحدّة و ملف جرائم حقوق الإنسان فلم يكن ردّه أقلّ ريبةٍ و سذاجة، حيث أخذ يتّهم الأمم المتحدة بعدم المصداقيّة التّامّة في حين أنهّ كان من المفترض به التحدّث بدبلوماسيّة آخذاً بعين الاعتبار فرصة المقابلة لتحسين و تلميع صورته و صورة حكمه في الإعلام الغربي ! فيقول مثلاً: " نحن نحترم هذه المؤسّسة وقراراتها إلّا أنّنا نعلم أنّها في بعض الملفّات تخضع لسياسة الانحياز لقوىً عُظمى فتصبح وسيلة للضغط بدل كونها وسيلة لإحقاق العدل ".
فقط ببساطة ! بدل إغراق نفسه في تلك المتاهات الّتي تُركّز على نسف مؤسّسةً من أهم مؤسّسات المنظومة الدوليّة ! مما استدعى بالطّبع وقوعه في فخ السّؤال الحاضر التالي: " ولكنّ لديكم ممثّلاً فيها ! "
أتى هنا ليكحّلها فعماها، وضحك مُذكّراً بلهجة رجال الأمن و المخابرات المتعالين على القانون المستهزئين بالحقوق، ناسفاً في ثوانٍ جديّة و جلل الحدث. و ظهرت الصّورة للعالم متباينة بشكل مؤلم جدّاً بين الحديث عن جرائم إنسانيّة و ملفّاتِ انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في مقابل الإعلان عن خطط تلاعبيّة !! من قبل صاحب المبادئ !! الممانعة و المقاومة والصّمود والتصدّي..الخ !
" لعبةُ و يجب عليك أن تلعبيها !!!!!! "
نعم بالضّبط، الكلمة السّابقة صادقة كما يقول المثل، العفويّة غير المهيّأة، تلك هي لسان الحال، وهذا ما يفعله النّظام السّوري من خلال إعلامه الحكومي، يعتقد بأنّها لعبةٌ عليه أن يلعبها ليغطّي على الحقيقة، كما ويتهم خصمه بأسلوب الألاعيب والفبركة الّتي لا ينفكّ هو ذاته عن ممارستها.
هذا أيضاً ما يفعله من خلال موافقته على المبادرة العربيّة. لعبةُ يلعبها ليكسب الوقت و يشتّت الجهود و يُضيّع الطّاسة يوماً بعد يوم، هذا كذلك ما يُروّجه لسلوكه مع المعارضة، يلعب و يناور و يكذب و يُؤمّل البعض بالإصلاح ! هذه هي بالَضبط سياسته وقد نطقها بصراحة، هربت الكلمة من حرصه كونها أصيلةً في فكره، و كشفت عن حقيقة أسلوب النّظام السّوري المُتّبع .
" مجنونٌ من يقتل شعبه !! "
يلفت النّظر مثل هكذا إجابة و تبدو مرّةً أخرى شديدة الغرابة ! فلا يُمكن فهم وصف رئيسٍ قاتلٍ لشعبه بالجنون في حين أنّ الوصف الأقرب للذّهن في هذه الحالة هي صفة الإجرام و الدّيكتاتوريّة والخروج عن القانون وكان من المستحسن به أن يقول: " إنّ عمليّة قمع الشّعب من قبل أي مسؤول في نظامٍ حاكم لهي خروج عن القانون تقتضي المحاسبة والعقاب، وإنّ إعطاء أيّ رئيسٍ أوامراً بقتل شعبه يجعله بنظري مُجرم حرب. " لكن ومرّةً أخرى هذا فقط في حالةِ أنّ لا وجود لشوكة تنخزأحداً.
أمّا إطلاق صفة الجنون هكذا وبدون أيّة دعوة لمحاسبة مثل هكذا تصرّف تعبّر عن رغبةٍ داخليّة عميقة بتخفيف المسؤوليّة تلك من مستوى مجرم حرب إلى مستوى المجنون عديم الاتّزان، و هو إن كان قد نجح في شيء من خلال هذه المقابلة فهو في إشاعة هذه الصّفة شعبيّاً وبالتّالي التخفيف من إطلاق شعار المطالبة بالإعدام بشكل مباشر والذي كان قد انتشر مؤخّراً في المظاهرات و إبداله بشعار (من يقتل شعبه مجنون ).
إلّا أنّ اللّافت للانتباه بأنّه لم يخطر بباله ولا حتّى للحظة أن يقول مثلاً:
" أنا لست متمسّكاً بكرسي الحكم، و أنا مستعدٌّ للتخلي عن الرئاسة ولا أنوي الترشّح لولايةٍ جديدة " و من ثمّ يسوق بعدها بعض التبريرات عن عدم فعله ذلك حاليّاً...
أو أن يقول:
" أنا لن أنتظر أن يخرج كلُّ فردٍ من أفراد شعبي للشّارع ليُعلن عن رفضه وعدم رضاه عن أدائي و أداء الحكومة، يكفي أنّ جُزءاً منهم حتّى لو كان أقل من عشرين بالمئة ( على افتراض أنّه ليس أكثر من ثمانين بالمئة ) ! مُصمّمٌ على الخروج في مظاهرات مندّدة منذ تسعة أشهر دون أن يكل أو يمل، يكفي أنّ مُعظم مُدن سوريّة تشترك اليوم في إضراب الكرامة، يكفي أنّ الفوضى عمّت بالفعل و الاقتصاد تدهور بشكل كبير، يكفي كلّ هذا لأٌعلن عن تنحيَّ و أسفي و حزني، و أعتذر للشّعب السّوري عن كافّة الـ " الاخطاء الفرديّة التي أودت بحياة أكثر من أربعة آلاف شهيد و عشرات آلاف المعتقلين و المعذّبين " في عهدي، حتّى لولم أكن أنا من وجّهت الأوامر بالفعل !
لكنّه و بدلاً من ذلك حصل على مقابلةٍ حكم داوود فيها على نفسه متمسّكاً بالكرسي بيديه و رجليه عاضّاً عليه بأسنانه مُرسلاً رسالة المعاداة إلى العالم، و رسالة الاستهتار إلى الشّعب فلا بأس ببعض الأخطاء حتّى آخر سوريٍّ !
و يأتي مقدسي بعد كلّ هذا ليستغرب تحريف الإعلام الغربي للمقابلة ضمن المؤامرة الكونيّة !!!!!!!!!!!
مثقفون أحرار لسورية حرة

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow