Alef Logo
دراسات
              

دور المثقف في الانتفاضة السورية

طلال الميهني

خاص ألف

2012-01-07

في حضور المثقف في الانتفاضة السورية



مرت أكثر من تسعة شهور على الانتفاضة السورية منذ انطلاقتها في آذار، استمر فيها النظام على اتباع مقاربته الأمنية القمعية مما كان له أكبر الأثر على تدهور الأوضاع في البلاد وجرها إلى مآلات غير محمودة.
وتبين نظرة متفحصة أن المشهد السوري غير مألوف: فحراك الشارع منتشرٌ وشعبيٌ وخالٍ من القيادات خاصةً في المراحل الأولى من الثورة. ومع أن مرور الوقت كان قد أفرز العديد من القيادات الميدانية والكفاءات الشابة، التي أثبت معظمها حساً عالياً بالمسؤولية والوطنية، إلا أنها باتت إما قيد الاعتقال أو متخفية أو هاربة أو مجبرة لأن تكون بعيدة عن العمل العلني. ولهذا أسبابٌ واضحةٌ متعلقةٌ بالتنكيل والقمع الرهيب الذي يواجه به النظام الانتفاضة السورية.
ومن الملاحظ أنه لم يرافق الانتفاضة الشعبية حراكٌ ثقافيٌ وفكريٌ وسياسيٌ يوازيها، إن لم نقل يؤسس لها ويقودها ويوجهها. ويبدو هذا جلياً من خلال متابعة التصريحات أو المقالات المنشورة بأقلام "سورية" حتى هذه اللحظة، والتي إن وجدت، فإنها قلما ترتقي إلى مستوى التحليل السياسي السليم والعميق، أو الإخلاص الثقافي والمتنور.
وهنا يحق أن نسأل عن دور "المثقف السوري"، وعن سبب غيابه الملحوظ عن حدثٍ عظيم كالانتفاضة الشعبية في سورية، وعن موقفه من حالة التدهور التي يجرنا النظام إليها والتي قد تودي بالوطن إلى المجهول.
ليس في هذه العجالة من متسعٍ لتوصيف وتحليل الحالة الثقافية في سورية، ولكن ما أود الإشارة إليه هو أن الثقافة والمثقف لم يكونوا في منأىً من تأثيرات عقود الاستبداد الطويلة في سورية، بل كان للاستبداد دوره في الحالة المتردية التي يعيشها الواقع الثقافي والمثقف. واستناداً إلى هذه الملحوظة المؤسفة، ستغدو الإجابة يسيرةً عن كل الأسئلة التي تدور حول دور المثقف السوري في الحراك الشعبي الذي تشهده سورية

.
حال المثقف يعكس حال الاستقطاب في المجتمع السوري



لم يختلف حال المثقف السوري عن حال المجتمع السوري الذي يعيش فيه، والذي سقط صريع انقسامٍ عميقٍ في موقفه من الحراك الشعبي. فوقع المثقف في مطب الاستقطاب المجتمعي الحاصل، وغدا منتمياً إلى إحدى ثلاث مجموعات: "موالاة"، "معارضة" أو "شرائح صامتة أو بينية".
وكما كان المثقف ضحيةً للاستقطاب المجتمعي، كان ضحيةً "للخطابات" التي أفرزتها حالة الاستقطاب، وتبنتها المجموعات التي اختلفت في موقفها من الحراك الشعبي.
إذ يميل بعض من يحمل لصاقة "مثقف سوري" في هذه الأيام إلى الصمت، أو التحديق في جدران أبراجهم العاجية، وكأن أصوات الرصاص الأسود، وأخبار الدم المسفوك، والاعتقال، والتنكيل، تأتينا من دولةٍ أخرى. وقد ذهب الأمر ببعضهم حداً خرجوا فيه عن صمتهم ليبرروا أفعال السلطة وممارساتها القمعية والدموية، ولينتقدوا السلطة التي لم تتصرف بحزمٍ لتضرب الحراك بيد من حديد! أما البعض الآخر فيميل إلى انتقاد الانتفاضة الشعبية، بنظرة استعلائية نخبوية، دون أن يكلف نفسه توضيح سبل الارتقاء بهذه "الجموع" كي تبلغ رتبة حضرته المثقفة. لن أتوقف كثيراً لأناقش حالة أطياف "المثقفين" في هذا الفريق لأنها حالة مستهجنةٌ بديهةً، وتتعارض مع جوهر الثقافة قولاً واحداً. فمفاهيم الحرية والعدالة ورفض الاستبداد هي مفاهيم إنسانية وأخلاقية قبل أن يؤسس بها فكرياً وثقافياً. ودعم الاستبداد وتمجيده قضية تتنافى مع جوهر البديهة الإنسانية قبل أن تتعارض مع جوهر الثقافة!
كما أود الإشارة إلى فريقٍ ثانٍ من "المثقفين" يعتزل نظرته النقدية، ويغدو أسيراً لخطاب الشارع المنتفض بكل مكوناته وحذافيره، فيميل إلى ركوب الموجة، والانجرار وراء الانفعالات التي تثيرها مأساوية الحدث اليومي، ليقع في مطب تأليه الثورة، ويسهم من حيث لا يدري في تعرية الانتفاضة الشعبية من قيمها (افترض دائماً حسن النية).
أعتقد أن كلا الفريقين المذكورين لا يسهمان في بناء سورية، بل على العكس يمارسان دوراً سلبياً عن طريق ترسيخ الكثير من المفاهيم المغلوطة. ومع افتراض أن وقوع "المواطن العادي" في مطب الاستقطاب المجتمعي قد يكون مفهوماً، فمن الصعب أن نفترض ذلك أو أن نجد تبريراً لمن يحمل لصاقة "مثقف سوري"، حتى إذا أخذنا ظروف الاستبداد بعين الاعتبار. وتصبح المسؤولية متضخمة ومضاعفة لمن يقدم نفسه على أنه مهتم في الشأن العام وخاصة السياسي

.
المثقف ودوره كمعارض سياسي



يفترض من حيث المبدأ أن يكون كل مثقف عاملاً نشطاً في الشأن العام بمجالاته المتعددة، ولكني سأشير في هذه الفقرة إلى المثقف الذي يعلن عن نفسه كمهتم بشكل مخصوص في الشأن السياسي.
ولعله ليس بخفي ما تعيشه المعارضة السياسية السورية من انقسامٍ وخلافٍ يتجاوز التجاذبات التقليدية للايديولوجيات المعارضة، ليشمل مواقفها من آليات تغيير السلطة ورؤيتها لسورية بعد التغيير. ويتعمق هذا الخلاف بتأثير عاملٍ أساسيٍ متمثلٍ في الحضور الضعيف، أو المشوه، للسياسة في الشارع المنتفض خاصةً، وفي الذهنية الجمعية للشعب السوري عامةً. وهي مسؤوليةٌ مزدوجةٌ يتحمل النظام واستبداده القسط الأكبر منها، فيما تتحمل المعارضة السياسية جزءاً من هذه المسؤولية.
فقد أدى الغياب المزمن للنشاط السياسي في سورية إلى دفع الناس للابتعاد عن العمل في الشأن السياسي أو حتى مجرد التفكير فيه. فأضحى الحديث عن "السياسة" مرتبطاً بأبعاد ايديولوجية متخشبة وضمن حدود أمنية معينة. وتحولت المعارضة الداخلية الكلاسيكية نتيجةً لذلك إلى حالاتٍ فرديةٍ ذات عمقٍ نضاليٍ وكفاحيٍ دون أن تتمكن من ممارسة السياسة، ودون أن يسمح لها بأن تمتلك حضوراً شعبياً واسعاً يتبنى أفكارها في مدارس أو تيارات سياسية واضحة.
وكأي حراكٍ شعبيٍ فقد استشعر الناس بأن وجود قيادةٍ تمارس العمل السياسي العلني ضرورةٌ لترجمة التضحيات التي قدمت إلى ثمار. وكذلك استشعرت المعارضة السياسية، في الداخل والخارج، حاجتها إلى قواعد شعبية. وقد بدأت نتيجة هذا التوق المشترك "حواريةٌ" لا بد منها بين السياسي والشارع نتابع في هذه الأيام فصولها. قد تبدأ تلك الحوارية بشكلٍ متعثرٍ، وقد تستغرق مدةً لتنمو وتتعلم كيف تنضج، ولا شك أن النظام سيكسب في تلك الأثناء بعض الوقت الضائع. إلا أن المهم هو الاستمرار في هذه الحوارية التي سينتج عنها مسرحٌ سياسيٌ أكثر نضجاً وقدرةً على المضي إلى الأمام، خاصة إذا ما تم الاهتمام بمن أثبت وعياً سياسياً من الكفاءات الشابة والتي ستمثل بشكل أو بآخر جزءاً هاماً من الجسد السياسي في سورية المستقبل.

التأثير السلبي "للسياسي الانفعالي


"
ولكن قد يميل بعض الناشطين الذين بدؤوا العمل السياسي مؤخراً (وهذا حال معظم السوريين) ويختار ركوب الموجة ليتبنى خطاب الشارع بحذافيره دون أن يعد العدة لما بعده، ودون أن يتجاوز ويحول ترديد الشعارات إلى أدوات لتحقيق الشعارات، ودون أن يمارس دوره "كسياسي". هذا ما يسمى في عرف السياسة "بالخطاب الديماغوجي" الذي يدغدغ عواطف الجماهير ويطربها، والذي يسعى بعض النشطاء إلى تبنيه للحصول على هتافٍ من هنا، وتصفيقٍ من هناك، ولكنه خطابٌ لا يعكس حالةً من بعد النظر والتبصر، كما أنه لا يؤسس لجوٍ سياسيٍ صحي.
نرى ذلك جلياً في شعار "إسقاط النظام" وهو شعارٌ مرحليٌ يعكس حالةً من الغضب العارم في صفوف الشعب العظيم المنتفض ورغبة عميقة في التغيير الجذري والكامل لمنظومة استبدادية أعادت سورية عقوداً إلى الوراء. وهنا يكون دور السياسي بالارتقاء بهذا الشعار، لكي يتجاوز مرحلة الإسقاط إلى مرحلة ما بعد الإسقاط، مع وضع خططٍ عمليةٍ، وأدواتٍ ناجعةٍ لكل مرحلة. ولكن نرى في المشهد السوري وقوف من يفترض أن يعمل في السياسة عند حدود الشعارات فقط، محاولاً تبنيها دون أن يملك الأدوات اللازمة لترجمتها مما يضعه خلف الشارع، أو متماهياً معه، ومنقاداً له. تترك مثل هذه التصرفات من بعض الناشطين، والتي لا توازن بين الشارع المنتفض والعمل السياسي، آثاراً سلبيةً على موقف الجموع من العمل السياسي الدؤوب -على قلته- وهذا ما نشهده هذه الأيام من تصريحاتٍ انفعاليةٍ تنال من بعض الرموز المعارضة والتي كان لها باعٌ طويلٌ في الكفاح والنضال.
ويعطي كل ما سبق نتيجةً عكسيةً بتعزيز الانفصام بين الشارع المنتفض والمعارضة السياسية، وتضعف ثقة الناس "بالسياسي الانفعالي" الذي سيظهر بمظهر من وعد ولم يف بوعده، مما قد يكون له أثرٌ على معنوياتهم. وسيدفع هذا "بالسياسي الانفعالي" إلى البحث عن وسائل وأدواتٍ تساعده على تنفيذ ما صرح به، ولكنه قد يقع ضحية لاستعجاله وإحساسه بالحرج، فينجرف وراء أدواتٍ قد لا تعود بالنفع على سورية. ونرى هذا جلياً في خطاب بعض أطراف المعارضة الذي دفع نحو العسكرة وطالب بالتدويل كنتيجةٍ لاستعجال الحسم، وانعدام الأدوات لتحقيق الحسم السريع!
وكما ذكرت في مقالة سابقة يمارس السياسي الانفعالي دوراً سلبياً يدفع خطاب الشارع المنتفض إلى تبني العناصر المكونة لخطاب النظام ولكن بشكل معكوس. وهنا نجد أن خطاب أطراف في الشارع المنتفض قد مالت بالانحراف نحو عناصر مثل: التأليه (تأليه الثورة أو بعض الشخصيات المعارضة)، الاستبداد (مصادرة الحقيقة وادعاء امتلاكها)، الشيطنة (شيطنة النظام وكل ما يمت له بصلة)، والاجتزاء والتشتيت، والتعامي والإنكار، وارتهان الخطاب للخارج (كما في مطلب التدويل)، واسترخاص إنسانية الإنسان.
ومع أن المعارضة الكلاسيكية الداخلية أكثر خبرةً، وأقرب إلى النهج السياسي، وأقدر على قراءة الواقع بكل أبعاده بحكم احتكاكها بالحدث، إلا أنها بحاجةٍ أيضاً لأن تطور أدواتها وتتبنى خطاباً أكثر وضوحاً وأكثر قرباً من الشارع المنتفض ومن الطبقة الصامتة، دون أن يؤثر على العمق السياسي لمواقفها. طبعاً قلة الظهور الإعلامي للمعارضة الداخلية والتضييق الممارس بحقها والاعتقالات –ومؤخراً- بعض الاغتيالات كانت قد ساهمت في تغييبهم عن أنظار الجماهير في مقابل حضورٍ واسعٍ للمعارضة الخارجية في وسائل الإعلام.

نحو ثقافة بناءة ومتنورة



لا أبغي مما ذكرت الإشارة إلى طريق ثالث يقف على مسافة متساوية بين السلطة القمعية والانتفاضة الشعبية، إذ لا توجد مسافة وسطى بين الاستبداد والظلم وبين قيم الحرية والمساواة إلخ. وكل ما يروج له النظام من روايات وحقائق تقع في حيز التشويش وتشتيت الانتباه، ولا تفيد في صلب القضية، ولا تغير من حقيقة وجوهر الصراع. فوجود أو عدم وجود عصابات مسلحة لا يمكن أن يدفعنا إلى تبرير القتل أو تمجيد الاستبداد أو نبذ الحرية والكرامة. فالقتل جريمة، والاستبداد مستنكر مصيره الزوال، والحرية والكرامة حقوق أساسية.
هذه المرحلة عصيبة، ودماء شعبنا تنزف، ومستقبل الوطن على المحك، وعلى كل منا، وخاصة على من يدعي كونه مثقفاً ويعلن اشتغاله في الشأن العام بمعناه الواسع، والشأن السياسي بشكل خاص، مسؤولية وطنية سيحاسب عليها التاريخ. وعليه لا يجب أن نخشى مقولة الحق حتى لو بدت غريبةً أو مستنكرةً، في لحظة تاريخية معينة، من قبل "الذهنية الجمعية" للشارع المنتفض (خطاباً وممارسة).
كما لا يجوز أن تدفعنا حمى "الشيطنة المطلقة النظام" التي تغزو خطاب الشارع المنتفض إلى تغييب الحقيقة من أمام أعيننا، أو رفضها، أو الانصياع وراء الشائعات التي ستعود بالأذى على مسيرة الانتفاضة الشعبية وسيكون النظام منها هو المستفيد. فمن شأن التغاضي عن مطبات "الذهنية الجمعية" للشارع المنتفض (خطاباً وممارسة)، أن يحولها إلى ظاهرة استبدادية توزع صكوك الفرز والرضا، ومرجعاً غير موضوعي تقاس من خلاله الحقائق والأحداث وتطوراتها، ومطباً يذكي في الانتفاضة نفساً إقصائياً قامت من أجل إزالته!
وبناء على ذلك فنحن في حاجةٍ ملحةٍ إلى فريقٍ من المثقفين يتجاوز التماهي الأعمى والارتهان المطلق للـ "الذهنيات الجمعية" التي خلقتها حالة الاستقطاب الحاصلة، والتي تتبناها شرائح المجتمع المنقسم. ويجب على هذا الفريق أن يتحول إلى عنصرٍ نشطٍ يتحمل مسؤوليته الأخلاقية في توعية الجماهير، والحفاظ على قيم الانتفاضة المباركة في سبيل الحرية والكرامة والحقوق الأساسية بما يمهد لنهضةٍ جديدة، ويمنع انحراف الانتفاضة ويضع حداً لتحولها إلى سعي "جاهلي" نحو الانتقام والثأر، أو مجرد صراعٍ على السلطة يستبدل مستبداً زائلاً بمستبدٍ جديد. ويضحي هذا الدور بالغ الأهمية حين يكون "المثقف" من المشتغلين في الشأن السياسي، فالمسؤولية في هذه الحال مضاعفة.
وأشير هنا إلى أدبيات ونشاطات تيار بناء الدولة السورية، الذي أسسه الأستاذ لؤي حسين مع عدد من الزملاء والزميلات، والذي يبدو حتى اللحظة، إلى جانب بعض المجموعات القليلة، الأكثر نضجاً من ناحية الطرح الفكري، مما يضعه في موقع المسؤولية الوطنية للاستمرار على هذا النهج والارتقاء به. وعليه أقترح على الأعضاء في التيار أن يطرحوا آراءهم في قضايا تتعلق بالنظرية السياسية، وبنية الدولة، والانتفاضة السورية، ودور التيار في المسرح السياسي السوري وغيرها. كما أقترح تدوين هذه الأفكار لاحقاً في كتاب تثقيفي وتحليلي يكون الأستاذ لؤي حسين مشرفاً عاماً عليه. ولا أدري إن كان بإمكان جهة سورية (دار بترا مثلاً) أن تتولى عملية النشر والطباعة والتوزيع.
-----------------------------------
* أكاديمي في جامعة كامبريدج في بريطانيا، عضو مؤسس لتيار بناء الدولة السورية

















تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

أشلاءُ الطفلِ المَرْمِيَّةُ تحت السرير

22-نيسان-2017

أشلاءُ الطفلِ المَرْمِيَّةُ تحت السرير

25-كانون الأول-2013

نحن والغرب: صورتنا بين المرسوم والرسام

10-آب-2013

ملحمة البؤس السوريّ: استعراض فجّ ونفاق مبطِّن

29-حزيران-2013

وفي ذكرى الجلاءِ يُذْكَرُ يوسُف

16-نيسان-2013

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow