Alef Logo
يوميات
              

بقايا ابتسامة

ناديا خلوف

خاص ألف

2012-01-16

يرحلُ الحبّ من مدينة نائمةٍ تحتَ زخّ الرصاصِ ، يضيعُ الحلم في نهرِ الدماء النازفِ من شرايين الحياةِ ، وترتفع الأصوات بالتكبير . تستيقظُ الملائكة ترفرفُ فوقَ الأجسادِ المثقوبةِ .
تصرخُ الملائكة : يا لهولِ ما نرى !
صبيٌّ يغرقُ بالدمِ يرغبُ أن يقولَ لأمّه كلمةً أخيرةً
ينظرُ الصبيّ إلى أمّه وهي تشاهد سقوطه .
ينطقُ بالشهادتين . يؤشّرُ لها بإصبعه : لا تحزني . ترى الأمّ الملائكة تخيّمُ فوقه . يمتلئ فمه بالدماء ،يفوحُ العطرَ في المكان . تشاركُ الملائكة في عرسه . تقدّمه إلى السماء
القاتلُ يرى الملائكةَ أيضاً . يصوّبُ عليها كي يرديها قتيلة .
أعيدي الصبيّ حياً أيّتها الملائكة .أرغبُ في قتله ثانيةً.
الابتسامةُ على وجه الصبيّ لا تفارقُ محيّاه .
يثقبُ القاتل جسده بمزيدٍ من الرصاصات ، ولم تختفِ الابتسامة
يهرب القاتل وهو يصرخُ من الخوف . أوّلُ مرةٍ يرى ميتاً يبتسمُ
تختلطُ ابتسامةُ الصبيّ بعويل الأمهاتِ الثكلى
ويأتي صوتٌ من باطن الأرض
اقتلوها . اقتلوها . أخافُها .
صوتٌ لملكِ الشرّ . نزلَ إلى العالمِ السفليّ . احتمى به من ابتسامة الشهيد
تقتلُ الأمّ . تتكومُ فوق جثّة صبيها . وكذلك الأخُ والأخت . ترحلُ العائلةُ كلّها
في بلادي بنيَ مسرحُ الحياةِ من أجلِ الموت . عليه أشخاص طيبون ، وأشرارٌ على أسطح البيوتِ يقنصون . يمثلون الجريمة بشكلّ حي . يقهقهون من النشوةِ . يسخرون من أمّ تبكي ضناها . يسحبونها من شعرها. يمزّقون غطاء رأسها .يعذبون طفلها الوليد للتوّ أمام عينيها . يدوسون على سجادةِ صلاتها . يقولون لها : ابتسمي . من أجلِ أن تكتملَ المسرحية ، وإلا . . !
سأبتسمُ . لا تقتلوا كلّ أبنائي .
يصورون ابتسامتها . يقتلونها .
تنكشفُ عوراتهم . وتتحوّلُ الأمّ إلى نبعٍ صافٍ من الحبّ بإرادةٍ ربانية .
يزيدون القتلَ . كي يمحوا ابتسامة الشهيدِ من مخيّلتهم .
ترقصُ أشلاء البشر في دائرةٍ صغيرةٍ
يجمعون الأوصال . يضعونها في أكياس صغيرةٍ يفجرونها .
تتناثرُ العظامُ على جدرانِ البيوت ، يقفُ لحم الإنسان المتناثر على الأشواك يتطهّرُ المكان
يهربُ القاتلُ وابتسامة من قتله تلاحقه في نومه .
يعودُ إلى المكانِ . يراه مليئاً بالزهور والملائكة
ومن قتلهم يصلّون على أرضهم
تنشقُّ الأرض . يسقط الشرُّ في الفراغ
الدماء الطاهرةٌ تروي ورودَ الربيعِ . يظهر الربيع بكلّ الألوان ، ويخصّ الأحمر بالقدسية . ترتفع مرتبةَ من استشهدَ ليكونَ بشارةً من الله ، ويعمّ الخير المكان . باركه الشهداء .أصبحت الرحمة عنوان الحياة . هربت أرواح الأشرار
العفنُ الأسودُ الذي حلّ بأرض البلاد دهوراً . آن له أن تنظّفه الدماء
يزورُ الناس المكانَ . كي يتباركوا به . زرعَ فيه في كلّ شبرٍ عائلةً من الشهداء.
من الموتِ تولدُ الحياة . الموت هو شكل آخر لها . وعلى أماكن الشهداء المقدسة سيكون الحجُّ بعد اليوم ، لكلّ من يستطيع إليه سبيلاً ، ويبدأ الحجُّ من أطهرِ الأماكن . أماكنُ رحيل الأطفالِ بأجسادٍ ممزّقة . الملائكةُ ترفرفُ في السماء . ستحمي الأماكن المقدسة بدءاً من اليوم . سيرحلُ ملكُ الشرّ وترتاح البلاد . . .
رؤيا. رآها فقط الصالحون من العباد . . .

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

04-تموز-2020

"الفظائع الآشورية التي تجعل داعش باهتة أمامها"

19-كانون الثاني-2019

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

10-كانون الأول-2015

السّوريون ظاهرة صوتيّة تقف على منّصة ليس أمامها جمهور

19-تشرين الثاني-2015

الزّلزلة

05-تشرين الأول-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow