Alef Logo
يوميات
              

ديوان الحلاج يُكتب من جديد

طلال الميهني

خاص ألف

2012-04-28

صَرَخَ الحلّاجُ* بهم قبل ألف عام من على تلك المنصة التي عليها جلدوه ... وقطعوا يديه ... وبتروا رجليه ... ثم صلبوه ...
صرخ الحلاجُ بهم ... وقد غدا نافورةً حمراء تأبى أن تقاوم جلادها ...
صرخ الحلاجُ بهم ... وهو مبتسمٌ، وفخورٌ، ومنكسر ... وقد اختلط عليه الموت مع اللقيا، وزاغتْ عيناه حتى كاد العقلُ يغفو، وكاد النورُ في الوجه البهيِّ يكبو ... وتراءتْ له ملائكةٌ ترقص على تراتيل السوط المسموم ...
صرخ الحلاج بهم لتشقَّ الصرخة عنان السماء: ((ركعتان في العشق لا يَصِحُّ وضوؤهما إلا بالدم)) ...
********
((ركعتان في العشق لا يَصِحُّ وضوؤهما إلا بالدم)) ...
صرخ الحلاجُ بهم وتوضأ بدمه ثم صلى ومات ... وكأنه ما مات ... فقد ترك مدرسةً للعشق الأول!
وبقي الحلاجُ بعد الموت حياً، ليصرخ بهم في حياتهم، ومن بعد الحياة في مماتهم ... ليصرخ بهم في قصورهم، ومن بعد القصور في قبورهم ... وهم من صرخة الحلاج يستغيثون!
********
وبعد ألف عام، احترقتْ منصة الإعدام، وجفّتْ بُقَعُ الدم المسفوك، وها هي مدرسة العشق الأول تمضي ...
فصرخنا نحن بهم: لبيكَ يا وطني ... يا محبوبنا ... يا أنتَ الذي هوَ نحنُ ... يا أنتَ الذي هوَ في قلوبنا ... يا أنتَ الذي نحضنهُ ... ونسافر منهُ، وإليهِ، ونحن نلثمهُ ... ونحملهُ، ونغني له، ونرقصهُ ... ونحلمُ بهِ، ونبكيهِ، ونَضْحَكُهُ ...
يا وطني يا أغنيةً أسكرَتْ كؤوس الخمر، والحديد، والسنابل ... وتَمَرَّغَتْ في ترابه أجسادنا قبل الولادة، وعند الحضور، وساعة الرحيل والذكرى، وبعد الممات ...
ملحمةُ العشقِ تكبرُ فينا ونحنُ نكتبها، وملحمةُ العشقِ أبَتْ أن تكتمل إلا بدمٍ مسفوك ...
********
يا وطني: كلنا في مذبحكَ "حلاجٌ" ينتظر لحظة الوضوء ... فيا لحظة الوضوء هلمّي فقد طال الانتظار ...
********
* الحلاج: هو الحسين بن منصور (ت 922م) الملقب بالحلاج، أحد أعمدة التصوف في التراث المشرقي العربي والإسلامي. والخاطرة أعلاه عبارة عن إعادة صياغة لحادثة (مقتل الحلاج) ومعاناته والتي تعتبر مثالاً صارخاً ومؤلماً للتضحية والسلام والعفو والتسامح مع قسوة الجلاد.
بقلم: طلال المَيْهَني
أكاديمي في جامعة كامبريدج
عضو مؤسس لتيار بناء الدولة السورية

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

أشلاءُ الطفلِ المَرْمِيَّةُ تحت السرير

22-نيسان-2017

أشلاءُ الطفلِ المَرْمِيَّةُ تحت السرير

25-كانون الأول-2013

نحن والغرب: صورتنا بين المرسوم والرسام

10-آب-2013

ملحمة البؤس السوريّ: استعراض فجّ ونفاق مبطِّن

29-حزيران-2013

وفي ذكرى الجلاءِ يُذْكَرُ يوسُف

16-نيسان-2013

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow