Alef Logo
شعر معاصر
              

مختارات من أشعار رياض الصالح الحسين

ألف

خاص ألف

2012-06-11

( العدالة )
العدالة هي أن أركض مع حبيبتي
في أزقّة العالم
دون أن يسألني الحرّاس عن رقم هاتفي
أو هويّتي الضائعة ...
العدالة هي أن ألقي بنفسي في البحر الشاسع
وأنا واثق بأن أحداً لن يمسكني من أذني
ويقودني ــ مرة ً ثانية إلى القبر
بدعوى أن الانتحار لا تقرّه الشرائع والقوانين ؟!.
العدالة هي أن آكل رغيفي بهدوء
أن أهذب إلى السينما بهدوء
أن أغنّـي بهدوء
أن أقبّــل حبيبتي بهدوء وأموت بلا ضجة .
****
( حرب .. حرب .. حرب )
ــ من ديوان أساطير يومية ــ
عاشقٌ ذاهبٌ بين حشرجة النازحين وحشرجة الكلمات
عاشق مثل هذي البراري المدمَّــات والجثث الذهبيّـة
يخرج من زمن ٍ ليغنّي
ويدخل في وطن ٍ ليغني
يبتاع ُ أرغفة ً ومعاول
يبتاع أرصفة ً ومعامل
يبتاع حزناً شديداً
ودبَّـابة ً سقطت بين فكِّيْ زهرة دفلى !
يبتاع ُ قبراً وسيماً لطائرة
وعصوناً خضراءَ من فرح ٍ أبديّ للعاشقات .
عاشقٌ ذاهبٌ بين حشرجة ِ النازحين وحشرجة ِ الطلقات
عاشقٌ قال :
هذه هي الحرب
تخلع ُ قمصانها الخشبيّـة
تكشف عن عريها الحشريّ :
دماء وأرصفة
ودفاتر مبتلّة بالنشيج
دماء وعاشقة ودفاتر مبتلّـة بالدماء !
دماء وأرغفة
وأساور ضيّقة
ومآذن واسعة
وطيور تهاجر ُ ...
مجزرة ٌ وشعوب
مجزرة وزهور
هذي هي الحرب تفتح نافذة الحب للقاتلين
وللعاشقين ستفتح نافذة ً للقبور !
....
في الحروب التي ذهبت
في الحروب التي بقيتْ
في الحروب التي تحاول أن تجيء
كان وجهٌ أليف لعاشقة يتمرّغ بالرمل
والألم الطبقي .
كانت العاشقات الوسيمات يخرجنَ للشرفات
ويعرضنَ أجسادهنَّ المدمَّاة َ لله
والله كان يجيء القرى وبصحبته الجند
كان يُـعبئ مئزره الملكيّ حروباً وينثرها في البيادر
كانت بيادرُ من فضّـة ومواعيد
كانت بيادرُ من فضّـة ..
ثمّ كانت حروب ؛
وهل تذهبين إلى البيت
أم تذهبين إلى الموت ؟
هل تذهبين إلى العشب ِ
أم تذهبين إلى الحرب ِ ؟
كنـّا نسير نسير وتثقبنا الطلقات
وكنّـا نسير نسير بدائرة قطرها ألف حزن
يداً بيد ٍ ونغنّـي
يداً بيد ٍ ونموت !
ويا أيها الموت لا تأت ِ في الصيف
إن الطيور تشاطرنا الصيف
يا أيها الموت لا تأت ِ في مطر ٍ خائف وبعيد
لا تأت ِ
فالأرضُ عطشانة
والمواسم مكسورة
والشعير سينضب
والعاشقات سيبكينَ عشاقهنَ
ولا تأت ِ .. لا تأت ِ
لكنَّـهُ الموتُ يأتي !
ولكنها الحربُ تأتي بهيئتها الحشريّة
تدخل من ثقب ِ باب ٍ
ومن ثقب ِ نافذة
تتناسلُ في حانة ــ صحف ــ كتب
تتناسلُ في جثث العاشقات
ثمّ تنده للقاتلين : " استريحوا ... استريحوا "
وتطعمنا البؤس والطلقات ؟!
عاشقٌ قال :
بعد نهارين من تعب ٍ ورصاص
تجيءُ من الأرض ِ عاشقة
وتمدُّ يديها إلى مطر ٍ وأجاص
تمدُّ يديها إلى الماء
تغسلُ ألسنة الخطباء وألسنة الرقباء
تسجّلُ أرصدة َ الفقراء التي ابتلعتها الحروب
على دفتر ٍ شجريّ
تمزّقُ قبّعة َ الجنرال
وقبل مسائين من مطر وأجاص أرى :
تحت قبَّـعة الجنرال قرى مَصْـمَـصت عظمَ أطفالها
ويدين تقطّـعتا !!
وأرى تحت قبّـعة الجنرال :
دماً ساطعاً
وجماجمَ مكسورة ً تتهجّـى حروفْ
وفي كل حرف ٍ مشاريع من حلم فاسد !
وأرى تحت قبّـعة الجنرالات
مشروع حرب على الزهر
مشروع حرب على النهر
مشروع حرب على الفقراء
وبين يدين تقطّـعتا
يهرب العاشقون من العشق ِ
والميّتون من الموت
والفقراء من الفقر
ومن ثمَّ تسقط قنبلة ويجيء الغزاة الأشدّاء
من كأس شاي وسيجارة وصباح !
ومن كأس شاي وسيجارة تبدأ الثورة العالميّــة
أو تبدأ الأمنيات الكثيرات
يبدأ الخطباء خطاباتهم
والجنود رصاصاتهم ..
ثمّ أفرغ ُ من الحزن
أقذفه تحت قبــّـعة الجنرال
وأركضُ في مقتل ٍ لا يحدُّ ،
أنا الآن مقتنعٌ ببلادي
ومقتنعٌ باضطهادي
وفي زمنٍ لا يحدُّ أرى من أحبُّ على شاطئ
تستريح من اليأس
تسألني عن مكان ٍ لذيذ بلا شرطة
نتبادل فيه الأناشيد والقبلات
أجيبُ : هو البحر
قالت هو البحر . قالت هو البحر
وابتسمتْ
,,,
1980 أساطير يومية رياض الصالح الحسين

يتبع خاص ألف

*****

وُلِدَ رياض الصالح الحسين في مدينة درعا في 10/3/1954 لأب موظف بسيط من قرية مارع في شمال حلب.
كان والده يتنقّل مع عائلته بين المدن السورية ثلاثين عامًا.
منعه الصمم و البكم من إكمال دراسته، فدأب على تثقيف نفسه بنفسه.
اضطر إلى ممارسة العمل مبكرًا، كعامل و موظف و صحفي، و عانى من مشكلة البطالة.
كان مستمرًّا في كتابة الشعر و الموضوعات الصحفية منذ عام 1976 حتى وفاته.
,,,
أصدر ثلاث مجموعات شعريّة في حياته:
خراب الدورة الدمويّة - مطابع وزارة الثقافة - دمشق 1979
أساطير يوميّة - مطابع وزارة الثقافة - دمشق 1980
بسيط كالماء واضح كطلقة مسدَّس - دار الجرمق - دمشق 1982
أنجز مجموعته الشعريّة "وعل في الغابة" قبل وفاته.
كتب في الشعر، القصة القصيرة، قصص الأطفال، المقالة الصحفية، و النقد الأدبي.
كتب عن الموت، و كتب في تمجيد الحياة كثيرًا.
توفي في مستشفى المواساة بدمشق عصر يوم 21/11/ 1982
____________
المعلومات نقلاً عن "وعل في الغابة"، الصادر عام 1983 عن "منشورات وزارة الثقافة و الإرشاد القومي" - دمشق.




تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow