Alef Logo
يوميات
              

رب البندورة !

لينة أحمد عطفة

خاص ألف

2012-06-13

البعض يتهمني بعدم احترام ميول الشارع الثورية و التطاول على مقدسات الثورة و ذلك بتعرضي للذات الإلهية و بأنني علمانية كافرة لا أريد من الحرية سوى حرية الكفر و العهر و ترتكز اتهاماتهم على العبارة الواردة في مقدمة قصة كتبتها بعنوان المسجّلة و العبارة كانت : (الذاكرة هي الله في زمن الموت و السلطة) لم ير هؤلاء المتطفلون على النقد و الرأي و التفكير من قصة حقيقية عشتها و عاشتها أسرتي سوى لفظ الجلالة الذي حوروه بقراءتهم الخاطئة .. و لفظ الجلالة في القصة لم يبتعد أبدا عن مفهومه في المخيال الجمعي.. الذاكرة هي الله في زمن الموت و السلطة .. مجازا : ذاكرتنا المفعمة بالألم كذاكرة ذئب جريح ذاكرتنا التي سجلت سكوتنا عن الطاغية و عبوديتنا و ألمنا ذاكرتنا التي عادت بنا إلى صوتنا الأصيل لنصرخ يا الله مالنا غيرك يا الله ..
هذا مع العلم أن صنوف الأدب و اللغة تستحق أن نسمح لمن يزاولها بتجاوزات مجازية باعتبار أن المجاز في مكانه أفضل من التسبيح حشوا .. أعادني هؤلاء المتحذلقون باتهاماتهم إلى شيخ الجامع المخبر الذي كتب فيّ تقريرا للأمن بحجة أنني أتطاول على الذات الإلهية إثر قصيدة ألقيتها بالمركز الثقافي في سلمية قلت فيها : (نموت من الجوع و الذل و القهر .. نموت من الفقر و يفطس حكامنا متخمين ويحك ربي ألا تستحي أن تصك باسمك كل الدعارات في أمتي ؟!!!) كنت يومها في السابعة عشر من عمري .. كانت ردة فعل الأمن استدعائي مع تهديد لأبي : (إذا ما شرفت و جبتها معك عالفرع رح نشحطها من المدرسة) .. ذهبت مع أبي إلى الفرع ليكون السؤال الأول : من حرضك على كتابة هذا الكلام؟!
بادر أبي بالتوضيح أنني شاعرة .. فصرخوا في وجهه أمامي : (انت اخراس .. مالك علاقة بس نسألك إلك بتحكي هلق عم نسألها إلها)... كان جوابي يومها للمحقق : من حرضكم على اعتقالي تقرير من شيخ الجامع ؟! ألستم دولة علمانية و مع فصل الدين عن الدولة ؟! من يجب أن يتبع الآخر أنتم أم هم ؟!!!
فقال لي : طيّب هالحكي بتقوليه للمعلم فوق . واقتادونا أنا و أبي إلى (المعلم) .. الذي استقبلنا بحفاوة و بفيديو مصور عن الأمسية قائلاً : (تعي شوفي حالك انت و عم تسبي الرب ...) فقلت له : لست أسب الرب . أجابني : لا لقد كنت تشتمينه بدليل أنت ترفعين يدك إلى الأعلى مشيرة إليه . فقلت له : ومنذ متى تم تحديد الموقع الجغرافي للإله ؟! الله هنا و هناك و في كل مكان ثم إنني لم أتعرض للذات الإلهية فالرب كلمة تعني السيد أو المالك..(رب الإبل رب البقر رب القوم رب البندورة) فقال لي : و أنت أي رب من الأرباب تقصدين ؟ ضحكت و قلت له : أقصد رب الشعر و الجمهور فهم معنى كلامي بدليل تصفيقه الحار . فكان رده : أن الجمهور صفق بدافع استغرابه و ليس بدافع موافقته.. و تابع ناصحا : يا عمّو لا تستخدمي التعابير الدينية فيما تكتبين فهي تستفز الشارع ولا تتطرقي إلى تعبير مثل : (يفطس حكامنا) فهو يستفزنا نحن
و يزعجنا و أنت لا تريدين إزعاجنا .. ثم إنك فتاة مهذبة.. فلا تتلفظي بألفاظ مثل دعارات فهي تسيء لسمعتك ضمن مجتمع كمجتمعنا .. يا عمّو اكتبي شعرا يناسب ذوق الناس .. اكتبي عن الطبيعة و الشجرة و الحب .. اكتبي عن الأم.
هذه المرّة تساهلنا معك لأنك في سن صغيرة .. لكن في المرّة القادمة يجب أن تنتبهي أكثر إلى نفسك...
خرجت من الفرع بعد ثلاث ساعات من التحقيق بنتيجة واحدة : شفقتي المطلقة عليهم..
لم تنتهي تداعيات شيخ الجامع هنا .. فقد وصلتني تهديدات بالقتل .. و استدعيت للتحقيق في عدة أفرع أمنية (ضمن سباقهم في جمع المعلومات).. أما محافظ حماة قام بفصل المسؤولين عن الأمسية شاتما إياهم و مدينتهم قائلا :
(بلا شعر بلا خرى من إيمتى و أهل سلمية بيفهموا بالشعر .. أصلاً كل أهل سلمية بيشتغلوا بالدعارة .. إذا سلمية فيها 300 بيت دعارة .. انقلعوا .. كل أنواع الاجتماعات ملغاة في سلمية حتى الاجتماعات الحزبية.)

شيخ الجامع بحجة تطاولي على الذات الإلهية أعطى الأمن ذريعة ليسوا بحاجتها لاستدعائي
الأمن يومها أصاب عصفورين بطلقة واحدة .. أكد للناس نظريته الاستبدادية منذ حماة الثمانينات عن مدى خطورة وصول المتدينين المتطرفين الذين لا يقبلون بيتا من الشعر إلى السلطة .. و أكد استبداده و عسفه بعدم قبوله مجاز بيت من الشعر مذكرا الناس أنه لن يتورع عن اعتقال أي كان مهما كان عمره و صفته ..
و أخشى ما أخشاه أن يحاول بعض المتطرفين استغلال الشعور الديني العفوي العام لشعبنا ليحجم الثورة و يحددها ضمن وجه ديني متطرف ضيق جدا .. حيث يتشدقون بمفردات و عبارات : ( كالخندق الواحد و احترام مقدسات الآخر أو التطاول على مزاج الشارع أو......الخ )
أخشى من أولئك الذين يستغلون الثورة ليكفروا و يخونوا و يفرضوا ما يبغون طامسين وجهها الحقيقي الرحب في وحل تبجحهم و ادعائهم مانحين النظام نفس الفرصة ليثبّت أقدام استبداده ..
أخشى و لكنني أوقن أن الثورة ستنتصر حتما .. ستضيق الألفاظ و تتسع الفكرة ...
لينة أحمد عطفة

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow