Alef Logo
يوميات
              

يوميات لقمان ديركي / فيجة

ألف

2007-05-19

في كل بلاد الدنيا يشربون المياه المعدنية، زجاجات وعلب وعبوات بأشكال مختلفة باستثناء دمشق فما زال أهاليها المحظوظون يشربون من حنفية المياه والتي يسميها الدمشقيون بالفيجة تيمناً بمعمل المياه الطبيعي نبع الفيجة العجيب.لا توجد لدي معلومات عن نبع الفيجة بالشكل الكافي كي أكتبها لكم فأنا كنت من أشد الطلاب كسلاً في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والعلوم، لذلك قيموا من بالكم أن تسمعوا مني قائمة بمكونات مياه عين الفيجة السحرية من هيدروجين وأشياء أخرى لا أفهم فيها، ولكنني أستطيع أن أتحدث عن علاقتي بها، وقد استندت في أقوالي على جملة شهيرة سمعتها مراراً ولم أفهم معناها، ولكنني الآن فهمت تماماً شيئاً من معناها، هذه الجملة تقول " اللي بيشرب من مية الشام بيرجع لها ".
كنت في طفولتي ومراهقتي أقوم بغزوات طويلة المدى من حلب الى الدرباسية أو من حلب إلى دمشق، ". وفي إحدى المرات كنت في بيت عم من أعمامي الكثر المنتشرين في العاصمة وفتحت البراد لأشرب الماء ولكنني لم أجد زجاجات الماء فيه، قال لي ابن عمي أن أشرب من الفيجة فقلت بأنني أريد ماءً بارداً فضحك وفتح الحنفية وطلب مني أن ألمس المياه بيدي ففعلت، كان الماء بارداً بشكل سحري، انحنيت وشربت بكفي حتى ارتويت، ثم مضيت إلى أهلي في حلب، وبقيت مداوماً ومواظباً على غزواتي إلى دمشق دون أن أعرف السبب، وعندما كبرت تحينت أول فرصة وجئت إلى دمشق طالباً ومكثت فيها إلى الآن، كما أنني أعرف أناساً لي جاؤوا لقضاء يوم أو يومين هنا في دمشق ولكنهم ماتوا فيها ودفنوا فيها، وكان سبب بقائهم هو أنهم شربوا من " مياه الشام "، تماماً كما حدث معي، وأعرف صديقاً لي جاء من قريته مع سيارة بطيخ كي يساعد في إنزال البطيخات وما زال هنا إلى الآن بينما سيارة البطيخ جاءت وراحت مئات المرات وفي كل مرة كان يهبط منها شخص جاء للمساعدة بإنزال البطيخ وبسَّط في الشام ومات فيها بعد عمر طويل، كما عرفت الكثير من الأصدقاء العرب والأجانب رمتهم الصدفة إلى دمشق ولكن مياه الفيجة اضطرتهم إلى المكوث والبقاء في الشام، وكم من المرات حدثني أناس من خارج الشام عن مياه الشام بحنين بحجم عذوبتها، ومع ذلك فإن مياه الفيجة لا تصل إلى كل مناطق دمشق بعد توسعها الرهيب، فانتشر بائعو مياه الفيجة فيها وهم يدندنون " إديني منك طراوة.. إديني حب .. أديك فيجة يا عطشان".
فلا تنسوا مياه الفيجة من ثقافة دمشق، لأنها الجاذب الأول في دمشق والسحر الأول والقصة التي تضطرك إلى البقاء لفك لغزها، لكنها عصية، عذبة .. عذبة .. لكن عصية .
لا أنحني لأحد .. إنما أنحني أمام حنفيتك المقدسة التي يسمونها فيجة .. وأشرب وأشرب حتى أرتوي .

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow