أنا حجرٌ رماديٌّ في كأسك يا أبي
أسيرُ منتعلاً حذاءً
كأيّ عابرٍ في حاوية البقاء
لستُ كما تراني يا أبي
لي عزلةٌ في كأسكَ
لي حياةٌ
لي تورُّط القدمين في أشياء غامضةٍ
و حذاءُ جدَّتي التي ماتتْ
و ماتَ الحذاء
الضباب كثيفٌ على قبرها
و أنا ...
أفكّر في الغيْب
غيبُكَ الذي هجرَ الطريق و نام في سيّارة الإسعاف
أغيّر الجهة كي لا تراني
أسيرُ في كأسك
مثل حمّى
أذوبُ في كأسك مثل ابنكَ
لي حياةٌ تموتُ على حافة الكأس
حيثُ الماء دخانك الوحيد
على حافة قبري
أشربُ من كأسك المصنوع من هوس الآخرين
أراك في علبة الكبريت
و في إبريق شايهم
نداءاتُكَ الخشبيَّة
تُوحي إليَّ
أنْ تمهَّلْ كي لا تدهس حشرةً عابرةً
في طريق عودتها
يا أبي:
لهاثُ الديك في مزرعتنا
أفزعَ أُمِّي
طبختهُ على العشاء
و ضاع منبِّه الحقل
اشربْ كأسكَ يا أبي
كلَّما حكَّ رأسكَ جرحٌ
نقشتَ علينا حدود البيت
و لملمتنا كأنَّنا كسرات خبز
اشربْ كأسكَ يا أبي
اشربني كاملاً
أنا ابنكَ حجرٌ رماديٌّ
في كأسكَ
اشربني كي أنام مطمئنَّاً
في رائحة حياتك
ـــــــــــ