Alef Logo
دراسات
              

العالم النّامي ، واستنساخ المعرفة

هيثم دباغ

خاص ألف

2012-08-04

الدين . الجنس . الديموقراطية .
ثلاثةُ عناوين يجبُ إعادة التفكير بها ، من أجلِ ترتيبها وفق معايير نابعة من مجتمعاتنا الشرقية ، وبلداننا النّامية ، ومن البلدان الإسلامية على وجه التّحديد ، ليس العالم النّامي كلّه لديه هذه المفاهيم نفسها ، فأمريكا اللاتينية على سبيل المثال ، ليس لديها مشكلة في الدين، أو الجنس . قد تكون مشكلتها الديموقراطية والمافيا.
تعتبر الشريعة الإسلامية في الدول العربية المصدر الأول للتّشريع ، وحتى في القوانين الوضعية . هناك بعضُ البنود التي تحيلُ إلى الشريعة باعتبارها مصدراً من مصادر التّشريع ، وهي تحكم جميع المواطنين من كل العقائد والطوائف في البلد المعني ، ولم يشذُ عن ذلك في الماضي سوى تونس . حيث الزواج المدني وعدم التّعدد ، وهو القانون الذي كان على أيّام الرئيس التّونسي " بورقيبة " . أمّا العرف والذي يحيل القانون إليه في بعض القضايا فهو غير معروف ، فهو متقلب وضبابي ولا يعتمد حتى على القوانين الشرعية الفقهية مثل " تغيّر الأحكام بتغير الأزمان "
ابتدع فقهاء الدين الموالين للحكام في أغلبِ حالاتهم نظرية ظلامية اسمها : " وقف باب الاجتهاد " في الدين ، ومن هنا بدأ عصر الانحدار . فليس من حقّ أي فقيه أو متنوّر أن يقولُ إلا بما يقوله رجل الدين هذا ، ومن هنا كانت الكارثة . حيث سمي قتل المرأة دفاعاً عن الشرف ، بحجة الأعراف . وأصبح صوتُ المرأة عورة ، وأبيح زواج المسيار ، والمتعة ، أصبحت الفحولة الذكورية في أقصى حالاتها على مدى التّاريخ ، فما المرأة سوى عورة !
هل هناك أزمة فكرٍ عربي ؟
علينا الإجابة على هذا السؤال الهام قبل أن نلقي بالمسئولية على الحاكم وحده؟ أو على المنظمة السياسية وحدها ؟
بالطبع. يوجد أزمة فكر عربي . العقول العربية الحقيقية تهاجر لأنه لا مكان لها ، والباقي مقلّد أعمى . لكن رغم ذلك ، وعلى مدار تاريخنا نمجّدُ شخصية الزعيم ، وتحديداً شخصية المستبد . حتى الآن لم تأتنا لحظة الوعي التي تجعلنا نبتعد عن تمجيد الأشخاص سواء زعماء ،أو كتاب أو مطربين . لدينا عقدة البطل، والنّجم .
صحيحٌ أنّ الحكّام أتوا من بين أبناء الوطن الواحد . قد يكون وصولهم على دبابة أو طائرة . لكن فكرهم في جزء كبير منه يشبه فكر النّاس . بل هو وراء العامّة . لأنّ ثقافتهم ضحلة . . وحتى الملوك لم يخلقوا ملوكا فآل سعود مثلاً لم يكونوا ملوكاً لعهد قريب ،مع هذا لو استثنينا الملوك . نرى أن أكثر الحكام أتوا من رحم أحزاب سياسية تتبنى قضايا قومية ، أو قضايا طبقة عاملة مثلاً . وعندما يصلون إلى السلطة . تغلبُ عليهم شهوة الحكم ، وجنون العظمة . يحاولون التخلص من ماضيهم وبناء مجد جديد ، والتخلص من الماضي يتم بالتخلص من الرفاق قبل كل شيء ، مثلما فعل الأسد الأب وصدام ، والقذافي . ولو عدنا إلى الأسد لرأينا كيف بدأ يحيط نفسه بطبقة من المقربين له ، وكان لدى جميع هؤلاء عقدة الفكر والمعرفة والعلم . لذا حاولوا تجهيل المجتمع ، وترك التعليم لفئة محدودة من الصف الثّاني تتسلّم مقاليد الأمور . تتلقى الأوامر فقط . . !
العذرُ فينا . نحنُ لم نعتد على ممارسة الديموقراطية . لكن العذر ليس فينا فقط . بل بتلك الدائرة " الفقر . الجهل . التّخلف " فكيف سنمارس الديموقراطية ونحن جياع ؟
ليس صحيحاً أن الديموقراطية صناديق اقتراع فقط . لأنّ التخلّف سيكون الفائز . الديموقراطية هي شوارع عريضة ، وتقنية حديثة ودستور عصري . وإن لم توجد بنية تحتية تتيح الكفاية من الموارد المالية ، لن يتمّ التقدم ، وتغيير الوعي . البنية منوطة بالدّستور وبالحاكم ، والحاكم منصرف إلى تفقير الشعب ، ومن هنا لم تتحقق الديموقراطية في العراق . هو يحتاج إلى ربيع يلغي الطائفية ، وكذلك في لبنان .
إن ما يكبّل عقولنا هو تلك العقلية التي أخذت بالتّزايد في اللجوء إلى الخرافات التي نسميها أعرافاً والتي تعتمدُ في الشكل على الدين كعباءةٍ لتبرير الفعل . حيث في كلّ مسلك ، وكل لفظٍ عقاب ينتظرنا في الآخرة ، مع أننا لم ننل نصيبنا من الدنيا . وكلّ هذا هدفه في النهاية : أن نبقى تحت وصاية الحاكم الذي يخضع له رجال الدين ، ومن هنا يأتي التّكفير الذي يجيز القتل ، والإقصاء . وتكون منفعة رجل الدين أموالاً تتدفق له من كل المصادر، وقوة ، ونحن ندرك مدى سيطرة هذا الثالوث القاتل" السلطة . المال . الجنس " على الأفراد ضعيفي النفوس.
هو المجتمع الذكوري الذي يجعل من المرأة أداة لتلبية الرغبات الغير منضبطة والتي لازالت تشبه غريزة الحيوان. ونحن ندرك أن حضارة الهند العريقة انهارت عندما تدنى وضع المرأة في المجتمع وصبح المجتمع ذكورياً .
التحرش الجنسي . الاغتصاب . سفاح المحارم . موجود في مجتمعاتنا الشرقية أضعافاً مضاعفة بالنسبة للغرب . لكنّ ثقافة العيب تجعل الأسرة تتكتّم على هذه الأمور ، بينما في الغرب تعرض على الهواء مباشرة.
هل نحن قابلون للتغيّر ؟
نعم . نحن قابلون ، وراغبون ، ونستطيع ، ففي بلادنا كانت الأبجدية ، وتشريع حمورابي ، وأبراج بابل . لكنّ التغني بالماضي شيء من العبث . لذا علينا بإعادة البناء ، وأهم شيء هو بناء أنفسنا ، إلغاء الطواطم من ثقافتنا سواء كانت سياسية أم غير سياسية ، علينا السموّ بغرائزنا ، وإعادة القيم إلى وعينا . هذا الكلام نظريّ قد يطبّقه شخص عصامي . نحن بحاجة إلى التّغيير بدءاً من روضة الأطفال ، وتهيئة ذهن الطفل إلى الإبداع وإلا سنبقى كما نحن
عندما يكون الوعي بالحقوق عاماً لن يتجرأ أحد على الاستبداد . لكن الوعي بالحقوق يحتاج إلى ثورة وهذا مافعلته التورة الفرنسية التي امتدت أكثر من مئة عام
تفاءلنا عندما أتى الربيع العربي معتقدين أن الأمور ستتغير
حتى الآن لم يثمر الربيع العربي ، وفشلت التجربة الديموقراطية .ماتحقق في الثورات العربية هو الإطاحة برأس النظام فقط ، وليس هذا هو الطموح . هذه الدماء التي سالت ولا زالت تسيل تستحق الحرية . لكن رغم هذا تحقق أمرٌ كبير هو : الوعي بالحقوق . لن يستطيع حاكم بعد اليوم توجيه دبابته إلى الشعب ، بعد أن تساقطت أحجار الدومنو وسينتهي الجيل الأول من المستبدين. كشفت الثورة الغطاء عن الثقافة والموروث ، وقد تمّ تغيير في الوعي ، وهذا أهم مكتسباتها
هذا هو وصفي لحالنا . هذا الحال التي لاانتمي له إلاّ بتمردي على ما كان قائم وما هو قائم ، وما سيقوم ، فمل من هنالك من مؤشرات تدعو كثيراً للتفاؤل. حين يقتلُ التّكفيري البشر تحت اسم الإله.لكنّ الجهادي في النهاية إنسان متمردً صنعته الظروف . الجهاديون في كل دول العالم : إما من صنع الغرب أو من صنع الحاكم ، والأمور موثّقة بالأرقام.
ضمن هذا السياق علينا السعي لتغيير أنفسنا . وأن لا نتخذ مواقف مسبقة من القضايا ، لنتمكن من الانفتاح ، وإنارة عقولنا ، وإدارتها . نقبل الآخر ونحترمه سواء كان هذا الآخر من مجتمعاتنا او من مجتمعات اخرى وعدم اقصائه لان في ذلك ضعف منا وانغلاق على أنفسنا. انه الموت السريري في حجرات الجهل ، وصحارى
التّخلف .
هدفنا : أن نزداد وعياً ، وتألّقاً ، وسينصفنا التاريخ ولو بعد حين . . .

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow