Alef Logo
يوميات
              

نساء سوريات "7" الجزء الأخير

ناديا خلوف

خاص ألف

2012-10-24

قوانين واتفاقيات
العالم يتغيّر، ومع تغيّره تتغيّر القوانين. فقد كان عقد الزواج عرفياً في الماضي . أصبح فيما بعد يجري أمامَ الكنيسةِ أو المعبد بالنسبة لغير المسلمين . وكذلك كان في الاسلام ، لكنّه يتمُّ بحضورِ الشهود ، ويقام احتفال بالزواج من أجل الإشهار . تغيّرَ الأمرُ مع الاحتلال الفرنسي لعدد من البلدان في العالم ، ومنها سورية ، وتمّ العمل بتطبّيق نظام السّجل المدني الذي يتمّ تسجيل جميع مواطني الدولة فيه ، وحالتهم الإجتماعية وكذلك الأبناء . ومع نظام السّجل المدني واستقلالية الدولة عن الكنيسة في الغرب . بدأ نظام الزواج المدني، والزّواج المدني هو زواج صحيحٌ يتمّ في مقرِ البلدية التي يقيمُ فيها الزوجان، أو أحدهما ويقوم موظف السجل المدني بإتمام إجراءات العقد في حضور الشهود والمدعويين. ويقوم في نفس اللحظة بتسجيل الزواج في سجلات البلدية، وبهذا يصبح الزواج قانونيا ومعترفا به .
مع فصل الدين عن الدولة أصبح القانون المدني هو الأساس والزواج المدني هو الزواج الذي تعترف به الدولة في الغرب كلّه ، ولم يعد الزواج الديني ذو قيمة إلا من الناحية المعنوية ، حيث أن من يرغب في الزواج الديني يتمّ إجراءات الزواج في الكنيسة أو المعبد . ثم يذهبُ بعد ذلك لإتمام اجراءات الزواج المدني في البلدية ، وبذلك أصبح الزواج المدني في جميع أنحاء العالم غير الإسلامي هو الزواج الرسمي الوحيد المعترف به.
الزواج العرفي معترف به في الغرب أيضاً ، فإقامة رجل وامرأة معا في مكان واحد. تعترف به الدولة على أنه نوع من الزواج ، ولو لم يكن هناك عقد، وتعترف بما يترتّب عليه من تبعات، ولا يستطيع الرجل أن يتنكّر للعلاقة الزوجية مثلما يحدث في سورية . حيث يتنكر للعلاقة كلّها أحياناً ، لو لم يكن هناك زواج مسجل، أو معروف !
تطوّرَ نظام الزواج ، فبعد أن كانَ علاقةً بين رجل وامرأة بكاملِ أهليتهما القانونية ، ووعداً متبادلاً للعيش معاً كزوجٍ وزوجة ، وهذا وضع قانوني يغيّر للطرفين حقوقهما والتزاماتهما ، ويعطيهما حقوقاً والتزامات جديدة وفق سياسة الزّواج العامة القائمة على القناعة التقليدية وهي :
"إنشاءُ الأسرةِ الملتزمةِ بالقيم ، وباعتبار أن الزوج هو الدّاعم الأساسي لمؤسسة الزواج والزوجة . عليه أن يوفّر المنزل الآمن ومتطلبات العيش الكريم وأن يعيش مع زوجته في منزل واحد وتكون بينهما علاقات جنسية ، ومن واجب الزوجة أن تقوم بخدمة هذه المؤسسة ومن ضمن مهامها إنجاب الأطفال "
تغيّر الوضع في العالم اليوم ، وفي سورية أيضاً . أصبحت الزوجة حتى غير المتعلمة تبحث عن العمل فانضمت إلى القوى العاملة في المجتمع ، وأصبح الأزواج أكثر مساهمة في تربية الأطفال ، وهذا تطلّب نوعاً جديداً من الزواج المدني الذي يحدد مسبقاً فيه أمور الثروة والأطفال والطلاق . وكل ما يتعلق بأمور الحياة الأسرية قبل وبعد انحلال الأسرة .
أصبحتْ قضيةُ النساء اليوم مرتبطة بقضية حركات التّحرر ، وقد شهدت تراجعاً مثل قضية العمل تماماً حيث تنتشر الشركات الوهمية وتبييض الأموال ، ويحكم العالم عدة شركات عالمية فقط . لهذا تمرُّ الطبقة العاملة في العالم كلّه بمأساة تأمين الغذاء .
في منتصف القرن الماضي وبعد الحرب العالمية الثانية . نشطت الحركات النسائية ، وكذلك حركات التحرر العالمية ، كما نشأت اتفاقيات وعهود حول قضية النساء هذه ، ومن ضمنها :
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
وضعت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في أواخر عام 1979بعد مشاورات طويلة استمرت خمس سنوات ، والاتفاقية مؤلّفة من ثلاثين مادّة في قالب قانوني ملزم. وضعت المبادئ والتدابير المقبولة دولياً لتحقيق المساواة في الحقوق للمرأة في كل مكان .
في المادة الأولى من الاتّفاقية . عُرّفَ مصطلح التمييز ضد المرأة : " بأنّه التفرقة أو الاستبعاد ، أو التقييد الذي يتم على أساس الجنس، ويكون من آثاره وأغراضه النيل من الاعتراف للمرأة بالتساوي بينها وبين الرجل بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية .
وبما أنّ التمييز ضد المرأة مستمرّ ، فقد كان في مقدّمة الاتّفاقية :
"الدول إذ يساورها القلق فعلى الرغم من النصوص المختلفة لايزال هناك تمييز واسع النطاق ضد المرأة ، واقتناعاً منها بأنّ التنمية الكاملة لبلد ما ورفاهية العالم وقضية السلم تتطلب أقصى مشاركة من جانب المرأة على قدم المساواة مع الرجل في جميع الميادين . إذ تضع في اعتبارها إسهام المرأة الكبير في رفاه الأسرة ، وتنمية المجتمع الذي لم يعترف به حتى الآن بشكل كامل "
كما أكدت الاتفاقية على تغيير ثقافة المجتمع حيال المرأة ،ففي المادة الخامسة
الفقرة أ :
" تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة بهدف تحقيق القضاء على التحيّزات والعادات العرفية وكل الممارسات القائمة على فكرة الدونية أو تفوق أحد الجنسين أو أدوار نمطية للرجل والمرأة اﻷﺧﺮى"
كم نحن في سورية بحاجة حقيقية لتعديل أنماط السّلوك !
رغم أن بعض الرّجال ليس لهم اعتراض على حقوق المرأة نظرياً ، لكنّ أنماط سلوكهم تدلّ على غير ذلك ، وسلوك المرأة ليس أقلّ منهم فرغم أنّ بعضهنّ تعتبرنّ أنفسهنّ متحرّراتٍ اقتصادياً ، واجتماعياً ، لكنهنّ في الحقيقة تابعاتٍ لعوائلهنّ وأزواجهنّ في التّوجه الفكري والإنساني وكل ما يتعلق بأمور الحياة ، وإن وجدت القلة من النساء تخالف هذا ، فهذا لا يعني أنّ هناك تغيير في السّلوك .
لايمكنُ فصل قضيّة النّساء عن الأطفال . هما قضيتان متشابكتان ، وما العنف العائلي الذي تتعرّض له المرأة إلا عنفاً ضدّ الأطفالِ في نهاية المطاف ، لكنّ المرأة السورية ، ورغم عواطف الأمومة قد تعتدي على أطفالها بالضرب أو الإهانة اللفظية كنوع من التأديب، وبذلك يفقد الطفل الأمان في منزل يعيش فيه رجل متحكم يمارس العنف ، وأم وجدت للعقاب على الأخطاء والزّلات .
جريمة الاعتداء على الطفل هي جريمة جنائية في ظل أي قانون دولة ترتكب فيها ، وتتضمن: الاعتداء الجسدي . العاطفي أو الجنسي ، و إصابة الطفل من قبل الوالدين أو أي طرف آخر مسؤول عن رعايته سواء عن قصد، أو عن طريق الاهمال ومعظم الدول تشمل الأطفال المساء لهم في العنف المنزلي .
يسمح عادة في الدول المتقدّمة للوالدين برعاية الأطفال دون التّدخل العلني وهذا الامتياز ليس مطلقاً . يمكن فقدانه عند التبليغ عن الإساءة وتتدخل الدّولة بالشكل الذي تراه مناسباً . بينما الطّفل في سورية . يصل إلى سنّ الشباب وهو يحملُ في داخله إنساناً مهزوماً في الحياة ، بسبب النظام الاقتصادي الاجتماعي وبسبب سلوكية الآباء.
تبدأ المساواة في الغرب من المدرسة ، حيث يتم إعطاء البنات والأولاد نفس الفرص وأهم الأشياء الواردة في قانون المساواة هو برنامج الأبّوة في السويد مثلاً ، حيث يحصل الأب على عشرة أيّام عندما يولد الطفل ويتشارك مع شريكته في 480 يوماً مدفوعة الأجر ، وهذا ما يجعل النساء تواصل حياتها المهنية .والرجال يرحبّون بالمساواة . لأنّ المساوة تدعم من القانون وهناك أمين مظالم هو المعني بالتمييز . إضافة للتمييز بين الجنسين. التمييز على أساس الإعاقة ، أو العرق ، أو التّوجه الجنسي، وللمرأة حق الاجهاض ويحمي القانون المرأة من العنف من قبل الأشخاص المقرّبين لها ، والسويد هي الدولة الأولى التي جعلت اغتصاب الزوجة من قبل زوجها غير قانونية
هذا عرض موجز فقط . فأين نحنُ في سورية منه ؟
سورية الحالية . ليس فيها عنف أسري . هو مسلسل قتلٍ ورعب ، لم يعد السّوري مهزوماً . أصبح مرعوباً ، لا مكان له في العالم . فهو مرغمّ على الصّمود . جردته سنوات القهر من لقمة عيشه وبات أعزلاً من كلّ قوة ، فثار من أجل رغيف الخبز ، يقتل الفقراء الذين لايملكون ثمن الرّغيف ، وأعني بالفقراء كلّ أطياف المجتمع السوري ، بمن فيهم الجنود الذين يؤمرون بإطلاق النّار ، فهم في النّهاية ضحية هذا الفقر والتّجهيل ، وأمهاتهم تبكيهم تماماً مثل الضحية على الجانب الآخر الذي قتلوه بسبب تسميم أفكارهم وعدم حصولهم على العلم والمعرفة ، وعدم تلقيهم العلوم التي تحيي فيهم ثقافة الإنسان .
علينا أن ننظر إلى سورية المقبلة . التي تضمن للمرأة والرجل الحدّ الأدنى للمعيشة ، وتضمن للأطفال صحتهم النّفسية والجسدية ، ولا نقول بأنّ سورية ستكون مثل السويد . لكن لا بدّ من وجود قانون مدني للزواج على الأقلّ مثل الهند ، ولا بدّ أيضاً من وضع قانون لحضانة الأطفال كاملة من قبل المرأة ، ولتقاسمها الملكية عند الطّلاق ، وحقها في الاحتفاظ بمنزل الزوجية .
في سورية المقبلة : علينا أن نسعى لتغيير سلوك السّوريين نساء ورجالاً تجاه حقوق المرأة ، ونضع قانوناً عملياً دون العودة لعقيدة ما ، فكلّ الأمور المدنية لا تتعارض مع العقائد والطوائف ، وما نراه من تشدّد ذكوري تجاه المرأة عند طالبان ليس سوى نمطاً بدأ يظهر عند بعض السوريين . لذا لن تكون سورية مقبلة إلا إذا تمّ تحييد الدين ، والبدء من المدرسة بمناهج تحترم الإنسان ، وتربي الأطفال على التّسامح والمحبّة . لا شيء يلوحُ في الأفق حتى الآن . سورية المقبلة قد تكون شبيهة بالحالية . لكن لا بد للحياة أن تستمرّ ، وللنضالِ من أجلها أيضاً سيستمرّ .

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

04-تموز-2020

"الفظائع الآشورية التي تجعل داعش باهتة أمامها"

19-كانون الثاني-2019

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

10-كانون الأول-2015

السّوريون ظاهرة صوتيّة تقف على منّصة ليس أمامها جمهور

19-تشرين الثاني-2015

الزّلزلة

05-تشرين الأول-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow