Alef Logo
دراسات
              

كيف نفهم الدين خارج الايديلوجيا

2008-04-30

" الإسلام لم يعد دينا ً في عصرنا الراهن , و إنما أصبح ايديلوجيا سياسية,
تزاود عليها قوى السلطة و المعارضة معا ً" "جورج طرابيشي"


السؤال المطروح هو هل يمكن التفكير بالدين غير كونه ايديلوجيا غيبية؟
فالدين – أي دين- هو منظومة عقائد يتحوَّاها أفراد و مجتمعات مؤمنة بها, و من خلال قيم و طقوس و سلوكيات تنسجم مع منظومة العقائد المعنيَّة و مع فكر يدَّعي أنه الحق و أنه نزل من عالم الغيب ؟ هكذا ارتأت الآلهة أو إرادة رب العالمين.. و هكذا شاء, لما فيه خير الإنسان و الجماعة المؤمنة بل وربما خير البشرية؟
فالايديلوجيا منظومة أفكار, و الدين منظومة أفكار
و كلاهما يدَّعي الحقيقة
و كلاهما يعبئان المؤمنين عبر تصورات محددة مشتقة من طبيعة الايديلوجيا أو الدين
و كلاهما ينظران إلى الآخر- بالإطار العام- من منظور سلبي
بل إن وجود الايديلوجيون و المتدينون مرتبط بنقيضهما,
الرجعي المتآمر المتخلف بالنسبة الايديلوجي
و الكافر المنافق المشرك بالنسبة للمؤمن المتدين؟
....



و لكن هل يستطيع الإنسان العيش بلا دين و بلا ايديلوجيا
التجربة التاريخية البشرية ترجح الإجابة بلا!
فالدين و الايديلوجيا ما يزالان صالحين حتى الآن, و ذلك وفقا لتحوِّيات و تشكيلات مختلفة بين مجتمع و آخر, وفرد و آخر, و زمن و آخر
و إلا ما مبرر وجود أديان عمرها أكثر من ألف عام ما تزال حية و فاعلة كاليهودية و المسيحية و الإسلام و البوذية والهندوسية ..الخ ؟
و ما هو مبرر وجود ايديلوجيات استمرت حية و فاعلة لعقود الزمن كالايديلوجيا الماركسية و الايديلوجيات القومية و الدينية التي آمن بها الملايين و ضحوا بأرواحهم في سبيل نصرتها؟
و كذلك ألا يمكن اعتبار الليبرالية – من وجهة نظر معينة- ايديلوجيا كذلك؟
إن فكرة الايديلوجيا تقوم على تصور وجود نظام فكري سياسي ما, و الايديلوجيا تدَّعي ملكية معرفته دون غيرها
و فكرة الدين تقوم على تصور وجود خالق و عالم غيب يريد ترتيب الحياة وفق تصوره الخاص , و عليكم أيها البشر التنفيذ لما فيه خيركم , و على الله الثواب... هكذا يريد الله
و هذا طريق الصلاح.
إن وجود الايديلوجيا و الدين كما ذكرت يعني وجود صلاحية معينة لهما,
صلاحيتهما هي الأمل بالخلاص الفردي و الجماعي , و صلاحيتهما هي أن نقهر الموت و كافة أشكال القصور البشري.
و إذا كانت العقيدة تعني ببواعث الخلاص و الأمل
فهل هذا يلزمنا هذا أن نكون عقائديين ؟
العقائد الدينية تعدك- أساسا ً- بخلاص فردي
و الايديلوجيا تعدك- أساساً- بخلاص جماعي
و لكن هل تصدق العقائد دائما ً و تبرُّ بوعودها؟
يمكننا إحالة الإجابة إلى التاريخ كون الايديلوجيا و العقائد الدينية ظواهر تاريخية يمكن مقايستها؟!
....
هل الدين هو ايديلوجيا بالضرورة؟
أم أن الايديلوجيا هي دين؟
أم أنه سؤال خطأ؟
الايديلوجيات " الدينية و الدنيوية" تؤمن بملكية عقار الحقيقة, وهذا الإيمان هو إيمان غيبي يستحضر العقل لبناء الأدلة و البراهين على سلامة هذا الإيمان و حقيقية صكوك الملكية, و يستحضر العقل كذلك لصياغة مفاهيم هذا الإيمان ضمن معقولية مترابطة ظاهريا ً
فالايديلوجيات هي دين بالمفهوم العريض لكلمة دين, فالايديلوجيون يضحٌّون بأموالهم و أنفسهم في سبيل قضيتهم , و كذلك المؤمنون المتدينون.
و الايديلوجيون مستكينون لقناعات معينة و غير مستعدين لإثارة أي نقاش حولها, و كذلك المؤمنون المتدينون
و الايديلوجيون تُحدَّدْ نظرتهم للآخرين بما تمليه عليهم بنية عقائدية " ثابتة "غير شخصانية, و كذلك المتدينون
و لكن هل نقاط الإتفاق هذه تجعل من كل دين ايديلوجيا؟
و هل يمكن فهم الدين خارج كونه ايديلوجيا؟
فالدين - وفق القراءة البشرية – هو ايديلوجيا ناجزه
أو أنه يملك البنية التحتية القابلة للتحول إلى ايديلوجيا" الإسلام السياسي- المحافظين الجدد- الصهيونية"
و للإجابة على السؤال السابق يمكن أن أورد هنا عدة نقاط
الدين كمعتمر عقائدي يستمد شرعيته من البعد النفسي و الانفعالي للتجربة البشرية
و لكن عندما يُتَحَّوى الدين في صيغة مٌعْتَمَر سياسي اقتصادي فيكف –عندئذ- أن يكون دينا فقط
2- الدين كمُعْتَمَر عقائدي يقوم على مرجعية سببية ذاتية – أي مرجعية الإيمان - و لكنها لا تأخذ صيغة البرهنة التجريبية أو برهان البداهة الكونية المشتركة بين البشر, أي المرجعية العقلية
أما الايديلوجيا فتدَّعي امتلاكها سببية برهانية عامة تجريبية قائمة استقراء و دراسة المجتمعات و التاريخ , وعندما يكف الدين عن ادعائه المرجعية السببية البرهانية العامة, و يقر بوجود مرجعية ذاتية إيمانية يكف عن كونه ايديلوجيا
و هنا لا بد من الإشارة إلى أن المرجعية الإيمانية الذاتية لا تتعارض بالضرورة مع المرجعية السببية البرهانية :
فالقول أن "محمد" نبي مرسل أو أن "القرآن" كتاب سماوي
هو قول يستند إلى مرجعية إيمانية ذاتية تخص لإنسان المؤمن , و له كل الحق في الإيمان بذلك
و لكن الادعاء أن هاتين المقولتين هما حقائق علمية لا تقبل النقاش, و على البشر الآخرين الإيمان بذلك, يجعلنا ندخل حقل الايديلوجيا, و من المفيد هنا الإشارة إلى أن الايديلوجيا تقوم بذلك من خلال منطق تلفيقي متوسلا ً العلم و الفلسفة
3- إن الدين كمعتمر عقائدي لا ينكر - بالضرورة -على الآخرين إيمانهم المختلف " لا إكراه في الدين"و لكن عندما يقدِّم الدين نفسه عبر صيغة تلزم الآخرين بالإيمان أو الخضوع لسلطته من خلال التمييز الديني والطائفي " مقولة أهل الذمة – مقولة الطوائف الضالة " فعند ذلك يكف أن يكون دينا فقط. و من هنا نرى وجود إمكانية لوجود الدين بصيغة غير ايديلوجية أي منزوع الايديلوجيا
و من الضروري الإشارة هنا إلى أن هذه الأدلجة تورط الدين في علاقات مصلحيَّة مع السلطة السياسية قد تنعكس سلبا ً على البعد الأخلاقي و القيمي للدين في المجتمع, و بذلك يكف الدين عن كونه رادع أخلاقي و خلاص و ملاذ داخلي.
و لكن و بكل أسف تنامتْ التيارات الدينية المؤدلجة : الإسلامية و المسيحية و اليهودية بشكل عام , و أخذت حملات الأدلجة تتنامى و تحشِّد و تكفِّر و تقتل و تخون ...الخ
ابتداء ً من الايديلوجيا الوهابية السلفية إلى الايديلوجيا الأخوانية و الايديلوجيا الإمامية و ولاية الفقيه لا بل و حتى الايديلوجيا الصوفية الطرائقية هذا في العالم الإسلامي, أما في الغرب فيمكننا ذكر الايديلوجيا الصهيونية, و ايديلوجيا المحافظين الجدد .




تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow